سؤال الأسبوع

العفوية أم التصنع؟

تختلف فئات المجتمع حسب مقاييس الفكر والأخلاق والدين والتوجهات وحتى حسب الصدق . و إذا ما استعرنا مقياس الصدق هنا فسنحصل على قسمين متباينين ، متعاكسين ولا ثالث لهما .. ألا وهما مجموعة من البشر العفويين ومجموعة أخرى متصنعين .. وإذا ما غصنا في تفاصيل الصفتين سيكون حينها التباين جد واضح ، وإن كان كما يقول المثل “شرح الواضحات من المفضحات”.. لأنه لا يخفى على أي إنسان ذو قدرة على التمييز ولو كانت بسيطة أن يفرق بين الشخص العفوي والشخص المتصنع .

العفوية ، تعني النقاء ، الصفاء ، الشفافية والمصداقية في التعامل وحتى في المشاعر . الأشخاص العفويون أكثر الأشخاص محبة في المجتمعات ، ابتسامتهم صادقة ، كلماتهم صادقة ، واعترافاتهم صادقة . يمتلكون سنحة الطيبة على وجوههم ، مما يدعو الغير للاطمئنان لهم وجعلهم محل ثقة . وليس بالضرورة أن يكون هؤلاء أغبياء أو بلهاء أو سذج .. فهنا نحن نتكلم عن صنف آخر ولسنا بحاجة للغوص بذاك الوسط .

إقرأ أيضا : بين المجاملة والنفاق

الأشخاص العفويون هم بالحقيقة أناس راقون و مشاعرهم نبيلة . يعون بالضبط ما يجري حولهم لكنهم مترفعون عن الفساد والخبث والمكر . الجوانب السلبية منهم إن صح التعبير ، هو عدم قدرتهم على تجنب الأذية من الغير . يتعرضون للإنتقاد والتجريح وحتى الظلم والإستغلال وسوء الفهم ، فتجدهم يلجؤون لدفن ذلك الألم وربما البكاء لساعات عوض رد الصاع صاعين .. وبذلك قد يحكم عليهم بضعاف الشخصية ، لكن الحقيقة عكس ذلك تماما لأنهم يمتلكون مشاعر جياشة وعاطفة وأحاسيس مرهفة وربما تصل لحد الإفراط لذا كما يقال الدمعة سبقت الكلمة .. كما لا يسعون أبدا للفت الانتباه أو التباهي .

أما التصنع فهو وجه آخر للنفاق ، إرتداء الأقنعة ، التمثيل باحترافية ، إظهار وجه وشخصية غير الحقيقة ، أي إدعاء المثالية .

الأشخاص المتصنعون عادة ما يكونون سطحيين ، غير مبالين ، يتقمصون عدة أدوار ويذوبون في عدة شخصيات فقط ليظهروا بصورة مثالية أمام الغير .. ليبدوا متميزين عن الباقين وليجذبوا الأنظار ويحضوا بالاهتمام . ناسين أنهم كغيرهم من البشر يأكلون ويشربون ويمرضون وتصيبهم المآسي .. كيف يتوقعون كسب قلوب الغير ومحبتهم وهم لا يتعاملون معهم على سجيتهم؟! .

إقرأ أيضا : المعلم و التعليم

المصطنعون على العكس من العفويين قلوبهم باردة ومشاعرهم جافة .. تعاملهم مع الغير خال من أي إنسانية ، لأنه جل تركيزهم مصوب نحو إظهار الاختلاف عن البقية والتكلف الزائد والتزييف . ليصيروا مع الوقت شخصيات وهمية . ربما هم في قرارة أنفسهم لا يعرفون حقيقتهم ، يقعون في تناقض داخلي كبير وفقدان للذات . من أشهر صفاتهم التكبر ، المبالغة في اللبس ، التملق في الكلام ، تحسيس الطرف الآخر بالنقص .. لا يتقاسمون مع الغير آلامهم ولا أفراحهم . لذا نجد أن المجتمع يتفادى هذا الصنف الغريب من البشر ، وفعلا يستحق كلمة الغرابة بجدارة ، فجل ما يصدر منهم به مبالغة ملحوظة ..

وقد قال الله تعالى: “وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا” .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : “نهينا عن التكلف” .. رواه البخاري .

إذن أعزائي القراء ..

_ ماهي الصفة التي تمقتها بالمتصنع؟ ، وأخرى تنتقدها في العفوي ؟ .

_ في وقت كثر فيه الزيف والمكر ، أتفضل أن تكون شخصا عفويا يتعامل مع كل الناس بقلب مفتوح؟ .. أم تفضل الميل للتصنع حتى لا تكون نقاط ضعفك بادية للغير فيتخذها سلاحا ضدك؟ .

_ مابين العفوية المفرطة والتصنع المبتذل سطر رفيع مكتوب به التحفظ .. أكتب كلمة أو كلمتين تبدي بهما أفضل أسلوب يجب اعتماده في التعامل مع الغير ، خاصة في زمننا هذا؟ .

السؤال بقلم : أزيز الصمت

guest
31 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى