سؤال الأسبوع

معضلة السجينين : هل ستكون أنانيّاً

الكائن البشري كائن معقّد ، وهذا الوصف ينطبق على جميع أشكال سلوكيّاته المنوط بها و المنوطة به . يمكننا ان نقول انه القاعدة الرئيسية الشاذّة في جميع مناحيها . المهم .. ولكي لا اطيل عليكم في مقدّمة طويلة عن الانسان و تعريفاته وسلوكيّاته . جئتكم اليوم بتعريف جذبني وشدَّ انتباهي ، كونه تعريف منتقى من تفكير خارج الصندوق – كما يقال – .

من وجهة نظر اقتصادية يمكن تصنيف الانسان بتصنيفين لا ثالث لهما . إما رابح أو خاسر ، اي لا يوجد انسان يراوح في مكانه دون ان يكون في احد التصنيفين السابقين . وبالتأكيد ، يتراود الان الى ذهنك حالة من الرفض اتجاه ما تقرأ ، لان فكرة الانسان اللارابح واللاخاسر أو الإنسان المراوح في مكانه ، قد قفزت الى ذهنك مباشرة . لذا يخبرك علم الاقتصاد ، وفقاً “لآدم سميث ” مؤسس علم الاقتصاد والاب الروحي له . أنَّ الانسان الذي لا يتقدم و لا يتراجع يصنّف ضمن قائمة الخاسرين ، فلا مجال للشك . إن لم تربح فهذا يعني أنّك تخسر ، ولكن ببطئ .

من هنا انطلقت فكرة الإنسان الأناني . يجب أن أربح و أربح و استمر في الربح ، حتى لا اخسر ، أو أتوقف فأخسر .

إقرأ أيضاً : “معضلة ترولي” حتمية القرار واللاقرار!


لكن العجيب الغريب في الموضوع أنَّ الإنسان الأناني بصفته رابح او خاسر اقتصادي له حسنات افضل من اي شخص آخر .

تخيل نفسك عزيزي القارئ وقد افتتحت شركة لبيع سلعة ما ، اول ما ستفكر فيه ، هو سلعة مطلوبة و بجودة عالية ، وعليك ان تصل لهذا المبتغى واحتكار افضل المنتوجات ، حتى لو اضطرت باق الشركات للافلاس . هدفك اناني جداً ، تريد الثروة والشهرة ، و الترف . لكنك من وجهة نظر أخرى ، فأنت ملبٍ لاحتياجات الناس ، وتوفر لهم ما يتمنّون ويطلبون ، عدا عن ذلك ، فإن نجاح الشركة يعني اتساعها ، واتساعها يعني موظفين أكثر و يعني هذا ، تأمين دخل لعائلات أكثر ، ومنه إلى تحسين الواقع المعيشي لكثير من الاشخاص .

اذا ما اردنا التعميم ، و على سبيل وجود الكثير من الشركات المنافسة لشركتك . والتي بدأها اصحابها من خلال اهدافهم الانانيّة ، سنرى ان العالم و المجتمع سيتحسن بطريقة مذهلة ..

-ما رأيك ؟ ، لديك اعتراض !

لنفرض الان انك اغلقت الهاتف و اتّصلت بصديق لك ، لتتأكّد أنّه رتّب تماماً لعملية السطو التي قررتما القيام بها هذه الليلة . صديقك طمأنك أنَّ كلَّ شيء على ما يرام .
وفي عباب الليل ، عند قيامكما بالعملية تم القاء القبض عليكما .
انت الان في غرفة التحقيق ، و صديقك في غرفة اخرى ، يفتح الباب ، يدخل المحقق ، ويخبرك صراحة أنَّ هناك حلقة مفقودة في ملفيكما، وان تقديمكما للقضاء بهذه الحالة غير ممكن .
ثم يلتفت إليك بسرعة على حين غرّة و يباغتك بعرض مرعب ..

1- اعترف على صديقك و ستحاكم بسنة سجن واحدة فقط بينما يقضي صديقك عشر سنوات .

2- إن اعترفت أنت و اعترف زميلك ايضاً ستحاكمان بالسجن لمدة خمس سنوات لكليكما .

3- إن احجم كلاكما عن الاعتراف ، فستحاكمان بثلاث سنوات سجن .

4 – أما إن لم تعترف أنت و اعترف صديقك ، فستحاكم بعشر سنوات سجن ، بينما صديقك بواحدة .

تحدد هذه المعضلة مدى كون الانسان أنانيّاً ، بحيث يسعى للربح بغض النظر عن الاخرين .
وأيضاً تبيّن مدى تقهقر روابط الثقة بين الافراد حين ينعدم الربح المشترك .
فلو قررت مثلاً التحلي بالمروءة و العنفوان و المبادئ ورفضت الاعتراف على صديقك ، ما الذي سيضمن لك عدم اعترافه عليك ؟ ، وبالتالي العيش لمدة عشر سنوات بين جدران السجن وانت تلتهم المبادئ التي اودت بك إلى هنا .

والان .. بعد هذا الطرح ، ماذا ستختار لو كنت طرفاً في هذه المعضلة ، وكنت احد الصديقين السجينين ؟

الى اللقاء

إقرأ أيضاً : معضلة هاينز ، قرارك بين الاجرام و الانسانية

المصدر
Wikipedia

سندس

سوريا
guest
17 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

مرحباً .. يبدوا أنّك تستخدم حاجب إعلانات ، نرجوا من حضرتك إيقاف تفعيله و إعادة تحديث الصفحة لمتابعة تصفّح الموقع ، لأن الإعلانات هي المدخل المادي الوحيد الضئيل لنا ، وهو ما يساعد على استمرارنا . شكراً لتفهمك