أدب الرعب والعام

أخيلة غريبة

بقلم : قيصر الرعب

أخيلة غريبة
الأغصان الغليظة تلتف حول بعضها البعض مكونةً حاجزاً يمنع ضوء الشمس من الدخول إلى الغابة

ترى تلك المساحات الشاسعة الخضراء و السماء ملبدة بالغيوم .. جو هادئ لو أنك لم تلحظ ذلك الإعصار البعيد هناك .. دعنا نقترب منه .. الريح تعصف بك لكن تماسك .. دقق النظر .. ألا ترى ذلك العجوز الجالس بجانب الإعصار ينظر إلى السماء لا يعبأ بالريح العاتية .. “اقتربت….”
من قال هذا ؟ .. لا نعرف ، حتى العجوز الغامض لم يعرف و طفق يتلفت حوله ..
“اقتربت عودة السيد .. “
تكرر الأمر من جديد و لا ندري من قالها لكن نلاحظ بوضوح الابتسامة التى ظهرت على وجه العجوز .. و بدأ يبتعد عن الإعصار .. هنا حدث شيء غريب ، هدأ الإعصار و هبت رياح في اتجاه العجوز..

*……………..*…………….*

وقت الغروب في الصحراء .. آخر فرصة لأشعة الشمس هذه الليلة لتمرح في الصحراء .. الرمال الذهبية تبدو كالذهب الذائب .. منظر معتاد ، لكن ما سر هؤلاء الوحوش الذين انقسموا لجيشين كأنهم يستعدون للقتال .. وحوش يختلفون عن بعضهم .. لديهم أسلحة غريبة الشكل .. و بدأت الحرب! .. دماء-هل هي دماء حقاً ؟ – تتناثر .. رؤوس تقطع .. أيادٍ تتطاير .. حرب شرسة بحق .. أنظر إلى قفزاتهم الهائلة لدرجة أن هناك معارك في الهواء و معارك في الأرض .. مازالت الحرب مستمرة إلى أن ظهر ذلك الوحش العملاق في الأفق كأنه خرج من الشمس .. و توقف الجيشان عن القتال عندما رأو الوحش العملاق ..

تابع الوحش العملاق المشي حتى وصل إلى منتصف الوحوش بالضبط و بدأ بالكلام بصوتٍ اهتزت له الصحراء :
“كادوي لني ارت كيم موى ساي خون!”
تقدم أحد الوحوش و قال بصوت عال :
“قان ديم رعف ناه ثين عاس”
هنا حدث شيءٌ غريب ، جميع من قُتِل في المعركة نهض و بدأ يبحث عن أطرافه المقطوعة .. كان المنظر مهولاً !

و بعد مدة كانت كافية لكي يحل الظلام و يتوسط القمر السماء كان قتلى الجيشان قد عادوا إلى طبيعتهم .. و بدأ الوحش العملاق في الكلام مرة أخرى:
“يثن زنت كيوَ سيد !!”
لا أعرف هل فرح القوم بما قاله الوحش العملاق أم لا .. لأنه لا يمكن التفريق بين زمجرتهم و تهليلهم .. لكن ما قاله الوحش أحدث صخباً عالياً بين القوم .. و قال الوحش العملاق بصوت عالٍ ليسمعوه :
“دبم همت مين راه فلي مبى”
و هنا بدأ الوحوش بالطفو و وصلوا إلى أعالي السماء و اختفوا هناك .. و عاد الصمت إلى الصحراء ما عدا صوت الريح..

*……………..*……………*

هل ترون تلك القرية التي تتكون من أكواخ متناثرة و المشاعل تحيط بالقرية .. هناك أناس يخرجون من الأكواخ .. لونهم أسود كالأبنوس و يتحدثون بلغة تعرف أنها أفريقية .. نحن في مكان ما في أفريقيا ! ..

فجأة ارتفع صوت عواء في الغابة القريبة من القرية .. استيقظ ذلك الطفل في أحد الأكواخ من نومه بسبب العواء و نظر إلى أمه التي جلست متوترة متحفزة .. نظرت إليه بعينيها الصفراوين المتسعتين و قالت بلغتها الأفريقية :
“إنهما (هوتو كيبوا) توأم القمر .. نظر الطفل إليها غير فاهم فأردفت :
“منذ أعوام ولد توأمين من الذكور في ليلة مقمرة .. و كانت آلهة القمر تعاقب كل شخص يولد في يومها – و هي ليالي اكتمال القمر – بإلقائهما في غابة الشر التي هي الغابة المجاورة لقريتنا .. لكن والد التوأمين رفض تسليمهما لرسول الآلهة ليرميهما في غابة الشر .. عندها غضبت آلهة القمر و عاقبت الأب بتحويل التوأمين الى مسخين ..

عندما رأى والد التوأمين ما حصل قرر إطاعة الآلهة و سلمهما للرسول و ألقاهما الأخير في غابة الشر التي حرم دخولها فيما بعد .. و منذ ذلك اليوم نسمع في الليالي المقمرة عواءً رهيباً يستمر الليلة بطولها .. خاف الناس من دخول الغابة و عرفوا أن التوأمين لم يموتا و أصبح الناس يتهامسون بأسطورة (هوتو كيبوا) توأم القمر .. لا تخف و عد النوم”

أحس الطفل بالنعاس- لا أدرى كيف؟ – استلقى و في الحال غرق في نوم عميق .. و من الغابة صدر عواء آخر مختلف عن الأول في حين ارتجفت والدة الطفل.

*……..*………..*

غابة الشر …

الأغصان الغليظة تلتف حول بعضها البعض مكونةً حاجزاً يمنع ضوء الشمس من الدخول إلى الغابة .. لذا يمكننا أن نفهم لماذا الغابة غارقة في ظلام دامس .. غابة مخيفة المنظر من الداخل .. لحظة !! .. هل يتحرك شيء في فوق الأغصان هناك ؟.. نعم .. هناك شيء ما يتحرك .. شيء مهول الحجم .. سريع الحركة .. و يزأر بانتظام .. عيناه يمكنني أن أراها من هنا لونهما أخضر مشع .. إنه الآن يهبط إلى الأرض.. إنه مستذئب لكنه أضخم و شكله أقرب للأدميين .. إنه بين الإنسان و الذئب و يمشي على أربع تارةً ، و تارةً يمشي على قدميين ..

لماذا ينظر إلى اتجاه معين بإصرار غريب و يزداد زئيره ؟ .. فجأة انقض على المستذئب المنتظر شيء ما من أعلى الأشجار .. لا أستطيع تمييز ما هو هذا الشيء لكنه غاضب .. استمر القتال مدة من الزمن ثم تفرقا و ظل ينظر كل منهما للآخر .. أستطيع رؤية الشيء الآخر أنه مستذئب كامل ، عينيه لونهما أحمر مشع .. إنهما الآن يدوران و يستعدان للانقضاض مرة أخرى ! .. لكن هذا لم يحدث ، فقط وقفا على قدميهما و أصدر كل منهما عواءً طويلاً و ركضا إلى مكانٍ ما من الغابة .. كأنهما علما بشيءٍ مهمٍ و يريدان الوصول إليه ..

عندما وصلا الى مكان ما في الغابة تصلبا عندما وجدا ذلك المكان يتلألأ بضوءٍ قرمزي .. حين دوى صوت ما في المكان:
“اقتربت عودة السيد”
و إختفى الضوء و عاد المكان يحكمه الظلام .. لا أرى في الظلام غير عينيهما .. عينان بلون أشجار الغاب تضيقان .. عينان بلون الدم تتسعان.. و لا أسمع غير زئيرهما الغاضب

تاريخ النشر : 2018-05-08

guest
14 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى