ألغاز تاريخية

غرائب من التاريخ الاسلامي : أبن صياد ولغز ذو القرنين

بقلم : مروه عطيه

توجد في التاريخ الاسلامي قصص مدهشة وغريبة لا حصر لها ، ذكرنا بعضها في مقالنا السابق ، ونواصل ذكرها والتعليق عليها ، لكننا نشدد على أن ذكر حادثة عجيبة لا يعني أنها واجبة التصديق ، أو أنها حقيقية بنسبة مائة في المائة ، فقد تكون مجرد حديث خرافة ، لكنها خرافة مثيرة وجديرة بالذكر .

ابن صياد : الدجال الذي لقي النبي وجها لوجه !

blank

من أشد أحاديث السير والتراث الإسلاميين غرابة وإثارة للدهشة هو الاحاديث المتعلقة بشخص يدعي ” صافي بن صياد ” ، الذي كان على ما تذكره الروايات الإسلامية يعيش في يثرب ( المدينة المنورة ) زمن النبي صلي الله عليه وسلم ، وأن هذا الرجل الغامض هو في الحقيقة ( الدجال ) ، الذي يخرج آخر الزمان لإضلال الناس وإفساد عقيدتهم في الله ، وقد ولد ابن صياد من أصل يهودي في يثرب ، وحين هجرة النبي إليها كان صغيرا ، وقد ولد أعور ومختون ،وقد لقيه النبي في سنوات رجولته وشكك في كونه الدجال المنتظر خروجه آخر النهار ، وفي روايات مدهشة قيل أنه كان يتنبأ ويخبر بالمستقبل فتحقق بعض نبوءاته ، وذهب إليه النبي متخفيا محاولا التأكد من حقيقة كونه الدجال ، لكن ” ابن صياد ” رد عن نفسه التهمة بذكر جملة خصائص معروفة للدجال ولا تتوفر فيه هو ، فهو ولد في المدينة وله أولاد ، وفي مرحلة لاحقة دخل ابن صياد الإسلام ، ولكن برغم ذلك ظلت الشكوك تحوم حوله ، حد أنه فكر في الانتحار من عظم اعتزال وإيذاء الناس له ،وعن قصته نورد هذا الحديث المدهش المروي عن ابن عمر رضي الله عنهما :
((ففي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن عمر انطلق مع النبي صلى الله عليه وسلم في رهط قبل ابن صياد، حتى وجدوه يلعب مع الصبيان، عند أطم بني مغالة، وقد قارب ابن الصياد الحلم، فلم يشعر حتى ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده، ثم قال لابن الصياد: تشهد أني رسول الله. فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين. فقال ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم: أتشهد أني رسول الله؟ فرفضه وقال: آمنت بالله وبرسله. فقال له: ما ترى. قال ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خلط عليك الأمر. ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إني خبأت لك خبيئاً. فقال ابن صياد: هو الدخ. فقال: اخسأ، فلن تعدو قدرك. فقال عمر رضي الله عنه: دعني يا رسول الله أضرب عنقه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن يكنه فلن تسلط عليه، وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله)) .
وقد كان لابن صياد ولد مشهور اسمه ” عمارة بن عبد الله ” وكان حسن الإسلام ومعروف عنه مرافقته للصالحين ويعد من التابعين ، لكن برغم ذلك فإن نهاية ” ابن صياد ” الغامضة أثارت الشكوك حول حقيقته أكثر ، فقد قيل أنه فقد أولاده كلهم قبل موته ، مما جعل احدي علامات الدجال ، وهي أنه لا يولد له ، منطبقة عليه ، كما أنه فقد بطريقة غامضة في موقعة الحرة 63هجرية ، حيث لم يعثر على ” ابن صياد ” بين الأحياء ، ولا بين الاموات ، مما جعل أسطورته تنتشر من جديد ، أختلف في أمره الصحابة فكان من بين كبارهم من يقسم على كونه الدجال المنتظر في آخر الزمان ، ومنهم من يعده دجال من الدجاجلة ، ولا تزال قصته غامضة حتى الآن !

ذو القرنين : الرجل الذي ارتحل من مشرق الشمس حتى مغربها !

blank

في سورة الكهف احدي الصور الطويلة من القرآن الكريم ، ذكرت بضع حوادث مدهشة تخص ما سماه القرآن ب( ذو القرنين ) ، وهو من أشد شخصيات التاريخ الإسلامي غموضا والتباسا ، ففي آيات السورة نعرف أن ( ذو القرنين ) كان مؤمنا صالحا وقد كلفه الله بما يشبه المهام الإيمانية في الأرض ، ولكونه ملكا يحتكم على جيش واتباع ، فقد كان بإمكانه تأدية تلك المهام الكبيرة على خير صورة ، من المهام التي أضطلع بها ( ذو القرنين ) هي بناء السد الذي حجر قوم ( يأجوج ومأجوج ) خلفه ، وقبل النقاش في حقيقة يأجوج ومأجوج يجب أولا الإجابة على السؤال الأكثر أهمية : فمن يكون ذو القرنين نفسه ؟!
أولا نشير إلي أن معني لقبه يعني امتلاكه ناصية الشرق والغرب ، أي هيمنته على شرقي الأرض وغربها ، ولا يلزم أن تكون تلك الهيمنة سياسية أو عسكرية ، بل يكفي أن تكون له قدرة على تنفيذ بعض المهام بتكليف من الله في أنحاء متفرقة من الأرض .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: “كان ذو القرنين ملكًا صالحًا، رضي الله عمله، وأثنى عليه في كتابه”، فهنا نري تصريح مباشر بكونه ملك عادل وصالح ، لكن أي ملك هو تحديدا ؟!
حار الناس قديما وحديثا في محاولة تحديد الشخصية الحقيقية لذو القرنين ، أول وأشهر الآراء هي التي وحدت شخصيته بالفاتح العالمي المشهور ” الإسكندر بن فيليب المقدوني ، وهو قول استنكره ” ابن كثير ” لأوجه الخلاف العدة بين الأثنين ، واهمها أنه بينما وصف ذو القرنين بأنه مؤمن صالح ، فإن الإسكندر كان وثنيا يدين بعبادة آلهة الإغريق القديمة ، كما أنه قدم القرابين لعدة آلهة محلية في المناطق التي افتتحها ، وأشهرهم رب مصر المعروف الإله ” آمون ” ، كذلك اقترحت شخصيات ملوك عدة ليكون أحدهم هو ذو القرنين الذي يجد الكثيرين في محاولة معرفة حقيقته ، ومن هؤلاء كورش الكبير أهم وأول ملوك الفرس ، وأخناتون ” أمنحتب الرابع ” ملك مصر الثائر الشهير ، وهو أشد الأقوال نكرا في رأينا ، ثم بعض الشخصيات غير المعروفة كثيرا منها أحد ملوك ( حمير ) ، التي كانت آخر ممالك اليمن المستقلة قبيل الفتح الإسلامي لها ، ويسمي ” الصعب بن مراثد ” ، وتبقي كافة هذه التخمينات معلقة في الهواء ، دون حديث صحيح أو رواية موثقة الصحة تقطع بالشخصية الحقيقية لذو القرنين !

guest
16 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى