أدب الرعب والعام

أحبت طائرها

بقلم : علي قاسم هيال – العراق
[email protected]

عاشت طفولتها البنت المدللة تحب الرسم وتعشق ِرسماتها، تلك اللوحات التي ترسمها وتحدق بها طول اليوم ترسم ما تتمناه، ترسم عالمها الصغير، ترسم الطيور في أغلب لوحاتها، ترسمها برسوم مختلفة بعيون بنية أما أجنحتها كانت تُقصرها كي تنظر إلى كل الأشياء راحلة تكون قريبة منها ومن عالمها، حتى دخل إلى عالمها الحقيقي طائر ولأول مرة “تشعر بأن الأحلام والأمنيات تتحقق دائما إذا كانت الرغبة موجودة”.

كانت تقضي الكثير من وقتها مع طائرها، حتى أهملت لوحاتها وخيم الركود على خيالها الفني، بعدما رسمت الكثير من الرسمات لهُ، وكأنها دخلت إلى عالم الحقيقة وحطمت تلك البوابة التي نقلتها إلى هذا العالم، كانت دائما تشعر بأن التفكير بأشياء أخرى تشغلها عن طائرها، أحبت الطائر بقدر حبها للوحاتها التي كانت معظم الوقت جالسة ممسكة بفراشة الرسم، بيدها الصغيرة على يسارها باقة من الأزهار الصفراء، وفي ركن الآخر من الغرفة اللوحة كبيرة فارغة مركونة على الجدار ،كانوا يسألونها لماذا هذه اللوحة لا زالت لم تستخدميها،؟ ،
كان جوابها :
– من أجمل رسوماتي هذه اللوحة.

مرت الكثير من الأيام وهي في انغماسها الجميل، تستيقظ في الصباح بعد نوم متأخر في كل يوم لتنظر إلى طائرها وهو قرب سريرها وهو بذلك السكون يحدق فيها ، حتى أيقنت بفكرة إن طائرها يحبها بقدر حبها لهُ وتقول للكثير عن هذه الحقيقة، حتى في أحد المرات، اضطرت أن تثبت هذه الحقيه لنفسها.

بعد الانتهاء من سهرة برفقته تركت باب منزلها مفتوح أما باب غرفتها كان دائما مفتوح وهذا
يشعرها باالطمئنان ألنها تخاف من الأبواب المقفلة ولا تتقبل فكرة الأبواب المقفلة لأن باعتقادها تعزلها عن العالم الآخر وتكسر أجنحة أحالمها، فكرة باب مقفل في حياتها.

وضعت رأسها الصغير على وسادتها الصغيرة، بعدما أخذت بمصيدة الأحلام من تحت وسادتها، ووضعتها على الطاولة قرب الأزهار الصفراء، كأنها لا تريد الليلة أن تحلم بشيء، أغمضت عينها البنيتان ببطء فتلاشى ضوء المصباح، بعد سهرة طويلة وأفكار مزعجة نامت مطمئنة .

صباح اليوم التالي استيقظت متأخرة من النوم كعادتها. أول الأشياء أهمية لها، النظر إلى جانب سريرها، ببطء شديد متيقنة من المشهدة الذي سوف تراهُ، المزهرية الصفراء في مكانها ، لا وجود لكائن أخر، في هذه اللحظة توقف كل الأشياء في رأسها من أفكار، نزلت من سريرها ممده قدميها الصغيرتان إلى الكرسي الصغير الذي تسعملهُ سلم للنزول ، بحثت عليه ببطء تتقدم بقدميها الصغيرتان خطوة بعد خطوة ،وتلاشت فكرة وجودة في المنزل، عندها أيقنت بأنهُ ذهب ولم يعد ، لم تظهر الحزن الذي في داخلها ، ذهبت إلى اللوحة الفارغة التي في ركن الجدار وقالت ربما أشتاق لي هذا الفراغ.

guest
20 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى