قتلة و مجرمون

السطو من الداخل

بقلم : سلطان – المملكة العربية السعودية

ماذا يحدث عندما يحقد الموظف على رب عمله
ماذا يحدث عندما يحقد الموظف على رب عمله

منذ الأزل وأصابع الاتهام بجريمة السرقة توجه نحو أولئك الذين يقبعون خارج أسوار الشركات وخصوصاً شركات الأمن ، أما الأفراد الذين يشكلون جزءاً من كيانها غالباً ما تحفهم الثقة ولا تحوم حولهم الشكوك فطبيعة عملهم التي تلقي على عاتقهم مسؤوليات أهمها ” حماية ممتلكات الجهة التي يعملون لديها ” ، وسجلاتهم الخالية من السوابق ، تقتضيان منحهم تلك المميزات.
لكن ما إن أطل على وجه البسيطة ذلك الطفل الذي يدعى “فيليب جونسون” حتى بدأ العد التنازلي لمصداقية ذلك الاعتقاد السائد. ولما حل عام 1997 شطب فيليب على ذلك المفهوم من قاموس العالم معلناً سحب بساط الثقة من تحت اقدام الجميع.

قبل أن نتكلم بلغة الجريمة دعونا أولاً نعطي نبذةً مختصرة عن فيليب جونسون ..

بطاقة تعريفية لفيليب حونسون

blank
فيليب جونسون

فيليب جونسون شابٌ في مقتبل الثلاثين من عمره ، يعمل حارس بريدٍ لدى شركة متخصصة في نقل الأموال وتخزينها وحمايتها تدعى ” لوميس فارغو ” تحديداً في فرعها المتواجد في مدينة جاكسون فيل التابعة لولاية فلوريدا. تخدم هذه الشركة العديد من متاجر المدينة ، خدماتها التي تقدمها للمراكز التابعة لها تبدأ بتفريغ ما بحوزتها من ودائع داخل شاحنة مصفحة وتنتهي بوضعها في خزانات الشركة . مهمة فيليب هي الأصعب والأكثر خطورة في تلك العملية ، فهو من يقوم لوحده بنقل أكياس النقود من المتاجر إلى الشاحنة على مرأى العامة معرضاً حياته للخطر من قبل اللصوص.

لكل جريمة دوافع تسبقها ، لذا قبل أن نغوص في تفاصيل جريمتنا نحن بحاجة إلى كشف الأسباب التي أدت إليها.

دوافع الجريمة

ذلك الدور البطولي الذي أوكل به فيليب لم يكن ذا عائد منصف يوازي مخاطرته بأغلى ما يملك ، فما يتقضاه وراء عمله هو 7 دولارات في الساعة فقط!!! ، من غير ضمان صحي ولا ساعات إضافية ولا راتب تقاعدي! ، ذلك الأجر الزهيد الذي يفتقر لأي مميزات كان هو الشرارة الأولى التي اندلعت منها الجريمة التي ارتكبها فيليب جونسون. فبسببه نمى الحقد الدفين في صدر فيليب تجاه رؤساءه حتى بلغ حداً جعله يرغب بالانتقام الذي كان هو الدافع الأكبر لما أقدم عليه ابن الـ 33 ربيعاً. لم يكن ذلك هو دافعه الوحيد في الحقيقة ، فسنوات حرمانه من الحياة الكريمة التي كانت مطلباً وحقاً له جعلته يرغب في حياة أفضل من تلك التي حرم منها ، عن حياة لا يستحقها كتلك التي قضاها موظفاً في تلك الشركة ، عن حياة الثراء الفاحش التي ظن أنها ستعوضه عما فات.

لم تكن الدوافع كل شيء كان يحتاجه فيليب لينفذ جريمته ، فقد كان بحاجة إلى خطة محكمة توصله إلى بر الأمان.

التخطيط للجريمة

قضى فيليب سنواته الخمس الأخيرة في العمل يخطط لتلك الجريمة ، فمهمته لن تكون في غاية السهولة ، فالمكان الذي يستهدفه ليس منزلاً أو محلاً تجارياً ، بل شركة أمنية أسمى غاياتها حماية ما يرغب فيليب جونسون في الاستيلاء عليه ” المال “. على الرغم من أنه أحد منسوبيها منذ عشر سنوات ويعلم جيداً مرافقها ، مداخلها ومخارجها ، ومن يعملون فيها ، إلا أن الأمر تطلب خطة احترافية ، فالمكان مزود بكاميرات المراقبة ومليء بالحراسات المشددة. أهم عنصر كانت تتطلبه خطة فيليب لتصيب الهدف هو توقيت التنفيذ ، وهذا ما حرص عليه فيليب وأختاره بعناية فائقة. قرر فيليب أن يكون اليوم الذي يسبق عطلة الربيع والذي تكون فيه الودائع أكبر والحراسات أقل كثافةً وتشدداً موعداً لإحكام قبضته على الفريسة التي ظل يراقبها طوال 5 أعوام.

*****

يوم الجريمة ” الساعات التي سبقت وقوعها “

blank
الأمر تطلب خطة احترافية

بدأ يوم السبت “الموافق لـ 29 من مارس” في لوميس فارغو طبيعياً كأي يوم عمل آخر ، في الصباح الباكر خرج فيليب بصحبة زميله مستقلين شاحنة الشركة ليقوموا بجولة اعتيادية على متاجر المنطقة ويجمعوا ما لديها من مدخرات ، بحلول المساء عادت شاحنتهم مملوءة بالأموال والشيكات ، بعد عبورها البوابة الرئيسية توقفت عند غرفة الحارس ليقوم بعملية الكشف الروتينية ، تحقق الحارس من هوياتهم وهوية مركبتهم ،أشعل الاضاءة الخضراء فرفع الحاجز ودخلت الشاحنة إلى مقر الشركة ، أوقفوا السيارة في مواقف السرداب ، ثم بدأوا مع زملاءهم بتفريغ حمولة الشاحنة الثقيلة “والتي تساوي ملايين الدولارات” على عربات يدوية.

أوكلت لفيليب مهمة إيصال العربات المليئة بأكياس النقود إلى غرفة الخزانات ، كانت الغرفة خاضعة لحراسة زميلا فيليب منذ عامين ( 1- تيري جيمس براون 2- دان سميث ) ، أدخل فيليب العربة الأولى إلى غرفة الحراسة وساعد زميليه على وضع حمولتها داخل صناديق الخزانات ، في لحظة ما وهو لوحده داخل غرفة التخزين نظر جونسون إلى ساعة يده ليتأكد ما إذا قد حان وقت نهاية دوام سائق الشركة.

عند 6:30 مساءً انتهى يوم عمل السائق، ختم ورقة انصرافه وغادر الشركة. لم يتسنى لفيليب تنفيذ ضربته في ذلك الوقت، فقد كانت لا تزال هناك مهام وجب عليه تنفيذها والتي كانت تتلخص في قيامه بإيصال جميع العربات إلى غرفة الحراسة ومساعدة زميليه على تفريغ حمولتها داخل غرفة تخزين الأموال . كان لزاماً على فيليب أن يقوم بها على الأقل حتى لا يكون عرضة للشبهة.

ساعة الصفر

blank
أمرهما بعد ذلك أن يجثيا على ركبتيهما

عندما أوصل فيليب عربة الأموال الأخيرة ، نظر وراءه إلى ساعة الحائط التي أوشكت على 7 مساءً ، في تلك اللحظات أحس فيليب أن حقبة ولاءه لتلك الشركة قد انتهت وأن وقت العمل لصالحه قد حان.

في حين غفلة من تيري ودان اللذين كانا منشغلين في نقل الأموال وتخزينها ، غادر فيليب سرداب الشركة متوجها نحو سيارته ، فتح صندوق السيارة الخلفي وأخرج منه حقيبة وعاد مجدداً إلى غرفة الحراسة. عندما دخل الغرفة وضع الحقيبة على الأرض وأتجه صوب طاولة كان سميث قد وضع حزامه عليها ، عندما تيقن أن الاثنان لا يلقيانه بالا ، سحب المسدس من الحزام وسار نحو تيري الذي كان يلقيه ظهره. وضع المسدس عند مؤخرة رأسه وأمره أن يلتف صوبه وأن يضع يديه خلف رأسه ، لم ينهي فيليب حديثه حتى التفت إليه سميث وصاح في وجهه قائلا : ماذا تفعل !.

نزع جونسون مسدس تيري على الفور ووجهه نحو سميث آمراً اياه بالخروج من غرفة التخزين ، حاولا أن يثنيا فيليب عن مطامعه ولكنه كان مصراٌ على ما يريد. أمرهما بعد ذلك أن يجثيا على ركبتيهما، ظنا أن ما يقوم به فيليب هو مجرد مزحة لذلك سألوه : ماذا تفعل ؟ ، أجابهم بأن ما يقوم به ليس مزاحاً.

انصاعا الاثنان لأوامره وجلسا على ركبتيهما ، دفع جونسون الحقيبة إلى تيري ليخرج منها الاصفاد ، بعد أن أخرجها أمرهما أن يقوما بتكبيل بعضيهما وأن يجلسا بجانب بعض ، بعد أن تأكد أنهما لن يحركا ساكناً غادر الغرفة وذهب إلى الخارج ، ركب إحدى الشاحنات الغير مسجلة وأدخلها إلى السرداب ، ثم عاد إلى غرفة الحراسة وأتجه إلى غرفة التخزين حيث لا تزال صناديق الخزانات مفتوحة ، وجد بداخلها أموال بمختلف الفئات والأشكال ، سحب العربات الفارغة وقام بتعبئتها بالمال ( باستثناء الأوراق النقدية التي من فئة 5 دولارات وأقل ) وأخذ يجرها إلى شاحنته ، استغرقت عملية ملء الشاحنة بالمال الذي عادل وزنه نصف طن والذي قدَر لاحقاً بحوالي 18,8 مليون (أكبر كمية مال مسروقة في التاريخ ذلك الوقت) ساعتين كاملة ، لم يكن فيليب قلقاً على مرور الوقت فقد كان يعلم أن الشركة لن يدخلها أحد حتى الصباح. فور انتهاءه من تفريغ حمولة العربات عاد إلى رهينتيه وقادهما تحت تهديد السلاح إلى مؤخرة الشاحنة.

تنظيف مسرح الجريمة

blank
سحب شريط تسجيل كاميرا المراقبة

لم يصل فيليب إلى غايته المنشودة بعد ، على الرغم من استحواذه على المال إلا أنه كان على يقين أن الشرطة لا تزال تمسك طرفاً منه ما دام هناك أثر له في مسرح الجريمة، وحتى يشعر فيليب أنه هو وغنيمته في مأمن من قبضة السلطات، عاد لكل مكان وطئه داخل الشركة ذلك اليوم ليزيل منه أي دليل يوقعه تحت دائرة الشك.
قام أولا بإخراج سيارته وسيارات زميليه المركونة في مواقف الشركة حتى لا يعلم أحد أنهم كانوا هناك بعد نهاية الدوام ، بعد ذلك توجه إلى مسرح الجريمة ، أخذ ملفه الشخصي من أحد الأدراج وسحب شريط تسجيل كاميرا المراقبة. وأخيراً قام بتغيير توقيت فتح أبواب الشركة إلى ما بعد ظهيرة الغد.

إخفاء الرهائن

blank

بعد عودة فيليب إلى الشاحنة تفاجئ بنسيانه المفاتيح على مقعد السائق ، ولسوء حظه كانت جميع الأبواب مغلقة ، لمح جونسون طفاية حريق معلقة على شبك حديدي بجوار الشاحنة ، حمل الطفاية وضرب بها زجاج السائق فكسره ، فتح بوابة السرداب الخارجية وغادر الشركة.

سار بالشاحنة على الطريق الموصل إلى منزله ، عندما وصل إلى هناك أوقف السيارة وأخرج تيري منها وأدخله إلى المنزل ، في غرفة نومه أمر تيري بالجلوس في خزانة الملابس ثم ربط سلسلة أصفاده حول عامود الخزانة. وبينما هو يوثق رباط زميله باح جونسون ببعض مكنوناته والتي كانت تصف تعاسته في العمل لدى ” لوميس فارغو “. عندما هم فيليب بالخروج خشي تيري على مصيره فناداه: جونسون ، التفت اليه وقال : لن أؤذيك ، ستكون بخير.

عند منتصف الليل عاد فيليب إلى رهينته الأخرى ، ألقى على سميث قطعة من القماش حتى لا يعرف الوجهة التي سيقصدها وهدده بالقتل إن لم يلتزم الهدوء. قاد فيليب شاحنته نحو شمال المدينة ، وبينما هم يسيرون على الطريق سأل فيليب سميث : لماذا لم نكن صديقين ؟ ، لم يبدي الرهينة ردة فعل تجاه سؤال مختطفه وأكتفى بالصمت.

كان فيليب جل وقت الرحلة هادئاً ومنعزلا أحياناً كان يتذمر بصوت عالٍ من عمله في لوميس فارغو. لكنه لم يبدي أبداُ ما ينوي فعله أو الذهاب إليه. لم تتوقف شاحنة فيليب طوال تلك الرحلة إلا إذا احتاجت إلى الوقود. صباح يوم الأحد توقف جونسون في مكان ما ، فتح باب السيارة الخلفي وقام بتفريغ الأموال ، لم يتمكن دان المغطى بالقماش من تحديد موقعهم لكنه سمع صوت فتح باب حديدي. بعد أقل من ساعة على توقفهم ، ساروا نحو منطقة شجرية من جبال بلوريدج القريبة من أشفيل شمالي كارولاينا ، بالقرب من إحدى الغابات أوقفوا الشاحنة وساروا على الأقدام حتى انتهى بهم المطاف إلى جذع شجرة. أمر فيليب رهينته أن يربط نفسه بها وأن ينبطح أرضاً. وبينما كان جونسون لا يزال واقفاً فوق رأس سميث بدأ يبرر لجريمته التي ارتكبها قائلا : عملت في الشركة عشر سنوات لم يدفعوا لي أجراً مقابل الساعات الإضافية ، فكر بالأمر مليا. لم يكن فيليب عديم الرحمة حتى يترك زميله معدماً في تلك الغابة الموحشة ، فقد ترك له بعض الملابس والطعام ووعده أن يتصل بالشرطة بعد يومين ليخبرهم عن مكانه.

سدل الستار عن الحقيقة

blank

في ذلك الصباح وصل الموظفون إلى الشركة ، لم يتمكنوا من الدخول إليها لأن أبوابها كانت مغلقة ولن تفتح تلقائياً إلا بعد الظهيرة. اتصلوا فوراً بمشرف الشركة الذي يحمل بحوزته المفاتيح، استطاعوا فتح جميع الأبواب إلا باب غرفة التخزين، في غرفة الحراسة نظر المشرف إلى تسجيل كاميرا المراقبة الموجودة داخل الغرفة المغلقة ورأى فوضة عارمة ، علم السبب وراء إغلاق الغرفة بإحكام لذا سارع في الاتصال بالشرطة وأخبرهم أن الشركة قد تعرضت للسرقة.

استجابت شرطة جاكسون فيل فوراً للاستغاثة. عند وصولهم انتظروا لساعات حتى وصل مختصو الأبواب. بعدما فتحوا باب غرفة التخزين قدروا مبدئياً حجم الأموال المسروقة بـ 10 ملايين دولار. حجم الأموال المسروقة التي كان غالبيتها مؤمناً فيدرالياً تطلب تدخل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI). بدأت الـ FBI تحقيقاتها بالسؤال عن الموظفين الغائبين هذا اليوم ، كان الجواب هو: فيليب وتيري وسميث. بمراجعتها سجلات الموظفين تبين للفيدرالية عدم وجود ملف يحمل اسم فيليب جونسون.

نجاة الرهائن

في شمال كارولاينا ، تمكن سميث من كسر قفل أصفاده مستعملا سكين جيش سويسرية ، ثم سار إلى أحد الطرق القريبة ليصادف سيارة أحد حراس الغابة تقف أمامه ، قام بالعودة إلى المدينة وتعاون مع السلطات بدلهم على منزل فيليب الذي مازال زميله تيري أسيراً داخله. في منزل فيليب تمكنت الشرطة من تحرير تيري من خزانة الملابس.

البحث عن فيليب جونسون

blank

بعد إنقاذ حياة رهينة والتأكد من نجاة الأخرى. بدأت عملية البحث عن اللص الهارب.
نشرت السلطات إعلاناً تضمن صورة لفيليب جونسون وأخرى للشاحنة المسروقة راصدين مكافأة قدرها 500000 ألف دولار لمن يساعد في العثور عليه وعلى الأموال المسروقة.

أول بلاغ وصل لهم كان عن طريق عريف جيش في آشفيل. أخبرهم برؤيته لشاحنة بيضاء مهملة على جانب الطريق ، أعطى وصف لها وهو أن زجاج نافذة السائق فيها مكسور. لم تمض دقائق حتى وفد 65 ضابطاً فيدرالياً إلى منطقة البلاغ ، ولكن وقت وصولهم كان متأخراً ، فالمتهم كان قد لاذ بالفرار على متن إحدى الحافلات المتوجهة إلى خارج البلاد.

في منزل المتهم

blank

اختفاء فيليب الذي لم تكن السلطات تملك أي معلومات مؤكدة حوله ، لم يبقي في يد الشرطة ما يرتبط بالمجرم وما قد يوصلها إليه سوى منزله. وحتى لا يضيع وقت انقطاعه عن الأنظار سدى. توجهت الشرطة مباشرة إلى بيته لتجمع الأدلة التي خلفها وراءه والتي تدينه بذلك الجرم ، أول دليل لاحظوه هي حالة الفوضى العارمة التي يعيشها والتي تشابه تلك الموجودة في مسرح الجريمة. شاهدوا بعض الكتابات على الجدران و التي شخصت حالة الحزن والكآبة التي يعيشها فيليب ومن تلك الكتابات : بيت الألم.

وبينما هم يستكشفون المكان سقط في أيديهم الدليل الحسي الأول الذي حول الاشتباه إلى إتهام صريح وهو : مجموعة أوراق تعود لعام 1992 ، حوت على مخطط سرقة لوميس فارغو. اكتشف رجال المباحث أن لفيليب سلسلة من الشخصيات المزيفة ، كان يعدها من صور وهويات زملاءه التي سرقها ، ومن رخصهم وشهادات ميلادهم التي استعارها.

لم يقتصر الأمر على الأدلة فقد كان هناك بعض الشهود وهم زملاءه في السكن. بينوا للشرطة أن فيليب كان فوضوياً لا يطاق حيث كان يرمي أغراضه على أرضية غرفهم. بعدد من الأدلة الدامغة غادر رجال الشرطة منزل المتهم وهم على يقين أنه كان في الشركة ليلة الـ 30 من مارس.

البحث عن المال المسروق

حجم الأموال المسروقة ( التي تقدر بـ 18,8مليون دولار ) ضعف احتمالية وجودها مع فيليب الهارب. إذ لا يعقل أنه حمل مالا يعادل وزنه نصف طن على متن حافلة وتحت أنظار العامة ! إذا لم يكن قد خبئه كله في مكان ما في آشفيل فبالتأكيد أنه ترك غالبيته هناك. على ضوء الاستنتاج السابق بدأ عملاء الـ FBI مهمة البحث عن الاموال المسروقة في الجهة الشمالية من كارولاينا. توقعوا أن فيليب قد خبئ المال في أحد المستودعات. لذلك توجهوا إلى المستودعات المنزلية ومستودعات المعدات المختلفة الموجودة هناك. استدعوا أصحاب المستودعات ، شرحوا لهم ما حصل وأعطوهم صورة لفيليب وسألوهم : إن كانوا قد رأوا هذا الشخص من قبل . أجابوا جميعهم : لا.
لم تسفر تلك التحقيقات عن أي نتيجة لذلك غادر رجال الـ FBI الموقع وهم لا يعلمون أن المستودع الذي وضع فيه فيليب المال لا يبعد عنهم سوى عدة أمتار.

الوقوع في المصيدة الخطأ

blank

لما انقضت 5 أشهر على نجاح خطة الهروب ، ارتكب فيليب خطاً فادحاً عندما تسلل إلى الولايات المتحدة عبر جسر الممر الدولي في بلوغيل تكساس قادماً من المكسيك. أوقف ضباط الجمارك الحافلة التي أقلت فيليب وأمروا ركابها بالخروج منها ليخضعوا لعملية تفتيش اعتيادية. حضرت مفتشة الجمارك فيرجينيا رودريغز التي للتو مرت من أمام صورة فيليب المعلقة. عندما وقفت أمام فيليب لم تلاحظ أي شبه بينه وبين صاحب الصورة ، فجونسون قبل عملية السطو لم يعد هو ذاته بعدها ، فملامحه تغيرت ووزنه نقص و كثافة شعر رأسه ولحيته قلت. بدأت بسؤاله عن سبب ذهابه إلى المكسيك ، أجاب بأنه كان في زيارة لبعض أصدقاءه. لكن طريقته في الحديث بينت لفيرجينا أنه لا يقول الحقيقة. بعد ذلك طلبت منه تسليم بطاقة الهوية ، لم يكن فيليب يحمل هوية لذلك قام بإعطائها رخصة قيادة من شمال كارولاينا. ما إن أمسكت الضابطة بالبطاقة حتى شعرت أن هناك ما يدعو للريبة لذا أعطتها لأحد زملائها ليعرضها على مركز المعلومات الوطني للجرائم. فور ذهاب زميلها قامت فيرجينيا بتفتيش حقيبة فيليب ، عثرت بداخلها على رزمة مال تقدر بـ 10714 دولار ، بعد لحظات عاد المفتش الذي أخذ البطاقة ليخبرهم أنها مسجلة باسم ( رودجر دي لاودر ) وأن صاحبها له صلة تربطه بفيليب جونسون. أبلغ مفتشو الجمارك بضرورة الإتيان به لذلك قاموا فوراً باعتقاله. تبين لهم لاحقاً أن الذي وقع في قبضتهم هو فيليب جونسون. فور تحققهم من هويته الحقيقية أبلغوا ضباط الـ FBI أن المجرم الأول على قائمة المطلوبين لديهم رهن الاعتقال.

رغم أنف المجرم

معرفة عملاء الـ FBI بكم التهم التي ستوجه لفيليب وحجم الأحكام التي ستصدر في حقه جعلتهم يظنون أنها سترغم فيليب على التعاون معها أن حصل له تخفيف في العقوبات. بناء على ذلك عرضوا على فيليب صفقة تنازلات مقابل الإفصاح عن مكان الأموال. لم يقبل فيليب جونسون تلك الصفقة ورفض التعاون.
لم يكن رفض المتهم نهاية الطريق إلى المال. فقد تولت الـ FBI مهمة إيجاده بنفسها. قامت أولا بالبحث عن أي معلومات تدور حول صاحب الرخصة التي زورها فيليب ، اكتشفوا أن شقة في مكسيكو مستأجرة بذلك الاسم ، توجه العملاء الفيدراليين إلى الشقة وقاموا بتفتيشها ، عثروا بداخلها على إيصال أصفر طبع عليه اسم ” مستودعات الجبل المنزلية “. بحلول الساعة 2 فجراً من اليوم 17 من سبتمبر لعام 1997 ، وصل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى المستودع المذكور في الإيصال ، كسروا قفل البوابة وقاموا برفعها. عثروا في الداخل على جميع أموال لوميس فارغو عدى 100 ألف دولار كانت مفقودة.
وجدوا كذلك حاجيات تخص فيليب ككتاب اليأس وكتاب ” إذا كنت رائعا جداً ، لماذا لا أزال أعزباً “.

مجرى العدالة

blank

لم تعقد جلسة محاكمة لفيليب جونسون ، فجميع الدلائل كانت تشير إليه. تم توجيه تهم بحقه تضمنت الخطف المسلح وغسيل الأموال وانتهاك المصالح التجارية التي نص عليها قانون هوبس. حوكم على جميع التهم وصدر عليه حكم بالسجن لمدة 25 عاماً. تم الزج به في سجن فيدرالي تطبق فيه أقصى التدابير الأمنية.

عمل إجباري لصالح لوميس فارغو

ألزم فيليب جونسون بالعمل داخل السجن مقابل أجر أقل مما كان يتقضاه وهو حر طليق ليسدد مديونية قدرها 59834,70 دولار لصالح شركة لوميس فارغو.

المصادر :

March 1997 Loomis Fargo robbery
How one Jacksonville man stole $20 million—and almost got away with it
Jacksonville man behind $18.8 million heist out of prison after 22 years
أذكى سرقات العصر ـ الحلقة 5 الخامسة كاملة – سطو مسلح

تاريخ النشر : 2020-08-08

سلطان

السعودية
guest
25 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى