محكمة الموت
![]() |
لما علينا ان نحتمل قسوتهم ؟! |
نارين : ارجوك لا تضربني !! انا لم افعل ايّ شيء .. ارجوك عماد !!
لكن صراخ زوجها كان يعلو اكثر و اكثر , مُترافقاً مع بكاء اطفاله الخائفين ..
-اكرهك !! و هذا يكفي .. فأنت لست الاّ مجرّد خادمة في بيتي ، تلبّي جميع ما اطلب ..و من دون تذمّر , اسمعتِ !! لأنك مجرّد شيء نكرة , افرّغ به غضبي .. فأنا زوجك , و سيد هذا البيت !! ..افهمتي يا غبية !!!
ثم صفعها بيده , لتسقط على الأرض .. و من بعدها , خرج من المنزل
وقفت نارين بصعوبة لتحضن اطفالها المرعوبين , الذين اعتادوا رغم صغر سنهم على تكرار هذا السيناريو كل يوم ..
نارين هي صبيّة يتيمة الأبوين , تزوجت من رجلٍ يكبرها بعشر سنوات ، لتذوق منه كل انواع الظلم و العذاب
***
قاد عماد سيارته بوجهٍ تعلوه ابتسامة الإنتصار على مخلوقةٍ ضعيفة , و هو واثق بأن لا احد يستطيع ردع جنونه ، و انه حتماً سيعود لبيته ليجدها قد اعدّت له ما لذّ و طاب , ليعود و يضربها بعد الإنتهاء من عشائه .. فهو سيدها و هذا يكفيها شرفاً !
توجه بسيارته نحو عمله المتواضع , كموظفٍ بسيط في دائرة الإحصاء ..
و في الطريق .. استوقفته سيدة عجوز لتطلب منه ان يوصلها قرب المدرسة .. فوافق , لأن المدرسة بطريق عمله ..
جلست السيدة بجانبه و هي ترمقه بنظراتٍ حادة , و كأنها تعرفه منذ زمن .. فاستغرب تلك النظرات , لأنه لم يرها من قبل !
و ما ان وصلت السيدة , حتى سارت بقرب المدرسة بسرعةٍ مُلفتة , و كأن قدماها لا تلمسان الأرض !
لم يعرّ الأمر اهتماماً , و مضى لعمله ..
***
عند عودته لبيته كان تماماَ كما توقع , فزوجته المسكينة اعدّت له العشاء اللذيذ .. و بالرغم انه لم يكن هناك ايّ شيءٍ يدعوه للغضب , الاّ انه اراد ضربها قبل ان ينام .. لكن الغريب انه قبل ان يصفعها , امسكت بيده بقوةٍ عجيبة آلمته بشكلِ كبير ! و رغم دهشته الاّ انه حاول من جديد , لكنها دفعته بعنف اوقعته الأرض ..و كانت تنظر اليه بعيونٍ حادّة , ارعبته لأول مرّة !
فدخل غاضباً الى غرفة اخرى و اقفل الباب على نفسه , و هو ما زال لا يصدّق ما جرى قبل قليل !
***
في اليوم التالي ..غادر المنزل قبل ان تستيقظ زوجته , متوجهاً لعمله .. و قد ظلّ طوال الطريق يفكّر بقوّة زوجته الغريبه و المفاجأة !
وصل المكتب باكراً , قبل وصول الجميع .. و ما ان جلس على كرسيه , حتى انتبه الى شيءٍ صغير يتحرّك فوق طاولته .. ليجد مخلوقاً صغيراً بحجم اليدّ , له قرنان , و عينان صغيران حمراوان .. ما ان لبث ان صرخ صرخة مدويّة , اوقعت عماد من على كرسيه فزعاً ..
فأسرع بالوقوف قبل ان ينتبه عليه احد , لكن ذلك المخلوق اختفى تماماً ! ..فظن انه تخيّل الأمر , لأنه مرهق .. فذهب ليغسل وجهه
و عند فتحه لباب دورة المياه ، شعر بيدٍ كبيره مُشعرّة , تمسك به من الداخل , و تحاول سحبه بعنف نحو الحمام ..ففزع عماد و حاول سحب يده , الاّ انه سمع صوت تكسّر عظام يده , و احسّ بالدماء تخرج من بين اصابعه .. و اذّ به يسمع صوتاً يوقظه :
-عماد ..عماد !! ماذا حلّ بك , هل نمت هنا ؟
كان زميله يوسف يوقظه , بينما هو نائم على طاولته .. فقام عماد دون ان يتكلّم , و غادر الشركة ..
***
قاد سيارته دون وجهةً محدّدة .. ثم قرّر زيارة والدته , فاليوم مازال في بدايته .. و في الطريق , استمع لنشرة الأخبار ..و كان آخر ما سمعه : هو عن اختفاء مجموعة من الرجال في ظروفٍ غامضة !
و فجأة !! فقد السيطرة على سيارته , لتدخل في احدى الجدران المُهدّمة .. و ظنّ بأنه هالكٌ حتماً ، لكن السيارة مرّت عبر الجدار بشكلٍ خارق للطبيعة ! و اكملت سيرها من تلقاء نفسها , فصار يصرخ برعب و هو يحاول التحكّم من جديد بعجلة القيادة .. لكنها ظلّت تسير الى ان توقفت فجأة !! امام بناءٍ كبير مهجور !
فخرج عماد مصّفر الوجه من سيارته , التي اختفت من وراءه !
فلم يكن امامه سوى ذلك المبنى .. فدخل اليه .. و صار ينظر في جميع ارجائه , ليرى هناك ما لم يكن يحلم به او يشاهده في اكثر الأفلام رعباً .. فقد كانت الأشلاء تملأ المكان ! هذا عدا عن برك الدماء الموزّعة هنا و هناك , و كأنه مسلخاً بشريّاً مريعاً !
ثم سمع صوت رجلٍ يصرخ و يستغيث من احد الغرف في الداخل :
-لن اظلمها مرّة اخرى !! لن ازعجها , سأكون عبداً لها .. ارجوكنّ !! اتركنني
ثم سمع صراخاً يعلو لرجلٍ آخر قادم من الغرفة الموجودة بالجهة المقابلة :
-اقسم انني لن اضربها مجدداً !! و لن اؤذيها قطّ !! فقط اتركنني , رجاءً
و صوتٌ ثالث للرجلٍ يقول بفزعٍ شديد : لا!! لا تقلعي عيني …لا!!!!!
شعر عماد بالدم يتجمّد في عروقه : ما هذا ؟! اين انا ؟ و مالذي يحصل هنا بالضبط ؟!
اسئلة كثيرة جالت في دماغه المذعور .. اغلق عينيه و غطّى اذنيه من اصوات الصراخ العالية , و اصوات المثاقب و المناشير ..
ثم سمع صوت فتح الباب الحديدي في نهاية القاعة المميتة ، لتظهر سيدة طويلة القامة , تجرّ عربة مليئة بالأشلاء ..
فحاول ان يهرب من هناك , لكن لا مفرّ .. فقد انقضّت عليه سيدتان ظهرتا من العدم , سوداويّ الهيئة , لا يظهر منهنّ ايّ شيء !..و قالت احداهن له :
-عماد !! لقد حان وقتك
و اخذت الأخرى تضحك ضحكاتٍ مُتقطّعة , بعد ان امسكت به بقوة
و اُدخل عماد لغرفةٍ شبه مُظلمة تُشبه المحكمة , تجلس بها عدّة نساء مُفزعات المنظر .. و قالت المرأة التي تتوسطهنّ بصوتها المخيف :
-عماد !! هل كنت تظن بأنك ستنجو من ضربك زوجتك و اهانتها ؟
فقال بفزع : ومن انتنّ , و ماذا تردنّ مني ؟!
فقالت امرأة اخرى : نحن مخلوقات للدفاع عن كل انسيّة مظلومة من زوجها , و لا تملك القدرة على الدفاع عن حقوقها
قالت اخرى : حان وقت النطق بالحكم !!
فسكت الجميع لسماع الحكم .. و هنا قالت رئيستهنّ :
-سيقدّم عماد كطعام لنصروريّا (جنيّة تأكل لحوم البشر) ..صدر الحكم و اُفهم علناً , و لا تراجع فيه !!
ثم اُقتيد عماد لمكانٍ كالسجن , فيه مخلوقة مُرعبة ضخمة , بأسنانٍ كأنياب الأسود , و قروناً طويلة , و وجهٍ اسودٍ فاحم , و عيوناً دامية ..
فأخذ عماد يصرخ و يتوسّل لها ان تتركه يذهب ..
لكن نصروريّا امسكت برجليه , و اخذت تفتحهما بشدّة و كأنه دجاجة , حتى سمع طقطقة عظام قدميه .. ثم قرّبته من فمها و اسنانها المدبّبة ..
لكنها توقفت بعد ان ظهرت احدى النساء السود و معها سيدة جميلة , عرفها عماد على الفور : بأنها زوجته !
فقالت السيدة السوداء : الأم الحاكمة !! امرت بوقف تنفيذ الحكم , لأن السيده نارين ذرفت دموعها الغالية , لتنقذ زوجها الظالم !
فأنزلت نصروريّا عماد , الذي اخذ يحبو نحو زوجته ، بعد ان تحطّمت قدماه ..
فقالت له زوجته : لقد احببتك جداً ، لكنك لم ترحمني يوماً ! و اليوم اصبح موتك و حياتك بين يديّ .
فجلس عماد تحت قدميها و قد امتلأت عيناه دمعاً , بعد ان احسّ كم ظلمها و عذّبها , و ندِمَ على كل لحظة ابكاها فيها , من دون سببٍ يُذكر ..
و هنا !! دخلت عليهم الأم الحاكمة , و هي تقول :
-لكنه بالطبع لن يخرج من هنا دون عقاب .. و لوّ ذرفتي دموعكي عليه , فنحن لن نسامحه على ظلمه للمرأة
و اجتمعن السيدات الثلاثة , ثم قالت احداهنّ : لقد اتفقنا ان نأخذ بصره و صوته ، رحمة بك ..كما انه سيصبح اعرجاً مدى الحياة
و بعد لحظات ..صار الزوج يصرخ بكلماتٍ غير مفهومة و هو يضع يديه على عينيه بألم , بعد ان نفثت القائدة على وجهه بدخانٍ اسود اللون خرج من فمها , افقدته على الفور بصره و صوته
فأمسكت نارين زوجها العاجز لتخرجه من هناك , بعد ان شكرت النساء على ابقائه حيّاً ..و وعدتهنّ بأن لا تفشي سرهنّ لأحد مهما حصل .
لكن الجنيّة نصروريّا التي لا تشبع ابداً من اللحم البشري ، فاجأت الجميع بأن مدّت يدها الطويلة , و سحبت عماد من بين ذراعيّ زوجته , و قضمت كلا رجليه ..
ليصرخ هو بألمٍ شديد .. و تصرخ معه زوجته بفزع :
-لا !!!! انا احبه .. اوقفوها عن أكل زوجي !!
فصرخت عليها الأم الحاكمة مُعاتبة .. لتعود الجنيّة و ترميه بضيق امام زوجته , و قد خسر نصف جسده
هذا ما حلّ بعماد .. الزوج الظالم ..
لهذا عليكم ان تنتبهوا جيداً !! فمازات تلك الجنّيات تبحثن عن كل من يظلم زوجته المسكينة !
تاريخ النشر : 2016-02-14