اساطير وخرافات

ابن الأفعى

بقلم : نور الهدى الاخضرية – الجزائر

ابن الأفعى
اتهمها بأن الذي في بطنها هو بسبب الأفعى

حدثت هذه القصة في قرية نائية من الشرق الجزائري في مكان بعيد لم تمتد إليه يد الحضارة بعد نضرا لصعوبة التضاريس وبعد المكان عن الوسط المتمدن . هناك في تلك القرية عاشت امرأة مع زوجها ، زوج ليس كبقية الرجال ، كان عنيفا و قاسيا مع زوجته لأنه و ببساطة لم يكن ينجب الأطفال ، وكان هذا النقص سبب سلوكه العنيف . كان دائما يضربها ويقسو عليها لأتفه الأسباب وزادت الظروف المعيشية القاسية جروحا أخرى للمرأة المسكينة .

ذات يوم جاء الزوج يزمجر ويطلب من زوجته أن تحضر العشاء لجماعة من أصحابه وجلب معه اللحم لتحضير الوجبة ثم انصرف ، بدأت الزوجة تحضر طعام العشاء لكن المسكينة لم تدري ما يخبئه لها القدر ، فبينما هي منهمكة في التحضير تسللت أفعى إلى المطبخ المتداعي وسقطت داخل القدر الذي يغلي فيه المرق ، ولأن المنزل لم يكن مزودا بالكهرباء لأن القرية نائية وبعيدة لم تلاحظ الزوجة المسكينة ما حدث نظرا لضعف الإنارة وانهماكها بسرعة في التحضير خوفا من بطش زوجها إن تأخرت . في ذلك بعد حين حظر الزوج مع أصحابه ووضعت المرأة الطعام ، وسرعان ما بدا الرجال بالأكل لكنهم لاحظوا أن مذاق وشكل اللحم يختلف من قطعة إلى أخرى ، وسرعان ما تبين الموضوع ، ولكم أن تتخيلوا ثورة الزوج العنيفة ، فبعد انصراف أصحابه منزعجين بدا بضرب زوجته ولم يكتفي بهذا بل احضر بندقيته وخيرها بين أكل لحم الأفعى وبين أن يقتلها بالرصاص .

لم تجد المسكينة ما تفعل فهي وحيدة ضعيفة ولم يكن لها الخيار فالموت واحد ، فاختارت أن تأكل اللحم وانتظرت الموت كل يوم ، لكن المفاجأة أنها لم تمت ، بل حدث ما لم يكن متوقعا ، لقد أصبحت حاملا وزوجها غير مصدق ، فهو لم يكن ينجب ،  وطبعا كعادة الرجال اتهم زوجته بالخيانة ، وأي خيانة .. لقد اتهمها بأن الذي في بطنها هو بسبب الأفعى التي أكلتها وان الذي في بطنها هو ابن الأفعى ، والمرأة المسكينة صامتة و صابرة .

طبعا رجل مثل ذلك الزوج الغير متعلم والعنيف كان من المؤكد أن يفكر بهذه الطريقة ، وظل ينتظر موعد الولادة ليقتل المسخ كما يقول ، وحانت الساعة الحاسمة وحضرت النسوة من القرية وبدأن عملهن دون معرفة حقيقة الأمر ، أما الزوج المترقب فظل ينتظر و ينتظر وبعد وقت قصير سمع صراخ مخلوق صغير فهب مسرعا … لكن فجأة سمع صوتا آخر ، لقد كانت زغاريد النساء فرحا بالقادم الجديد .

صرخ الرجل فيهن مطالبا بالسكوت ورفع بندقيته يطلب الدخول لكي يقتل الطفل ، لكن النسوة قمن بمنعه لأن زوجته روت لهم وهي على فراش الولادة قصتها ، فثارت النسوة وصرخوا في وجه الرجل قائلين إذا كنت تود قتل الطفل فانظر إليه أولا ، نظر الرجل بعين المترقب إلى الكائن الصغير ، لقد كان طفلا عجيبا متورد الخدين ممتلئا صحة ابيضا كالحليب جميل الخلقة فسبحان من خلقه ، وقف الرجل حائر أو متردد لكن النسوة أيقظوه من حيرته ، لقد طردوه شر طردة لأنه ظلم زوجته الصابرة المسكينة ، وعاشت المرأة مع طفلها في القرية ، لكنها لم تستطع أن تنسى ظلم زوجها لها فكانت تنادي طفلها باسم غريب وهو ابن الأفعى ، لان الأفعى الحقيقية هو زوجها القاسي الظالم الذي لم يرحم ضعفها وصبرها .

تاريخ النشر : 2015-02-17

guest
36 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى