تجارب من واقع الحياة

أبي ليس بشرياً !

بقلم : لينا عيد – سوريا

أبي ليس بشرياً !
أبي يكرهني و يحرض اخوتي على ضربي

 

مرحباً ، أنا فتاة  عمري ١٩ عاماً ، أبي حطم كل أمل لي في هذه الحياة ، أبي ليس بشرياً و ليست فيه صفة من صفات البشر ولا حتى الحيوانات ، فهو لا يعرف الرحمة ولا الشقفة.

أنا متعبة نفسياً ومنهكة ، أشعر بأن أيامي قاربت على الانتهاء وأنني على مشارف الموت ، والله يا إخوتي الألم الجسدي أهون بكثير من الألم النفسي ، لربما بكيتم كثيراً بسبب جرح أصدقائكم أو معلمكم بكلمة عادية ، فكيف يكون الحال إذا كان الجرح من أحد الوالدين وخصوصاً الأب ، الذي من المفترض أن يكون الأمان والملاذ ، ولكن يا للوجع و يا للخيبة عندما يحدث العكس !
أنا والله أكتب لكم وأبكي وأتقطع وأحن على حالي، أنا لست أنانية لكنني والله تعبت ، أكثر من ثماني سنوات منذ أن كنت في سن التاسعة وأبي يعاملني بطريقة مؤلمة جداً ، كنت أحبه وأظن أن تصرفاته مجرد حالة من الغضب وتزول مع الوقت ، لكن للأسف كبرت و فهمت كل شيء ويا ليتني مت قبل أن أعرف.

أولاً أنا متفوقة دراسياً فأنا كنت الأولى في مدرستي الثانوية وحصلت على معدل عالي ، وأنا الأن أدرس بكلية الطب المستوى الثاني ، لكن هذا لن يعوضني و يجعلني أتناسى الألم النفسي الذي يسببه لي أبي ، عندما أستيقظ يصرخ في وجهي بشدة ولا اعلم لماذا ، دائماً يحوم فوقي طول الليل وهذا ما يجعلني أشعر بالقرف تجاهه ، ومرة تشاجرت مع أخي وهو بنفس سني تقريباً ، و بدل أن يقول له هذه بنت لا تضربها ، أمره بضربي وضربني هو أيضاً ، وقال لي : أن الرجل أفضل من المرأة بألف مرة وأنني لا يجب أن أضرب الرجل. مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : رفقاً بالقوارير ، هجروا سنتك يا رسول الله ، لم يعملونا على أننا نساء وضعيفات و أقل كلمة تقتلنا و أصغرها تحيينا.

أبي لا يطيقني وحتى عندما أنجح لا يفرح كثيراً ، وأحيانا ينظر إلي بسخط  و كأنني عار عليه ، مع أنني ملتزمة وأقرأ القران وأبكي كثيراً من سوء معاملته ، ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحال ، فمثلاً عندما أرتدي ثياباً جميلة وأضع القليل من مساحيق التجميل كنوع من التغيير ، يقول لي : مهما فعلتي فلن تكوني جميلة أيتها البشعة ، ويقول لي : أن فلانة أجمل منكِ بكثير ، ويقول : لو أني في مكانك لجلست في البيت وما خرجت أبداً.
صدقوني يقول لي هذا في صباح العيد أو عندما أخرج معهم ، مع أنني والله جميلة وبيضاء ولكنني أتأثر بشدة ، فنحن لا يوجعنا الكلام بقدر ما يوجعنا قائله.

منذ أسبوع تقريباً تقدم أبن عمتي لخطبتي ولكنني لا أحبه فالقلب بيد الله ولا يمكنني أن أقبل بشيء لا أريده تكفيني حياتي التعيسة ، ولكن أبي وافق وقال لي : أنتِ لستي أجمل منه لترفضيه ، وإن رفضتي الزواج منه لن يتقدم لكي أحد لأنك بشعة ، ويقول لي : كل الفتيات أفضل منك ، وأنا أصمت وأتظاهر بالقوة وأتجه إلى الحمام “أعزكم الله” وأبكي بشدة ، أعرف أن البكاء في الحمام خطأ فادح ولكن حتى غرفتي أخذوها مني وأعطوها لأخوتي الأولاد ، أبي يحب أولاده كثيراً مع انهم ليسوا ناجحين مثلي ، وأنا أشعر بأنني نعمة لا يستحقها أبي ، فأنا أدرس بكلية الطب وبسبب معدلي العالي قبلوني مجاناً ، وأنا جميلة جداً والله على ما أقول شهيد.

أبي كل يوم تزداد معاملته سوءً ، لدرجة أنه أصبح لا يعطيني مصاريف للجامعة بل آخذ من أمي والتي تلعنني بشدة لأنها لا تحبني أيضاً ولكنها على الأقل أرحم من والدي ، أنا لم أحادث شاباً أبداً ولم ألوث عرض أهلي ولم أجلب لهم العار يوماً ، دائما يمدحني الناس بالأدب والأخلاق والهدوء والالتزام ، دعوت الله كثيراً وتصدقت كثيراً ولكن لا أعلم لماذا لا يستجاب لدعواتي.
أصبحت متعبة نفسياً و أبكي طول الليل وأستيقظ بعد صلاة الظهر حتى صلاتي أصبحت أضيعها ، أقضي نصف يومي على سريري حتى الأكل أصبحت لا آكله ، بسبب أبي انقلب إخوتي علي ، فمثلاً إذا حدث شجار كلامي بيني وبين أختي الصغيرة ، تدخل جميع البيت وضربوني قالوا في أبشع الشتائم والألفاظ ، حتى أمي معهم ولكنني أحبها لأنها طيبة أكثر منهم في بعض الأحيان ، أما هم دائماً واقفون ضدي.

من كثرة البكاء أصبحت أتقيأ بلا سبب وأصبت بأوجاع في معدتي ورأسي لا يتوقف عن الألم وأحس بتعب عظيم في جسمي ، أصبح ذهني شارداً حتى في الجامعة وأصبحت عصبية جداً ولا أحب أن ينظر إلي أحد ، ولا أشارك في الأنشطة الجامعية ، أذهب للجامعة منذ الساعة السابعة صباحاً وأعود في الرابعة مساءً بلا إفطار ولا غذاء ، وبعد كل هذا يقولون لي : أنه لا يوجد أكل فلتذهبي ، والله لم أرد عليهم أبداً ، تعبت من السكوت والكتمان ، ووزني نقص كثيرا ً، نقصت أكثر من ٨ كيلو ، والله أنا ميتة وأحاول الحياة ، لكنني أشعر أن أيامي باتت معدودة في هذه الحياة.

أنا لم أفعل لهم شيئاً يضرهم أبداً ، بل بالعكس الكل يتمنى لو أنني ابنتهم ، حتى جارنا يقول لي : أتمنى لو يعطيني الله ابنة مثلك، أنا لا أزكي نفسي أو أمدحها ، ولكن حتى لا تقولوا أنني فعلت لهم شيئاً يسيئ لسمعتهم ، ولكنني أفوض أمري لله ، وأصبحت تراودني الكثير من الأفكار الشيطانية ، حاولت أن انتحر مرة ، وقطعت عرق يدي ولكنني خفت عندما رأيت الدم وضمدت جرحي بنفسي ، أفكر كثيراً في قتل أبي ولكن أتذكر قول الله “وبالوالدين إحساناً ” لأنهما أوصلاني هذه المرحلة ولكن والله أموت كل يوم تعبت من أبي وإخوتي.

ربما تقولون أن أبي غير ملتزم وأنا أقول لكم ، أبي مؤذن في المسجد الذي يجاورنا ، ويحفظ أجزاء يسيرة من القرأن والأحاديث ، ويستشيره الناس ، حقاً إنه آخر الزمان ، لا يعلمون حقيقة الشيطان المختبئ وراء جسد المثالية والملائكية والعياذ بالله ، آسفة على الإطالة ولكن ليس لي بعد الله أحد أستشيره غيركم وأتمنى أن لا تشتموني ولا تسيئوا الظن ، أرجوكم أنا ميتة بكل معني الكلمة ، والله دموعي لم تتوقف منذ بدأت في الكتابة وحتى الأن ، أدعوا لي بالثبات فأنا أخشى أن أنتحر أو أقتل أبي لأنني تعبت والله جداً .

تاريخ النشر : 2018-11-10

guest
78 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى