أدب الرعب والعام

العشق المظلوم – الجزء الثاني

بقلم : شيطانة منتصف الليل – كوكب الظلام

لم أشعر وقتها بأنني جالسة مع شخص كان أقل ما يقال بحقه متوحش ! كان صوته عميق و له نبرة تشعرني بالحنان

لم أشعر وقتها بأنني جالسة مع شخص كان أقل ما يقال بحقه متوحش ! بل كنت جالسة مع إنسان عاقل و حكيم ، كانت هذه أول مرة أرى أسد ينطق بها ، بعد كل هذه المدة تكلم كإنسان عادي ، كان صوته عميق و له نبرة تشعرني بالحنان ، بدأ بسرد قصته التي لطالما أردت معرفتها ، لطالما أردت معرفة السر الذي جعله مؤذياً جداً في السابق ، بدأ بحكايته وأنا استمع إليه بكل اهتمام ..

***
لقد كنت طفلاً مدللاً لدى أبي الذي كان ضابطاً عسكرياً ، و كانت لي أخت تكبرني بخمسة أعوام ، كنّا نعيش في حي راقي ، و كان أبي يأتي إلينا في فترات إجازته و هو محمل بالهدايا ، كنّا عائلةً سعيدة لا يعكر صفونا شيء ، إلى أن توالت الأحداث بعدها لنتعرض لظلم كبير .

حل يوم إجازة أبي ، و كنا ننتظره بفارغ الصبر لكنه تأخر على غير العادة ، و عندما رن جرس البيت ذهبت راكضاً أسابق أختي لأكون أنا باستقبال أبي ، لكن تفاجأنا بعمي و هو يقف و عينيه دامعتان ليقول لنا خبراً مزق قلبي و صدمني بقوة ، أتى ليخبرنا أن أبي قد مات .. هكذا قالها بكل بساطة ، اسودت الدنيا بعيني و بقيت لفترة مصدوماً .

أقمنا عزاء على والدي ، و دفنوه أمام عيني ، لكن مع ذلك لم أصدق أنه قد مات ، كلما أرى والدتي تبكي أقول لها لماذا تبكين ؟ أبي سيأتي و سيجلب لك هدية كالمعتاد ، إنه فقط تأخر قليلاً ، كانت فقط تضمني إلى حضنها و تبكي بكل حرقة ، ظلت والدتي تبكي على أبي حتى لحقت به و تركتني مع أختي التي تبلغ من العمر ستة عشر عاماً .

قام عمي ببيع بيتنا و أخذنا للعيش عنده ، كنت متعلقاً بأختي كثيراً ، كانت أختي كالقمر تملك جمالاً خلاباً ، كلما كبرت كلما ازداد جمالها يوماً بعد يوم و ازداد تعلقي بها ، لكن لم أعرف أن الحياة ستأخذها هي أيضاً ..

كبرت و أصبحت بالثانوية و أختي بدأت سنتها الثانية بالكلية ، كانت تبقى قلقة طوال الوقت ، و عندما يرن هاتفها يصفر وجهها و يشحب من الخوف ، كنت ألح عليها لإخباري لكنها لم تكن تخبرني بأي شيء ، كانت تلتزم بالصمت ..

صمت أسد قليلاً ثم أكمل و قد أصبحت نبرة صوته أكثر حزناً :
بدأ الأمر كله عندما كنت أرى شاباً غريباً يغطي وجهه طوال الوقت ، و عندما تخرج أختي يتبعها بسيارته ، لم أحتمل ما يحصل و عندما أسألها لا تجيبني لذلك أخبرت عمي بعد أن زاد الأمر عن حده ، عندها أخذ أختي إلى غرفتها و تأخرا كثيراً ..

خرجت أختي و هي تبكي و خرج عمي غاضباً ، لم أره يوماً هكذا ، لم يخبرني بأي شيء لذلك اكتفيت بالصمت ، إلى أن جاء يومٌ تأخرت فيه أختي عن المجيء للبيت إلى أن حل المساء ، و قلقنا عليها كثيراً و فجأة تلقينا اتصالاً من قسم الشرطة يطلب منا الحضور حالاً .

في القسم و جدنا صديقة أختي و هي تبكي ..
– ماذا حدث ؟ أين قمر هل هي بخير قولي ؟
– لقد خطفوها .. أخذوها غصباً ، ضربوني و أمسك بها شاب ضخم و أخذها .
غضبت كثيراً وقتها و كنت قلقاً ، ظلت الشرطة تبحث عنها لشهرٍ كاملٍ لكن بلا نتيجة ، تم تعميم معلومات عنها و بقينا ننتظر ، إلى أن جاءني اتصال يوماً ما لأتفاجأ بأن المتصل هو قمر !!!

أعطتني عنواناً و هي تبكي ثم أغلقت الخط ، أخذت سيارة عمي و بالطريق أرسلت له العنوان برسالة ، و ذهبت إلى هناك و أكيد لم أنسَ أن آخذ سلاح عمي معي ، دخلت الى هناك كالأحمق و أخذت أطلق النار و أنا أصرخ ، اجتمع علي خمسة رجال و ضربوني ، لكنني مع ذلك بقيت أقاوم و أنا أصرخ بإسم أختي ، و عندها بالخارج سمعت أصوات رجال الشرطة و سياراتهم فهرب الشبان و بقي اثنان أراد أخذي لكن دخل عمي و معه الشرطة ، و حمداً لله لقد وصلوا في الوقت المناسب .

أخرجني رجال الشرطة و بقي عمي بالداخل ، ثم سمعت صوت إطلاق نار شديد دخلت بسرعة بعد أن اجتزت رجال الشرطة بصعوبة ليخرج عمي مصاباً و شرطي يحمل أختي ، ذهبت إليها و احتضنتها ، بقيت أسبوع حتى تحسنت من إصاباتها إلى أن خرجنا يوماً لنتسوق و نشتري بعض الطعام فسمعت فجأة صوت إطلاق نار بالجوار ، ذهبت لأرى أختي ممدة في بركة من الدماء ، عندها اسودت الدنيا بعيني و لم أعرف ماذا أفعل ، أسعفناها إلى المشفى لكن بلا فائدة .. فقد انتقلت لرحمة الله .

انتابتني حالة جنونية من الصراخ عند سماعي بنبأ وفاة أختي ، أرادو دفنها لكني كنت ممسكاً بجثتها ، من بعدها دخلت بحالة صدمة لم أخرج منها أبداً ، فأبي مات بنفس الطريقة ، حيث أصيب برصاصتين في قلبه ، و هكذا لم يستطع عمي السيطرة علي فرماني هنا ، خصوصاً أنني كنت أجن كلما سمعت صوت إطلاق نار أو رأيت أحداً يحمل سلاحاً ، حتى لو لم يكن حقيقياً أشعر بهيجان ، أريد فقط الانتقام ، أبي و أمي و أختي كلهم رحلوا ، و عمي رماني هنا بعد أن سببت له فضيحة بكوني ابن أخيه المعتوه ، حتى هو كرهته اعتبرته السبب في كل شيء .. هذي هي قصتي

شعرت بحزن بالغ على أسد ، حياته و ظروفه أقسى من ظروف أي إنسان ، كنت أظن بأن ظروفي هي الصعبة لكن !! كنت مخطئة ، التفت إلي و هو يبتسم بسعادة لم أعهدها به سابقاً ..
– لذلك تعلقت بك منذ أن رأيتك لأنك تشبهين قمر ، تملكين نفس لون شعرها و لك جمال كجمالها ، و أهم من كل هذا تملكين ذات القلب الذي احتواني بعد ممات أبي و أمي .

كنت أنظر اليه و أنا مشدوهة ، لا أعرف لماذا حدثني قلبي بأنه سيرى عائلته قريباً .

بدأ أسد يتعالج بسرعة و أصبح يتجاوب مع الأطباء و هكذا سوف يخرج أخيراً من هنا و عندها سنتزوج و نعيش معاً ، سنعوض بعضنا عن قسوة و ظلم الحياة ، لكن أبت الحياة ذلك و قررت الاستمرار بخذلانها لنا ..

*****
كنت جالسة في غرفتي الخاصة أفكر كيف ستكون حياتي مستقبلاً مع أسد ، و فجأة جاء أحد عمال النظافة ليخبرني أن هناك بالخارج رجلاً يريد مقابلتي ، نهضت و أنا أتساءل من يكون ، و كانت صدمتي عندما رأيته ، إنه والدي !! اقترب مني و ضمني إليه ..

كيف ذلك ؟! كيف يكون أبي على قيد الحياة و أمي لطالما كانت تقول لي أنه مات في حادث سير !

– ابنتي أنا آسف على تركك كل هذه السنوات دون السؤال عنك ، لكن أمك لم تسمح لي يوماً برؤيتك ؟ سامحيني يا ابنتي ، تركتك طفلة و الآن أنت شابة .
بقيت مشدوهة .. هل الذي أمامي فعلاً والدي أم روحه أم من يكون !! أخذته إلى غرفتي و هناك تحدثنا ..

– بالتأكيد تتساءلين أين كنت طوال هذه السنوات ، يا ابنتي أنا عندما انفصلت عن أمك لم تسمح لي برؤيتك أبداً ، و غيرت رقم هاتفها و عنوانها و حتى نقلتك الى مدرسة أخرى ، بحثت عنك طويلاً لكني لم أجدك ، فيئست و سافرت ..

عدت منذ أسبوع و توقعت أن تصبحي طبيبة لأنك كنت دائما تقولين أنك تريدين أن تكبري و تصبحين طبيبة تساعدين المرضى ، بحثت عنك حتى أتيت إلى هنا و وجدتك ، أعدك من الآن فصاعداً ، سأبقى إلى جانبك و أعوضك عن كل ما فقدته ، و هذه المرة لن تمنعني أمك و لي حديث معها .
قلت له :
– لن تستطيع .. فهي ماتت .
– ماتت ؟؟
– نعم .. قتلها ياسر زوجها ، كان يأتي كل يوم للبيت و هو مخمور فيتشاجرا ، كنت أسمع صراخهما ، إلى أن جاء يوم تعاركا فيه فنزلت للأسفل أراقبهما ، حاولت التدخل لكنه كان يمسك مسدساً ، عندها بلحظة غضب قتل أمي بست رصاصات و بعد دفنها هربت و عشت لوحدي ، كنت أعمل و أدرس بنفس الوقت إلى أن أصبحت ممرضة .

أخذني أبي لأعيش معه في منزله ، و قررت أن أفاتحه بموضوع أسد خصوصاً أن وقت خروجه أصبح قريباً جداً .

نزلت ذات يوم إلى أسفل و وجدت “د .جان ” و معه رجل و امرأة ، طلب والدي أن أعد لهم القهوة ، فاجأتني هذه الزيارة !
قدمت لهم القهوة و في أثناء ذلك أعلن أبي موافقته على أمرٍ ما .. ظننت أن “د. جان” تكلم معه بشأن أسد و قال له كل شيء ، لكنه فاجأني بعد ذلك ، حيث قال لي أبي خبراً نزل كالسهم على قلبي ؟

– إنه يليق بك كثيراً يا ابنتي ، خصوصاً أنه تعالج كلياً الآن و لن يؤثر شيء عليكما .
– حقاً أبي كنت أعرف منذ البداية أن أسد سوف يشفى ، لم أعرف أنك سوف ترضى به كزوج لي .
– من أسد ؟؟ أنا قصدت جان يا ابنتي ، لقد قال أن علاقتكما قوية ، و أنه كان سيقيم حفل خطوبتكما ، لكنه كان يتعافى من مرض السكري و أصبحت حالته جيدة الآن .

في اليوم التالي ذهبت للمشفى و ما إن و قعت عيناي على جان حتى هجمت عليه و أبرحته ضرباً ، تمكن الأطباء لاحقاً من إبعادي عنه ، لقد خدعني و خدع والدي ..
– لو كان كل هذا من أجل ذلك المختل اللعين فلقد رحل ، تم إخراجه اليوم من المشفى ، أنا أحبك و لن أسمح بزواجه منك .
– ماذا تقول أنت ؟! أسد يحبني و سوف أتزوجه و لن أسمح لك بأخذي منه .

بعدها ذهبت لزميلتي سونيا ، قالت أنه تم إخراجه من هنا صباحاً و رحل ، و لم تخبرني إلى أين رحل ، انكسر قلبي وقتها ، معقول أسد يتركني هكذا !!

ظل جان يتقرب من أبي خصوصاً بعد أن أخبره بحبي لأسد ، و حكى له كيف كان أسد مجنوناً و كيف كان يتم ربطه لكي لا يؤذي أحداً ، فأجبرني والدي على الزواج من جان ، و تمت خطبتي عليه ، و بقينا مخطوبين لخمسة أشهر ، كنت خلالها أنتظر أسد بفارغ الصبر ، فلابد أن يعود إلي ، إنه يحبني .

جاءني ذات يوم اتصال من رقم غريب و كم كانت فرحتي عندما علمت بأنه أسد ..
– أسد هل هذا أنت حقاً ؟ لماذا تركتني ؟
– لا وقت للعتاب ، جهزي نفسك يوم الأحد بتاريخ 2/13 جهزي نفسك سآتي و آخذك
– لكن ..!
– أعرف كل شيء .. سونيا أخبرتني لذا سوف آخذك يوم الأحد و لن أجعلك عروس غيري .
و أغلق الخط .

جهزت نفسي و أتى يوم الأحد سريعاً ، كان يوم زفافي على جان ، لبست فستان الزفاف و أنا قلقة و فرحة بنفس الوقت ، أسد سوف يأتي ليأخذني قريباً ، دخلت للقاعة و هم يزفونني كنت أنظر لكل المدعوين لعلني ألمح أسد هناك ، لكني لم أجده أبداً ، جلسنا في المكان المخصص للعروسين و قبل أن تتم جميع مراسم الزفاف و قبل أن أصبح زوجة جان رسمياً ، اقتحم أسد القاعة و أخذ يطلق النار في الهواء مما أرعب الحضور .

أمسكني جان من يدي لكن تم إغلاق أبواب القاعة بالكامل ، أتى أبي الي و أخرج سلاحه ليحميني ، عندها تقدم أسد بعد أصبح كل الحاضرين ملتصقين بالأبواب كالرهائن ، لم يكن أسد الذي عهدته يوماً ، كان يتقدم بخطى ثابتة و سلاحه بيده و قال :

– أتيت لآخذ عروستي و أذهب من بعد إذنك يا عمي .
وجه أبي سلاحه ناحية أسد و هدده ، لكن ذلك لم ينفع فقد هجم رجلان على أبي و على جان ، شدني أسد من ذراعي و سحبني إليه و أمّن له رجاله طريقاً و غادرت معه ..

كنت سعيدة للغاية ، رتبنا حفل زفاف بسيط وركتبنا كتابنا في أزمير ، و ذهبنا بعدها الى براغ ، بقينا هناك حتى رزقني الله ببنت كالقمر أسميتها قمر على اسم المرحومة أخت زوجي ، عشت أسعد أيامي معه ، و لم أعرف أن الحياة ستمتعني قليلاً لتأخذه مني ..

بعد سنة عدنا الى تركيا ، و كان الكل قد نسي الحادثة التي حصلت في حفل زفافي المزعوم على جان ، نزلنا في أزمير لنكمل حياتنا في بلدنا ، كنت كل يوم أودعه كأنه آخر يوم لي معه ، فقد كان عمله كثير و لا يعود إلا ليلاً ، و بالفعل .. جاء يوم الفراق .

كنت جالسة أعد الطعام لأسد و ابنتي بجانبي ، رن جرس البيت ذهبت و أنا مسرورة كالعادة ، فزوجي الحبيب يأتي و هو متعب من عمله و يفاجئني بباقات الورود التي يأتي بها ، لكن كان ظني في غير محله ، ففد فتحت الباب لأصدم بمجيء جان و معه رجلين مسلحين ..

ضربني بقوة على وجهي ، ثم شدني من ذراعي و سألني عن أسد و قبل أن أجيبه كان أسد قد دخل إلى المنزل و حاول إبعاد جان عني لكن رصاصة غدر من مسدس جان استقرت في قلبه .. لم أعد أرى شيئاً حولي سوى أسد و الدماء التي أخذت تسيل من صدره ، أذكر أن جان قال وقتها .. الآن سيشفى غليلي فقد أقسمت ألا أدعك معه أبداً ،
و هرب هو و رجاله ، جلست عند جثة زوجي أذرف الدموع بصمت ، لم أتفاجئ كثيراً بموته فقد كنت أحس طوال الوقت أن سعادتي معه لن تستمر ..
جاء الجيران و طلبوا الإسعاف و الشرطة و أخذ رجال الشرطة يحققون معي لكني لم أعد أهتم إن أمسكوا بجان أو لا ، فبعد أن رحل أسد عن الحياة لم يعد يهمني شيء .

جاء أبي و قدم لي العزاء بزوجي و طلب مني السماح ، نظرت إليه بأسى و قلت له : الآن تطلب السماح ؟ عندما عدت إلي بعد غياب ظننت أنك ستكون عوناً لي في هذه الحياة لكن مع الأسف وقفت بصف أعدائي و حرمتني من سعادتي .

لم أستطع مسامحة أبي لكني كذلك لم أحقد عليه ، لا أعلم ..
أصبت بنوع من اللامبالاة و فقدت اهتمامي بأي شيء سوى ابنتي قمر ، فهي الوحيدة التي بقيت لي من زوجي ، و هكذا رهنت حياتي لأجلها و لأجل إكمال تعليمي و التطور في مهنتي ، و مرت السنون و كبرت فيها قمر و تزوجت و أنجبت ، و أصبحتُ جدةً لخمسة أحفاد أكبرهما ولد أسميته أسد ..

لحد الآن و بعد مرور كل هذه السنين لا زال أسد في قلبي ، لازال صوته الحنون يتردد صداه في أذني .

*****
استيقظت جوهرة ذات يوم و وجدت زيارة غير متوقعة من ضيف غير متوقع ، إنه أسد .. إنه واقف هناك على باب غرفتها ، نهضت إليه و هي غير مصدقة ، نهضت وهي لا تشعر بأي ألم في ظهرها أو مفاصلها و كأنها عادت شابة ، كانت واثقة أنه أتى ليأخذها معه و بالفعل .. أمسك بيدها و مضيا بعيداً حيث لا شرور و لا حزن و لا فراق .

من قال أن القلوب لا تبقى على عهدها ؟! بل تبقى إذا كان حبها صادقاً و نقياً .. تبقى مهما مر الزمن .

*****
نزلت جريدة الصباح المحلية معلنة عن وفاة الطبيبة جوهرة طبيبة الأمراض النفسية و الحاصلة على شهادات كثيرة في مجال علم النفس عن عمر يناهز الواحد و الستين عاماً في تاريخ 2016/2/13

تاريخ النشر : 2016-09-28

guest
31 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى