تجارب ومواقف غريبة

الضواري

بقلم : ناصر – الصومال
للتواصل : [email protected]

المخيف أكثر أن أعينهم لا ترمش حتى و إن وجهت إليها النور
المخيف أكثر أن أعينهم لا ترمش حتى و إن وجهت إليها النور

السلام عليكم أصدقائي.
اليوم سوف أصحبكم في ذكرى جديدة من مخزني الخاص بالرعب الحقيقي ، هل عددكم مكتمل؟ إذا هلموا نبدأ.
الآن نحن في عام ٢٠١٠ م و تحديداً بعد أن عدت من بلد مجاور لبلدي حيث كنت قد قضيت ٤ أعوام بعيدا ًعن الأهل والأحباب بسبب ظروف العمل.
بعد فترة وجدت عملاً لدى شركة كبيرة للاتصالات واستبشرت بالخير ، حيث كانت طبيعة عملي في قسم الجودة ، حيث يكون هنالك الكثير من المراجع ، الكثير من مطابقة العينات و غيرها من الأمور الغير مهمة لنا الآن.

 على أن الوضع يختلف في المساء ، الجو والهواء جميل و عليل خاصة في الصيف.
المنطقة عبارة عن سفح بين جبلين متقاربين جداً ، كثيرة التشققات على الأرض بسبب المجاري المائية وقت الأمطار ، لا يسكنها أو يقربها بشر ( بسبب ما يتداوله الأهالي من قصص حول المنطقة )!

 كنا مجموعة صغيرة ٥ أفراد بالتحديد ،  بالإضافة إلى ٤ من رجال الأمن ، حيث كان من إحدى مهامي أن أنقل جهازاً إلكترونياً من منطقة إلى أخرى على أن أوثق ما يصدر من معلومات.
كل هذا جميل ،  إلى أن تقرر أن أعمل ليلاً !
المشكلة أن معي حارس أمن واحد فقط ، ولا توجد وسيلة مواصلات ، أي أنك يجب أن تسير مسافات طويلة حاملاً الأجهزة والمعدات الأخرى  في تضاريس صعبة من جداول ، هضاب و ومنخفضات عديدة.
 
الآن أنا و رجل الأمن نسير في الظلام على أضواء كشافاتنا ، الصمت ، اللهاث ، العرق والخوف من الضواري كان هو الهاجس المسيطر ، على أننا فوجئنا بعد السير لقرابة ٢ كلم بشيء جعلنا نقف كالأصنام.

كان هنالك رجل يقف في الظلام والمشكلة أنه عار من الملبس ! كان ينظر إلى شيء في الأفق حيث كان يولينا ظهره ، وقفنا برهة نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم و نقيم موقفنا !.
 
فجأة تحرك الرجل إلى الأمام و هبط من التلة التي نحن فوقها ، هل نتبعه ؟ بالطبع لأنه لا يوجد طريق آخر صالح ،  إما إلى الأمام أو الخلف فقط ، إلى الأمام إذا.
عندها هالنا المنظر، حيث أننا كنا قد وصلنا إلى موقع حيث يتم فيه التخلص من بقايا الحيوانات التي كانت قد ذُبحت في كل أنحاء المدينة ، من جمال ، أبقار ، ماعز و غيرها !.
 
هل لك أن تتصور كمية الضواري المتواجدة في المنطقة لتقتات على الجيف والأصوات التي صدرت بمجرد أن وقفنا في أعلى التلة ؟ لا أعتقد.
أما الشيء المخيف أن الرجل العاري كان يسير على رجليه في بادئ الأمر غير أنه وقف على أربع عند اقترابه من الجيف والضواري و أصبح هو نفسه يقتات معهم ! على ماذا ؟ طبعاً على بقايا الحيوانات !.
 
أذكر أن قدماي أصبحتا  من عجين ولم أستطع التفكير أو التحرك ، والأسوأ أن رجل الأمن أصدر صرخة عظيمة ثم هرب ، حاولت أن أركض خلفه لكن حملي ثقيل ، الظلام مطبق ، الطريق غير ممهد والرعب يقتلني.

 النتيجة أنني أصبحت وحيداً في الظلام ،  مع كمية الضواري الكبيرة حولي ، الأصوات حولي من كل ناحية ولا أعلم للمعسكر سبيلاً !.
 
ظهر رجل ، ثم اثنان ، فثالث حتى أصبحت محاط بعدد لا بأس به من الرجال العراة الذين يمشون على أربع !.

هنا جلست على الأرض أردد كلمة واحدة طوال الوقت ، الله ، الله ، الله ، الله ، دموعي خذلتني ولم تنهمر لأني جفناي كانا أقرب للجفاف.
جلسوا حولي في دائرة ، جلودهم مثل البشر لكنها متشققة جداً ، الرؤوس حليقة و كذلك الوجوه ليس بها شعرة واحدة ، منهم السمين والنحيف ، الطويل والقصير ، أما المخيف أكثر أن أعينهم لا ترمش حتى و إن وجهت إليها النور !.
 
أذكر كذلك أن أحدهم كان يلوك شيئاً كان في فمه (و كان أقربهم ) فبصقه علي و من لطف رب العالمين أن بصاقه وقع على ملابسي وليس على عيني ، رأسي أو وجهي ! حينها صرخت بأعلى صوتي بالدعاء بأن ينقذني ربي منهم.
 
وفي لحظة كان رجال الأمن يطلقون بعض الطلقات التحذيرية في الهواء على مسافة قريبة جداً من موقعي بعد أن سمعوا صوتي ، حينها نظرت للقوم حولي فرأيت أحدهم يصدر صوت ضحك الضباع و يتبعه الأخرون ،  ثم رأيتهم يثيرون التراب الغبار بأيديهم و أرجلهم  حتى غطانا الغبار جميعاً.
 
غطيت رأسي و دفنته بين يدي و جلست على الأرض حتى أتفادى أي أذى محتمل ، ثم لا شيء !
اختفى كل شيء في لحظة ،  وصل رجال الأمن حيث وجدوني على تلك الهيئة.
 
إلى الآن لا أعلم ما هم هؤلاء الذين تواجدوا هنالك ولا أريد أن أكتشف بنفسي ، هل لديكم جواب ؟.
 

تاريخ النشر : 2020-06-17

guest
37 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى