ألغاز علمية

آلهة القدماء ام عقل مفكر

بقلم : امرأة من هذا الزمان – سوريا

زعموا ان الالهة تلهم البشر العلوم والمعارف
زعموا ان الالهة تلهم البشر العلوم والمعارف

السلام عليكم أعزائي الكابوسيين… كنا قد بدأنا بحثا في لغز أصل المعرفة وتحدثنا عن كيانات ماورائية نسبت إليها سلسلة من العلوم والآداب والإنجازات البشرية واليوم بإذن الله سنتحدث عن آخر هذه الكيانات ألا وهو “الآلهة القديمة”…
حيث كانت آلهة العلوم والمعارف في الميثولوجيا القديمة تختلف من الناحية الوظيفية عن آلهة الخلق المعبودة بشكل ديني بسبب قدراتها في إيجاد الحياة والخصب والموت والقحط والتحكم بظروف الجو والكوارث إلخ…
وكانت هذه الآلهة بإختلاف الثقافات والحضارات تمتلك وظيفة الإلهام المعرفي بكافة أشكاله العلمي والأدبي والفني وحتى الصناعي فهي لا تمتلك قوة حماية دفاعية ولا قوة حرب هجومية ولا تمتلك زمام كوارث طبيعية أو مظاهر بيئية ولا تعطي الحياة أو تسلبها هي فقط تلهم الإنسان المعرفة والأفكار النيرة لينجز الإنجازات العظيمة (التي هو قاصر عن تحقيقها لولا وحي هذه الألهة الإلهامي)…
من أهم هذه الكيانات وأكثرها وضوحا لسماتها ووظائفاها الميوزات التسع في الحضارة اليونانية

١. آلهة الإلهام

blank
الهة الالهام التسعة

بحسب الميثولوجيا الإغريقية فقد كانت هذه الكيانات عبارة عن ٩ أخوات من الآلهة أو الحوريات أو المخلوقات الإلهية اللاتي كن مصادر لتأليف الموسيقي ثم بعدها توسعت دائرة إختصاصهن ليصبحن ملهمات لجميع أنواع الفن والأدب والعلوم حيث كانت هذه المعارف تعتبر تجسيدا لهن… وكان الإغريق قديما يدعون لهن من أجل الإلهام المعرفي وإبراز العمل وجعله مميزا…
اختلفت الأساطير والبحوث في تحديد أصلهن ولكن تم ترجيح أنهن بنات زيوس ونيموسين إلهة الحفظ والتذكر وأنهن تابعات لأبولو إله الشمس و الفنون بما فيها الشعر والموسيقى؛

وقد كن رفيقات لبنات زيوس الثلاث (الكاريتات) آلهات المرح والجاذبية والجمال وكان مجلسهن عند عرش زيوس حيث يغنين عظمته ويمجدنها ويسردن قصة خلق الأكوان وأصل الإنسان وكما أنهن كن يمجدن بالأغاني ملاحم الابطال العظام وقيل أنهن يقضين النهار في الاستحمام بمياه الوعد في ينبوع عبقر وفي الليل تهبطن برداء من السحاب لتجلسن بنحو لا مرئي عند المصابيح التي تنير للمفكرين والفنانين ظلام الليل فتحملن لهم معهن أفكارا بليغة وألفاظا متناغمة وتعزفن لتوحين اليهم أعظم الأفكار وأنبل الأشعار..

blank
تحملن معهن أفكارا بليغة وألفاظا متناغمة

مثلت تلك الآلهات كمجموعة في الإلهام ولكن وفي عصور متأخرة تم تخصيص وظائفهن كأفراد وليس مجموعة:

١- كاليوبي (عذبة الصوت): كانت أكبرهن سنا عنيت بالشعر الملحمي والنطق الفصيح وكانت تهبهن للملوك والأمراء.. يقال أنها ألهمت هومر لوضع الألياذة والأوديسة.. صورت كامرأة تحمل لفافة ورقية أو ألواح شمعية…

٢- أورانيا (سماوي): وهي الأخت التي تعنى بالعلوم الفلكية؛ كان بإمكانها معرفة الأحداث المستقبلية عبر مواقع النجوم وكانت تكن الأحترام الشديد للمهتمين بالفلسفة والأمور السماوية؛ صورت في الفنون كامرأة تحمل بيد كرة أرضية وبالأخرى عصا تشير بها إلى الكرة؛ كما أنها تضع قدمها على سلحفاة دلالة على الصمت والسكوت.

٣- يوتيريبي: وهي المعنية بالشعر الغنائي.. صورت كامرأة تحمل في يدها ناي.

٤- كليو (التي تحتفل): الأخت المعنية بالتاريخ؛ تمثل في الفنون حاملة معها لفافة ورقية أو جالسة قرب مجموعة من الكتب.

٥- إراتو (المحبوبة): آلهة الشعر الغزلي والإيماء؛ تصور وهي تحمل قيثارة وكانت أكثرهن جاذبية ولفتا للأنظار.

٦- بوليهمينيا (الترتيلة): معنية بالترتيلات (الشعر المقدس) والترانيم الدينية وفيما بعد أصبحت معنية بالزراعة وعلم الهندسة وكانت وظيفتها جلب الشهرة للكتاب ذوي الكتب المشهورة؛ تصور كامرأة واقفة تفكر وتتأمل.

٧- ميلبوميني (ذات الصوت الرخيم): عنيت بالتراجيديا (الفن المسرحي المأساوي) صورت كامرأة تحمل قناعا تراجيديا وأحيانا سيفا وترتدي إكليلا من السرو وجزما خاصة يرتديها ممثلو التراجيديا.

٨- تيربسيكوري (السرور الناتج من الرقص): آلهة الأغاني الجماعية الكورسية (التي يغنيها كورس) والرقص؛ صورت كامرأة تحمل ريشة موسيقية وأحيانا قيثارة.

٩- ثاليا (الاحتفال المترف أو تفتح الازهار): آلهة الكوميديا (الفن المسرحي المضحك) والأغاني الريفية؛ وعلى عكس أختها ميلبوميني فهي تحمل قناعا كوميديا وعصا رعي وإكليلا من اللبلاب.

وبالطبع لم تكن فكرة وجود ملهمات للمعرفة حصرا بالحضارة الإغريقية وميوزاتها التسع بل ورد ذكر هذا النوع من الألهة القديمة في عدة حضارات ومنها

٢.الحضارة المصرية القديمة

blank
تحوت رسول الآلهة ورب فنون الكتابة

حيث أعترفوا بعدد من الآلهة كأصل للفكر والمعرفة الإنسانية وهم:

١- بتاح: خالق كل الصناعات والفنون.. صور على شكل إنسان غامض الملامح حيث لم تحدد أعضائه بوضوح.

٢- تحوت: إله القمر ورسول الآلهة ورب فنون الكتابة؛ اعترف له المصريون القدماء بالفضل لتعليمهم الكتابة والحساب صور كالطائر إبيس وهو يحمل قلما ولوحا يكتب عليه .

٣- سشات (التي تدون): صاحبة تحوت وهي آلهة الكتابة والمعرفة والحكمة وكانت ملهمة للهندسة المعمارية وعلم الفلك وعلم التنجيم والبناء والرياضيات والمساحة وعلمت البشرية الكتابة فكان لها الفضل في كتابة الهيروغليفية لقبت بذات القرون (سفيخ أوبي) وصورت على شكل امرأة فوق رأسها تاج بشكل نجمة لها سبعة فصوص (رمزها) وفوقه قرنان مقلوبان.

٤- سيا: ارتبط اسمها بتحوت وكانت تجسيدا للمعرفة والذكاء (المعلومات حولها شبه معدومة)

٣. الحضارة الهندية

blank
آلهة الكلام و العلم والتعليم والموسيقى والفنون

وجدت آلهة واحدة مختصة بالوحي المعرفي في التاريخ الهندوسي وهي الآلهة (ساراسواتي) أو بالسنسكريتية ساراسفاتي حيث كانت تنتمي للتيار الديفي وهي آلهة الكلام و العلم والتعليم والموسيقى والفنون.. قيل إنها زوجة لبراهما إله الخلق وكانت تشكل واحدة من ثلاثية الآلهة لاكشمي ودورغا كمقابل أنثوي للتريمورتي؛ تذكر الأساطير بأنها خلقت اللغة السنسكريتية وآلة موسيقية تشبه العود؛ مازالت تعبد حتى الآن في جميع أنحاء الهند ونيبال وتصور عادة كامرأة جميلة باربعة أذرع تمسك الآلة الموسيقية بذراعين وزهرة اللوتس بالثالثة وباليد الرابعة تمسك كتابا.

٤.الحضارة الإسكندنافية

blank
ملهما للشعر والمعرفة والحكمة

أودين أو أوذن كبير الآلهة في الميثولوجيا النوردية اشتق أسمه من الشعر وكأغلب الآلهة النوردية فقد كانت له وظائف متعددة يهمنا منها أنه كان إلها ملهما للشعر والمعرفة والحكمة التي ضحى بإحدى عينيه لأجلها بل وطعن نفسه وعلق جسده على شجرة لـ ٩ أيام ليحصل على المعرفة ويقال أنه الذي أنعم على العالم بالأبجدية واللغة.

كما أنه وجدت عدة نظريات ماورائية أخرى لتفسير بعض المعارف ولكن لم يكن لها السمعة ذاتها والإنتشار الواسع نفسه مع الدلائل التاريخية لذلك سنوردها بشكل مختصر للعلم فقط.

نظرية السفر عبر الزمن: حيث أدعى البعض قيام بعض المبدعين بالسفر عبر الزمن من خلال إختراعهم لآداة الإنتقال عبر الزمن أو دخولهم شرخا في الزمن عن طريق الصدفة أو حسابات وعلوم سحرية معينة وهذا ما أتهم به ليوناردو دافنشي في جملة الإتهامات الموجهة لإبداعاته.

نظرية كهوف ذو القرنين أو الكتب والخواتم السليمانية: حيث نسب البعض إبداع أشخاص معينين لدخولهم في كهف من كهوف عدة خبأ فيها الولي الصالح ذو القرنين علومه وكنوزه واكتشافاته وقام برصدها ليخبأها عن أعين البشر ولكن أحدهم أكتشفها بالصدفة وسرق من علومها ماسرق ونسبه لنفسه؟؟!! وبالمثل فقد قال البعض بكتب سليمان الحكيم عليه السلام التي تحتوي علوما مختلفة ومعارف وخواتمه التي تسخر بعض انواع الجن وأنها السبب في ذكاء البعض وإبداعهم.

نظريات ممارسة السحر الأسود وتسخير الجن والمردة والشياطين بقدراتهم الخارقة وعلومهم المتقدمة من خلال تعاويذ وعزائم خاصة من أجل تحقيق المآرب العلمية والإنجازات العمرانية وممن اتهموا بذلك الفراعنة المصريين وصاحب قلعة المرجان في الولايات المتحدة وغيرهم من اصحاب الإنجازات الجماعية والفردية.

ومنهم من قال بأن الإبداعات ما هي إلا بقايا حضارة أطلانتس التي وإن وجدت فعلا وسرق الناجون إبداعات علمائها فمن أين لشعبها تلك المعارف؟؟ أليسوا بشرا فكروا وتعلموا وكونوا معارفا..

وبنظرتي الشخصية أجد أن كل ما ذكر في المقالات الثلاثة ما هو إلا اساطير إنسانية تدل على سذاجة بشرية وضعف إيمان بالعقل وقدراته وتخلخل في الثقة بالنفس البشرية حجمت العقل البشري ولم تعطه قيمته الحقيقية التي خلقها الله فيه من أجهزة معالجة للمحسوسات وذاكرة خارقة وقدرة تحويل ما هو محسوس الى معقول وعمليات مطولة ومعقدة … فالإنسان بالعقل الذي وهبه إياه الله هو الوحيد صاحب الفضل في ما وصلت إليه البشرية من تطور وتقدم وبرأي هذه القدرة على الغوص في المجهول هو سبب خلق الله للبشر لأنه لو اراد كائنات طائعة مسيرة بالكامل لأكتفى بالملائكة ولو أراد كائنات متمردة كافرة ليعذبها لأكتفى بشياطين الجن ومردتهم ولكن الله أراد كائنا يختار ما يكون عليه؛ خلقه ضعيفا ولكن أعطاه الله الحرية والقدرة وتركه ليختار طريقه وأعطاه العقل سلاحا ليعوضه عن ضعفه الجسدي الواضح أمام الكائنات الأخرى ليكتشف الأسرار التي خلقها الله ويطور ويدون ويعلم ويتعلم مسخرا كل ما خلقه الله أقوى منه سواء بالبنية أو المادة أو القدرات.. قال الله سبحانه وتعالى : (إني جاعل في الأرض خليفة) فأي إثبات أقوى من أننا أصحاب إنجازاتنا من خلق الله لنا خلفاء في الأرض وتسخيره كل ماخلق لخلافتنا تلك .

كلمات مفتاحية :

– Muses
– Ptah
– Thoth
– Saraswati
– Odin

تاريخ النشر : 2021-03-10

guest
36 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى