أشباح و ارواح

أنفاق سكك الحديد المسكونة بالأشباح

بقلم : حسين سالم عبشل – اليمن
للتواصل : [email protected]

يمكنكم مشاهدة مقطع الفيديو بدلا من قراءة المقال

يُقال أن هناك ضوءً في أخر النفق ، و خلال الدقائق القليلة التي يحل فيها الظلام أثناء عبور النفق قد تحصل أمور كثيرة مثيرة للرعب ، فبعض هذا الأنفاق ارتبطت بقصص مأساوية نتيجة لحوادث السير أو القتل التي وقعت فيها  ، مما جعل بعض تلك الأنفاق مرتبطة بالعالم الأخر و الظواهر الخارقة للطبيعة .

نبدأ جولتنا من الهند بلاد العجائب و الغرائب ،  على أحد التلال الريفية شمال غرب الهند تقع قرية باروج في ولاية هيماجل برديش حيث يتوافد الزوار لزيارة نفق باروج القديم الذي يُعتقد أنه مسكون بشبح العقيد باروج ، تعود قصة ذلك الشبح إلى بداية القرن التاسع عشر عندما قررت السلطات البريطانية بالاتفاق مع الحكومة الهندية على عمل أنفاق عبر الجبال لتربط شبكة سكك الحديد بين مدينتي كلكا و شيملا ، و قد أُوكلت الحكومة إلى المهندس الإنجليزي العقيد باروج مهمة تنفيذ حفر أحد الأنفاق و كان يحمل رقم 33 ، و بعد دراسته للخرائط و طبيعة المكان قرر باروج أن تتم عمليات الحفر في كلا الجانبين من الجبل و قسّم العمال إلى قسمين على أن يلتقيا في منتصف النفق لكي ينجز العمل بأسرع وقت ، و بالرغم من تشكيك البعض بتلك الخطة إلا أن العمال بدأوا بالحفر ،  و مع مرور الوقت أصاب العمال التعب و الإرهاق و دب فيهم اليأس من إنجاز المخطط و تبين للجميع أن هناك أخطاء فادحة شابت مخطط باروج ، تم أيقاف باروج عن العمل و فرضت عليه الحكومة غرامة مالية عالية نتيجة للخسارة التي تسبب بها ، هذا بالإضافة إلى غضب و سخرية العمال و زملاءه المهندسين الذين ذهبت جهودهم أدراج الرياح ، أما باروج فقد أصابه الإحباط و انعزل عن الناس و أنغمس بشرب الكحول ، و في أحد الأيام أمتطى باروج حِصانه و اصطحب كلبه و انطلق به إلى النفق حيث أطلق النار على نفسه و مات منتحراً في داخله و تم دفنه بالقرب منه ، و قامت الحكومة بحفر نفق أخر بالقرب منه و اطلق عليه أسم باروج تكريماً له و تم افتتاحه في نوفمبر عام 1903م ، و ظل النفق القديم غير المكتمل مزاراً للباحثين عن الظواهر الغريبة حيث يُقال أن شبح المهندس باروج يمر في النفق بين الحين و الأخر ممتطياً صهوة جواده و يهمس في أذان الزائرين ، حيث يُعتقد أنه شبح لطيف و غير مؤذي .

صورة للنفق والى جوارها صورة للعقيد باروج مع فريق عمله
صورة للنفق والى جوارها صورة للعقيد باروج مع فريق عمله

و الأن ننتقل إلى قارة أمريكا الشمالية و تحديداً إلى مقاطعة أونتاريو الكندية حيث يتوافد الاف الزوار للاستمتاع بمنظر شلالات نياجارا الرائعة و على إحدى ضفافه يقع نفق الصراخ ، ذلك النفق الذي تم بناءه في أوائل القرن التاسع عشر و الذي يبلغ طوله 125 قدم ليصبح ممراً للبضائع التي تُنقل على متن العربات التي تجرها الخيول ، تقول الأسطورة أنك إذا دخلت النفق المظلم في منتصف ليلة مظلمة غاب عنها القمر  و توقفت في وسطه   و  أشعلت عوداً من الثقاب فأنه سوف ينطفئ و ستشعر بقشعريرة تعتري جسدك و سوف تسمع صرخات فتاة مرعبة ، حيث يعتقد أن تلك الفتاة كانت تسكن في مزرعة بالقرب من النفق ، و في إحدى الليالي شب حريق هائل التهم المزرعة و منزلها ، خرجت الفتاة تركض طلباً للنجاة و استمرت بالركض حتى وصلت   إلى النفق لعلها تجد ما تخمد به النيران المشتعلة بجسدها ، و هناك لفظت أنفاسها الأخيرة ، و هناك رواية أخرى تتحدث أن تلك الفتاة كانت تتعرض للمعاملة السيئة من والدها السكير الذي كان يذيقها أشد ألوان العذاب و في أحد الايام طاردها ذلك المجرم إلى النفق و قام باغتصابها و قتلها ، و لكي يخفي أثار جريمته صب على جثتها الوقود و أشعل النار فيها  ، و كلما أُشعلت أعواد الثقاب في ذلك النفق تجددت ألامها و أطلقت صرخاتها المرعبة .

لو اشعلت عود ثقاب داخل النفق ستسمع صرخات مخيفة
لو اشعلت عود ثقاب داخل النفق ستسمع صرخات مخيفة

أما في الولايات المتحدة الأمريكية فهناك العديد من الأنفاق المسكونة التي ثارت حولها العديد من القصص و الأساطير و لعل من أشهرها نفق هووساك الواقع في ولاية ماساتشوستس الذي تم افتتاحه عام 1876 م و الذي يبلغ طوله 4.7 كيلومتر ، في ذلك الوقت لم تكن تقنيات الحفر متطورة كما هي الحال اليوم و بسبب شق النفق بين صخور الجبل القاسية فقد الكثير من العمال أرواحهم بسبب حوادث العمل ، ففي 17 أكتوبر 1867م أدى تسرب للغاز من المصابيح في انفجار هائل انهار على أثره جزء من النفق و تدفقت المياه من الصدوع مما عرقل عمليات الإنقاذ ، و نتيجةً لليأس من نجاة أحداً من العمال تقاعس عمال الإنقاذ في إزالة الأنقاض و بعد عدة أيام وُجدت 13  جثة تعود لعمال  ماتوا من الجوع و العطش بعد أن حوصروا بالداخل ،  أضطر المهندسون إلى استخدام مادة النيتروجليسرين الغير مستقرة شديدة الانفجار في عمليات الحفر مما تسبب في قتل الكثير من العمال ، ففي عام 1865م تسبب خطاء في توقيت التفجير إلى مقتل العشرات من العمال في النفق و نتيجةً لذلك شعر المهندس كيلي بالذنب كونه المتسبب بذلك الحادث الأليم و ترك العمل ، و بعدها وُجدت جثته متدلية بحبل  في النفق حيث يُعتقد أنه قد أنتحر تكفيراً عن ذنبه ، أصبح النفق مزاراً لصائدي الأشباح حيث يعتقد أن أشباح العمال القتلى تتجول في النفق و التلال القريبة منه و يُيسمع صراخهم و طلبهم من الأخرين عدم الدخول إلى النفق .

نفق بيج بول big bull

نفق بيج بول ارتبط بقصص الاشباح ومصاص الدماء
نفق بيج بول ارتبط بقصص الاشباح ومصاص الدماء

أما في ولاية فيرجينيا و تحديداً في مقاطعة وايز  التي تشتهر  بمناظرها الطبيعية الخلابة و  في منطقة معزولة يتوافد الزوار  إلى نفق بيج بول بحثاً عن ظواهر خارقة للطبيعة ، حيث  يُعتقد أنه مسكون باشباح الماضي و أن الارض التي بُني عليها النفق كانت ارضاً ملعونة  ، كان ذلك في أواخر سبعينيات القرن التاسع عشر  عندما قررت السلطات الامريكية شق نفق بيج بول بذلك المكان و قد استغرقت عمليات الحفر و التشييد ثلاث سنوات و بلغ طوله 1700 قدم ، و قد ثارت حوله العديد من القصص و الأساطير حيث يُقال أن السكان المحليين أو كما يُعرف بالهنود الحمر قد قاموا بمذابح ضد سكان المستعمرات الامريكية بذلك المكان و قاموا  بقتل أحد عمال النفق و  سلخ جلده و تمزيق أوصاله  ، كما فقد أحد ركاب القطار حياته بعد سقوطه من على متن القطار أثناء عبوره في النفق  و أن أرواحهما لا زالت تحوم في النفق مطلقةً صرخات مرعبة بين الحين و الأخر ، انتشرت هذه الاشاعات بين عمال النفق بسبب حوادث العمل المتكررة و  التشقاقات المتكررة في جدران النفق  ، و لكن ما دفع الكثير لتصديق هذه الاشاعات  حول النفق المسكون هو ما حدث في 17 يوليو عام 1905م  عندما أصطدم قطار أمام مدخل النفق مما دفع بمشرف السكك الحديدية  جون بيري للتوجه إلى مدخل النفق الأخر لوضح لوحات تحذيرية بوجود حادث ، و بعد مرور بضع دقائق عاد مسرعاً و قد بدت على ملامح وجهه الذعر  و الرعب ليخبر رفاقه أنه عندما كان داخل النفق سمع صوت مرعب يصرخ ” لا يمكن لرجل أن يقف هنا  ” ، لم يصدقه أحد و قرر  الكابتن كالاوي و المهندس كيرنس التوجه معه إلى النفق للتأكد من  صدق ادعائه ، و في منتصف النفق اهتزت جدران النفق و سمعوا أصوات مرعبة ” إنهم يشربون من دمي ” ، ” أبعدوا هذا الوزن الثقيل عني ” ، حاول الرجال الثلاثة التأكد من مصدر تلك الأصوات و عندما ايقنوا أن الأمر ليس مزحة  و ولوا هاربين خارج النفق ، و منذ ذلك الوقت و ارتبطت قصص الأشباح بذلك النفق .

نفق كنيسة هيل

صورة لنفق كنيسة هيل
صورة لنفق كنيسة هيل

في مدينة ريتشموند عاصمة ولاية فيرجينيا الأمريكية تنتصب كنيسة هيل شامخة التي تعتبر من اقدم الكنائس بالمنطقة حيث يعود تاريخ بناءها إلى عام 1741م ، تلك الكنسية القديمة لم تشتهر بقدر شهرة النفق المار بأسفلها ، حيث  تم افتتاح نفق السكك الحديدية عام  1875 م   لكن ما لبثت السلطات أن أغلقته عام 1902 م بسبب تسرب المياه فيه  ، و بسبب النمو السكاني و الازدهار الاقتصادي الذي شهدته المنطقة ، أمرت السلطات بإعادة افتتاح النفق من جديد ليصبح ممراً لعبور القطارات و لكن النفق البالغ طوله 4 ألف  قدم كان متسخاً و فيه الكثير من الركام ، و كان عليهم صيانته ، و في 2 أكتوبر عام 1925م و بينما كان حوالي 200 عامل يقومون بعمليات الصيانة و تنظيف النفق على متن مقطورات النقل ، و فجأة اصطدمت إحدى المقطورات بالعوارض المثبتة للنفق و تسببت بتهدم أجزاء واسعة منه و تم محاصرة العشرات من العمال داخل النفق و الذي مات اغلبهم بسبب الحريق أو بسبب الجوع و العطش.

صورة لجهود الانقاذ اثناء تهدم جزء من النفق
صورة لجهود الانقاذ اثناء تهدم جزء من النفق

بعد عشرة أيام استطاعت فرق الإنقاذ إزالة الركام و قد تم العثور على عشرات الجثث المحترقة و المنتشرة على طول النفق ، و عثرت على جثث يظهر عليها أن أصحابها حاولوا الخروج و لكنهم فشلوا ، و لم يتمكن من النجاه سوى القليل من العمال الذي حالفهم الحظ بالعبور من المدخل الشرقي و من بينهم رجل الاطفاء بنجامين موسى الذي وجد بحالة يرثى لها و تم نقله إلى المستشفى المحلي و كان يتحدث عن رؤيته لمصاص دماء في النفق له جسد محترق ضخم و قد التهم العديد من رفاقه ثم توفي متاثراً بجراحه بعد 3 ايام ، ربما كان ما رأه بنجامين مجرد هلوسة بسبب ذلك الحادث المروع و مع هذا و منذ ذلك الوقت وُلدت اسطورة مصاص دماء كنيسة ريتشموند و تم اغلاق مدخل النفق الغربي بواسطة بوابة خشبية و هو المكان الذي حصل به الحادث أما البوابة الشرقية فقد تمت احاطتها بالحواجز و الأسلاك لمنع الناس من الدخول إليه و قد أمتلئت بالمياة المتسربة مع مرور الزمن ، فيما تصدر منه أصوات صراخ ” أخرجونا من هنا ” و ضرب معاول لما يعتقد أنها أشباح العمال الذين قضوا نحبهم في ذلك الحادث ، كما يشاع أن هناك مخلوق يشبه مصاص الدماء يسكن ذلك النفق و قد أطلق عليه مصاص دماء ريتشموند .

ملاحظة

إن الظهور المتكرر للأشباح في الأماكن التي يُشاع أن حوادث و جرائم قتل شنيعة قد وقعت فيها قد لا يكون بالضرورة بفعل الكيانات الظلامية من الجن و الأرواح الشريرة ، فهذه الظواهر الغريبة تنتج بسبب الأساطير و القصص التي نُسجت عن تلك الأماكن و التي تناقلتها الأجيال من قديم الزمن ، و كما هو معروف أن حاسة البصر مرتبطة بالدماغ الذي تقوم وظيفته على معالجة البيانات التي تصله من العين لتكوين الصورة ، و بهذا قد يخلق الدماغ صور وهمية بسبب الخوف من تلك الأماكن ، أما الاحتمال الأخر  الذي يرجح أن جسم الأنسان يحتوي على طاقة حيوية عالية لتأدية وظائفه المتعددة و ربما كانت الطاقة السلبية  التي تنبعث من الجسد عند مفارقة الحياة بطريقة عنيفة و خصوصاً عند الانتحار  ، و تمتصها أحجار تلك الأماكن ثم تطلقها بين الحين و الأخر على شكل أطياف بصرية و سمعية و هي صورة متكررة لأخر لحظات عاشها الضحايا قبل أن يفارقوا الحياة ، أي بتشبيه أدق أن ما يراه الزوار ما هو إلا مجرد صورة هالوجرامية متكررة و ليست مؤذية و كما يظهر بالفيديو أن الحوت يظهر من العدم في هذه القاعة ثم يختفي وسط دهشة الجمهور ، و على عكس فالمناطق المسكونة بالأشباح و الكيانات الشريرة التي قد تتسبب بالضرر لمن يقترب منها ، فيُصاب بالتلبس و المس و قد يُصاب بالأذى بسبب رمي الأغراض عليه ، لهذا من الأفضل تجنب تلك الأماكن من باب درهم وقاية خيراً من قنطار علاج ، فكثيراُ ممن مر بمثل هذه التجارب فقدوا عقلهم أو أصابهم الأذى ، و يبقى كل ما قلته مجرد فرضيات حاولت أن اختار منها ما ينسجم مع العقل و المنطق ، و بالأخير  هذه أمور غيبية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه و تعالى.

المصادر :

Haunted India: The Barog Tunnel (Tunnel No. 33), Shimla

Haunted Niagara: Screaming Tunnel | Nightmares Fear

Screaming Tunnel – Wikipedia

Hoosac Tunnel Ghosts

Hoosac Tunnel – Wikipedia

Ghosts in Big Bull Tunnel – Virginia Creeper

Church Hill Tunnel – Wikipedia

The Haunted Church Hill Tunnel Has A Horrifically Creepy

تاريخ النشر : 2019-03-08

guest
31 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى