تجارب ومواقف غريبة

أنا وشهوة سفك الدماء

بقلم : ابو ثعلبة

أنا أصارع رغبتي الشديدة في سفك الدماء وتقطيع الناس إلى أشلاء
أنا أصارع رغبتي الشديدة في سفك الدماء وتقطيع الناس إلى أشلاء

أربعة سنين وأنا أصارع رغبة ترويضها و كبتها سبب لي ضيق تنفس حاد – رغبة سفك الدماء وتقطيع الناس إلى أشلاء ، الرغبة في تحطيم الجماجم وقطع الأنفاس ونزع الأرواح ، الرغبة في بقر البطون واقتلاع العيون في ضرب الخناجر واقتلاع الحناجر ، في قطع الطرق وضرب العنق –

قبل أن تظهر هذه الرغبة من العدم كنت أجد السعادة والمتعة في أبسط الأشياء – في السير بين الأشجار والورود – في ملاعبة الأطفال – في زقزقة العصافير – في شروق وغروب الشمس – حتى فقدت الشعور بالمعنى وأصبح كل شيء لا شيء – أعتزلت الناس في مكان لا أسمع فيه صوت أقدام بشرية عشقت الظلام وضوء النيران والرعد والبرق والرياح والأعاصير والأمطار والضباب وعواء الذئاب والليل والشتاء والغيوم السوداء – شعر رأسي ووجهي الذي كلما قصرته يعود لينمو مجددا وكأنه يقول دعني وشأني – لم أجد سببا مقنعا لتقصيره فتوقفت عن فعل ذلك –

الآن نفذ الطعام ونفذت المؤونة و أنا الآن مجبر على الذهاب إلى الحضارة التي لم تخلق لنا ولم نخلق لها والتي كانت سببا لكل الأمراض – لا بد أيضا أن أزور حبيبتي أمي التي انجبتني ليطمئن قلبها برؤيتي – طرقت باب منزلنا واعتقدت ما تعتقدون وطننت ما تطنون انه سيحصل ، فتحت أمي ثم تراجعت واغلقت الباب وقالت أنتظر سأنادي زوجي – لقد اعتقدت أنني صديقا لأبي لم تتعرف علي لم يسبق لها وأن رأيتني بشعر طويل ولحية لم تهذب منذ أيام طوال وبشرة بيضاء لم تتعرض للشمس منذ زمن بعيد ، خرج أبي وهو ينظف بقايا الطعام في جدران فمه بلسانه فأطال النظر وأمعن في ما يظهر من ملامح وجهي التي غطاها الشعر عرفني طبعا و فتح ذراعيه و عانقني وأمي كانت تنظر بعين واحدة من خلف الباب متسائلة مع نفسها من يكون هذا ؟ فقلت : أمي أنا أراكٍ وما أن سمعت نبرة صوتي حتى ابعدت أبي بقسوة وعانقتني كأنها تعانق من انتعش من موته

في رحلة جلب الطعام هذه سمعت أصواتا غير الأصوات التي أحب – أصوات قهقهة و ضحك وغناء ومعازف كادت أعيني أن تخرج من مكانها من شدة الغضب الذي انتابني ، وأكثر جزء اغاظني في كل تلك الأصوات كان الضحك ، أردت أن أجعل ضحكهم بكاء وحزنا والما وصراخا ،

عدت لعزلتي وكل يوم وكل ساعة في العزلة بينما اتأمل النيران بنيت قصورا من الأحلام والخيالات كيف أنني سأخطف الناس إلى ملجئي الكبير المليئ بأدوات القتل والتعذيب وأتفنن في قتلهم وتعذيبهم و إيلامهم ، كيف سأسهر الليالي على أصوات صرخاتهم وآهاتهم ، وفي ذات يوم بينما أتخيل أنني أطعن أحدهم او أقتلع حنجرته بأسناني وهو مربوط بالحبال ومن شدة جمال الخيالات التي سرح بها عقلي ارتعشت رعشة فصدمت رأسي بالحائط رغما عني دون رغبة مني بفعل ذلك حتى أنني لم أشعر بالألم إلا بعد ساعات طوال ، ولكن متى سأقتل ؟ لماذا لا أفعل شيئا؟ بدأت أفكر في أساليب الشرطة وحيلهم للقبض على الأشرار وكيفية تفاديها ولكن كيف ؟ الكاميرات الأقمار الصناعية والمأجورون في كل مكان لا أستطيع أن أفلت بفعلتي ،كل ما يمكنني فعله هو أن أذهب إلى تجمع بشري وأقتل عشرة أشخاص حتى تأتي الشرطة وتقبض علي لأبقى خلف القضبان للأبد وهذا ما لا أريده  ،الآن كيف سأخطف الناس وأعذبهم وأقتلهم مدى الحياة دون ان يقبض علي ؟ أدركت أخيرا أنني عاجز لن أفلت بأفعالي وسيقبض علي عاجلا غير آجل. 

الآن أنا أصارع رغبتين رغبة سفك الدماء ورغبة الإنتحار التي ظهرت بعد شعوري باليأس وإدراكي للعجز الذي أنا عليه ، لا أمتلك الرغبة في العلاج فالقتل والتعذيب هو متعتي الوحيدة التي أحيا من أجلها ولا أجد المتعة في شيء سواهما ولكنني غير قادر على قتل أحد ولن أقدم على الإنتحار بسبب خوفي من المجهول فلا أعلم مالذي ينتظرني بعد الموت ، أعتقد أنني سأموت بسبب ضيق التنفس الحاد الناتج عن كبت الشرور وبراكين الغضب ، لا أعلم سبب قراءتك لقصتي ؟ هل تشعر مثلما أشعر فبحثت عن من يشبهك؟  هل أنتابك الفضول ؟  أم أنك طبيب نفسي تجمع المعلومات ؟ لا أعلم سبب قراءتك لقصتي ولا أعلم سبب قيامي بكتابتها لك حتى ولكن كانت هذه قصة سفاح لم يقتل أحدا …

وداعا .. 

تاريخ النشر : 2020-10-22

guest
86 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى