مذابح و مجازر
مذبحة بيت سحم
![]() |
هذه الصورة هي آخر صورة تبقت له عنهما و طوال حياته المعذبة القادمة |
اليوم الأخير من شهر حزيران ؛ الساعة السادسة و النصف صباحا ؛ أستيقظ الشاب ياسر الصعب على صوت صغيره عبد الرحمن و هو يناديه ليقوم بملاعبته ، فقام ياسر بدوره بإيقاظ زوجته لتحضّر لهم طعام الإفطار و توقظ صغيريها الآخرين بشار و هيفاء.
![]() |
صورة لياسر الصعب و أثنان من أولاده رحمهما الله |
تحول البيت إلى خلية نحل تضج بالحياة ، الأب يلاعب و يضاحك صغيره و الأم تحضر طعام الإفطار ، و فجأة رن جرس الباب ، اتجه الأب تاركاً عبد الرحمن و أمه في المطبخ يتضاحكان ليرى من في الباب غير عالم بأنها ستكون آخر مرة سيرى ضحكة صغيره و زوجته و بأن هذه الصورة هي آخر صورة تبقت له عنهما و طوال حياته المعذبة القادمة.
فتح ياسر الباب ليرى أنه صديقه محمد و معه الشاب عمر و الذي عرفه محمد بياسر مسبقاً ليقوم ببعض الإصلاحات في منزله.
![]() |
فتح ياسر الباب ليرى أنه صديقه محمد و معه الشاب عمر |
رحب بهما ياسر و أدخلهما إلى المنزل حيث طلب الشابان من ياسر فنجاناً من القهوة ليستطيعا البدء بعملهما ، ذهب ياسر إلى زوجته و طلب القهوة ، حملها معه و دخل الغرفة ليتفاجأ بعمر يهجم عليه و يطعنه بسكين في خاصرته و رقبته ، بلغت الطعنات ٣ طعنات ، ثم لحقه محمد و ضربه بكعب بندقية عسكرية على رأسه ، و أخذها منه عمر ليضربه ضربة ثانية ، فقد على أثرها الأب وعيه ، فقاما بتقييده و إغلاق فمه ، جلسا بكل برود أعصاب ليكملا قهوتهما ، وهنا استعاد ياسر وعيه ولكنه كان منهكاً بسبب النزف ، لم يقوى على القيام بأي حركة بل اضطر عاجزاً لمراقبتهما بصمت ، ليقوم أحدهما ضاحكاً بكسر وعاء السكر و يصيح بعدها : فداك يا أبو بشار ، ملمحا إلى أن ياسر كسر الوعاء لأبعاد أي شك عن قلب الزوجة.
![]() |
باغت المجرمان ياسر بعدة طعنات و قاما بتقييده |
أتجه عمر إلى الزوجة و قام بالهجوم عليها وطلب منها إحضار المال والمصاغ الذهبي الذي في المنزل ثم قام بتقيدها وإغلاق عينيها و تقييد صغيرها الذي كان معها ، راح يمزق ملابسها من أجل أن يرضي غريزته التي حولته إلى حيوان حقيقي بكل ما للكلمة من معنى.
في هذه اللحظة سمع الصغيران بشار وهيفاء صراخ أمهما فاستيقظا و هرعا إليها ليستطلعا عن سبب صراخ أمهم ، ولكن محمد وعمر كانا لهما بالمرصاد فقاما بتقييدهما وإخراجهما من غرفة أمهما.
![]() |
ذهب الاطفال لرؤية ما يحدث و لكن المجرمان قامام بتقييدهما |
وأتجه عمر اليها ليكمل جريمته ، أغتصب الأم و قام بطعنها عدة طعنات قاتلة في مختلف أجزاء جسدها ، ليتجه بعدها إلى الصغار و يطعنهم واحداً تلو الآخر ، و قد قاما بخنق أحدهم بحبل أمام عيني الأب العاجز ، جمع السفاحان كل ما رأياه أمامهما و كان مالاً بقيمة ٢٦٠الف ليرة سورية (١٠٠دولار تقريباً ) و جهاز حاسوب محمول و لوحة تاب رقمية و هاتف جوال.
![]() |
قام عمر باغتصاب الأم و طعنها بالسكين عدة مرات |
و ليخبئا أثار الجريمة قاما بإشعال النار في المنزل و أغلقا الباب و هربا ، أشتم بعض الجيران رائحة الحريق و لاحظ أحدهم تصاعد الدخان من منزل جاره فقام بإيقاظ الجيران و اتجه بعضهم إلى المنزل فيما قام آخرون باستدعاء رجال الإطفاء.
![]() |
و لاخفاء الجريمة قام المجرمان باشعال النار في المنزل |
قاموا بخلع باب المنزل إلى حين وصول فرق الإنقاذ ليروا منظرا هالهم ! الزوجة متفحمة تماماً و يداها مكبلتان خلفها ، الأطفال بنفس وضع أمهم مكبلين و أيديهم وراء ظهرهم ، و الأب مطعون و مكبل ولكن النار لم تكن قد وصلت إلى غرفته بعد ، قام الجيران و قوات فوج الإطفاء بإسعاف الأب ، و بقدرة الله ولحكمة يعلمها فقط هو ، استطاع الأب استجماع ما بقي من قواه لينطق ، فطلب أباه على الهاتف و أخبره بأن محمد عمر قتل أطفاله و زوجته.
![]() |
اشتم الجيران رائحة الحريق و تم استدعاء رجال الاطفاء الذين اقتحموا الشقة |
و هنا قام الأب باستدعاء الشرطة و الاتجاه نحو منزل أبنه ليرى الفاجعة التي حلت بهم ، و مباشرةً أخبر الشرطة بالكلمات التي أخبره بها أبنه و بأن محمد عمر شخص يقوم ببعض الإصلاحات في منزل أبنه و أنه يعرفه جيداً ، و لكن ما لم يكن يعرفه الأب أن ياسر كان يقصد شخصين هما محمد صديقه و عمر.
![]() |
صروة لياسر الصعب بعد نجاته من الموت باعجوبة |
هذه عزيزي القارئ ليست قصة فلم رعب في قسم السينما و لا رواية بوليسية في قسم أدب الرعب ، إنها ساعات عصيبة عاشتها أسرة سورية في بلدة بيت سحم.
و في التفاصيل:
![]() |
قام والد ياسر بالاتصال بقسم الشرطة لابلاغهم بما حدث لعائلة أبنه |
ورد لقسم شرطة ببيلا بلاغ من رجل يبكي ويقول : أن أحدهم قتل أحفاده و زوجة أبنه و حاولوا قتل أبنه و سرقوه و أحرقوا المنزل بمن فيه ، وأن أبنه الذي وُجد حياً و بحالة حرجة أخبره بأن القاتل هو محمد عمر ، و وضح لهم بأن صديقاً لياسر قام بتعريفه إلى عمر على أساس أن لديه خبرة في مجال التمديدات الكهربائية ، فاستعان به لبعض أعمال الترميم .
![]() |
كانت الشقة قد احترقت بالكامل و لقد نجا ياسر من الموت باعجوبة |
اتجهت الجهات المختصة إلى منزل الضحية لمعاينة موقع الجريمة و تم فتح محضر وإصدار مذكرة بحث بأسم محمد عمر مصطفى أعزب ٢٢ عاماً ، وتم التواصل مع والده الذي تعاون مع رجال الأمن بنصب كمين له تحت جسر حي الزاهرة ؛ تم إلقاء القبض على عمر الذي كان يحضّر نفسه للفرار خارج المحافظة ، و تحت الضغط والتحقيق أعترف بأنه بالتعاون مع صديقه محمد مرزوق٢٠ عاماً ، متزوج و عنده طفل ، والذي يعمل في محل للدواجن ، قاما بسرقة ياسر و قتله مع أفراد أسرته و حرق المنزل ، و بأنه وحده من قام باغتصاب الزوجة.
![]() |
صورة للمجرمdk الذين ارتكبا تلك المذبحة المروعة |
قامت وحدات الأمن بالتخطيط لكمين آخر للإمساك بمحمد ، فاتصل عمر به ليطلب منه إحضار زوجته التي كان قد تزوجها بالسر لتهرب معه خارج دمشق ، و عندما حضر محمد و اكتشف الكمين قام بإطلاق النار من بندقيته على عناصر الأمن ليحصل تبادل إطلاق تم على أثره إلقاء القبض على محمد الذي أعترف بأنه كان صديقاً لياسر و أنه طمع به لأنه ميسور الحال فقام بتعريفه إلى عمر على أساس خبرته بالتمديدات بعد أن أخبره المغدور برغبته إجراء بعض التصليحات في المنزل.
![]() |
تمكنت الشرطة من اعتقال المجرمين و مصادرة سلاح الجريمة |
توافقت أقوال المجرمين معاً ، حيث أعترفا بقتل الزوج و الزوجة و الأبنين بشار ١١سنة و عبد الرحمن٤ سنوات والبنت هيفاء ٩ سنوات ، و لم يعرفا بأن الأب قد نجا و هو من أخبر الناس عن قاتليه.
وعن لحظات العائلة الأخيرة اعترفا بأن ياسر كان مصدوماً عند تلقيه الطعنات و راح يسأل صديقه محمد : شو بك يا محمد ، ليش هيك ؟ و أن الزوجة كانت تبكي وتقول لهما : خدوا كل شي و روحوا ، و أن الطفل بشار أخبرهما عن مكان حصالته و راح يتوسل إليهما قائلاً : خدوا مكمورتي عمو بس لا تؤذونا .
![]() |
الطفل بشار أخبرهما عن مكان حصالته و توسل اليهما أن يتركوه بسلام |
و قد اعترف محمد بأن عمر هو من حرضّه على هذا الفعل الوحشي و بأنه خان ثقة صديقه وغدر به بسبب طمعه و بعض الديون المتراكمة عليه ، وأجاب عن تساؤل رجال الشرطة حول ماذا سيقول لياسر لو واجهه بعد أن قتل أسرته و دمّر حياته ؟ فكانت الإجابة : أنه لن يستطيع النظر إليه أو قول أي كلمة.
![]() |
لم يستطع القاتل النظر في عيني صديقه الذي أكرمه فغدر به |
كما أتضح بأن محمد مطلوب في عدة سوابق هي فرار بسلاح للدولة و تزوير وحيازة متفجرات ، تم مصادرة المسروقات وأداة الجريمة وإحالة السفاحين إلى القضاء المختص لاستكمال الإجراءات.
![]() |
أثارت القضية غضباً شعبياً عارماً وسط مطالبات بإعدام المجرمين |
أثارت القضية غضباً شعبياً عارماً وسط مطالبات بإعدام المجرمين في ساحة المرجة وسط دمشق ، و انتشر هاشتاغ العدالة لياسر و إعدام سفاحي بيت سحم ، و تم إصدار الحكم بالإعدام شنقاً بحق المجرمين من قبل محكمة الجنايات العسكرية الأولى بدمشق بتاريخ
٢٩/ ٧ / ٢٠٢٠ م و هما يقبعان في السجن بانتظار تنفيذ حكم الإعدام .
٢٩/ ٧ / ٢٠٢٠ م و هما يقبعان في السجن بانتظار تنفيذ حكم الإعدام .
و بذلك عزيزي القارئ نصل إلى نهاية مذبحة هزت مجتمعاً كاملاً كان سببها الطمع ببعض الأوراق النقدية و الأجهزة الإلكترونية.
فهل تظن أخي المتابع بأن الفقر والبطالة اللذان انتشرا في مجتمعاتنا نتيجة لتخاذل الحكومات و انشغالها بملئ أرصدتها في البنوك على حساب لقمة عيش المواطن المسحوق هو السبب الأول والأخير لمثل هذه الجرائم ؟ أم أن الفقر لم يكن يوماً دافعاً لارتكاب مثل هذه الجرائم الوحشية ؟.
و في حال كنت تظن أن الفقر ليس السبب فما هي أسباب الانتشار الكبير غير المسبوق لأحداث كهذه التي باتت تحتل و بكثافة الصفحات الأولى في كل مجلاتنا و جرائدنا ونشراتنا الإخبارية وم واقعنا الإلكترونية العربية ؟.
حمانا الله و إياكم من شر شياطين الإنس قبل الجن و السلام عليكم.
تحياتي.
مصادر :
مواقع إخبارية سورية.
بعض القنوات الفضائية السورية.
تاريخ النشر : 2020-12-20