أدب الرعب والعام

القط و الفأر

بقلم : عطعوط – اليمن
[email protected]

رآيت إني اغوص في البحار ،
وحولي تحوم الاسماك والمحار.
فجأة ظهر امامي،
تمساح مهول،
التهمني.
 فززت مرعوب من منامي مرهوب،
ولساني بارز خارج فمي مقلوب.

اريدك تفسر لي حلمي ياجدي الحبوب!

دعونا يا احفاد، فقد حان موعد الرقاد.

– دعك من الاعذار،
ها نحن في الجوار.

: إيها الابناء، هذا المساء اعفوني،
احس بالنوم يجث على جفوني.

قالت وداد: ساحضر لك فنجان شاهي حسب المعتاد .
فقال شداد: أحضرت لك كيك لذيذ، مغذي،
بشرط، ان تفسر لي حلمي.

قالت وداد: اريد قصة فيها مطاردة، و حصار.
قفز، ونط، ومغامرة، ياجدي المغوار!

: فهمتك، انت تريدي احكي لك قصة القط والفأر.

: آتى، كُل منهم  بما وعد،
تبسم الجد، وعلى السرير امتد .
بعد ان حمد واثناء وعلى النبي صلي…
قال:

ذات ليلة من ليال الشتاء،
إتى إلى البيت فأر الخلاء.
قالت وداد : ولماذا اتى ياجدي؟
رد: الم نتفق ان لا يقطع احدكم حديثي .
وداد: إعذرني ساغلق فمي،
واذا اردت… سأرفع إصبعي .
قال شداد: سأضحك كلما بدالي ، اليس كذلك يا جدي الغالي؟
قالت وداد: اريدك يا جدي، ان تتوقف عن الكلام،
في الاوقات التي اذهب فيها الى الحمام.
– والآن حدثنا يا جدي ،
ماذا جرى لفأر الخلاء بعد ان آتى؟ ولماذا آتى؟

إسمعا وانصتا:
اشتد قحط الشتاء،
فكاد الجوع ان يفتك بفآر الخلاء ،
بعد ان خلت المزارع من الحبوب بجميع انواعها،
وانعدمت في البساتين الثمار، والفواكة، بكل اشكالها.
وهن جسمه وعظامه،
احس انه في آخر ايامه.
رآى الموت يلوح في الإفق امامه.
شد حزامه .
مشى بخطى متسارعة، متجهآ نحو القرية.
يسمع اصوات امعائه متصارعة.
من شدة جوعه .
واجه في الطريق قطيع من الابقار،
كاد ان يهلك وينحشر ،
بين القواطع والاظفار .
وصل جوار جدار دار ،
سمع صرير فأر .
استبشر وتدفق في فمه الريق،
قال في نفسه:
الصديق لوقت الضيق.
الصوت ينبعث من تحت كوم الاحطاب.
توجه نحو مصدر الصوت،
يمشى متبختر لا يهاب الموت.
وكلما مشى عدة خطوات اصدر صوت.
رافعآ ذيله نحو السماء تثير رجليه الرمال، و الحصى.

– تقوس فار البيت واحتاس،
متخفي كاتم الانفاس.
خشيت ان يسمع القط، وعلى أجله يحط.

-كان كوم الاحطاب،
لايبعد كثيرآ عن الباب .
فخرج مسرعآ من جواره،
وأشار اليه ان يتبعه.
اوصله مخزن الغلات،
عبر احد الممرات.

– انهمك فأر الخلاء يآكل بإسراف.
بينما بقي فآر البيت تحت كوم اعلاف.
بعد ان شبع فآر الخلاء،
تبختر ومشى بخيلاء.
اقترب من فأر البيت فقال:
اشكرك في كل الاحوال.
على كرم الضيافة وحسن الاستقبال.

رد: نحن هناء في خطر،
إتبعني الى المقر،
وهناك سنكمل الخبر .

تسلقا الرفوف حسب المألوف .
ثم انحشرا في جحر فوق الباب .

– قال فأر البيت : الآن اخبرني سبب قدومك لزيارتي؟
رد فأر الخلا: كنت في جحيم وانت كما ارى في نعيم.
لكن مالي اراك هزيل عليل ذليل ؟
لوكنت مكانك لكنت بحجم الفيل.

رد : إخفض صوتك قبل ان نهلك،
يجب ان تعلم ان هنا ما هو اشد من الجوع وافتك.
لوكنت تقيم هنا لصرت بحجم الخنفساء.

رد: ماذا تقول ما هو هذا الشيئ المهول؟
قال: انه القط واحيانآ يقال له السنور. عيناه تشع كالفسفور. 
– ماهو شكله وحجمه ؟
رد: هو بحجم الارنب.
إلا إنه إن امسكك قطعك إرب.

قال: دعك من الفضول فانا لا اخاف ولا اهاب ما تقول.
رد: إذا رايته بعينك سوف تتمنى ان لم تلدك أُمك .
قال بعد ان هز رآسه: اتضح لي قصدك ومرادك .
هدفك ابعادي عنك .
كي تنفرد بمخزنك .
لكن ارني هذا المخلوق الفضفاض
ستراني انقض عليه انقضاض.

رد: قف جواري، متواري،
فوق عتبة الباب.
سوف اشير عليه عندما يمر،
وما عليك إلا ان تفر.
وإن امسك بك ياشاطر،
لن يكن لك من ولي ولا ناصر.

– دنا المغرب فبدأت الحيوانات تقترب.
دخل الحمار،
قفز فأر الخلاء،
وقال هل هذا هو ؟
رد فار البيت: كلا.
عاد فأختفى.
دخل الجمل،
فقفز وحط في ذروة سنامه،
وقال:
إن كان هذا فأنا لا اهابه.
رد: ليس هو.
عاد من جديد توارى.
توالى دخول الحيوانات
بقر، وماعز، وغنم،
وكلما دخل احداها المقر،
هجم فأر الخلاء على ظهر وصر .
اخيرآ آتى القط يتبختر،
بارز الانياب مبعوج النظر.
التفت قط الخلاء،
فوجد فأر البيت قد اختفى.
فنط وامام القط حط.
فوقع ذيله في فم القط قطه قط.
فنفذ بجلده بعد ان فقد ذيله.
استمر باحث عن زميله،
مذعور، مسعور.
واخيرآ وجده في جحر، من الجحور محشور .
وعندما شاهد ذيله مبتور قال :
وهو يلف حوله ويدور ههههه هههه
الآن هل اتضحت لك الامور .
بقى يرتجف ودمه من ذيله ينزف.
فقال: عليك ان تساعدني،
من هذا المكان تخرجني.
كيف لك ان تقيم قُرب هذا الجحيم!

-هاه اكمل ياجدي!
– غادر الدار مدحور، بذيل مبتور،
وفضل تقشف العيش،
في الخلاء المهجور،
على غدق ونعيم الدور.

استقبلته الفأرة رافعة على ذيلها شارة.
قالت:
بماذا اتيتنا ايها البطل المغوار،
من غلات ونعيم الدار؟

-دار امامها دورة خائب
مطاطء الراس منكوس الشوارب.

-قالت بعد ان نظرت قفاه:
يا للعار، قد اضحت عورتك مكشوفة، دون ستار.
اخبرني، ماذا جرى، ماذا صار، اين ذيلك البتار؟

رد: نص البلاء و لا كُله.
يازوجتي، إشكري الرب، على عودتي،
كاد القط ان يفتك بي.
لاتحزني لأن ذيلي انقطم فقد نجوت مماهو اشد والطم.

وهكذا يا شطار،
عاش الفار.
فلن ينسى ما صار ولن يفكر بتكرار دخول الدار.

شداد: والآن آن الأوان،
كي تفسر لي حلمي الآن.

إعلم يا صغيري،
أن رؤيا المياه من الرؤى الحميدة.
والغوص فيها هو غدق وغوص في النعمة.
ورؤيا
التمساح يشير الى الكد والكفاح.
فأنت والله اجل واعلم،
ستغدق عليك النعم
لكن بعد كد ونكد وهم.
والآن اذهبوا للمنام فقد حل بي التثاؤب وتكرر القعام.
شكروه فأجزلوه،
ثم انصرفوا، بعد ان احنوا رآس جدهم وقبلوه…
انتهى ومن يحب النبي صلي

الفهد

اليمن . للتواصل مع الكاتب : [email protected]
guest
31 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى