قصص الافلام

القصة الحقيقية لفيلم المغتصبون

بقلم : فؤاد السقا – مصر
[email protected]

تعتبر جريمة الإغتصاب من أبشع الجرائم على الإطلاق وقد شدد قانون العقوبات على المغتصب الحكم بالإعدام شنقاََ في بعض الأحيان ليكون ردعاََ لتفشي هذه الظاهرة وحماية المجتمع أيضاً ، وقد ينتج عن جرائم الأعتداء الجنسي للمجني عليها أضطرابات نفسية سيئة ناهيك عن الشعور بالذنب ولوم النفس والحسرة و عرضة لكرب ما بعد المآسي أو تقدم على الإنتحار وربما تصاب بأمراض خطيرة جسدية ونفسية على المدى البعيد،
وفي معظم المجتمعات خاصة الشعبية لديهم معتقدات خاطئة وهي نظراتهم السلبية والتشهير بالفتاة كونها مذنبة وليست ضحية ، وقد تصل الأمور للقتل.

عزيزي القارئ في هذا المقال نتحدث عن جريمة إغتصاب حقيقية وتم تجسيدهاََ
إلى فيلم سينمائي..

فيلم المغتصبون من إنتاج عام ١٩٨٩ من بطولة النجمة ليلى علوي ، حسن حسني، أحمد مختار، حمدي الوزير ، محمد كامل، محمد فريد وغيرهم من نجوم الفن ؛؛ سيناريو وحوار فيصل ندا وإخراج سعيد مرزرق..

blank
المغتصبون فيلم مصري من انتاج عام 1989 مقتبس عن حادثة واقعية حدثت في حي المعادي بالقاهرة

تدور أحداث الفيلم عن فتاة جميلة ذات أنوثة طاغية تدعى صفاء ، هي ليلى علوي ، تستقبل سيارة في إحدى شوارع القاهرة الهادئة مع خطيبها مختار ، وهو النجم أحمد مختار ، في تلك الأثناء ظهر لهم من العدم خمسة شباب شاهرين أسلحة بيضاء قاموا بإختطافهما إلى مكان بعيد ومهجور وتناوبون على إغتصاب صفاء بكل وحشية وخطيبها يرى تحت تهديد السلاح ، وبعد الإنتهاء من الممارسة البشعة ذهبت إلى منزلها برفقة خطيبها مختار و عندما قصت لوالدها الفنان حسن حسني قام بإبلاغ السلطات على الفور تم البحث على المجرمين و ألقى القبض عليهم وتقديمهم للعدالة وحكم على إثنان منهم بالإعدام شنقا والآخرين بالسجن المشدد بحسب السياق الدرامي!
الفيلم غير مناسب لصغار السن وينصح بمشاهدته تحت إشراف عائلي لأنه يحتوى على مشاهد جريئة و قاسية مثل مشهد إغتصاب البطلة ليلى علوي التي نالت على جائزة أفضل ممثلة لدورها في هذا الفيلم الذي يعد نقطة الإنطلاق إلى عالم النجومية ، ومن جهة أخرى مشهد الإعدام الذي جسده الفنان الراحل محمد كامل حيث صرح الرجل في إحدى البرنامج الفضائية عن مشهد إعدامه في فيلم المغتصبون قال : “شعرت بحالة من الرعب الشديد أثناء التصوير وأمرت العاملين على إغلاق المشنقة بأقفال حديدية خشية أن يتحول المشهد إلى حقيقة و أصبت بحالة إكتئاب بعد الإنتهاء من تصوير العمل الذي يعتبر من أصعب الأدوار التي قدمتها طوال تاريخي الفني !”

blank
الفنان الراحل محمد كامل ظهر في مقطع تنفيذ الاعدام في الفيلم

علماً بأنه تم تصوير هذا المشهد في غرفة إعدام حقيقية بحضور عشماوي و معاونيه في سجن الإستئناف بعد حصول صناع الفيلم على موافقة من اللواء زكي بدر وزيرالداخلية الأسبق ليكون مشهد الإعدام واقعي وذو مصداقية وهذا ما حدث.

والمخرج الجرئ سعيد مرزرق كان حريصاً على تقديم عمل فني مستوحى من قضية إغتصاب حدثت بالفعل روعت المجتمع المصرى آنذاك وشغلت الرأي العام وهي واقعة “فتاة المعادي” في منتصف الثمانينات قبل صدور الفيلم بسنوات قليلة حيث قدم لنا المخرج لمحة عن الأسباب الإجتماعية والتربوية والدوافع الرئيسية للإقدام على جريمة الإغتصاب أبرزها تعاطي المخدرات والبطالة وأصحاب السوء وغير ذلك،،

blank
البطولة كانت للفنانة ليلى علوي وكان بمثابة نقطة تحول في مسيرتها الفنية

وإستعان المخرج أيضاً بسجل تحقيقات النيابة في القضية الحقيقية وتقديمها لأبطال الفيلم لقرائتها والإطلاع عليها حتى يجسدون الأدوار بشكل جيد ،
هذه طبيعة أفلام سعيد مرزرق التي تتميز بالواقعية و تسلط الأضواء على قضايا إجتماعية هامة و بعيدة كل البعد عن الأفلام التجارية أوتحقيق مصلحة وشهره لنجم معين لذلك حقق نجاحاً كبيراً و إستمر عرضه في دور السينما لمدة سنة كاملة وحاز على إعجاب النقاد!

القصة الحقيقية

في مصر عام ١٩٨٥ و تحديدا في حي المعادي بالقاهرة كانت تسير سيارة ملاكي
في إحدى الشوارع الهادئة و يوجد بها فتاة جميلة تبلغ من العمر ١٧ عاماً برفقة خطيبها وهم في منتهي السعادة، وذالك بمناسبة عيد ميلادها ، لم تتخيل الفتاة البريئة أن تلك الليلة السعيدة سوف تنتهي بجريمة وحشية تكون هي ضحيتها وتفقد أعز ما تملك على يد خمسة شباب يعجز
اللسان عن وصفهم ، وإذا بها تفاجئ بأن سيارة أجرة تقاطع طريقهم وتتوقف على الفور ليهبط منها أربعة شباب و يتجه قائدها إلى خطيب الفتاة و يطلب منه خمسون جنيه وإلا تعرض لعواقب وخيمة،

يلاحظ خطيب الفتاة أنه محاصر من الشباب الذين يبدو عليهم تأثير المخدرات وحتى يتخلص من هذا المأزق ويتجنب المشاكل أخرج كل نقوده وهي ٢٥ جنيه فقط ، وهنا ينزعج الشاب و يشهر في وجهه سلاح أبيض و يطلب منه ترك الفتاة ومغادرة المكان كل ذلك حوالي الساعة الثامنة مساء تقريباََ حيث الهدوء التام في حي المعادي الذي لعب دوراً هاماً في وقوعهم داخل شباك هؤلاء الذئاب

في تلك الأثناء جائت سيارة زرقاء اللون هبط منها شاب أدعى أنه إبن أحد رجال المباحث ولابد من حضور الجميع معه إلى قسم شرطة المعادي للتحقيق معهم وإنهاء هذه المهزلة، ركبت الفتاة وخطيبها بحسن النية في السيارة الزرقاء مع الشاب برفقة واحد آخر والثلاث شباب الآخرين في سيارة الأجرة متجهين جميعاً إلى قسم الشرطة

إطمئن قلب الخطيبان للحظات وأن الله أرسل إليهم منقذا من هذه الورطة ولكن الإطمئنان لم يدم كثيراََعندما سمعا الشابان يتحدثان مع بعضهما و أحدهما ينادي الثاني بإسم أحمد والسيارة لم تتجه إلى قسم شرطة المعادي كما وعدهم الأخير و هنا تأكدوا أنهم تحت سيطرة عصابة خطيرة؟

إنحرفت السيارات إلى طريق شبه مظلم ومهجور ونزل الجميع بينما تم حجز خطيب الفتاة في السيارة الأجرة وشل حركته بواسطة السلاح الأبيض حيث قام المدعي أحمد بوضع نصل سلاحه على وجه الفتاة المسكينة وأمرها أن تخلع ملابسهاََ وتناوب على إغتصابها هو وزملائه واحدا تلو الآخر بكل وحشية داخل السيارة الزرقاء..

ولك أن تتخيل عزيزي القارئ حجم الإهانة والعذاب الذي تعرضت له الفتاة بعد التوسل والبكاء وخطيبها لا حول له ولا قوة يرى بعينيه عروس المستقبل تغتصب من قبل خمسة متهورين لعبت المخدرات بعقولهم المريضة

blank
المغتصبون الحقيقيون ..ابطال واقعة فتاة المعادي

وبعد الإنتهاء من حفلة الجنس القذرة التي إستمرت ساعة ونصف تقريباََ قام الشباب بقيادة سياراتهم وفروا هاربين والفتاة البائسة تلطم الخدود وتصرخ وفي حالة يرثى لها، قام خطيبها بجمع ملابسها المبعثرة على الأرض وتوجه إلى أقرب مكان يوجد به هاتف وأتصل بسيارة إسعاف أولاً وأسرتها أيضاً الذين حضروا على الفور وهم في صدمة كبيرة وتم تحويلها إلى المستشفى وتوجهوا إلى قسم الشرطة ، وهناك تم سماع أقول خطيب الفتاة عن تفاصيل تلك الواقعة ومواصفات الشباب لكنه تذكر حينها رقم السيارة التى وقعت بها الجريمة وتم تحرير المحضر

وعلى الرغم من أن أسرة الفتاة تعمل في وظائف محترمة لكنهم واجهوا القضية بكل جدية بدون خشية من الفضيحة؛

كان يوماً غريباً على محافظة القاهرة حيث أنتشر رجال المباحث في كل مكان وتم وضع أكمنة على مداخل المدينة تحسباً لهروب المجرمين ويعلم الناس جميعاً بواقعة الفتاة سالفة الذكر وينتابهم حالة من القلق على زوجاتهم وبناتهم حيث كان هذا السلوك الإجرامي غريب وغير مألوف لدى الشعب المصري في ذالك الوقت
والصحافة قامت بدورها من جهة أخرى بإلقاء اللوم والتأنيب لرجال الشرطة على عدم استباب الأمن في الأحياء الراقية مما أثار غضب الرأي العام

وبعد بحث مكثف تم القبض على أحد المجرمين وتوالى سقوط الآخرين وكانت الإجراءات الأولية عليهم تحليل دمائهم عن طريق الفحص الطبي ليتبين أنهم تحت تأثير مخدر الهيروين ،
أحد الجناه وهو المدعو أحمد صاحب سيارة الأجرة يعتبر أنه الوحيد الأكثر ندماََ على فعلته حيث قام بسرد تفاصيل حياته أمام رجال المباحث وعلى حد قوله أنه : “بعد تخرجي من الجامعة ظللت فترة طويلة بدون عمل لكن إحترافي لقيادة السيارات أبعدني عن طوابير البطالة حيث قامت أمي ببيع مصوغات ذهبية لتسديد أقساط سيارة الأجرة ومع مرور الوقت تحسنت أحوالي المادية وتزوجت وأنجبت طفلة ،
ويستطرد قائلا : إنه في يوم الجريمة المشئوم قادني حظي السئ لأحد أصدقائي وهو يعمل ميكانيكي سيارات و أعطاني تذكرة هيروين لكني رفضت في البداية وبعد إلحاح من زملائي الأشقياء وافقت على تعاطي جرعة الهيروين ، و أقترحنا الخروج والتنزه سوياً داخل حي المعادي الهادئ ، وقد لعب المخدر بعقولنا وصارت رغبتنا الجنسية متأججة للغاية ، في ذلك الوقت شاهدنا سيارة ملاكي داخلها فتاة مع خطيبها وقام أحدنا بإقتراح أن نغتصب الفتاة والآخر ألف سيناريو للايقاع بهم”.

blank
عقوبة الاعدام شنقا

حكمت محكمة الجنايات بالإعدام شنقاً على الشباب الخمسة وفي ذلك الصدد يسرد لنا أحد المنتدبين من مصلحة السجون والذي كان مشرفاً وشاهداََ على تنفيذ حكم الإعدام بحق الشاب أحمد وبحضور هيئة النيابة والواعظ الأزهري حيث يقول

“عندما طلب الواعظ الأزهري من أحمد أن يردد خلفه عبارة التوبة والشهادة ، وعند السؤال التقليدي والمعتاد من قبل رئيس النيابة والموجه إلى المتهم وهو هل تريد شيئاً قبل إعدامك؟
طلب الشاب ورقة وقلم كي يكتب رسالة إلى أمه وزوجته وافق رئيس النيابة وإشترط عليه الإختصار قدر الإمكان حتى يتم تنفيذ الحكم في الموعد القانوني وتم تسليمه ورقة وقلم وضعهما على ركبتيه وكتب هذه الرسالة :

“أمي الحبيبة سامحيني أحياناً قد يدفع الإنسان ثمن غلطة وحيدة إرتكبها في حق نفسه وحق الأخرين ؛
زوجتي الحبيبة القصاص مني في هذه الدنيا أهون علي العيش وأنا أتخيل إبنتي الوحيدة في موقف الفتاة البريئة التي إغتصبتها”

blank
قضية اخرى عرفت بقضية فتاة المعادي راحت ضحيتها فتاة شابة عام 2020

توجد جريمة أخرى حديثة لا تقل بشاعة عن المذكورة أعلاه في شهر أكتوبر عام ٢٠٢٠ في شارع ٩ بحدائق المعادي ، وقع حادث مقتل الفتاة الشابة مريم محمد البالغة من العمر ٢٤ عاماً عند إنتهائها من العمل وفي طريقها للمنزل قام ثلاثة شبان أشقياء يستقلون سيارة أجرة بالتحرش بها أولاً حيث حاولت الهروب منهم وهنا أراد أحد الشباب سرقة حقيبة ظهرها ، ولكن الضحية حاولت التشبث بها قدر المستطاع
فصدمت الفتاة بسيارة متوقفة على جانب الطريق وسحلت أسفل عجلات السيارة المسرعة التي يقودها المجرمون لتموت على الفور بشكل مأساوي ، تم القبض على المتهمين و تحويل أوراقهم إلي فضيلة المفتي ، ومن المفارقات الغريبة عرفت هذه القضية أيضاً بواقعة “فتاة المعادي” وتردد صدى هذا اللقب مجدداً في الشارع المصري بعد ٣٥ عاماً على وقوع الجريمة التي هي محور قصتنا في هذا المقال!

المصدر
المغتصبون (1989)حادثة إغتصاب فتاة المعادى 1985
guest
43 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى