أدب الرعب والعام

القمر الأحمر : صحوة النسل الهجين

بقلم : احمد علي – مصر
https://www.facebook.com/prence.kassad.7/

في ربوع هذا العالم الخالي من البشر إلا في الثلث الجنوبي للكرة الأرضية ، وفي جياهب القرون الوسطى تحديدا .. سطرت أراضي رومانيا بقلاعها الحصينة المزينة بالأعلام الحمراء التي ينتصفها وشماً مرعباً لشيطاناً غريباً بأنياب قاطعة حرباً فريدة لم تشهدها الكرة الأرضية من قبل ، ربما لم يعبر ذلك العلم الغريب عن طبيعة سكان القلاع هنا وعن طبيعة تلك الجيوش القابعة وراء جدرانها لتؤمنها بالدم ، وهنا يظهر المشهد أمامنا فلاحة قروية بسيطة للغاية شقراء الشعر ، وقد كان شعرها مموه جيداً للوراء وقد وصل حتى خصرها على شكل ضفيرة أنيقة ، وقد كانت تلك المرأة الفرنجية حافية القدمان ترتدي ملابس فيكتورية ريفية قديمة ، وقد كانت امراة جميلة للغاية ، في العقد الثالث من العمر ، فارعة الطول ، وذات جسد أوليمبي جميل للغاية وبخصر ممشوق ، لقد كانت ترتدي في الأعلى سترة بيضاء بأربطة تغطي صدرها ، وفي الأسفل ارتدت تنورة ريفية بيضاء كشفت عن أكفف أقدامها التي كانت تفترش الأرض وتتبختر لتمضي في طريقها على مهل ، وعلى رأسها قبع منديلاً ريفياً غطى رأسها من الأعلى ليظهر جزءاً من شعرها الذهبي مرفقاً بضفيرتها المنسدلة للوراء ، وقد انتشرت على جنبات طريقها الطويل والخالي تماماً من أي نشاط يذكر الكثير من الحقول الذهبية المليئة بسنابل القمح الجميلة والتي أخذ الهواء الخفيف يداعبها يميناً ويساراً وكأنه يغازلها في تلك الليلة القمرية الجميلة والتي اتضح فيها قرص القمر في ظلام السماء كوضوح الشمس في جياهب النهار ، وقد كانت تمشي وهى تحمل تحت إبطها كومة كبيرة للغاية من القمح والذي أخذت حباته تتساقط منها أرضاً لترسم مشيتها الجميلة تلك وسط الطريق ، وقد كانت ترافقها في طريقها وتتشبث في ملابسها فتاة صغيرة تشبهها تماماً في الشكل وعلى الأغلب أنها ابنتها ، شقراء الشعر ، بيضاء اللون ، صاحبة ملابس ريفية فيكتورية ، وهنا .. وأثناء متابعة المراة لطريقها الطويل لتصل هى وابنتها لمنزلهن المراد ! توقفت فجأة بذعر في مكانها وكأنها تنبهت لشيء ما جذب أنظارها في تلك الحقول التي في الجوار ، وقد أخذت تتأمل و تنظر برعب بعيناها الزرقاء للغاية إلى قرص القمر المكتمل والذي انبثق يطل برعب في تلك السماء المظلمة الكئيبة ، وهنا استدارت المراة برفقة ابنتها لتكمل طريقها الطويل ، وقد اسرعت الخطى بشكل مفاجيء للغاية وقبضت بقبضة يدها المزينة بالخواتم الباهظة على كف ابنتها الرقيق لتمسك بها وكأنها تهاب شيئاً ما غير معلوم ، وقد حرصت أيضاً على كومة القمح التي معها وقبضت عليها بكفها لتدخلها تحت إبطها بقوة في الناحية الآخرى ، وقد أضحت مرتعدة أكثر وتواصل السير بعجل ، وقد كانت تلك الفتاة الصغيرة الجميلة التي معها تتشبث بملابس أمها وهى تسير معها وتشعر أن أمها ليست على مايرام ، وهنا ! توقفت الأم عن السير تماماً برفقة ابنتها بسبب هذا المشهد المرعب الدامي و الذي سد طريقها بدون أي مبررات تذكر ، لقد كان أمامها في منتصف الطريق الكثير من الرجال القرويين والنساء مجهولي ومجهولات الهوية والمصروعين أرضاً بشكل مفزع ، لقد كانت ملابسهم الريفية المتعددة الألوان ممزقة للغاية ومدماة بشكل بشع ، وقد انطبع عليها آثار واضحة للغاية لمخالب القاتل الذي فتك بهم أجمعين ، وعلى مايبدو أن هذا القاتل الكاسر لم يكتفي بقتلهم فقط لا ! لقد كانت عربة الجر الخاصة بالمحاصيل خاصتهم مكسورة وملقاة على جانب الطريق وهى فارغة تماماً ، وقد كانت النساء ملقيات على الأرض وممدات بملابسهن الفيكتورية التي كشفت بعض عوراتهن والتي غطاها المشهد تماماً وهن ينظرن للسماء وأعينهن مفتوحة من الرعب والفزع ، وقد كانت على أعناقهم البيضاء الخالية تماماً من الحلى آثار لأنياب من قبل عضات قاتلة تركها نفس الوحش الكاسر عليهن بعد أن لقين حتفهن رفقة رجالهن هؤلاء ، وهنا انتفضت المراة من مكانها وألقت كومة القش أرضاً من شدة الخوف الفزع ، وقد بدأت تلك الملاك الصغيرة بالبكاء إلى جوارها ، وقد ضمتها أمها بعدها إلى جانب فخذها لتواسي إياها وهى تتأمل هؤلاء النساء والرجال وتنظر إليهم بمقت وغضب كبير ، وهنا قالت المراة وهى تقضب جبينها وابنتها تصرخ إلى جوارها بفزع ..

إنه هجوم مستذئب ! سي …

وقبل أن تكمل جملتها تلك .. بدأت الحياة فجأة تدب في هؤلاء الأموات الذين أمامها نائمين أرضاً دون حول ولا قوة ، وقد بدأت إحدى النساء من على الأرض في الصراخ بقوة شديدة وكأنها تستعيد روحها من جديد ولكن بألم فظيع لايوصف ” تتحول ” ، وقد تلاها كافة هؤلاء الأموات الذين على الأرض ! وقد بدأت ملابسهم التي تكسي أجسادهم تتمزق بسبب عضلاتهم التي أخذت تكبر شيئاً فشيئاً لتمزق الملابس ، بينما كانت أفواهم وأنوفهم تتمدد للأمام وينمو لها أنياب قاطعة وكأنهم يتحولون لذئاب فور هذا الهجوم تحديداً ، وقد كانت آذانهم تتحول لتتقلص أكثر و لتصبح مستدقة تماماً للوراء ، بينما كان جلدهم يتبدل تماماً ليتغير لونه إلى اللون الأسود الداكن ولينمو له بعض الشعر القليل في أكثر من مكان تاركاً بعض الأماكن التي تكاد تكون جلداً بلا شعر ، وقد تخلصوا على الفور من ملابسهم فور اكتمال التحول وشعورهم بالقوة ،واستيقظوا بعدها منتصبين أرضاً أمام تلك المراة الضعيفة متخذين هيئة ذئاب لاكينية بشعة للغاية تزمجر وتتقدم رويداً رويداً نحو المراة الغاضبة وابنتها الخائفة وهم يزأرون في وجهها مكشرين عن أنيابهم الكبيرة وأفواهم الواسعة التي كانت تنفث الدخان ، وهنا وبينما كانت الفتاة الصغيرة تبكي بشدة وتحتمي في تنورة أمها من الوراء بسبب هؤلاء الوحوش الكاسرة الذين يتقدمون نحوها ليفتكوا بها .. فجأة قضبت الأم جبينها بغضب شديد في وجه هؤلاء الذئاب ، وقد فتحت شدقها على آخره والمفاجأة ! لقد كانت تمتلك أنياب حادة مثل الخفاش تماماً ومن هنا نستنتج أنها ليست مجرد إمرآة عادية تخطو منعزلة داخل أرضي رومانيا القديمة بل كانت مصاصة دماء ، وقد أخذت تبخ في وجوه هؤلاء الذئاب وهى كاشرة عن أنيابها متوعدة إياهم لو اقتربوا من ابنتها التي كانت تصرخ في الوراء ، وقد أخذ الذئاب قبل هجومهم عليها ينظرون إليها وهم يزئرون أيضاً كاشرين عن أنيابهم متوعدين إياها بالموت والتحدي ، بينما بادلتهم هى نفس الزئير المعلن بالأنياب للحظات معدودات ، وبعد برهة من الزمن .. انقض أحد الذئاب عليها راكضاً من مجموعته وأسقطها أرضاً بسهولة ، لينطلق الذئاب كلهم بعدها مرة واحدة متوجهين صوبها هى وابنتها في هجوم دامي للغاية ، ويظهر المشهد أمامنا الآن تلك الدماء الساخنة والغزيرة والمختلطة بالآلام المرآة أثناء صراعها مع الذئاب ، والتي تنثارت بشدة وانسدلت ببطء من قارعة الطريق متجهة شيئاً فشيئاً صوب سنابل القمح التي قد اخذ يداعبها الهواء في ريعان الحقل ، وآخر ماتركته تلك الفامبيرالريفية ورائها قبل أن يغيب المشهد عن الأنظار مظهراً هذا القمر الكبير الذي في السماء هو صرختها المفزعة التي دوت بلاهدى في الأجواء من كل الاتجاهات ..

بعد هذا الهجوم الدامي تحديداً اجتمع سادة الدم على مائدة القلعة بقيادة ملكهم الشرعي المتوج مليكور لوضع خطة محكمة من أجل إيقاف هجوم المستذئبين الأوائل على حقول الفامبير وأراضيهم ونهب خيراتها للفرار بها في اقاصي الأرض حيث يمكثون هناك في العراء بلا أي مأوى يذكر ، وقد كان هؤلاء الذئاب المتمردين غير قادرين بعد على العودة إلى أشكالهم البشرية قبل التحول ” لاحقاً في باقي الأجزاء ” ، ولقد كان مليكور جالساً بغضب في منتصف تلك المائدة الكبيرة ، بزيه العسكري اللافت و المكون من درع معدني لامع للغاية وبراق كوميض اللهب ، وقد اتشحت رأسه وغطتها خوذة معدنية فضية و أنيقة للغاية وفي أعلاها كانت توجد خيوط غليظة تنسدل منها لتزينها بشكل متقن ” الزي الرسمي لفرسان الدم ” ، وقد قبع إلى جواره مترامين على الأطراف على نفس الطاولة فرسان آخرين مطمسي الوجوه يرتدون درعاً معدنياً أسود اللون منقوشاً بنقوش ذهبية جميلة لتضيفه أناقة ، بينما كانت خوذاتهم التي على رؤوسهم عبارة عن رأس ذهبية تشبه القناع تماماً منقوشة على شكل وجه أسد يزأر وقد كانت من الذهب الخالص ، وقد طمس هذا القناع المنحوت على شكل أسد بلبدة كبيرة وجوهم عن الرؤية تماماً ، بينما لم يظهر من هيئتهم سوى صوتهم الغليظ المنبثق من وراء القناع والذي يدل بالفعل على فرسان أشداء وأقوياء للغاية ، وقد كان هؤلاء المحاربين الأشداء ما هم إلا نخبة محترفة من صيادي مصاصي الدماء المتميزين ، والذي استعان بهم المطران مليكور من أجل قتل زعيم المستذئبين كوموديوس ودحر شر أعوانه الملاعين من أرض عشاق الدم للأبد ، وقد كان أحد هؤلاء الفرسان الثلاثة امراة ، نعم ولقد عرفت ذلك من خلال درعها النحيف والذي برز منه تجويف صدرها الحديدي للأمام ليناسبها كامراة ، وقد ارتدت بدلاً من خوذة قناع رأس الأسد رأس لبؤة دون لبدة لتتماشى معها ، وهنا أظهر المشهد أمامنا مليكور وهو يهمس برفق إلى أحد هؤلاء الفرسان وقد جادله قليلاً وقد أومأ له الأخير برأسه اشارة منه هو ومجموعته على الاتفاق مع زعيمهم المخضرم ، وفور نهوضهم من على الطاولة وانحنائهم لزعيمهم كإشارة على التحية ، وقد بدأت تلك المطاردة الدموية أخيراً داخل الأراضي المحرمة ليغيب المشهد بعدها على الفور .

وهنا يتضح المشهد أمامنا مجدداً في غياهب تلك الأرض العشبية القحلاء التي في وسط غابة ذابلة الأشجار نوعاً ما ، وقد ظهر الليل الأسود وألقى بظلاله على أرضها وقد انتصفه قرص القمر الأبيض المنير ليزيد تراجيدية المشهد أكثر وأكثر ، وهنا .. يظهر فجأة أمامنا هذا الفارس العاثر بدرعه المعدني الأسود الأنيق والمنقوش بالزخارف الصفراء ، بالإضافة إلى خوذته التي تشبه القناع الذهبي التي على شكل أسد ، وقد ظهر بدوره هنا مترنحاً حائراً وهو على ظهر حصانه وكأنه ضل الطريق تماماً ولا سبيل أمامه للعودة ، وقد كان حصانه الأسود القوي مربوطاً في سرجه من السفل أكثر من أربعة رؤوس لوحوش الذئاب اللاكينية المقطوعة والمنحورة تماماً على يد هذا الصياد الماهر، والذي على مايبدو أنهم خاضوا معركة مريرة جداً أمام هذا الصياد الدامي المثقل بالأسلحة والخبرة الميدانية في قتل المستذئبين بشتى أنواعهم ، وقد كان إلى جوار أقدام حصانه من الأسفل كلاب شرسة للغاية ذات لون أسود داكن من نوع ” بريسا كناريو ” كانت ترافقه بحذر ، وقد صفدت رقابها العريضة وأجسادها المدججة بالعضلات بالأطواق الذهبية المنغمة بالأشواك البارزة المهيبة ، وقد كان عدد تلك الكلاب المتوحشة هو ثلاثة ، وهنا كان هذا الفارس الصياد والذي هو بالأساس مصاص دماء فيكتوري صياد أرسل من قبل مليكور في مهمة خاصة هو ورفاقه من أجل قتل زعيم المستذئبين كوموديوس وتكدير صفوف أبناء الأراضي المحرمة القابعة خارج المملكة تائهاً ويناغم نفسه بصوت خفيض قائلاً بغلظة وسط تلك الأمطار الغزيرة التي بدأت تنسدل من السماء بسرعة البرق ..

” تباً ، إنه اليوم الثاني لي وأنا أبحث في أرض الذئاب الملاعين عن أنغوريا وكريفن واللذان ضللتهما بعد الهجوم الدامي الذي تعرضنا له من أعوان كوموديوس والذين كان يقدرعددهم بالمئات !”

وهنا أتبع قائلاً يتأمل ذلك الكلب الشرس صاحب العينان البراقتان وهو أسفل جواده يلعق أنفه بلسانه العريض ليرتشف قطرات المطر التي هطلت على جسده هو وأخوته ..

“الكلاب لن تتحمل تلك الظروف ، وتلك الحرب التي خرجت عن السيطرة ، إنه اليوم السابع لنا وأنا وحدي ، كنت أمتلك 10 كلاب قبل ذلك الهجوم الغبي من قبل أعوان كوموديوس ، هذا بخلاف أنغوريا وكريفن وكذلك الكلاب التي قبعت تحت أحصنتهم والذين اختفوا جميعهم تماماً وضلوا الطريق عني ، لو لم أجد أصدقائي خلال يوماً آخر سأبحث عن كوموديوس وحدي وسأقتله بأي شكل ، ربما هو قريب من تلك البقعة الآن ، بالكاد أشعرأنه يرصد خطواتي ووجودي الغير مرحب به هنا ، لا أعرف ؟ أشعر أنه قريب للغاية “

وهنا سار هذا الفارس القوي بزيه الفيكتوري وحزام خصره الملفوف الذي اكتظ بدوره بشتى الأدوات والأسلحة التي سوف تساعده في طريقه الصعب ، وقد قبع في سرج حصانه أسلحة نوعية أيضاً وخطيرة للغاية ، كرامي السهام الأوتوماتيكي والذي هو متطوراً وأثقل قليلاً من القوس البدائي العادي ، وخاصة تلك القنينة المعدنية المستديرة والتي تقبع على خصره يرتشف منها بعض قطرات سائل الدم الحيواني الممزوج بالبشري كل فترة من أجل مده بالحيوية والقوة كمصاص دماء صياد ، وقد تحرك بعدها على الفور وركل بجانب قدميه بطن جواده والذي انطلق يسرع في جياهب تلك الأرض القاحلة مرفقا بالكلاب الحامية التي كانت تركض وراءه لاهثة بألسنتها لتحميه ، وقد كان العلم الروماني الخاص بقلعة مصاصي الدماء يرفرف على جوانب الحصان المنطلق بقوة بواسطة سرية طويلة بنصل حاد ثبتت في سرجه بإحكام ، وأثناء ركض الحصان التمع درع فارسه المعدني أكثر بسبب هطول المطر الغزير عليه من ريعان السماء ، وهنا توقف الفارس بحصانه في مكانه على الفور بعد أن شجت صاعقة قوية الأرض من أمامه بعنف وقد جعلت النيران تضرم في الحشائش بسرعة شديدة لتسد له طريقه بنيران هائلة مشتعلة من الأمام كالجبل ، ولم يكن المطر الغزير ليخمدها عن طريقه بسرعة وبسهولة بسبب اشتداد لهيبها البرتقالي الوهاج في وجهه والذي كاد أن يطاله بدرعه لولا أنه تراجع بفرسه وكلابه الغبية نحو الوراء من أجل انسداد مفترق طريقه الوحيد الذي أمامه ، وهنا شعر بالقلق كثيراً بسبب تلك النيران الهائلة التي تتقدم نحوه وهاً تلتهم الأرض والحشائش التهاماً ، وقد رفع رأسه بعدها ينظر بخوذته التي تتشكل على هيئة رأس الأسد الزائر إلى السماء وهى مخضبة بالمطر وتبرق بشدة وقوة قد جعلت الحصان يصهل بعنف و يرفع قدامه في الأعلى لينحني مجدداً ضارباً الأرض بقوة بسببها وبسبب تلك النيران الهائلة التي كانت تنتشروتحوم في المكان بسرعة رهيبة ، حاول مصاص الدماء التريث و تهدئة هذا الحصان والقفز به من فوق جدار النار تاركاً كلابه في الوراء إلا أنه فشل في ذلك بسبب عدم استجابة الحصان لأوامر سيده القوي ، وكل ما كان يفعله بعدها وسط الكلاب وهو سحب لجام فرسه بقوة لإيقافه عن الثوران بسبب تلك النيران العاتية و البرق الأزرق الخاطف الذي كان ينير السماء ويدوي في الأفق بلا توقف ، ولكن هذا الحصان العنيد والمدجج بالعضلات كان مذعوراً للغاية وخائفاً جداً وهو يصهل بقوة أمام لهيب تلك النيران الحامية ، وهنا أخذ الفارس يحاول ويحاول حتى يثنيه عن التراجع للوراء ولكن لا فائدة ، وهنا نبحت بعدها الكلاب بقوة شديدة للغاية محاولة الاقتراب أكثر من تلك النيران التي أخذت تلوح بعنف أمام مصاص الدماء وحصانه الهائج وكأنه تحاول الهجوم عليها بغرابة شديدة ..

” تباً ! ما بال تلك الكلاب اللعينة أيضاً ؟! اللعنة ! كيف سأقوم بقتل مستذئب مثل كوموديوس بفريقاً غبياً كهذا ؟؟ “

وهنا كان الحصان خائفا من شيئاً ما آخرغير الرعد خلف حائط النيران الجبار هذا ، وقد بدأ الفارس مصاص الدماء المسمى ” آرغاي ” يشعر به جيداً ! خاصة عندما ابتعدت الكلاب عن النيران قليلاً وهى تنبح بعنف ويتساقط الزبد بغزارة من أشداقها بشكل مفزع ، ولقد عرف آرغاي أن العدو الكامن لجنسه الأحمر هنا وخاصة وراء ذلك الحائط الذي هابت منه حيوانته المدربة ، وبالفعل ! لاح أمام أعين الفارس الهمام مصاص الدم وجهاً أسوداً بشعاً لمستذئب غاضب بأعين براقة وأنياب بيضاء طويلة يقبع وراء تلك النيران ببرود يتملقه بغضب ، وهنا ، انتفض هذا الفارس الشجاع بحصانه وصرخ بغلظة رافعاً سيفه البراق في الأعلى ..
” ذئااااااااااااب ! “

وقد كان سيف آرغاي البراق وعريض النصل مصنوعاً من الفضة الخالصة النقية و المستخدمة من قبل أبناء الدم على الدوام ضد جحافل أبناء العواء المرعب لدحر شرورهم البعيدة ، وبعد تلك الصرخة تحديدا من قبل هذا الفارس المرعب انبثق أول مستذئب فاتحاً فكيه وقافزاً ببراعة من وراء ألسنة اللهب المشتعلة وقد لامسها بسرعة شديدة ورهيبة متجهاً صوب آرغاي وحصانه والذي أخذ يترقبه بحرص منتظراً إياه ، وعندما كان هذا المستذئب صاحب الجلد الأسود قافزاً في الهواء وفي طريقه للانقضاض على آرغاي والذي كان قابعاً فوق حصانه ممسكاً بسيفه وهو مستعداً ليقابله بضربة قوية تشجه ، قابله الأخير بالفعل بضربة قوية للغاية من نصل سيفه الفضي اللامع وقد ارتطمت في خصره وجسده الأسود المدجج بالعضلات وقسمته إلى نصفين وأسقطته أرضاً مشطوراً لتغمر دمائه وأحشائه تلك الأرض الباردة من تحته ، ولتنقض الكلاب بعدها بعنف على أشلاؤه الممزقة تمزق فيها أكثرولتضف لهذا المشهد المرعب الممزوج بالدماء والنيران وحشية وتراجيديا منفرة أكثر وأكثر ، وبعد سقوط أول مستذئب تفاجأ آرغاي بعدها بظهور أكثر من مستذئب غاضب من شتى الاتجاهات التي تقبع من وراء النيران ، وخاصة من عند تلك الصخور المنبثقة والتي كانت تقبع بشموخ من وراء ألسنة اللهب المتراقصة ، وقد كان المستذئبين من وراء النيران يتأملون آرغاي الذي انتصب بحصانه وكلابه بلا أي حيلة تذكر فوق جسد صحابهم المشطور لنصفين ، وقد كانوا ينخرون الدخان المصحوب بالشهيق والزفير من أنوفهم وأفواههم المدججة بالأنياب وهم يتملقونه بغضب وغلظة مظهرين أنيابهم البيضاء التي ظهرت من رحم تلك الأجساد السوداء المنفرة ، وهنا نخر حصان آرغاي بأنفه في قلق وقد بدأ الهجوم عليه بعدها على الفور من كل حدب وصوب من قبل المستذبين الغاضبين والذين قفزوا تجاهه بسرعة شديدة من وراء ألسنة النيران الحامية ، وهنا قفز أحد الذئاب القوية تجاهه بنفس نهج وأسلوب زميله السابق وهو فاتحاً فكيه وكفاه المليئان بالمخالب من أجل أن ينكل به ، إلا أن آرغاي العنيد قابله وهو في الهواء بقذيفة شبكية خاصة أطلقها من قاذفة شباك معدنية انتعلها من خصره قد كبلت و قيدت الذئب في داخل شبكة بيضاء غليظة وأسقطته أرضاً يحاول التمرغ والفكاك أسفل أقدام فرس آرغاي الذي أخذ يصهل رافعاً إياهم مرتعداً ، وقد هجمت كلابه بعدها تحاول بيأس أن تنهش جسد هذا الذئب القوي القابع أرضاً وهو يتمرغ وراء تلك الشباك الغليظة التي تمنعه من الفرار والقتال ، وبعدها انطلق ذئباً آخر تجاهه متجاوزاً النيران وقافزاً الهواء من أجل إتمام مهمة زميله السابق ولكن آرغاي الصياد المتقن والخبير وضع يده بسرعة رهيبة في حافظة خصره وانتشل منها على الفور شيئاً ما أخفاه في قبضة كفه وعندما فتح أصابعه ليوجهها ناحية المستذئب انطلق منها على الفور نحو جسده تروس معدنية صغيرة للغاية وحادة قد استقرت في جسده لتصيبه بدقة وتفشل هجومه المراد و لتسقطه بعدها على الفور من الهواء صوب النيران من تحته مباشرة ليتأوه بعدها بداخلها بعد أن غمرت جسده الأسود وهو مزمجراً من الألم محترقاً فيها ، أخذ آرغاي بطل الدم يصد الهجمات من هنا وهناك من قبل المستذئبين الغاضبين ببراعة شديدة وقد كان محارباً خبيراً بالفعل وهو الأنسب بالفعل كما وكل له لصيد مطران الذئاب كوموديوس ، ولكن كما قال أحد الحكماء بالفعل .. الكثرة تتغلب على الشجاعة ، وفي أثناء صد آرغاي لهجمات الذئاب من هنا وهناك فرغ قليلاً ليلتقط أنفاسه خاصة بعد يأس الذئاب من مقاومتهم له ، وقد كان غير منتبهاً تماماً لهذا الماكر الأسود الذي انتصب خلفه برأسه الكبيرة وأذنه المستدقة يرمقه بغضب ، ليشن عليه بعدها هجوماً مباغتاً من الخلف لينال منه أخيراً بمخالبه مسقطاً إياه أرضاً تحت أقدام حصانه وسرجه والذي تعلقت فيه إحدى أقدام آرغاي والتصقت في مكبح السرج ليخلصها بعدها بصعوبة بعد أن جذبها بقوة منه ، وهنا هرب الحصان بسرعة داعساً بأقدامه صاحبه الذي كان تحته يصارع هذا المستذئب الذي هجم عليه محاولاً بكل مايستطيع ابعاد رأسه الكبير وفكه المدجج بالأنياب عن رأسه المتشحة بخوذة الأسد والتي كان يحاول النيل منها بفكيه القويان ، وعندما التفت آرغاي للوراء قليلاً ليبحث عن الخلاص من هذا المستذئب العنيد ، وجد مستذئباً آخر قام بالامساك بالحصان وسد الطريق من أمامه ! ليقوم بعدها برفعه في الهواء بسرجه المدجج بالأسلحة وليقوم بعض بطنه عضة قوية لتنسدل أمعائه منها على وجهه وقد كان منتشياً ، وليطيح به بعدها بقوة تجاه النيران لينغمر جسده فيها محترقاً ، وهم بعدها هاجماً بكل مايستطيع صوب آرغاي والذي كان أرضاً يحاول النهوض بعدما تخلص من المستذئب الذي كان قابعاً فوقه ، وعندما حاول هذا المستذئب الثاني أن يتمكن منه وهو على الأرض قام آرغاي وهو منبطح أرضاً بركل وجهه الكبير الذي كان يحاول الاقتراب منه بفكه البشع ، وعندما لم تثنيه تلك الركلة عن رأيه واقترب منه بفكه مجدداً ليحاول قتله ، كان الصياد يرتدي في كوعه مخمد كروي واقي للصدمات وفي أسفله فتحة جوفاء غير معلوم فائدتها ، وعلى الفور أتت الإجابة والتي تشكلت في نصلاً حاداً خرج منها ، و قام آرغاي على الفور بغرز كوعه المسلح في رأس المستذئب بسرعة ليثقبها ويقتله بسرعة رهيبة ليس لها مثيل ، وهنا نهض آرغاي بسرعة ليسترسل الأمورمن حوله بسرعة رهيبة ، لقد كان منتصباً وحيداً وهو محاطاً بأجساد وأشلاء المستذئبين الذين قتلهم بعد معركة دموية أنيقة ، وقد توقف بعدها بدرعه اللامع وقناع الأسد وتنورته الفيكتورية التي انبثقت منه أقدامه المتشحة بالحذاء المدرع ينظر يميناً ويساراً ليرمق أحد الرجال الغرباء وهو يتقدم أمامه ببطء بعد أن خمدت النيران ، وقد كان رجلاً متوسط الجسد صاحب لحية سوداء أنيقة وشعر طويلاً منسدلاً حتى كتفيه ، وقد كان يرتدي سترة بنية بالية وبنطال فيكتوري يخص العصور الوسطى ، وهنا تقدم نحوه يبتسم ابتسامة خفيفة و أثناء رمق آرغاي له بقناع الأسد الذهبي قال له بسخرية ..

أهلاً أخي ، أنا سعيد للغاية لرؤيتك هنا ؟!

وقد توقف بعدها آرغاي بدرعه اللامع وقناع الأسد وتنورته الفيكتورية التي انبثقت منها أقدامه المتشحة بالحذاء المدرع ينظر يميناً ويساراً ليرمق أحد الرجال الغرباء وهو يتقدم أمامه ببطء بعد أن خمدت النيران ، وقد كان رجلاً متوسط الجسد صاحب لحية سوداء أنيقة وشعر طويلاً منسدلاً حتى كتفيه ، وقد كان يرتدي سترة بنية بالية وبنطال فيكتوري يخص العصور الوسطى ، وهنا تقدم نحوه يبتسم ابتسامة خفيفة و أثناء رمق آرغاي له بقناع الأسد الذهبي قال له بسخرية ..

“أهلاً أخي ، أظنك هنا تبحث عني !”

وهنا أخذ آرغاي يدقق النظر في هذا الرجل الغريب صاحب الأقدام الحافية والملابس البالية قائلاً له بصوته الشيطاني الغليظ ..

“من أنت ؟؟”

وهنا ابتسم الرجل أمامه في سخرية ولم يجبه ، وقد أدى ذلك إلى غضب آرغاي والذي أخرج خنجراً صغيراً من مرفق ساعده الحديدي وقام بإلقائه بغضب نحو هذا الغريب قائلاً له بصيحة مفزعة ..

“لقد قلت لك من أنت ؟!!”

وهنا التقط الغريب الخنجر وهو متقدماً نحوه في الهواء قبل أن يصل إلى وجهه ويصيبه ببراعة شديدة للغاية وكأنه ساحر ، وعلى مايبدو أنه لايقل في الخبرة والبراعة عن صياد الدم آرغاي والذي وقف أمامه مذعوراً قائلاً له مكرراً سؤاله الأول ..

“من أنت ؟!”


“أنت هنا للبحث عني ياتاجر الموت أليس كذلك ؟؟ لقد أتيت خصيصاً من قلعتك للبحث عن شيء ما هنا وأظنك الآن قد وجدته فهنيئاً لك !”

“كوموديوس ؟!!”

“أظن ذلك ، أظن أنني بالفعل ملك الذئاب اللعين الذي يود مليكور أنه ينحره بيد صياد فاشل من صياديه الحمقى والتي روت دمائهم أراضينا المبجلة على مدار تلك عقود المنقضية ، لا أعرف لماذا اعتقد هذه المرة بالذات أن حفنة الصيادين الثلاثة الذين أرسلهم والمكونين من رجلان وإمرآة سيقومون بقتلي وإخفاء سيرتي للأبد ؟؟ “


“كيف عرفت أننا ثلاثة ؟ أين أنغوريا وكريفن أيها الحقير ؟؟”

“أهااا ، أتقصد صديقاك الأحمقان ، رجاءاً صديقي استمع لي قليلاً ، بالنسبة للفتاة فارعة الطول وشقراء الشعراء وصاحبة القناع الذهبي قد كانت ضعيفة للغاية وفي مقتبل العمر خاصة وأن رجالي قد تولوا قتلها بأنفسهم ومزقوها إرباً إرباً أمام أنظاري دون رأفة ، أما بالنسبة للرجل فقد كان خبيراً ومتقناً مثلك وقمت أنا بالتنكيل به بعد أول دقيقة فقط من بدء معركتنا ، وقد قمت بخلع قناعه الثمين بعناية وهدوء شديدان بعد أن قتلته وأرفقته في مجموعتي الثمينة المكونة من أقنعة الصيادين العاثرين والذين قتلتهم برفقة رجالي وهم مرفقين بقناع الفتاة صديقتك أيضاً “

وهنا قام هذا الرجل والذي هو بالأصل زعيم الذئاب الأوائل كوموديوس باخراج قناع أنغوريا الذهبي مرفقا بقناع كريفن من بين ملابسه وقد كان ملطخان بالدماء وأطاح بهما أرضا تحت أقدام ارغاي الذي نظر اليهما بقناعه وهو حزين ليقول له بعدها بغضب مشهرا سيفه الفضي ..

“أيها الحقير ؟! سأجعلك تدفع ثمن هذا “

وهنا هجم آرغاي مصاص الدماء بسيفه الفضي صوب كوموديوس وأراد أن يصيب عنقه ويقطع رأسه بضربة مميتة انطلقت من نصل سيفه البطاش ، إلا أن الأخير انحنى أرضاً على الفور ليتجاوز تلك الضربة المميتة من سيف آرغاي القوي والذي كاد يقطع رأسه ويقتله ، وقد وجه بعدها وهو منبطحاً لكمتان قويتان للغاية إلى بطن ودرع مصاص الدماء العنيد لتجعله بعدها يتألم ويتأوه بشدة من وراء قناعه ليمكث على إحدى ركبتاه في تعب ، وعندما استجمع قواه وهم للنهوض مجدداً ليهاجم كوموديوس الذي انتصب أمامه بشموخ يراقبه وهو ينهض .. لكمه المستذئب الأول لكمة عنيفة للغاية وقوية في أسفل ذقنه قد أطاحت به بعيداً من أمام كوموديوس الذي كان قوياً وجباراً للغاية بالنسبة حتى لآرغاي ، وهنا .. كان آرغاي على الأرض يتألم و يراقب كوموديوس وهو يتقدم نحوه من بعيد متبختراً بعد أن ضربه بقوة وأطاح به ، وعندما نهض لينظر إليه كان قناع الأسد الذي يرتديه محطماً تماماً جراء اللكمات العنيفة التي تلقاها في وجهه من قبل كوموديوس العنيد ، وهنا قام بخلع خوذته وقناعه وألقاها بعيداً عنه تماماً ليظهر لنا وجهه الشجي ، لقد كان آرغاي مصاص دماء في العقد الثاني من العمر أشقر الشعر ، وقد كان شعره طويلاً للغاية حتى غطى كتفيه ، وقد كان صاحب أعين زرقاء للغاية وأشد زرقة من عنان السماء البعيدة ، وقد كشف عن أنيابه باعتباره مصاص دماء خالص ، والتي صدرمنها فحيح موصوم بالشر تجاه وجه هذا الذئب الشرس الذي كان يتقدم نحوه مبتسماً بسخرية وهو يراقبه أثناء تألمه وجزعه الشديدان ..

“نفس سيوف الفضة التي صنعوتها لابادتنا أيها الملاعين ، صنعتموها من أجل التفكير في القضاء على كوموديس فقط والذي قد وجد طريقة الآن ليريكم وجهه البشري العادي ، لقد استعبدني مليكور لعقود في داخل قلعته ونفاني بعدها هنا برفقة رجالي من أجل اتهامنا بممارسة الجنس مع نسائه اللعاهرات وتدنيس نسله اللعين ، لا أعرف كيف يفكر مليكور بهذه الطريقة البدائية والتي انقرضت تماماً من الساحات الآن ؟؟ لقد أصبح بعدها الأمر مختلفاً تماماً ، ألا توافقني الرأي ياصديقي ؟”

وهنا قال له آرغاي وهو يوجه قبضته نحو وجهه والتي صدها كوموديوس بسهولة ..

“أنت خنت العهد ، مليكور فعل عهد الدم الذي بيننا وبينكم وأنت نقضته ، من يدنس شرفنا .. يجب أن يموت ! “


وهنا أبطح كوموديوس قبضة آرغاي المستسلم تماماً ، وقام برفعه بعدها بكل ببساطة من على الأرض بكلتا يداه ، ثم أطاح به بعيداً بقوة شديدة للغاية ليرتطم جسده بعدها في تلك الصخرة الكبيرة الموازية لهما ويحطمها بسرعة البرق قبل أن يسقط أرضاً مجدداً وهو يتألم ..

“لم يخبرك ديكتاتورك الغبي أن كوموديوس لايخاف الفضة لأنه أكثر من مستذئب ، أكثر من ذلك بكثير ، أنا إله ، إله كل المذؤبين من حولك يا ابن الدم ، الاله لايمكن أن يقتل بواسطة مصاص دم فقير أبداً ، أنا لم أدنس العهد ، كل مافعلته هو أنني أردت صنع فيصلاً هجيناً ومميزاً عنا وبمواصفات معينة من صلبي بين أحشاء إحدى نسائكم هناك .. ولكن أنتم لم تحبوا ذلك ، أنتم لم تحبوا التميز ، أنتم نمطيين للغاية أكثر مما هو متوقع ، وأصحاب النمطية هم من يخربون حياة المتميزين مثلي ، وهؤلاء الملاعين … يجب أن يموتوا الان !”

وهنا ركض كوموديوس من مكانه بسرعة البرق صوب آرغاي المنتكس والذي استفاق هو أيضاً في مكانه منتصباً أمام المستذئب ليتدارك الأمر بعدها بسرعة وليركض هو أيضاً نحوه في محاولة منه لصد هجوم هذا المستذئب الغاشم قبل أن يقتله ، لقد كان الاثنان يركضان تجاه بعضهما البعض بسرعة رهيبة للغاية ، وقد كانت غايتهما هى الاصطدام ببعضهما البعض وتوجيه ضربة قاتلة وغاشمة تميل كفة إحداهما في ذلك النزاع النوعي الشرس على الآخر ، وفي أثناء ركض كوموديس نحو آرغاي بدأ يتدارك صعوبة هذا النزاع تقريباً وقد بدأ يتخلى عن شكله البشري ويتحول شيئاً فشيئاً إلى وحش بهيئة مستذئب عاتي ، ولقد كان مستذئباً نوعياً بمواصفات خاصة بعد أن انقلب شكله تماماً ، حيث كان أضخم قليلاً من الذئاب العاديون ، ولقد كان يمتلك جسداً جلدياً أسود لايكسوه الشعر إلا في بعض المناطق خاصة الذقن والرقبة ، وخاصة تلك السلسلة الشعرية التي انسدلت من ظهره وكأنها عموده الفقري ، وقد كانت رأسه كبيرة للغاية وتحمل آذانا مستدقة تماماً كالشيطان ، بينما كان وجهه كبيراً للغاية وصاحب خطم طويل كالكلاب تماماً وتنبثق منه الأنياب البيضاء المدججة ، وهنا اصطدم الاثنان ببعضهما البعض وقد سقط مصاص الدماء أرضاً وهو كاشراً أنيابه عن أنيابه في وجه المستذئب العنيد الذي كان قابعاً فوقه ليوجه عضة قوية للغاية من فكه المرصوص بالأنياب نحو جسد آرغاي الذي قبع تحته بخضوع ، ولكن درع مصاص الدماء المعدني الخارق منع تلك الأنياب من الوصول إلى لحمه و إيذائه ، لقد كان المستذئب مستمراً و قابضاً بفكيه على أكتاف مصاص الدماء المتشحة بالدرع محاولاً ثقبه والحصول على لحمه ، إلا أن الأخير تدارك الأمر بسرعة وهو يصارع المستذئب باستماتة ، وقام بعدها بتوجيه عضة قوية للغاية بأنيابه الحادة تجاه عنق الذئب من الخلف والذي قد تركه بسرعة وابتعد عنه ينخر بألم ، وقد استفاق المستذئب بعدها بسرعة وقد أخذ يحوم حوله وهو ناظراً إليه بغضب ، وهنا نهض آرغاي من مكانه وانتصب واقفاً وكشرعن أنيابه قائلاً لهذا الذئب ..

“أنت لم تعرف شيئاً عني بعدي أيها الاله ، أنا أيضاً فريد للغاية وأكثر مما تتخيل ، بل وأكثر حتى منك ، لقد علمني أبواي ما لم يعلمك إياه أبواك ، لقد علموني .. أنا اموت حتى بدون أي سبب مقنع !”

وهنا تعجب هذا الوحش الأسود كوموديوس من الذي شاهده أمامه ، فقد بدأ آرغاي مصاص الدماء بالصراخ بألم وتوجيه أنيابه نحو السماء وكأنه سيتحول ويتخلى عن هيئته العادية لصالح شيئاً ما مجهول سيظهر للتو و قد كان مدفوناً بداخله لسنوات ، لقد بدأ آرغاي بالتحول وقد بدأ جسده يتضخم ويغور للغاية مشكلاً جسداً قاتماً وبدائياً للغاية لوحش خرافي دامي قادراً على الصمود أمام وحش من نوع آخر كهذا المستذئب الجبار الذي يقف أمامه ، وقد ظل صاحبه مجهولاً للحظات حتى انكشف أخيراً أمامنا ، لقد تحول آرغاي مصاص الدماء صاحب الهيئة العادية إلى مصاص دماء آخر من نوع خاص وعلى هيئة خفاش ضخم للغاية وبمثل حجم هذا المستذئب العاتي كوموديوس ، وقد كان بجلد أبيض يميل للاصفرار ، وبأنياب حادة وقاطعة برزت من فك عريض في أعلاه أنف مكتنزة تماماً كالخنزير، وقد كانت رأسه متوسطة الحجم تنبثق منها آذاناً مستدقة تماماً كالشيطان ، وقد كانت هناك سلسلة شعرية منبثقة من رأسه ومنسدلة على ظهره متشكلة مع عموده الفقري ، وقد كان يمتلك جناحان كبيران للغاية في الوراء يحملانه بسهولة اذا أراد الارتفاع من على الأرض والتحليق في الهواء ، وقد فتك جسده الضخم أثناء تحوله بدرعه ومزقه تماماً من عليه ، وهنا ظهر هذان الوحشان الأسطوريان في مواجهة بعضهما البعض بعد أن تخليا تماماً عن شكلهما السلمي والمقابل للفطرة ، وقد كان الاثنان يتملقان بعضهما البعض بغضب وحذر شديدان للغاية وعلى مايبدو أنهما سيكرران المعركة المجيدة الكبرى والتي اندلعت في الماضي بين أول مستذئب “كوموديوس ” وأول مصاص دماء “لوسيفار” وقد فاز بها الرجل الذئب باكتساح خاصة بعد أن قضم عنق خصمه الخفاش ، وهنا هجم المستذئب على هذا الخفاش الوحشي وكسر الحذر والصمت ، وقبع أمامه يزأر بعنف وغرز مخالبه الطويلة في جسده محاولاً أن يقترب بفكه من عنقه ليحاول عضه وقتله ، إلا أن الأخير استفطن الأمر و طار به سريعاً بواسطة جناحاه حاملاً إياه وهو يصارعه في الهواء ويلكمه بقوة شديدة في وجهه ليمنع فكه من الولوج إليه ، وقد أبعد يده عنه بقوة وقام بعضه عضة قوية من كتفه الأسود العريض ، فصرخ المستذئب من الألم وسقط من الهواء نحو الأرض ليستقر بها تحت أقدام الخفاش المخلبية ، وعندما هم الخفاش بالانقضاض عليه من السماء منبثقاً بسرعة رهيبة متجهاً إياه .. التقط الذئب الضخم على الفور صخرة كبيرة من على الأرض وحملها بسرعة واطاح بها بقوة في اتجاه هذا الخفاش الطائر المتجه إياه ، والذي بدوره تفاجأ للغاية وهو في الهواء وقد ارتطمت به تلك الصخرة وأسقطته من الهواء أرضاً وهو يتألم بصوت أزيزه الوحشي المنفر ، وعندما هم للنهوض مجدداً .. قفز المستذئب على ظهره بسرعة وقام بعض إحدى جناحاه محاولاً تمزيقه وخلعه بيداه من جسد الخفاش العاثر الذي أخذ يصرخ ويتألم ، وبعدها تدارك الأخير الأمر واستدار بسرعة البرق مدافعاً عن جذور جناحه وقام على الفور بتوجيه عضة قوية للغاية تجاه ساعد المستذئب ليبتعد عنه بعدها على الفور تاركاً إياه ، وقام بعدها الخفاش بالامساك بقدم المستذئب وأخذ يلفه منها في الهواء على شكل دائرة ليلقي به بعدها بعيداً عنه ليرتطم بالأرض بقوة وينحت تلك التربة من تحته في مشهد عنيف للعنيف ، وهنا توجه الخفاش بسرعة شديدة للغاية وهو طائراً على مسافة منخفضة متوجها نحو المستذئب لينقض عليه بسرعة ، وقبل أن يفعل بسنتيمترات انقض عليه المستذئب من على الأرض بسرعة رهيبة مفاجأ إياه بجسده الأسود الضخم وقد طبق بيداه المدججة بالمخالب على عنق الخفاش وقد أخذ يحاول الوصول لرقبته والنيل منه وعضه عضة قوية تنهي حياته ، وقد ظل المشهد مقفلاً للغاية بتلك الصورة ، وقد كان المستذئب هو الطرف الأقوى وقد مالت الكفة كثيراً لصالحه ، حيث كان متعلقاً في الخفاش بقبضتاه بقوة وممسكاً برقبته من الأمام وكان على وشك أن ينحره بأنيابه المدججة لولا مقاومة الأخير المستميتة للخلاص من فكي الذئب ، وقد استدار الأخير بعدها بيأس وفوقه الذئب ، وقد طار به حاملاً إياه نحو طاحونة قديمة للغاية انكشفت فجأة أمام أنظاره من بعيد فور استكشافه للمكان بأنظاره الثاقبة والتي تقوي للغاية في ريعان الظلام ، وقد طار به حاملاً إياه في السماء بصعوبة بالغة للغاية ؛ بسبب كتلته العضلية و ثقل وزنه ، وعندما وصل لتلك الطاحونة الكبيرة ذات المروحة الضخمة اسقطه الذئب أمامها مباشرة من السماء وانتصب فوقه أرضاً بعد أن سقط معه ، وقد أخذ يضرب فيه بمخالبه وقبضته مهشماً وجهه وممزقاً جسده صاحب الجلد الرقيق ، وقد ظل الوضع هكذا لدقائق وقد كان الذئب قريباً للغاية من جز عنق هذا الخفاش العملاق بأنيابه وقتله تماماً كما قتل جده الأول من قبل ، وعندما كان الخفاش مستسلماً تماماً تحت هذا الذئب العاتي أطال النظر بخبث بعيناه الوحشية الثاقبة ليكتشف أن مروحة الطاحونة الضخمة تتدلى منها سلسلة غليظة للغاية وقد كانت مربوطة فيها بإحكام شديد ، وبينما كان الذئب أقوى بكثير بسبب جسده المتين والمحصن جيداً وبسبب فكه صاحب العضة القوية ، استدار الخفاش بعدها على الفور ووجه له لكمة قوية للغاية ارتطمت في وجهه وقد أطاحته بعيداً عنه تماماً ، وقبل حتى أن يلتقط أنفاسه طار بعدها بسرعة كبيرة للغاية متوجهاً نحو تلك السلسلة المتدلاة و المتعلقة في جذور مروحة الطاحونة العملاقة ، وبسهولة قام بشدها ولفها حول قبضته وخلعها من مكانها مرفقة بالمروحة الضخمة التي أبت أن تبارحها ، والتي انفكت من مكانها تماماً لأنها كانت مربوطة بإحكام في السلسلة ، وعندما هم المستذئب من مكانه وأسرع في الهجوم عليه وإسقاط تلك المروحة من يده .. استدارالخفاش وصد هجومه وأصبح وراء ظهره بعد قفز فوقه ، وقام بعدها ببراعة بلف جنادل هذه السلسة الغليظة المرفقة بالمروحة على رقبة الذئب العريضة محاولاً خنقه بكل ما اوتي من قوة ، وقد كان الذئب يصرخ بشدة ويجرح في وجهه الخفاش بمخالبه ولكن الأخير استمات بشدة وهو يقوم بعصر هذا السلسلة بقوة على رقبته ، وقد رفع رأسه للسماء صارخاً بقوة من أجل التركيز أكثر في قتل هذا الذئب الذي كان يتلوى من الضيق وصعوبة التنفس ، وبعد عدة صرخات وخدشات منه في وجهه الخفاش سكن أخيراً في مكانه بعد اطلاق نخرة عظيمة للغاية لتعلن عن موته ، وانتصر آرغاي بعدها وكللت مهمته الشاقة بنجاح ساحق وهام للغاية خاصة بعد قتل زعيم التحالف الأوحد ، وبعدها عاد المستذئب لشكله الأصلي على الفور وسقط أرضاً بعد أن ترك الخفاش آرغاي السلسلة من حول رقبته ، وقد تنهد بعدها آرغاي بصعوبة بعد أن أرخى جسده المرهق قليلاً ، وقد كان عاري الجسد من الأعلى بعد أن تمزق درعه بسبب تحوله المقيت ، وقد تقدم بصعوبة نحو جثة كوموديوس والتي كانت بهيئتها البشرية ، وقد انتعل خنجراً من حذائه الطويل وقام به بذبح رأس كوموديوس وفصلها تماماً عن جسده ، وأرفقها بعدها في أحد الأحصنة العاثرة التي وجدها أمامه في طريقه صدفة بعد أن أمضى وقت طويل من أجل إيجاد حصان ، وانطلق به مسرعاً بعدها نحو قلعة القلعة الرئيسية للزعيم مليكور، وبعد أن أمضى عدة أيام سيراً في طريقه بواسطة حصانه القوي وصل أخيراً لمراده ” قلعة مليكور ” ، ويظهر المشهد أمامنا آرغاي وهو يتقدم رويداً رويداً صوب طريق القلعة والتي فور ما انكشفت أمامه حتى فز بعدها مندهشاً من فوق حصانه من هول هذا المشهد الدامي الذي شاهده بعينه ، لقد كان فرسان القلعة وجيشهم الجرار يتصدون بأحصنتهم وسيوفهم المسلولة لمستذئبين يقدر عددهم بالآلآف ، وقد انتشرت المشاهد تلك التي قام فيها المستذبين بالقفز على الفرسان المذعورين والمتشحون بدروع فضية أنيقة وقضمهم بعدها بعنف هادر للغاية لتسيل دمائهم بعدها وكأنها سيل جارف ، وقد كان في الطريق إليه وانبثق أمامه فجأة أحد الخدم الخاصين بالسيد مليكور ، وقد كان مجروحاً في رأسه من الخلف جرحاً بليغاً للغاية ، بينما كانت ملابسه من الأمام ممزقة بخطوط قطعية دامية وذلك بسبب مستذئب ترك توقعيه الخاص على جسده ، وقد تقدم بعدها بتثاقل شديد نحو آرغاي وقال له وهو يتألم ..

سيد آرغاي .. القلعة تهاجم الان من قبل قائداً هجيناً للذئاب يدعى تراثموث ، وهو ابن كوموديس الذي أخفاه لعقود عن الأنظار ، اذهب وانقذ السيد مليكور رجاءاً ، ففرسان القلعة فقدوا كل مالديهم أثناء حمايته هو والحاشية !

وهنا طال نظر آرغاي نحو تلك القلعة وقد كان مذعوراً للغاية وهو يشاهد المستذئبين من بعيد وهم يلتهمون الفرسان المقاومين ببراعة ، وقد اكتظت أسوار القلعة بهم وقاموا بهدم تلك المنجانيقات القوية التي كانت تلقي بصخورها نحوهم بين الفينة والاخرى ، وانطلق بعدها بسرعة شديدة بحصانه نحو القلعة ، ليبتعد المشهد بعدها مظهراً إياه من بعيد وهو لايزال في الطريق لبلوغ القلعة ، وغاب بعدها تماماًعن الأنظار .

guest
46 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى