تجارب من واقع الحياة

أكره نفسي

لا أعرف كيف أبدأ قصتي، فأنا أريد أن أتكلم قليلا وأفضفض عن همي . عرفت الموقع منذ سنة وبدأت قصتي منذ أكثر من اثنتي عشرة سنة . حين رسبت باختبار الثانوية العامة، رفض اخوتي أن أكمل دراستي . و أرادت أمي تزويجي من أول خاطب لي وكان أحد أقاربنا . شخصيا لم يكن لدي مانع، المهم أن أخرج من حالة الضعف التي كنت فيها . أن أتحرر من سيطرة إخوتي، وقسوة أمي .

رفض العديد من أقاربي الشاب الذي تقدم لي . و أصروا على أنه ليس مناسبا، قالوا أنه سكّير وليس ذا دين وصلاح، لكن أصرت أمي وصَمتُّ أنا .

اقرأ أيضا : تحطمت أحلامي

أقيم زفافي وتزوجت، كانت سعادة أمي تفوقني سعادة .. فلم يبق لها سوى بنت واحدة وترتاح منا جميعا . وتوالت بعدها الأيام والشهور لتثبت أنهم كانوا على حق . فقد عشت أياما كانت أصعب من أن أصفها خاصة في فترة حملي . اتضح أنه ليس فقط سكيرا ولكنه كان بطالا يعيش على نفقة أبيه وأمه الذين عشت معهما وأرتني أمه عذابا كبيرا .

تذوقت مرارة الجوع، ضُربت حتى ازرق جلدي وسال دمي من زوجي ومن أمه . ودائما ماكان يعود للبيت ممددا غائبا عن الوعي من كثرة السكر والشراب . كنت في فترة الوحام أشتهي كل أنواع الاطعمة والفواكه، حرمت من كل شيء . كان الخبز والأرز نعمتان لا تقدران بثمن بالنسبة لي . وليس الأمر أنهم كانوا فقراء أو ماشابه، بل هو البخل يا سادة .

كانت أمه امرأة شريرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، أذاقتني ويلات من العذاب . استغلتني واستغلت قسوة زوجي معي وجعلتني خادمة عندها .

أما والده كان صامتا يرى ولا ينطق، كانت هي المسيطرة . صحيح أني لم أخضع لها تماما . حاولت المقاومة، لكن المشاكل والصراعات التي تلي ذلك أكبر مما أحتمل فأجبر على الصمت مرة أخرى.

اقرأ أيضا : زوجي دمر حياتي

أمي كنت آخر همها أنا، فمنذ أصبح أخي مليونيرا وهي لا ترى سوى النقود أمام عينيها . عدا أن قانونها في الحياة أن لا طلاق لبناتها مهما تجرعن من ذل ومهانة . رغم أنها هي نفسها تطلقت من والدي منذ زمن طويل، كانت امرأة معنّفة، وهو ما أظنه سبب قسوتها علينا .

لم تذق أخواتي الذل مثلي، فقد رزقن بأزواج صالحين، كان حظي الأسود الذي جعلني التعيسة بينهم . أنجبت ٣ أطفال هم كل حياتي ومنذ سنة دخل زوجي السجن بسبب تهربه من أداء ضريبة جمركية . كان حينها قد بدأ يحاول أن يتاجر بالسلع القادمة من الخارج، خالف القانون فسدد ثمنه عامين و نصف من حياتنا التعيسة .

سُجن هو داخل قفص، وسجنت أنا داخل البيت، كانت أقل حركة محسوبة علي، ماتت حماتي أثناء وجوده بالسجن . لن أقول أني سعدت ولكني ارتحت منها . ومن ناحية أخرى فقد كنت تحت خط الفقر لا معيل إلا والد زوجي الذي يعطيني وأطفالي أقل من حاجتنا . كانت دموعي تهطل وقلبي يدمى عليهم، كانوا يشتاقون للوح شكولاطة أو حبة حلوى فلا أجد فلسا لأشتري لهم ما يريدون . ولا أستطيع فعل شيء، وإذا تفوهت بكلمة تكون عاقبتي وخيمة .

اقرأ أيضا : أكره حالتي!

أمي حلفت أن لا أمكث عندها وأنتظر زوجي في بيتي . وطردني أخي الثري وأقسم ألا يعطيني شيئا لوجود بعض سوء التفاهم في العائلة . كان لا معين الا أخ آخر لي والذي كان يعطيني وزوجته بعض المال أو الأكل من وقت لآخر .

أرى أخواتي وأمي وكل النساء من حولي سعيدات فأستصغر نفسي وأغار منهن . أشعر أني مهانة، ذليلة، بلا شخصية، سيطر علي الضعف والخضوع لدرجة أنني أصبحت أكره نفسي .. أجل أنا أكره نفسي .

بقلم : تائهة

guest
8 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى