تجارب ومواقف غريبة

الجني المرح

بقلم : محمد معمر – قطاع غزة – فلسطين
للتواصل : ‏‎www.facebook.com/almaestro85

وجدنا الذهب و المال المسروق في الحمام

 حدث في عام 2002 م كنت في تلك الأيام أتهيأ وأدرس بجد لاختبارات نهاية الثانوية العامة لوحدي في منزلنا المتواجد وسط صخب المدينة.

أما عائلتي فكانت تقضي فترة الإجازة كعادتها في منزلنا الآخر في منطقة ريفية هادئة بعيدة عن ضوضاء العالم المتحضر ، فقط كان والدي يأتي لرؤيتي في المنزل كونه معلماً ومن ضمن لجنة تصحيح اختبارات الثانوية العامة ، يمر علي من فترة لأخرى ليطمئن على بكره ، وبالطبع هناك الهاتف المحمول للتواصل مع بقية أفراد العائلة وأمي الحبيبة ، حسناً كي لا أطيل الحديث.

كنت أراجع مادة الكيمياء وأجهز نفسي لأول اختباراتي في اليوم التالي ، أنهيت مذاكرتي تقريباً عند الحادية عشرة والنصف ليلاً وجهزت فراشي للنوم ، استلقيت على فراشي وكنت على وشك أن أدخل مرحلة النوم ولم أدخلها ، ذلك لأني بدأت أسمع أصواتاً في مطبخ المنزل ، أصوات أطباق و كأن أحداً ينقلها من مكانها ؛ أعرف جيداً هذا الصوت

نظرت إلى سقف غرفة المعيشة التي كنت نائماً فيها والمطلة على كافة المنزل ، وابتسمت وقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله ، يبدو أن وحدتي تعبث معي؛ لا شأن للوحدة لقد زادت حركة الأطباق و بدأت أرى أنوراً تظهر وتختفي من عمق البيت ، الآن قمت من فراشي وذهبت إلى المطبخ ؛ لا أثر لأي حركة دارت هناك ، لا أنكر أن تلك القشعريرة التي تصيب كلاً منا عند مشاهدة أي شيء مرعب سرت في مؤخرة عنقي ، لكني لم أعهد الخوف ولم أعرفه أبداً ، ذكرت اسم الله عز وجل وقرأت آية الكرسي بصوت مسموع و رجعت إلى فراشي

 و ما إن استلقيت على الفراش حتى بدأت أسمع أصوات ضحك ، والله إني ضحكت من صوت الضحكة التي سمعتها في حينها وقمت من فراشي وأطفأت كل أنوار المنزل حتى بدء كمقبرة غارقة في الظلام ، ثم شغلت شريط سورة البقرة وقلت بصوت مسموع : يا سخيف أنا لا أخاف ، ها قد هيأت لك الجو ، أمرح كما شئت. وأغمضت عيني ونمت ، استيقظت لصلاة الفجر وصليت الفجر وجلست أراجع قليلاً في مادة الكيمياء ولم أسمح لعقلي أبداً بأن يفكر فيما حدث في الليل

 في تمام الثامنة اتصلت بي والدتي الحبيبة للاطمئنان علي فأخبرتها بما حدث كونها هي التي من علمتني عدم الخوف أبداً من هذا العالم ، قلت لها : أمي يبدو أن جنياً يمازحني في المنزل ، ردت بقولها : كفاك حماقة الآن واذهب لاختبارك ، لم أخبرها بأي تفصيل بعد هذه الجملة خشية أن أقلقها وأجعلها تترك المنزل وتأتي ، على كل حال ضحكت لها وأجبتها بقولي : لا تقلقي حتى وإن حدث فأنا محارب قوي لا أسقط بسهولة ، أنهيت الاتصال بعد أن طلبت دعواتها لي وانطلقت إلى اختباري 

بعدما عدت للبيت وجدت أبي يبحث في المنزل عن شيء لا أعرف ما هو ، لكنه سألني هل دخلت غرفتي أنا وأمك ؟ قلت : كيف تسألني مثل هذا السؤال والغرفة مفتاحها معك و مع أمي فقط ، ماذا هناك ؟ قال لي : لقد فتحت الغرفة بالمفتاح ودخلت لأبدل ملابسي وعندما قمت بفتح الخزانة وجدت الحقيبة التي نضع فيها الذهب والمال أنا وأمك فارغة – للعلم الحقيبة تغلق وتفتح بأرقام سرية – قلت : يا أبي لم يأت أحد هنا وتعلم أنني أطيل السهر، ثم من سيأتي ليسرق منزلاً في الطابق الثالث في عمارة لا يسكنها إلا أنت وإخوتك ؟ قال لي : الله أعلم ، اذهب وفتش في أرجاء المنزل وأنا سأذهب لأستحم وبعدها لكل حادث حديث.

لقد فكرت حينها بما حدث بالليل وجعلت أسأل أمعقول هذا ؟ لم أكد أنتهي من تبديل ملابسي أنا الآخر حتى فوجئت بأبي ينادي بأعلى صوته ، ذهب إليه فوجدته واقفاً على باب الحمام أكرمكم الله وينظر بدهشة إلى حوض الاستحمام ، نظرت وفتحت فمي أنا أيضاً مثله !.

الذهب والمال في حوض الاستحمام و لم ينقص منه شيء بعد تأكد أبي منه ، التفت إلي غاضباً وسألني ما الذي يجري ؟ أخبرته : ما حدث في الليل بالتفصيل وهو ينظر إلي مندهشاً ، قال لي : هل أخبرت أحداً ؟ قلت : لا ، كنت سأخبر أمي لكنني تراجعت.

قال : لقد سألت أمك عن الحقيبة واستغربت ثم ذكرت لي أنك أخبرتها بشيء حول جني يمازحك وهي في الطريق الآن ، فعلاً لم تكد تمر ربع ساعة إلا وأمي الحبيبة في المنزل تسأل وأجيبها بالتفصيل ، نظرت وقالت لا بأس لنحصن البيت وبإذن الله كل الأمور ستمر بخير ، أبي ذهب لبيتنا الآخر وتركنا بعدما طلبت منه أمي ذلك حتى تقوم هي بغسل المنزل كله بالماء الطاهر بعد قراءة ما تيسر من كتاب الله عليه ، ولأنها كانت متعبة قليلاً طلبت مني أن أذهب إلى أحد المشايخ في حارتنا والمشهود له بالصدق والأمانة أطال الله في عمره وهو أيضاً يعالج بالقرآن لوجه الله تعالى

 أخذت جالوناً من الماء وذهبت إليه وطلبت منه أن يقرأ لي على الماء بعدما قصصت له الأمر ، قال : سأنتهي من جلسة العلاج التي لدي الآن ثم نجلس سوية ، وطلبت منه أن أحضر الجلسة فنهاني وقلت : لا تقلق ، أنا على طهارة و وضوء و متحصن ، ابتسم وقال لي : بعدما سمعت قصتك أدركت أنك لا تخشى شيئاً ، ولكن حذاري فحتى من لا يخافهم يحاولون إخافته.

المهم حضرت الجلسة واستمتعت جداً ولن أحدثكم عنها وعن صوت الجني الذي نطق على لسان المريض ، المهم أن الله سلم وانتهت الجلسة على خير ، و قرأ لي الشيخ ما تيسر من كتاب الله على الماء وأخذته وانطلقت للمنزل وغسلت أمي المنزل كله بالماء ، بعيداً عن الحام ودورة المياه بالطبع ، أثناء مساعدتي لأمي الحبيبة قمت بتشغيل سورة البقرة في البيت وجلست مع أمي في غرفة المعيشة لنرتاح قليلاً ، لم نتحدث فقط كنا ننصت للتلاوة ، وعندما وصل المقرئ لآية ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان ) وقبل أن يتم الآية سمعنا صوت صرخة مكتومة ضعيفة وبعدها انتشرت رائحة كرائحة الكبريت في البيت ،

نظرت إلى أمي وابتسمنا كلانا وقالت لي : اتصل بالشيخ وأخبره ، و ما أن أخبرته حتى قال لي وهو يضحك : يبدو أنه جني مرح كما قلت لي إنه ضعيف ولم يتحمل والصرخة والرائحة جاءت إثر اختناقه بعد سماع القرآن و ربما أنه احترق والله أعلم ، المهم لا بأس عليكم إن شاء الله فالمسألة انتهت ، وفعلاً من وقتها لم يحدث شيء في المنزل على الإطلاق حتى بعد انتقالنا منه إلى منزلنا الجديد ، تجربة وانتهت لكنني ضحكت كثيراً من هذا الجني ،ألم تجد بيتا غير بيتنا لتمرح فيه ؟ مسكين

 والآن أريد رأيكم أحبتي ، هل ما حدث كان مجرد حادثة عابرة أم أن أحداً سلط علينا هذا الشيء ؟ تحيتي لكم.

تاريخ النشر : 2019-05-22

guest
15 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى