أدب الرعب والعام

الأسرة

بقلم : maha – سلطنة عمان
للتواصل : [email protected]

الأسرة
تصرفات ابنكِ غريبة .. ينظر باتجاه الجدار في المطبخ دون فعل شيء

جلستْ الأسرة كاملة في تلك الليلة تتحاور بشأن الأمر الرهيب الذي يحصل معها ولا تجد له تفسيراً !!
كان الجو بارداً وكنا قد أحضرنا جميعنا أغطيتنا في تلك الغرفة بعد أن قررنا أن ننام جميعا معاً إلا أختي “سعاد” فقد أصرت أن تنام هي وابنها الصغير في غرفتها ، لكنها اجتمعت معنا ريثما تخلد للنوم ..

قالت أمي:
ـ الأمر عجيبٌ حقا ، هذه المرة الرابعة التي نرى فيها شخصاً قد توفي
قال “أحمد” :
– هل أنتم متأكدون أنكم رأيتم عمي سعيد يمشي فعلا ؟
أجاب “عمر” :
– لقد رأيته بأم عيني ، كان يحوم حول المنزل ليلاً الساعة الواحدة .
وعقبتْ على كلامه سعاد :
– أجل رأيناه بأنفسنا .
أجاب أحمد وكأنه يحدث نفسه :
– كيف يمكن أن تروا عمي وهو ميت قبل يومين !!
قالت “يمنى” :
– أقول لك أنها ليست أول مرة يحدث فيها هذا
الموقف ، فعندما مات أخي أيمن رحمه الله ، رأيناه أنا و سلمى وأمي يدخل المطبخ مسرعاً في نفس ليلة وفاته .
قالت أمي :
– أجل و كذلك الحال بالنسبة لزوجة أبي وابنة هارون ، رأيناهن داخل هذا المنزل بعد أيامٍ قليلةٍ من وفاتهن يرحمهن الله.
قالت “دارين” بحدة :
– هذا كله بسبب ابنك الصغير ياسعاد .
ردت سعاد غاضبة :
– وما دخل ابني المسكين في هذا الموضوع ؟!
قالت أمي لدارين :
– مابك أيتها الفتاة ؟… مادخل هذا في ذاك ؟ وكيف تتكلمين عنه بهذه الطريقة وهو نائم في غرفته ليس عنده أدنى علمٍ بما تقولين ؟

قال “عيسى” :
– دارين… كفي عن كلامك هذا….كل ماتقولينه مجرد خزعبلات .
ردت دارين بصوت خافت :
– حسناً… ولكني لازلت أشعر حياله بأمر غريب .
فغضبت سعاد مرة أخرى :
– ومالغريب في ابني؟؟.. أمي أسمعتِ مالذي تقوله ابنة أختك الحمقاء؟
قال عمر بعد تردد :
– ولكن دارين معها حق….تصرفات ابنك غريبة ، فقد رأيته ظهيرة اليوم ينظر باتجاه الجدار في المطبخ دون فعل أي شيء… وظل على تلك الحال قرابة النصف ساعة .
فتحمّست دارين وقالت:
– نعم… قبل يومين نهضت من نومي ورأيته قرب سريري يحدّق في وجهي بشكل مخيف .
فقالت أمي :
– إنه مجرد طفل…
و قال أحمد :
– إن موضوعنا مختلف تماماً عما تقولون…
فأيّده عيسى وقال :
– أجل….فلْنعد إلى موضوعنا الأساسي .

حينها شعرت برغبةٍ في أن أتكلم ، فقلت:

– أريد أن أخبركم بأمرٍ ما..
وهنا نظر الجميع إلي..
قالت يمنى :
– ماذا؟….أخبرنا
أجبت:
– أظن أن لابن سعاد علاقة بالموضوع فعلاً .
قالت سعاد:
– لا ترعبني يا “رشيد”…مالذي يجعلك تقول هذا؟
فقلت:
_ حسناً… تعلمون أني أسهر دائماً حتى منتصف الليل… و في الآونة الأخيرة بعد وفاة عمي ، بدأت أرى ابنكِ يدخل المطبخ الساعة الثانية والنصف ومن ثم يقفز إلى الخارج عن طريق نافذة المطبخ .
وهنا شهق الجميع… وقالت سعاد :
– لمَ لمْ تخبرني؟
أجبتها :
ـ لا أعلم… لقد اعتدت على تصرفاته الشاذة .
قالت دارين :
– أرأيتم؟… كنت أعلم أن كل هذا وراءه ابنك الغريب الأطوار .
قال أحمد :
– دارين….أغلقي فمك .
سأل عيسى :
– وماذا يعني هذا؟
قالت أمي :
– علينا أولاً أن نعرف إلى أين يذهب بالظبط ، وحينها سنستطيع أن نعلم إن كان له علاقةٌ بالأمر أم لا .
قالت سعاد وهي تضع يدها على صدرها :
– أمي أنتِ تخيفيني…كيف يمكن لابني الصغير البريئ أن تكون له علاقة بالموتى ؟
أجابت أمي :
– لاعليكِ يا ابنتي… غداً سيوضح كل شيء .

وهكذا اتفقنا ألا ننام ليلة الغد حتى نراقب خطوات ذاك الطفل وما يفعله خارجاً في منتصف الليل…
وبالفعل كنا هناك أنا وأحمد وعيسى وأمي وسعاد ننتظر في الخفاء ، أما بقية الصغار فأمرناهم أن يناموا (مع أننا نعلم أنهم لن يفعلوا) مرّت نصف ساعة ولم يحدث شيء… الطفل مازال نائما….
تململ عيسى وقال :
– يبدو أن دورياته انتهت منذ الأمس .
نكزه أحمد وقال :
– إنه ليس وقت المزاح .
وفجأةً تحرك من على سريره و نهض جالساً ، فتراجعنا جميعنا للوراء واختبأنا حتى إذا خرج الى الممر فإنه لن  يرانا .
وخرج فعلا واتجه كعادته إلى المطبخ ، وكنا وراءه خطوة بخطوة ، حتى خرج من النافذة… فخرجنا مسرعين من الباب (نظرا الى حجم النافذة الصغير الذي لايسعنا) وفي الظلام رأيناه يمشي وحيداً إلى (المقبرة) !! 
وهنا تجمدت سعاد :
– مستحيل ..!

إقترحتُ على أمي وسعاد البقاء مكانهن فيما نكمل نحن وراءه فقد أشفقت على سعاد بعد أن رأيتها أقرب الى الإنهيار وأكملنا المسير نحن الثلاثة ، وهناك داخل المقبرة رأينا مالم نتوقعه أبداً… 
فقد كان يحفر قبر عمي حتى أخرج جثته وبدأ يأكل ما تبقى منها من لحم بعد أن التهم جزءاً منه في الأيام السابقة .

وفي تلك الليلة الشنيعة وبعد أن سقطت سعاد مغشياً عليها ، قررنا السكوت و عدم مناقشة الأمر حتى اليوم التالي كي نحضر شيخاًونخبره بالأمر ، وعندما فعلنا هز الشيخ رأسه أسفاً وقال :
– بعض الأطفال يُستبدلون بالجان منذ الصغر دون أن يعلم أحد ، فهذا الذي يعيش بينكم ماهو إلا جن مستبدل ، وابنكم أخذوه قبل سنين .
سألت أمي وسط بكائها المرير :
– جن!!!!….والحل ؟
فأجاب:
– إن هذا الذي بينكم لن يجلب لكم سوى المضرة وللآخرين… فهو كالسحرة ولا بد أن يموت .
فشهقت أمي شهقة عميقة ونظرت إلى سعاد الهائمة في الغرفة الأخرى …

وهكذا كان… قُتل الولد

 

تاريخ النشر : 2016-07-15

maha

سلطنة عمان
guest
37 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى