أدب الرعب والعام

أمنا الغولة

بقلم : أحمد محمود شرقاوي – مصر
للتواصل : [email protected]

كانت الغولة وقتها تقف على قوائمها الأربعة أمام بهية التي تحمي وجهها بكفيها وتنتفض
كانت الغولة وقتها تقف على قوائمها الأربعة أمام بهية التي تحمي وجهها بكفيها وتنتفض

أمنا الغولة…طقطقي الفولة..بتعملي ايه..
أمنا الغولة..طقطقي الفولة..بتعملي ايه.. 

كنا واقفين على هيئة دائرة صغيرة  نمسك بأيدي بعضنا البعض ونغني في سرور ، ثم نقترب بأجسادنا لنقوم بغلق الدائرة تزامناً مع قول :
” طقطقي الفولة “.
ثم نبتعد لتتسع الدائرة تزامنا مع قول :
بتعملي ايه ؟.

كانت اللعبة شبيهة بلعبة ” فتحي يا وردة وقفلي يا وردة ” كنت شارداً هذا اليوم في شيء واحد أو بالتحديد في تلك الفتاة التي تقف قبالي في الدائرة
” بهية ” ما أجملك يا بهية ، ما أجمل عينيك البنيتين وما أجمل خديك المتوردين !.

آآه ، تنهدت بعمق وأنا أتخيل نفسي وقد هاجمتها السلعوة وظهرت أنا كالشاطر حسن وقتلت السلعوة ثم حملتها على حصاني وانطلقت بها أشق الحقول الزراعية وهي تقول بصوتها البريء الطفولي :
” بحبك يا سعيد “.

كدت أن أسقط من فرط اللذة وأنا أتخيل تلك الأحداث التي لا تدور إلا في عقل طفل لم يتخطى السابعة أعوام.
 
تحسست جيبي برفق فوجدتها تقبع به ، تلك الورقة الصغيرة التي كُتب فيها طلاسم الكنز الأعظم وكلمات الحب الأبدي ، كنت أحفظ كل كلمة فيها عن ظهر قلب ، راجعت الكلمات في عقلي من جديد.

” يا بهية الكون وحلاوة القلب ، أنا بحبك أكثر من النخلة اللي زارعتها على الأرض بتاعتي ، أنا عايز أكون سي سعيد وأنت ست بهية والجمال لما نكبر وتكوني مراتي ونخلف عشروميت عيل “.

ابتسمت وأنا أتخيل ابتسامتها وهي تقرأ كلماتي ثم تحمر وجنتيها وتنكمش تلك الشامة على خدها وتظهر غمازتيها.
آآه ، قلبي يدق بعنف.
أفقت على صياح وبكاء عال ، نظرت فرأيت شاكر ، هذا المعتوه البدين يدفع بهية بقوة ويقول:
” البنات أغبية ومبيعرفوش يلعبوا ، أمشي من هنا “.
شعرت وقتها بأن الكون كله يغلي من حولي وأن النيران قد التهمت الدنيا كلها ، شعرت بأن دمائي تصرخ وقلبي يزأر ولحمي ينبض.
انطلقت كالفهد ناحية شاكر ولطمته على خده بكل قوة ، كانت لطمة قوية بحق جعلته يترنح ويتراجع مذهولاً ، ثم…
ثم يصرخ باكياً ، لم أشفق عليه ولو لحظة وانقضضت عليه وأنا أحمل بين يدي حفنة من التراب ثم ضربت وجهه من جديد ليدخل التراب في عينيه ويصرخ متألماً خائفاً ، لم أتمهل لحظة ثم دفعته أرضاً وبدأت أكيل له اللكمات بقوة وغضب ،
حقيقةً كان شاكر هذا يهزمني في كل المشاجرات ويجلس من فوقي كأنني دمية ثم يهزئ بي أمام الكل ، ولكن أن يمس بهية بسوء فهنا أتحول إلى ذئب شرس ، كان صياح الأطفال قد ارتفع وجاء أبي من البيت ، لم أفق إلا على ضربة سوط على ظهري.

وقتها توقف زفيري تماماً من شدة الضربة وقوة الألم ، هناك خيط من نار يحرق في ظهري ولا يتوقف ، سقطت أرضاً أتلوى كالمصروع وأنا أحك ظهري في التراب بعنف لعله يهدأ قليلاً  و رأيت أبي يرفع سوطه ليضرب من جديد.
وهنا تعلقت بهية بالسوط ، رأيتها بعيني الفزعة ، رأيت أبي يتوقف وينظر للخلف ، رأيته يدفعها بعنف ويسبها ، رأيتها تسقط أرضاً وتتألم ، سمعتها تقول :
” أجري يا سعيد “.

نهضت من مكاني والنار لا زالت تحرق في ظهري و ركضت إلى البيت ، وصلت إلى المنزل و ركضت إلى غرفتي الصغيرة وجلست على الفراش أبكي بحرقة ، كان ألم التفكير أشد عليّ من ألم الجسد ، لقد أهانني أبي أمام الأطفال وخاصةً بهية ، لقد دفعها بعنف ولم أقدر على الذود عنها ، لقد تحطم كبريائي ، لقد ……………

وأنهرت باكياً من جديد ، لماذا ركضت ،
هل خوفي من أبي تخطى حبي لها ؟.
تذكرت الورقة فأخرجتها وقرأت ما بها بعين محترقة من الدموع ، ثم وبكل غضب مزقتها وصرخت ، كنت ناقماً على كل شيء ، ناقما على الدنيا كلها ، على ضعفي وقلة حيلتي ، على حبي للصغيرة وعلى نفسي.

ثم نهضت و رحت أحطم كل ما حولي ، كنت أصرخ وأبكي ، حطمت زجاج النافذة و باب الغرفة و زجاجة الماء ، ثم سمعت صوت أمي تصيح من الخارج.
” بتعمل ايه يابن المجنونة “.
ثم سمعت صوت أبي وهو يقول بصوته الخشن المخيف.
” هو فين “.
لتجيب أمي :
” في الاوضة عمال يكسر في كل حاجة الواد ده ناقص تربية “.
وسمعت خطوات ريكس الديناصور قادمة نحوي ليلتهمني ، لو كان ريكس حقاً ما فزعت كل هذا الفزع ، قفزت من النافذة في لحظة تزامنا مع فتح باب الغرفة بكل عنف ، سمعت صوته يصيح :
” استنى مش هضربك “.
ولكني كنت قد أطلقت لقدمي العنان ، كانت الشمس قد غربت وقتها وبدأ الظلام ينتشر رويداً رويداً ، وللعلم فقريتنا تتحول إلى قرية أموات بعد أذان المغرب.

كنت عازماً على قضاء الليل بطوله خارجاً .
لا ، لا لن أعود للمنزل ثانية.
لا ، سوف أقتل نفسي في الترعة القبلية.
توقفت لاهثاً و رحت أسير بين لهاثي ناحية المجهول ، ثم تذكرت الساقية المهجورة ، هذا المكان المخيف الذي طالما أخافونا منه ، أعلم أنه أنسب مكان ليحتويني الليلة ، و…..
وسمعت صوتاً منادياً ، فزعت منه وظننت أنه أبي ، ولكنه لم يكن.
كانت القمر قد نزل من سمائه ليلحق بي.
لقد كانت بهية ، مسحت دموعي في ثانية وتملكت نفسي حتى لا أظهر في موقف الضعيف أمامها ، ابتسمت برقة وقالت :
– بتعمل ايه عندك و رايح فين يا سعيد ؟.
شعرت أن صوتها قد أذاب كل الحزن من قلبي ومسح عني دمعي وأذهب عني غضبي.
ابتسمت لها و أنا ارتجف وقلت :
– أنا رايح للساقية المهجورة.
شهقت في خوف فزادها جمالاً طاغياً وقالت:
– أنت مش خايف من أمنا الغولة ؟.
ضحكت في لامبالاة وقلت :
– الكلام ده يخوفو بيه العيال الصغيرين ، أنا خلاص قربت أكمل سبع سنين.
نظرت لي بأعجاب واضح وقالت:
– أنت شجاع أوي يا سعيد.
انتفخت اوداجي وشعرت بعقار القوة يسري في دمي وقلت :
– وانتي جميلة اوي يا بهية.
ابتسمت في خجل فتوردت وجنتيها وازداد وجهها احمراراً وقالت في همس:
– أنا هاجي معاك.
نظرت لها في ذهول وقلت :
– انتي بتهزري صح ؟.
– بتكلم بجد مش هسيبك تروح لوحدك زي ما ضربت شاكر عشاني ومسبتنيش.
– بس أنا هفضل للصبح هناك.
– لا ، أنا هاجي معاك بس توعدني ساعة و نرجع ، أنا أمي فاكراني عند جدتي ومش هتقلق عليا وجدتي ست كبيرة ومش هتاخد بالها أني مش موجودة.
– موافق يا عسل.

وانطلقنا نشق الطريق في الظلام ناحية الساقية المهجورة ، كنت أشعر بنشوة لا مثيل لها وأنا أتخيل تلك المغامرة التي ستحدث لنا وأكون أنا بطلها طبعاً.

وصلنا إلى بداية الأرض الزراعية ، مررنا من خلال أرض مزروعة بالذرة ، كانت أعواد الذرة تحتك بأجسادنا فتدميها ، أمسكت بيدها وسرت من أمامها لأفسح لها المجال كملك يفسح لأميرته الصفوف ليصل بها إلى العرش ، كان ذراعي يؤلمني من أثر احتكاكه بالذرة ولكني كنت أتألم في صمت حتى لا تشعر بي ، ما أجمل التضحية !.
لا تضحك يا أبله ، إنه الحب الذي لا تعيه ، فلا تسخر مني.

انتهينا من الأرض وسرنا بمحاذاة جدول المياه ، نصف ساعة من السير في أرض طينية زلقة ، ولكني كنت كالأسد المغوار ، كنت أقبض عليها بقوة حتى لا تسقط ، و وصلنا إلى الساقية المهجورة ، كان الظلام شديداً اللهم إلا من خيوط رقيقة من ضوء القمر ، وكانت الساقية قابعة هناك كوحش أزلي قد جاء مع ميلاد الكون نفسه ، كان لمرآها وقع كبير على نفسي ، لقد بثت في قلبي كل أنواع الرهبة ، كانت مخيفة بمظهرها الضخم وهذا البئر المخيف الذي يحيط بها والذي يعتقد الناس أنه ليس له قرار.

اقتربنا من الساقية وقد شملنا خوف غريب ، مبهم ، وكأننا نتنفس زفير الساقية وما هو سوى عبارة عن خوف و رعب ، و وقفنا قبالة الساقية ننظر لها في ذهول الأطفال.
و أفقت من تأملي على من يجذبني بعنف شديد ، كانت بهية تهمس بصوتٍ هامس ، باكي ، مرتعب:
– الغولة يا سعيد ، الغولة !.
ابتسمت لها وحاولت أن أطمأنها بأنه ليس هناك غولة ، ولكنها ضربتني على وجهي لأنظر إلى الجهة المقابلة ، وانتفض قلبي واقشعر بدني كله ، كانت تقف على الجانب الأخر من جدول المياه ، كانت امرأة لا يظهر منها شيئاً بسبب الظلام ، ولكنها كانت طويلة منكوشة الشعر ، أما عينيها فقد كانت حمراء تلمع في قلب الظلام ، قبضت بهية على جسدي بعنف وأخذت ترتجف وتنتفض وتبكي:
” الغولة يا سعيد الغولة “.

وقفت لا أقوى على فعل أي شيء ، كنت أود لو سقطت جوارها وأجهشت في البكاء ، ولكني يجب أن أحميها ، فإن لم أفعلها أمام أبي فلأفعلها الأن ،
ولكن ما حدث كان هو الفزع نفسه حينما قفزت الغولة في قلب جدول المياه ، وهنا صرخت بأعلى صوتي..
” اجري يا بهية ، أجري “.

وانطلقنا بكل ما نملك من قوة على تلك الأرض الطينية ، كنت أشعر بخوف لا مثيل له ، قلبي كان يقرع كالطبول وقدماي كانت تلتهم الأرض التهاماً ،
وسمعت صرخة مكتومة من خلفي توقفت ونظرت لأرى ما جعل شعري يشيب ، كانت بهية قد انزلقت وسقطت أرضاً ومن خلفها كانت الغولة تهرول كخاطفة الأرواح ، تهرول على أربع كما الحيوانات لتصل اليها ، كنت في موقف لا أًحسد عليها فقد كانت لحظات وتلحق الغولة ببهية وحتى لو رجعت أنا لم أكن لألحق بها ، و قررت أن أركض مبتعداً ، ولكني
تذكرتها وهي تتعلق بسوط أبي حتى لا يضربني ، تذكرتها وهي تقول لي : لن أتركك تذهب وحدك ، و رجعت سريعاً إليها و أنا أنتفض من الخوف.
كانت الغولة وقتها تقف على قوائمها الأربعة أمام بهية التي تحمي وجهها بكفيها وتنتفض ، وجدت عصا بجواري فحملتها وصرخت قائلاً.
” ابعدي عنها “.
التفتت لي وهي تزوم وتنوح ، وتخشب جسدي من فرط الفزع ، همست لبهية قائلاً :
” قومي بسرعة يا بهية واجري على البيت “.
ثم لوحت بالعصا ناحية الغولة يمنة ويسرة فتراجعت سريعاً ، وهنا نهضت بهية و ركضت مبتعدة ، و وقفت أنا في مواجهة الغولة وجهاً لوجه ، التفت للخلف لأرى بهية و قد ابتعدت كثيراً ، وما إن نظرت للغولة حتى رأيتها تهجم عليّ كوحش ضاري ، ضربتني بكفها فسقطت أرضاً متألماً ، وعلى الفور زحفت كالمومياء وجلست على جسدي ، صرخت من ثقل جسدها على جسدي ، كانت عظامي تئن منها ، وهنا ظهر وجهها بوضوح ، عينها حمراء وحولاء ، شعرها منكوش وأنفها أفطس وقبيح ، وفمها الواسع يبرز أنيابها المسنونة التي تستطيع أن تضع طفلاً كاملاً في الفرق بينهما ، تذكرت شاكر وهو يجلس على جسدي ، كان أيضاً ثقيلاً ولكني كنت أعلم أن الأمر سينتهي أما هنا فلا أعرف أبداً هل سينتهي هذا الفزع أم لا ؟.

شعرت بأن روحي ستخرج في لحظات من ثقلها على جسدي ، نظرت لي بأعينها الحمراء و وجهها المخيف ثم فتحت فمها فظهرت أنيابها المخيفة و…….
انتفضت من فوقي وهي تزوم وتصرخ كما النساء ، ثم وجدت حجراً جديداً يشق الفراغ ثم يرتطم بها ، كانت بهية من جديد ، شعرت ببعض الشجاعة ونهضت سريعاً ثم تراجعت بجوار بهية.

كانت بهية تضربها بسيل من الحجارة بلا توقف ، وكانت الغولة تصرخ وتزوم وتقترب ثم تبتعد سريعاً ، صحت قائلاً :
” ايه اللي رجعك تاني ؟ “.
” اضرب معايا يا سعيد وبطل كلام “.
وبالفعل حملت أقرب حجر صغير وقذفت به ناحيتها بكل قوة ، شعرت أننا سنفوز في تلك الحرب ، كنا نتراجع بهدوء نحو الخلف ونضربها بالحجارة لتبتعد ، ولكن الحجارة نفدت ونظرنا بخوف لنبحث عنها ولكننا لم نجدها ، وعلى الفور انقضت الغولة علينا كالصاعقة  وضربت بهية لتسقطها أرضاً وهجمت عليها بأسنانها فما كان مني سوى أن تعلقت بعنقها من الخلف ورحت اضغط عليه ، ضربتني في نخلة مجاورة فسقطت أرضاً وأنا أشعر أن ظهري قد تفتت عظامه ، وفتحت فمها وجذبتني ناحيته و…..
سمعنا صياحاً رهيباً قادماً من أرض الذرة..
” يا سعيد”.
” يا سعيد “.
” يا سعيد “.
وهنا نظرت الغولة بخوف ثم هرولت مبتعدة على أربع كما هي.
وبعد دقيقة ظهر أبي وجمع غفير من الناس ، وما إن شاهدني أبي حتى ركض ناحيتي واحتضنني باكياً ، كان يبكي بحرقة وينتفض ، لم أعي أن أبي بمثل تلك الطيبة يوماً ، ظل يردد
” سامحني يا بني ، سامحني والله مكنتش هضربك”.
أعان بعضهم بهية وعادوا بنا إلى البيت ، وما علمته بعدها أن أحدهم رانا ونحن ندلف إلى أرض الذرة فأخبر أبي بالأمر.
و وصلنا لبيت بهية التي نظرت لي وغمزت بعينيها ففهمت أنها تريد أن يبقى الأمر سراً بيننا ، غمزت لها أنا أيضاً ، اقتربت مني ثم قالت لي :
” أنت كويس ؟ “.
فابتسمت لها وقلت لها بهمس حتى لا يسمعنا أحد الحاضرين :
” بحبك “.

النهاية ………

* * * * *

 
أمنا الغولة :
أسطورة من أساطير القرى المصرية ، يُقال أنها تصطاد الأطفال ليلاً لتجلس فوقهم حتى يختنقوا ثم تلتهمهم ، لذا كانت الجدات تحذر الأطفال من الخروج ليلاً حتى لا تصطادهم الغولة.
 
أما العرب في الجاهلية فقد ظنوا أن الغول هو سحرة الجن ، وأن الغولة تخرج للمسافر وقد تماهت وتحولت وتشكلت على شكل حيوان أليف أو امرأة فاتنة بارعة الجمال حتى إذا ما وثق بها المسافر أو أفضى إليها ليأخذ منها مرادة امتصت دمه وأكلت لحمه وافترسته ، وقد انتقلت هذه الصور إلى العديد من أفلام الرعب الغربية الحديثة ، وكثيراً ما عمّم العرب على الشياطين والجان لفظة غول ؛ و ربما أطلقوا الغول على كل كائن يغوي ويغتال المسافر ، سواء إنسان أو حيوان أو ثعبان أو شيطان ، أما في الأدب الشعبي وكذلك أحياناً في الأدب الجاهلي فالغولة أو الغول تحكي الحكايا وتقرض الشعر والقصيد ، وقد تقدم الخدمات الخارقة ، كأن تقول للمسافر الذي أنقذها أو أنقذ أولادها أعطني أصبعك أمصه لك ، فإن فعل ذلك كانت تلك الأصبع بإذن الله شفاء لكل داء ، وكرامة وسراً وبركة.
……………………………………….
ترقبوا صدور روايتي عما قريب بالمكتبات..
رواية ” إن الله سيبطله “
 

تاريخ النشر : 2020-04-23

guest
7 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى