هلوسات
لم أكن أخرج إلا نادراً من وكري لأشتري السجائر بكميات مهيبة و ضخمة |
منذ نعومة أظفاري كنت أهوى الكتب ، و لطالما ألفت قراءة كتب أجنبية و ذلك بسبب وحدتي القاتلة التي اعتدت عليها منذ صغري ..
لم أصف نفسي .. أنا أحدب نوتردام إن عرفتموه ، بدل كنسية أعيش في مزل مظلم منذ 5 سنوات ، ملتحٍ و نتن بشكلٍ عجيب .
مدخِّن و ليست لدي مهارات اجتماعية مطلقاً ، بل أمقت التعامل مع الغير ، أشتري سجائري و أدفع إيجار منزلي من خلال قناة يوتيوب و مواقع ربحية في الشبكة العنكبوتية ..
ذات يوم وقعت عيناي على موقع التواصل الذي لم أكن أهواه أو أريد استعماله من قبل … و ذلك رجوعاً لضيق وقتي و انشغالي بإدارة أعمالي المصغرة في عالمي الوهمي ..
نساء .. أطفال .. رضع و شيوخ كل شيء هنا .. عالم خارجي في صندوقي !
شعرت لفترة ما بالغثيان ، تقيأت داخل معدتي لكي لا أضطر لتنظيف لوحة مفاتيحي “يالي من كسول” …
جننت لبرهة لكني تمالكت أعصابي ، شعرت بدفق من الحقد يجري في عروقي ، لم أستطع تمالك نفسي … غني وحيد و قذر ، مغطى بالشعر منذ آخر مرة حلقت فيها وجهي النكد أي منذ 9 أشهر مريرة و غبية …
لم أكن أخرج إلا نادراً من وكري لأشتري السجائر بكميات مهيبة و ضخمة تسيل لعاب أي شخص مدخن و عاشق للسجائر قوية الطعم و مركزة النيكوتين
لدي فائض من الوقت و اليوم لا أشعر بانزعاج ، لعلي أذهب لتفقد مكتبتي المعتادة ربما أجد ما أهوى و أحب فيها … هناك تقبع عاملة سمينة غبية و حمقاء بشكل رهيب ، ترتدي نظارتين غليظتين ، فوراً و ما إن تنزعهما حتى ترى بشاعة أعين غير اعتيادية بتاتاً تذكرني بطبيبي النفسي الذي أعطيت نفسي عطلة عن زيارته ، متى كففت عن زيارته ؟ لم أعد أذكر .. و لا يهم
بادرتني بضحكتها المعتادة و أظنها تتحرش بي باستمرار ، لا تكل و لا تمل تحاول الاقتراب مني رغم أني لم أستحم منذ دهر .. مظهري غير لائق ، أهي بائسة أو منعدمة الأمل لهذه الدرجة ؟!
وقع علي اختيار القوى الإلهية لتخليص العالم من حمقاء النظارات … اقتربت مني و استفزتني، وضعت يدها على كتفي و تلفظت بما قالت و بما أذكر بعرضٍ بطيء و تناثر اللعاب من فمها الذي تتخلله سكة حديدية طبية تزيدها بلاهة
ربما إني أرى نفسي فيها ، كائن منبوذ غبي و أحمق في مكان ما لا يستطيع مغادرته لأنه لا يستطيع الذهاب إلى مكان آخر !!
كل شيء توقف عن الحراك … جمود تام و فسحة لي وحدي للتفكير و لفعل ما أريد ، أستشير نفسي أي نوع سأشتري اليوم من الروايات ؟ رومانسية أم بوليسية ؟ يقاطعني مسخ أفكاري و الأحدب الذي يتجول و يخربش في عقلي … يعيد لي منظر سيول اللعاب تتناثر من فمها المقزز مع عباراتها المرحبة و المساعدة كأنها تأبه ..
عكس المرة الفائتة لم أستطع تمالك نفسي .. لازالت أمامي إنها هنا حقاً ، أفرغت جام حقدي عليها ، حقد تلك السنوات ، حقد تمركز في مؤخرتي السمينة إثر الجلوس المطول في كرسي سئم مني ، تدفق كل ذلك الغضب من قاعدتي إلى يداي السمينتين ، لكمتها بشدة حيث أني اضطررت فيما بعد إلى تقطيب قبضتي في المستشفى …
تباً للسكة الحديدية التي تجتاج جبال أسنانها المبعثرة في فمها الذي تسبب لها في كل هذه المأساة .. هشمت وجهها و خرجت ماشياً و عائداً إلى المنزل مصطحباً معي سجائري .
أفتح عيني .. أجدني في سيارتي الرياضية مع فتاتي ، أنتظر حفلةً ما مع أصدقائي ، أغمض عيني مجدداً فأجد نفسي ملتحٍ ما في غرفة مظلمة تتدلى منها آمال و أشياء أخرى لا أعلم ما هي !!
في مرحلةٍ ما قررت نزع عيناي من محجريهما لعيش حياةٍ واحدة لكني لم أستطع … مقدر لي عذاب شخصين
تاريخ النشر : 2017-03-09