أدب الرعب والعام

العالم والصعلوك _الفصل الثاني_

بقلم : النصيري – مصر

غاب عن وعيه بعد أن غيّب الكثير من أهل القرية عن وعيهم بانّ الثراء السريع هو زائل ولا قيمة له
أخبروه أنّه من حقّه الحجر عليه لأنّه أصبح مجنونا . فهو ليس أهلا لإدارة أمواله وبيته

أصبح منزل “عبد الرشيد” ظاهرا بأنواره في القرية، وقد اتّخذ طاهيا للطعام جاء به للمدينة . وتسابقت نساء القرية الفقيرات بخدمة الأستاذ “عبد الرشيد” طلبا لمودّته والتقرب إليه وأقنعه المقرّبون منه بأن يتزوّج حتّى تستقرّ حياته. ويرزق بذريّة تحفظ ماله، وقد استخرج من سجلّ القرية بطاقة شخصيّة بعد أن نسب نفسه إلى أحد رجال القرية متبنّيا .

 

وتزوّج من إحدى فتيات القرية في حفل زفاف بهيج جمع القاصي والدّاني . أصبح أمر “عبد الرشيد” معلوما لدى النّاس بأنّ الذي جلب له الثراء السريع هو الأعمال المشبوهة، دون أن يعرف ذلك . وقد استنتج ذلك أهل القرية من علاقة “الجعر” مع “ممدوح عمران” وقصّة اختفائهما لعدّة سنوات وعودة عبد الرشيد، وهو يقود سيّارته، وبناء المنزل الفخم وسط منازل القرية المتهالكة . فأصبح عبد الرشيد المثل الأعلى والقدوة غير الحسنه ولكنّها الطريق إلى الثراء بدون تعب . ومثلما قال أحد العاطلين من الشباب : « هي فرصة العمر»

 

وبدأ بعض المغامرين يحفرون في بيوتهم لعلّهم يجدون كنز السعادة . ومنهم من استعان ببعض الدجّالين الذين يدّعون أنّهم يعلمون أنّه توجد آثار القدامى وذلك بتسخير الجنّ مقابل مبلغ بسيط على شرط أن يكون له ثلث ما يكتشفونه. وقد ترك هؤلاء الدجّالون الأمر للصدفة . فإذا وجدت، فهذا بفضلهم وعلمهم . ويمكن أن يذيع صيتهم وشهرتهم . أما إن فشلت المحاولة، فلهم ما أخذوه من أموال لا تردّ . وقد حدث الكثير من الأمور التي تثير الضحك أو ربّما تثير البكاء

 

يوم ما، بعد منتصف اللّيل، جاء صوت صراخ في أحد الدور فخرج أهل القرية . فإذا بالرديم وقع على ثلاثة إخوة يقومون بالحفر بحثا عن الآثار . وقد حاول أهل القرية إنقاذهم ولكن كان الموت أسرع منهم إليهم . وقد خرجوا في ثلاثة نعوش . كان موقفا يخلع القلوب من الصدور ! 

 

وقد حاول أحد الشّباب أن يحفر في منزله . وقد أنفق الكثير من المال، إلّا أنّه وجد هياكل عظميّة . يبدو أنّ منزله بني على أنقاض مقابر قديمة . كثرت المحاولات ولكنّها كلّها باءت بالفشل ! ولكن هذا الشّاب لو يعرف أنّ قريتهم لم تكن في يوم منطقة قد سكنها الفراعنة ليتركوا آثارهم فيها إنّما قريتهم حديثة العهد، لا تاريخ لها..

 

اتّجهت الأنظار ل”لجعر” سابقا والأستاذ لاحقا أنظار الشباب العاطل الذي أقسم بينه وبين نفسه أن يقوم عبد الرشيد بتجارة الآثار، حتّى من يمتلكون الثروة والأرض حقدوا عليه . فهم ليس لهم مثلما ل”عبد الرشيد” . فهم أقصى ما يملكونه فدّان من الأرض الذي لا يعطي محصوله إلّا بالتعب والعرق . فهم لا يمتلكون سيّارة . وأمّا وسيلة تنقّلهم وهي الحمار البائس البيئة والجاموسة وبعض الماعز والأغنام، فأصبحت أمام ثروة عبد الرشيد لا تساوي شيئا ! واضمر بعض الشّباب أن يتخلّصوا من “عبد الرشيد” ويستولوا على خزانته العامرة بأموال التي لا أحد لها . وقد حاولت إحدى السيّدات الساقطات أن تغريه بأنّها راودته عن نفسه قبل أن يتزوّج ولكن “الجعر” لم يكن يعطيها شيء من المال . في خضم هذه الأحداث التي غيّرت من طبائع الشباب والشيوخ نساءا ورجالا، القانع بنعمة الفقر والجوع في انتظار ساعة الفرج، فأصبحت طبائعهم مقارنة بهذا “الجعر” الذي كان يعيش عالة على أهل القرية، وفجأة بماله الذي لا يعرف هو كيف اكتسبه وبه أصبح سيّد القرية، وأمل كلّ عاطل، شعر مراد السيّد بأنّ كلّ تعب هذه السنوات ضاع هدرا . فهو يعمل أستاذا مساعدا في الجامعة و لم يستطع أن يبني دارا مستقلّا له . لم يستطع أن يجدّد له مكانا في منزل العائلة إلّا بكثير من المعاناة . وقد أنجب بعد زواجه ولدين للأنفاق عليهما وعلى زوجته ومصاريف تنقلاته من جامعة أسيوط إلى جامعة القاهرة . لم يستطع أن يوفّر ثمن سيّارة مستعملة ! فشعر بشيء من الحزن في مجتمع ارتقى في اللّصوص والمهرّبون قمّة السلّم الإجتماعي . نظر النّاس إلى الدكتور مراد السيّد نظرة إشفاق وعطف . كيف لأستاذ جامعي يعلّم أجيال يذهب إلى الطّريق المؤدّي إلى أقرب مركز من القرية سيرا على الأقدام، وقد حفظ النّاس ملابسه التي لم يغيّرها بجديد وولديه في مدرسة القرية متهالكة الأثاث ويعلو فنائها التراب ؟؟ ربّما يكون مراد أحسن حالا من معلّمي مدرسة القرية الإبتدائيّة مظهرا ومعيشة . فهم يبدون بثياب بالية وأحذية عفى عليها الزّمن . فأصبحت جرباء، لا لون لها ! ويحاول مراد السيّد أن يظهر أقصى الشياكة عنده كأستاذ جامعي بتغيير ربطة العنق حتّى يبدو وكأنّه لبس جديدا عامّة . فالدكتور مراد السيد بهذا الوضع ، هو أحسن حالا من غيره . وكان راضيا لولا ما حدث من ظهور “عبد الرشيد الجعر” بهذا المشهد . وكان يمكن أن يتغاضى النّاس عن ذلك، لو كان عبد الرشيد الجعر إنسان سويّ ذهنيا، ولو كان يمتلك قبل ثراءه المفاجئ أرضا أو أموالا لكان الناس التمسوا له عذرا بأنّه تاجر أو أنّه ضارب بأمواله بالبورصة التي يعرفها العامّة من الناس اسما فقط . وأنّها تعطي أموالا طائلة لمن يحالفه الحظّ .

 

راودت فكرة البحث عن الآثار ذهن الدكتور مراد. وعرض الأمر على زوجته سلوى، إحدى فتيات القرية والتي أعجبت الدكتور مراد على الرغم أنّها لم تنل من التعليم إلّا الشهادة الإبتدائية ولكنّها ذات ملامح تقرأ منها الذكاء وخفّة الظلّ . وهي كانت محسودة على أنّ الدكتور مراد قد تزوّجها . فهي موعودة مع النعيم والترف الذي ينتظرها معه هذا . بأنّها سترى العاصمة ( القاهرة) وربّما تسافر إلى الخارج وترى بلدان العالم ولكن كل هذا ضاع أدراج الريح. فلم تسافر معه ولم ترى نعيم إلّا أنّها انتقلت من بيت والدها إلى بيت يشبهه تماما ويختلف عنه في أنّ دارها تكثر بها كتب ومراجع مراد التي يدرس من خلالها حتى يكتب بحثا لينال به ترقية تضيف له جنيهات بسيطة إلى راتبه !

 

عرض مراد على زوجته سلوى: ماذا لو أنّنا نقّبنا عن الآثار في دارنا ؟

تغيّر لون وجهها من المفاجأة . وحاولت أن تسمع ذلك من مراد السيّد : آثار ؟!

ردّ عليها مؤكّدا كلامه : نعم آثار..
– و أين يا مراد ستبحث عنها ؟
– هنا في الدار.. (وحاول إقناعها) ربّما يصيبنا الحظّ ونجد ما نحقّق به ما نريد

وضحكت سلوى ضحكة أشبه بالبكاء وقالت : وما الذي نريده يا مراد ؟ الحمد لله كل شيء معنا.. المنزل ، الأولاد ودخل شهري يغنينا عن سؤال الناس، غير والدك الذي يأتي لنا بالغلال و الخضروات واللّحوم ولا نحتاج لشيء .

نظر إليها بشيء من اقتضاب: ما نريد يا سلوى هو تعليم راقي للأولاد وسيّارة ومنزل، ليس هنا وإنّما في المدينة أو على الأقلّ في المركز بعيدا عن هذا الجوّ الخانق والقرية الكئيبة

ضربت صدرها بيدها اليمنى، صوتها أربك الدكتور مراد قائلة له: تعليم راقي ؟ هل أنت يا دكتور تعلّمت في مدارس خاصّة ؟ ألم تبدأ تعليمك بكتاب القرية ؟ ثم مدارسها ؟ وتريد سيّارة تثير غبار الأرض وأنت قادم بها أو ذاهب ؟ الحمد لله على ما أعطانا.. وتريد منزلا في المدينة أو المركز ؟ والله يا دكتور أنت ناكر للجميل . هان عليك أبوك وإخوتك أن تتركهم ؟

توقّفت قليلا وعاودت الكلام: وهل تضمن يا دكتور أنّك سوف تجد آثار ؟ وعلى فرض وجدت آثار، هل هذا يقرّه القانون ؟ إنّها تشبه تجارة المخدّرات . أ تريد يا دكتور أن تربّي أولادك من الحرام ؟

نهرها مراد السيد بصوت لم تتعوّده سلوى منه، فهو دائما يشملها بعطفه وحنانه ولم ينهرها أبدا: حرام ؟ كيف ذلك يا سلوى ؟

ثم سكت ليراجع نفسه ويجد لها مبرّرا .

قالت وهي متأكّدة من صحّة كلامها: تكلّم يا دكتور ! حلال أم حرام ؟

 لم يردّ “مراد السيد” عليها إلّا بكلمات: ماذا أفعل يا سلوى؟ الأمر لا يحتمل

اتّجهت إلى باب الغرفة . فأغلقته لكي لا يسمع صوتها والده أو أحد إخوته . واتّجهت بالكلام إليه: أيّ حال لا يحتمل ؟ أنت أفضل من غيرك. ولو كنت تقارن نفسك ب”عبد الرشيد الجعر”، هذا مصاب جلل يا مراد . أنت في نعمة لم يحصل عليها عبد الرشيد و لو أنفق كلّ ما معه من مال . إنّها نعمة العقل

نظرت إلى وجهه لترى ردّ فعل كلامها عليه . وواصلت كلامها: .. نعمة العلم

وأخذت سلوى زوجة الدكتور مراد السيد تهوّن الأمر عليه وتؤكّد له أنّه أفضل حالا من غيره. وعليه أن يتوب عمّا يجول في خاطره . فأمر كهذا إذا ما فكّر فيه أحد، فيعتبر جريمة في حقّ نفسه . فإذا فكّر فيه أحد مثله فالأمر لم يصبح جريمة فقط، بل أصبح كارثة . لم يستغرب مراد ردّ زوجته التي تربّت في بيئة لا تقبل الحرام . وهذا لا يعني أنّه هو يقبل الحرام ولكنّها الظروف 

***

توجّه “مراد السيّد” يحمل حقيبة سوداء، بها بعض ملابسه في الطريق إلى القاهرة حيث أنّه منتدب للتدريس لثلاثة أيّام في الأسبوع وثلاثة في جامعة أسيوط . وعلى امتداد البصر، شاهد مراد السيد ازدحاما شديدا أمام منزل ممدوح عمران، الكائن بعيدا عن الكتلة السكنيّة للقرية. وشاهد أطفال يجرون حفاة نحو المشهد . هناك، حاول الدكتور أن يستفسر عن ذلك . فأوقف أحد الصبية يسأله عن الزحام وسيّارات الشرطة . فأجابه الصبي متعجّلا، محاولا أن يلحق برفاقه، أنّهم وجدوا ممدوح عمران مقتولا في داره وحاول الدكتور أن يسأل عن أمور أخرى تخصّ ممدوح عمران إلّا أنّ الصبيّ تركه، مسرعا مع رفاقه .

 

توقّف مراد باحثا بعينيه عن أحد المارّة ليستفسر أكثر . وجد أحد المارّة يحمل فأسه على كتفه . ألقى عليه التحيّة فردّ الرجل بكلّ حفاوة: « أهلا يا دكتور ! » قبل أن يسترسل الرجل في كلامه وترحيبه بالدكتور، سأله: « ما الذي حدث لممدوح عمران؟ ألم يكن ممدوح عمران متغيّبا عن القرية لسنوات ؟ » ردّ الرجل مؤكّدا كلام مراد السيّد بأنّه متغيب عن القرية لسنوات ولكن في الفجر، وجد مذبوحا وموضوعا في جوال .. في ناس تقول أنّ عربة جاءت به وتمّ إلقائه أمام منزله . تذكر الإشاعات التي دارت منذ أن كان طالبا في الثانوية، عن “ممدوح عمران”، عن نفقاته الكثيرة وبذخه، وهو لا يمارس أيّ عمل و لا يمتلك من الأرض سوى نصف فدان . يؤجره بمبلغ زهيد و شيع أنّه يعمل بالمخدّرات ولكن الفرق بين “ممدوح عمران” و”الجعر” هو أنّه الأوّل كان مبذّرا ولا يعلم أحد عن مدّخراته شيء وربّما يكون له أموال بعيدا عن قريته . أمّا “الجعر” فكشف كلّ أمواله فجأة فلم يصدّق الناس أنّه عبقري، جمّع أمواله بذكاءه أو خبرته، فنسجت حوله الإشاعات ولكن هل سيلقى “عبد الرشيد الجعر” نفس مصير ممدوح عمران ؟

***

كشفت التحقيقات حول مقتل “ممدوح عمران” بعد التحرّي، أنّه كان على خلاف مع بعض شركاءه في تجارة ما. وأنّه معه إيصالات أمانة تدينهم . وكثيرا ما كان يهدّدهم لكي يعاونوه في أعماله المشبوهة وهي تهريب الآثار وإلّا سوف يقوم بحبسهم . حاول هؤلاء الشركاء أن يستعطفوه ولكنّه رفض ذلك رفضا تامّا . فأطروا إلى أن يأخذوه إلى مكان بعيد عن العمران . وأجهزوا عليه ذبحا ! ويبدوا أنّهم وجدوا له رقبة بصعوبة . فهي مدفونة بين رأس ضخم وكتفين عريضين . وضعوه في جوال وألقوا به أمام منزله في القرية وانتهى البحث بالقبض على الشركاء ولكنهم أنكروا ذلك إنكارا تامّا . أكّدوا أنّ ممدوح عمران كان شريكا أمينا ولم يحدث بينهم أيّ خلاف. وقدّموا سجّلاتهم التجاريّة ودفاتر تسجيل الضرائب ولم يكن هناك أي شبه جناية عليهم .

 

وبعد أن قامت الشرطة برفع البصمات عن حافظة نقوده وقارنوها مع بصمات شركاءه، لم يجدوا عليها شيء حتّى السلاح الذي ذبح به لم يجدوه. وأقفلت القضية ضد مجهول

***

وصل الخبر ل”عبد الرشيد” بمقتل “ممدوح عمران” فأصابه الرعب. فلم يعد يفتح داره أمام أحد من أهل القرية كما تعوّد أن يتسامر مع الذين يقصدون بيته من أجل مصلحة تخصّهم . فيرسمون على وجوههم علامات الإحترام والمودّة أملا في الحصول على نفع مادي . وحالما خرجوا من داره صبّوا عليه اللّعنات . ونعتوه بأقزع الشتائم . ويبدوا أنّ “الجعر” وصلته رسالة شفويّة من الذين استغلّوه في تهريب الآثار . وفحوى هذه الرّسالة أنّه أصبح تحت المراقبة . وربّما تأتي الشرطة للقبض عليه والتحقيق معه حول ما يملك . ونصحوه ألّا يكشف لهم شيء عن علاقته بهم وإلّا سيلقى جزائه .

 

والحقيقة، أنّ عبد الرشيد لا يعرف إلّا ممدوح وأبو خليل فكانت البضاعة يأتي بها الغرباء إلى منزل ممدوح عمران ليتمّ تخزينها لفترة حتّى تهدأ . ثمّ يأتي من يفهم في معرفة الآثار وهل هي حقيقيّة أم مزيّفة . وبعد ذلك، يتمّ تحديد السعر . ثمّ يقوم عبد الرشيد بالسفر بها إلى الوسيط ثم يرسل بثمنها عن طريق حساب مفتوح باسم أبو خليل سمعان، الذي بدوره يقوم بإعطاء صاحبها جزء . ويقوم بإلقاء الفتات إلى “ممدوح عمران” و”الجعر” . 

ظلّ عبد الرشيد في خوف ورعب من ذلك. وعلى الأخصّ بعد مقتل ممدوح عمران. ذات ليلة، أطفأ عبد الرشيد الجعر الأنوار وأغلق كلّ الأبواب حتّى زوجته أرسل بها إلى بيت والدها. واستمرّ هذا الوضع مدّة أسبوع. وكان ينتظر نهايته، بل يستعجلها . وبدأ يصرخ:« أنا لم أفعل شيء ! » ( بصوت متقطّع ) هل أصابه الجنون ؟ أم هي حالة خوف هستيري ؟

وعادت زوجته عندما علمت ما وصل إليه . عادت الصورة القديمة لعبد الرشيد الجعر. ترك لحيته، واتسخت ملابسه، وأصبح في الاوعي . وخرج من داره الأنيقة وسيّارته الفارهة . وعاد كما كان.. يسير على الأقدام، حافيا، لا يخشى شيئا . ودخل الصبية والشباب داره . الجميع يرغب في محتوياته لولا زوجته التي وقفت تمنع ذلك بقوّة . فالدّار دار زوجها . وشعر والده بالتبنّي بشيء من السعادة بعد أن أخبروه أنه من حقّه الحجر عليه لأنّه أصبح مجنونا . فهو ليس أهلا لإدارة أمواله وبيته . ولو أنّ الحظ أسعده بموته أو حتّى قتله، سيرث أموال ابنه . فزوجته لا تمنع وارث بل ستأخذ جزءا ضئيلا ممّا ترك . ولكن لم تأتي الشرطة . ولم يتعرض عبد الرشيد لخطر مثلما حدث مع ممدوح عمران

 

هكذا بدأ عبد الرشيد جعر وأصبح ثريّا . فأربك الموازين. فحسده من حسد، وأنكره من أنكر، فانتهى عبد الرشيد مخبولا، لا يدري من نفسه شيء . غاب عن وعيه بعد أن غيّب الكثير من أهل القرية عن وعيهم بانّ الثراء السريع هو زائل ولا قيمة له . كما تعلم مراد السيد أنّ العمل الجيّد النافع، كالنبات الذي يأخذ وقته في النموّ والنضج . فإذا استعجلنا الحصاد، فقد تكون الثمرة بها أمراض أو غير مفيدة

تمت

تاريخ النشر : 2019-05-06

guest
6 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى