تجارب ومواقف غريبة

العجوز الغريب في المستشفى

السلام عليكم، أخبرت صديقي أن ينشر قصتي هذه والتي تتحدث عن العجوز الغريب لعلي أجد حلاً أو ما يريحني من التفكير فيها. أعمل كممرضة في مشفى صغير خاص، ولكي أوضح الفكرة فالمستشفيات تنقسم لقسمين في بلادي .

المستشفيات الحكومية، وهي التي تكون ممتازة من كل النواحي و مجانية للجميع و يوجد فيها أفضل الأقسام و المباني و أشطر الأطباء .هناك المستشفيات الخاصة، والتي تكون مستشفى واحد ممتاز من بين كل خمس مستشفيات للأسف، و غايتهم جمع الأموال فقط .

من الواضح لكم أن الناس تفضل الذهاب لمستشفيات الحكومة فهي ممتازة و مجانية أيضاً . كنت أعمل بعد تخرجي في مستشفى خاص، وهذا مؤقتا قبل أن أقبل في مستشفى حكومي و يستقر حالي .

تبدأ قصتي الغريبة عندما دخلت صديقتي لغرفة الاستراحة مرعوبة و قالت لي:

“هناك رجل عجوز قد وصل لغرفة الطوارئ و يبدو مخيفاً جداً ورثاً. لم يكن هناك أحد ليساعدني، و كانت يده اليسرى مجروحة، فعملت ما علي عمله من تنظيف و تضميد . لكن لم يزح عينه من عيني، وكنت أرتجف طيلة الوقت. وفور ما انتهيت قلت له رجاءا اذهب لقسم الاستقبال لدفع ما عليك. فخرج بكل هدوء من باب المشفى حتى أنه لم يهرب ركضاً.”

إقرأ أيضا: المرأة المجهولة 2: الجن يتسلى بنا

قاطعت كلامها قائلة:

“و لماذا لم تخبري الطبيب سعد؟ ( هو المسؤول عن قسمنا ) .”

كنت أهدئ من روع صديقتي، وأنا أقول في رأسي أن الموضوع ليس مخيفاً لهذه الدرجة. لماذا يبدو عليها الرعب الشديد، يالها من رقيقة لا تنفع للعمل في قسم الطوارىء!!

وتمضي الأيام، حتى أتى ذلك اليوم الذي لن أنساه أبداً . كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل و كان يوماً هادئاً نسبياً في المشفى . خرجت قليلاً للخارج و الجو كان بارداً جداً فأدخلت يدي في جيوب المعطف. قلت سأعود كي أنعم ببعض الدفء مع كوب الشاي. لكنني لمحت شخصاُ يمشي بخطوات بطيئة من بعيد .

لكم أن تتخيلوا أن الشارع كان فارغا من السيارات. و الهواء كان باردا جداً ومصحوبا بريح خفيفة. وهذا الشخص كان يمشي بكل هدوء على الرصيف وهو يرتدي رداءً خفيفاً .

عدت مسرعه للداخل. ولم تمض ثوان حتى سمعت صرير باب المشفى، فالتفت ووجدت رجلاً عجوزاً يرتدي ثوب بنيا خفيفا ونعلين في قدمه. كان يمسك يده اليسرى و كأنها مصابة، فهرعت نحوه وقلت له تفضل في هذه الغرفة سأعالجك . عملت الإجراءات مسرعة، أخذت ورقة تسجيل مريض ثم أخذت علبة الضمادات .

مسكت يده التي كانت قطعة جليد، ولم أستغرب فهو لا يرتدي شيئا يقيه من البرد. كانت يده اليسرى مصابة و كأن هناك سكينة قطعت الجلد، و كانا جرحين اثنين، لكن جراحه لم تكن عميقة جداً. اهتممت بها و رفعت رأسي ووجدته ينظر إلي بلا أي تعابير . فقلت له:

“يا عم هل تحتاج مساعدة ؟ هل أتصل بخدمة الأجرة لتوصيلك لمكان ما ؟”

إقرأ أيضا: المرأة المجهولة

لم يرد علي فقلت له:

” انتظر قليلاً “

هرعت بعدها مسرعة لجلب كوب شاي ليتدفأ، فلقد حزنت عليه . لكنني و أنا عائدة وجدته متوجهاً لباب المشفى الذي قد فتح عندما اقترب منه و غادر. ظللت أنظر مستغربة من ما حدث، فلم لشهد شيئا من هذا القبيل من قبل . ذهبت مسرعة لمكتب الاستقبال لأخبره بما حدث فقال لي الموظف:

“أخبري الطبيب المناوب، هذا الشيء قد تكرر من قبل .”

انتظرت حتى الصباح لأخبر الطبيب الذي لم يكن متواجداً وقتها و قلت له ما حدث. ثم قال:

“لا عليكِ سوف أتكفل أنا بالموضوع .”

أنهيت عملي، وعدت للمنزل لأنام من التعب. ولم أفكر بما حدث بعدها. عندما استيقظت بعد عدة ساعات كنت نشيطة لأن اليوم كان نهاية الأسبوع ولدي يومان اجازة فاتصلت على صديقاتي لنخرج قليلاً و نروح عن أنفسنا . و بعد أن انقضى الكثير من الوقت و أنهينا عشاءنا جلسنا نتسامر مع كوب قهوة فالأجواء كانت باردة وممتعة . كل واحدة تقص حكاية، حتى وصلن لي، حيث قلت لهم ما حدث مع الرجل العجوز الذي غادر بلا أن يدفع حساب أو ينطق بحرف .

ثم انقطع كل الكلام عندما صرخت صديقتي و صاحبتها بشهقة قوية جعلتنا جميعاً ننظر تجاهها وقالت مسرعة:

” هل كان الرجل كبير بالسن له لحيه مليئة بالشيب ؟ ويرتدي ثوباً بنياً مائلا للبيج ؟”

فقلت بدهشة:

“نعم بالضبط “

إقرأ أيضا: غريب يتربص بمنزلنا

فقالت:

” ألم تذكري ؟ لقد حدثتكِ عن قصة مشابهة قبل فترة طويلة وعالجته و غادر و الطبيب سعد قال سوف يتكفل بالموضوع . لقد أخبرتكِ بكل شيء من قبل ألا تذكرين ؟ “

وبعد ثواني استوعب و تذكرت:

” نعم حقاً لقد حصل ذلك وأخبرتني. الآن عندما أفكر لقد حدث بالضبط لصديقتي كما حدث لي .”

بدأت صديقاتنا يخبرننا ماذا نفعل أو ما حدث بالتفصيل ويربطون بعض الأدلة و استنتجنا بأن ماحدث هو كالتالي :

“رجلاً عجوزا رث المنظر، يرتدي ثوباً بنيا. لم يتكلم بدا، لم يدفع الحساب . و الأغرب من كل هذا لديه جرح في يده اليسرى في المرتين التي قدم فيهما .”

قاطعتنا إحدى الفتيات عندما قالت:

” لا تنسين بأن الطبيب الذي يدعى سعد قال نفس الشيء في كل مرة. “

هذا زاد استغرابنا . وعندما باشرنا للعمل مرة أخرى ذهبت للطبيب سعد وأخبرته بأنني أريد أن أتفقد الكاميرات، فلقد أضعت سوارأ لي ( وهذه كذبه اتفقنا أن نقولها لمعرفة قصة العجوز ) . لم يمانع بالبداية، لكنه رفض عندما قلت له أريد أن أتفقد ما بعد الساعة 12 ليلاً. و قال لي:

” سوف أتفقدها بنفسي وأخبرك. “

وبعد قليل قدم إلي، وقال بأنه لا يوجد فيها أي لقطة وأنا أرتدي سوار، و قد أكون اضعته خارج المشفى . شكرته، ثم قلت له عن الرجل العجوز وما الحل لو عاد مره أخرى. قال لي:

” عالجي أي شخص يحضر لنا و هو يحتاج للعلاج . ”

فرددت عليه :

“اليس غريباً أن ياتي المره الأولى و الثانيه بنفس الجرح في يده ؟”

عقد حاجبيه وقال :

” قلت لكِ أي شخص يحتاج علاجاً سوف نساعده ؟”

تعكر مزاجي قليلاً. وكنت أتمشى بأروقة المشفى حتى صادفت موظف الاستقبال و حكيت له ما حدث . فقال لي:

” ولم تسألينه ؟ هذا الشيء قد تكرر كثيرا ؟ “

إقرأ أيضا: الزائر


قلت له:

“وضح لي من فضلك.”

فأكمل كلامه:

” هذا العجوز يحضر دائماً من فترة إلى الأخرى بنفس الرداء ونفس الشكل و نفس الإصابة. “

لم أستوعب ما قاله. و ظللت أحلفه بالله لو يكذب وهو يقسم بأنه صادق. وأكمل:

” بل الطبيب سعد يعلم بكل مرة يأتي فيها ولا يخبر أي أحد أن يكلمه أو يتفاهم معه . في الحقيقة لا أصدق بأنه من الإنس، كل شيء فيه مريب و غريب. فكيف لشخص يصاب في مكان إصابته كل مرة بنفس المكان و نفس التفاصيل ؟”

عدت أدراجي حائرة، ما الذي أفعله؟، لكن قررت الصمت و ألا أخبر أحدا بما حدث. بعد عدة أشهر وصلت المشفى في الصباح لكي أستلم الطوارىء و أنا فرحة بأن لم يبق لي سوى أسبوعان وأنتقل لمشفى حكومي . فدخلت لغرفة استراحة الفتيات و وجدت إحدى الممرضات مرعوبة وخائفة. سألتها:

” أخبريني، ما الذي حصل ؟”

فقالت لي:

” قبل صلاة الفجر بساعة تقريبا دخل للمشفى رجل عجوز يحتاج ضمادا لجرح في يده اليسرى “

قاطعت حديثها ..

” هل كان يرتدي ثوباً بنياً ولم يدفع الحساب أيضاً ؟ ”

قالت بدهشة:

” نعم ما الذي أدراكِ؟ . “

فنظرت لها وقلت:

” هذا حلم يا صديقتي، حلم . “

التجربة بقلم : مريم الرياض

guest
28 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى