تجارب من واقع الحياة

الحظ العاثر

بقلم : عبدالحميد حداد

الحظ العاثر
دخلت في نقطة ضياع و بدأت مرحلة من عدم التركيز والحفظ

 

بسم الله الرحمن الرحيم ، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، بحكم أني لا أجيد صياغة المقدمات و لا أحب ضياع الوقت لي ولك عزيزي القارئ سأدخل في صلب الموضوع الذي قد يطول ، أنا رجل في سن 29 عام حالياً ولا أهتم للعمر لأني أراه مجرد عداد أو رقم ، أعزب ولا أفكر بالزواج حالياً.

عندما كنت طفلاً لم أحظى بتلك الطفولة الجميلة فقد كانت مدرستي بعيدة على طفل يحمل الكتب الدراسية التي تحز الأكتاف يومياً لمدة 30 دقيقة ليصل بها إلى المدرسة ، و في أغلب الأحيان كانت عصا وكيل المدرسة تنتظرني بسبب تأخري.
كنت متفوقاً في بداية دراستي أو خلال الفترة التي كانت والدتي تدرسني فيها ، وصلت للصف الرابع الابتدائي وهنا توقفت والدتي عن متابعتي دراسياً و بدأت درجاتي بالنزول تدريجياً ، أنهيت المرحلة الابتدائية والمتوسطة التي كانت أكثر مشقة و أصعب اجتماعياً من سابقتها و وصلت إلى الثانوية ، نظام التعليم لدينا في المرحلة الثانوية ينقسم إلى قسمين ، علوم شرعية : و بها تقتصر الدراسة على المواد الدينية والعربية واللغة الإنجليزية و الأخرى العلوم الطبيعية : و بها يدرس الطالب جميع المواد العلمية والعربية والدينية و اللغة الإنجليزية.

و بالرغم من أني لست سيئاً في المواد العلمية فأنا أرى نفسي ذكي ولا تهمني ورقة من مبنى متهالك و لا تحدد ذكائي رزمة كتب ، فقد توجهت إلى العلوم الشرعية فقد كانت علاقتي بمعلم الفيزياء سيئة إلى حداً ما و يوجد سبب غبي أخر و هو أن في أخر يومان في الأسبوع تكون الحصص الدراسية أقل بحصة عن الأخرى الطبيعية.
في هذه المرحلة وجدت نفسي أميل لحب مادة اللغة الإنجليزية و دائماً ماكنت أحصل على أعلى الدرجات بها ، وأيضاً درسني معلم أقل ما يُقال عنه عبقري في إيصال الفكرة و كان شخصية راقية ، و قد أحببت اللغة الإنجليزية كثيراً بسببه ، وصلت إلى السنة الدراسية الأخيرة و قد بذلت قصار جهدي حتى أدخل الجامعة في التخصص الذي كنت أريده وهو اللغة الإنجليزية.

تخرجت و قبلت في الجامعة في كلية التربية وكانت أول و أقوى صدمة لي و هي أن الجامعة نقلت التخصص من كلية التربية إلى كلية الآداب فأكملت دراستي على أمل أن استطيع أن أنقل ، و قد حاولت جاهداً ولكن بسبب سوء موظفي الجامعة لم استطع والذي زاد الوضع سوء أنهم أجبروني أن أتخصص تربية فنية.
وهنا دخلت في نقطة ضياع و بدأت مرحلة من عدم التركيز والحفظ و إلى الأن مستمرة معي ، رغم أني ضعيف جداً في الرسم ولا أرى نفسي فنان و رغم ذلك لم أرد أن افطر قلب أهلي بالخروج من الجامعة ، أكملت هذا التخصص والذي أكره كل يوم دراسي بسببه و تخرجت ، و بشكل مباشر تم تعييني معلم تربية فنية ، و من هنا أتجرع سم هذه المادة فأنا لا أجيد الرسم ولا أحب الرسم وأرى نفسي لا أعطي الطالب ما يستحقه.

أحس أن هذا المبلغ الذي أتقاضاه حرام طالما أني لا أوصل فكرة لطلابي وخصوصاً أن المناهج الدراسية متنوعة : رسم – خط عربي- طين- طباعة – باتيك – نسيج ، فهل ترون أن استقيل و أترك هذا العمل بالرغم من أن شهادتي الجامعية لن تسمح لي بوظائف أخرى جيدة ، أم أستمر في التدريس و كرهي لهذه المادة و لنفسي كل يوم ؟.

تاريخ النشر : 2018-11-22

guest
25 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى