أدب الرعب والعام

الكابوس

بقلم : عبد القادر محمود – مصر
للتواصل : [email protected]

الكابوس
أنا اتراجع للخلف و كل شيء من حولي يزداد ظلاماً

 انتفضت مفزوعاً من على الفراش انظر حولي بفزع لدقائق كفاقد الذاكرة ، أحسست بيدها تربت على كتفي وتنظر لي بقلق وتتمتم ببعض الكلمات التي اشعر بأنى عاجز عن فهمها حتى تطلب الامر منى بعض الوقت لاستيعاب أنني جالس على فراشي بجانب زوجتي أسيل ، نظرت لها مبتسماً حتى أُهدأ من روعها ثم أردفت قائلاً : لا بأس ، أنه كابوس مزعج.

أسيل بقلق : مصطفى ، أنا قلقة عليك حقاً يجب عليك زيادة طبيب أو فعل شيء فتلك ليست المرة الأولى .

– عزيزتي أنا أقدر قلقك علي ولذلك أعدك أنه بمجرد إنهاء عملي ورغم أني أكون متعباً للغاية إلا أني سوف أذهب لطبيب .

نظرت لي أسيل مبتسمة وكنت هذه الابتسامة كفيلة بجعلي أنسى جميع كوابيسي بل كل شيء سيء ، عدت إلى النوم مرة أخرى وأنا أود الغوص في نوم عميق لا أشعر فيه بشيء ، لم يوقظني من نومي سوى صوت المنبة الذي اتجاهله كأنني لا أسمعه حتى توقفه أسيل ، وبعدها تقوم بدحرجتي على السرير مبتسمة مستمتعة بذلك وهي تقول : أعلم أن المنبه لا يأتي معك بنتيجة ، استيقظ الساعة الان السادسة والنصف ، قومت مسرعاً حيث أن عملي يبدأ الساعة السابعة ويجب علي أن استيقظ من السادسة حتى استطيع تناول الفطور وأن ارتدي ملابسي ، ولكن بعد كل هذه السرعة أفاجأ بأن الساعة السادسة ، أكتشفت ذلك تزامناً مع ضحكات أسيل المتعالية التي طالما احببتها ولا انكر أني اكره المقالب ، ولكني اكتشفت أني أحبها .

تناولت الفطور سريعاً وارتديت ملابسي وتوجهت إلى العمل و يملأني شعور بالنشاط  ، البنك يبدو هادئ اليوم بل هو هادئ كعادته لأكون صريحاً ، أرى علاء يقف هناك سلمت عليه وتحدثنا قليلاً رغم كوننا في مكان عمل إلا أنني لا استطيع منع نفسي من التحدث معه فهو صديق الطفولة ،  جلست على حاسوبي المفضل ، انهيت عملي سريعاً كمرور اليوم الذى لم أشعر به ، نهضت من على الكرسي وأنا تقريباً اشعر بأن لدي قدم ، اتجهت إلى منزل وكدت أن أنسى أمر الطبيب ، الضوء مسّلط على وجهي يبدو أن ذلك له علاقه بالكوابيس ، لا اعلم ، ينظر الطبيب إلى عيني ثم يقوم بوضع سماعته الباردة على جسدي وهو ينظر إلي بنظرات لا أفهمها ، نهض ببطء وسار نحو كرسيه وهو

يقول : لا شيء ، لا يوجد بك شيء.

– كيف ؟! وما تلك الكوابيس ؟

– كوابيس مثل التي تأتي لأي شخص ! لست الوحيد الذي تأتيه الكوابيس .

– الا ترى بها شيئاً غريب ؟!

– ما الغريب !

– الغريب أن شخصاً لا استطيع رؤية ملامحه حتى ، أراه كل ليلة تقريباً وهو ينظر إليّ بطريقه غريبة فنظرت له قائلاً : ماذا تريد وماذا يجرى ؟ فأجابني : هل أنت مستعد حقاً لمعرفة الاجابة ؟! .. إلى هنا وأقوم مفزوعاً.

– إرهاق من العمل يجب عليك أن تستريح قليلاً.

شكرت الطبيب وخرجت وأنا غير مقتنع بتلك النتيجة ، ولكن ليس أمامي حل أخر ، قمت بأخذ أجازه من العمل ،

دخلت المنزل وكان الوقت قد تأخر كثيراً ، وجدت أسيل تجلس في الصالة ، و ما أن رأتني حتى نهضت مسرعة ،

قائله : بماذا اخبرك الطبيب ؟!

– قال لي أنه ارهاق ويجب علي أخذ إجازة من العمل .

أسيل مسرورة للغاية : الحمد لله أنه مجرد إرهاق ، هيا أذن لنأكل .

– لنأكل !! ألم تأكلي بعد ؟

-لا .. انتظرتك حتى نأكل سوياً ، حتى أشعر بمذاق الطعام على الأقل ، أم انك تريد شيء أخر؟

قلت ضاحكاً : لا .

تناولنا الطعام سريعاً ، جلسنا أمام التلفاز والذى طالما كرهت الجلوس أمامه ، اشعر بأن هناك شيء غريب يحدث به ، فجأة يتغير صوت المذيع ويتغير كل شيء وتصدر أصوات غريبه فأقوم مسرعاً من أمامه و طالما سألتني أسيل عن سبب نهوضي من أمامه ، ولكني لم أرد أن اخبرها بشيء حتى لا أقلقها .

جلست في الصالة قليلاً أفكر بما سوف أفعل غداً بما أنه لا يوجد عمل ، فاقترحت علي أسيل أن اقوم بدعوة صديقي علاء على الغداء ، فلم أمانع .

أخدت الهاتف وطلبته ، وبمجرد أن رفع السماعة وجدته يسألني عن سبب تغيبي عن البنك ، فأخبرته بما حدث ودعوته الى الغداء بعد ممانعته التي لم تصمد كثيراً ،  وبعدها بقليل خلدت إلى النوم ودعوت الله الا أرى كابوساً أخر ، القيت رأسي على الوسادة وأنا أنظر إلى أسيل وهي تنظر لي نظرة مطمئنة جعلتني لا أشعر بمرور الليل ولم أنهض إلا على دحرجتها دون كوابيس ، نظرت لها و وجدتها سعيدة وتسألني مبتسمة : هل أتتك كوابيس ؟

قلت مبتسماً : لا.

فرحت كثيراً ، فرحت أكثر مني ، أحياناً أشعر بضيق لعدم جعلها هكذا دائماً .

– لا يوجد بنك ، ماذا إذن ؟

قالت ضاحكا : من قال أن العطلة للنوم ؟

ضحكت قليلاً وبعدها نهضت وأخدت اقرأ الروايات قليلاً فهي ليست مجرد كتب ، كل كتاب له عالم خاص به أعيش فيه ، جاء وقت الغداء ، أسمع صوت جرس الباب ، قمت وفتحت الباب وجدت علاء وهو يرتدى زي جميل وليس زي العمل المعتاد ، ادخلته وحضرت أسيل الطعام وجلسنا جميعاً على طاولة الطعام ، كان طعاماً رائعاً وكنت أرى أسيل سعيدة للغاية اليوم لكوني سعيد بحضور علاء. 

انتهى وقت الطعام وجلسنا نتحدث قليلاً وبعد ذلك رحل علاء وجلست قليلاً اتحدث مع أسيل مصدر الطاقة الايجابية الخاص بي ، إلى أن خلدنا للفراش ليلاً ، كان نوم عميق رائعاً قطع صفوه كابوس مرعب نهضت من الفراش وكنت لا أريد تلك المرة إيقاظ أسيل ، صمدت ثم اغمضت عيني و كأن شيء لم يكن ، واستيقظت في اليوم التالي كالمعتاد و رأيت كم كانت أسيل سعيدة بكوني لم أحلم بكوابيس كما أخبرتها ، سعادتها جعلتني أنسى ذلك الكابوس حقاً ، مرت الليالي والكوابيس المفزعة وذهبت إلى الطبيب لأرى متى يمكنني العودة إلى العمل مرة اخرى ، أود جلوس اليوم كله بل العمر كله مع أسيل ولكني اشتقت إلى عملي والنقود تنفذ أيضاً ، وبعد أن أخبرت الطبيب أنه لا توجد كوابيس واخذ يظهر لي كم هو طبيب بارع عندما اخبرني أن السبب هو الارهاق وقال لي : أنه يمكنني العودة مجدداً إلى العمل .

حسناً هذا أول يوم لي بالعمل بعد غياب دام أسبوع ، توجهت إلى حاسوبي وجلست أعمل و لسوء حظي حدث حظاء في الحسابات مع أحد العملاء ، ذهب ليخبر مدير البنك بالخطاء الذى حدث ، تمنيت ألا يعاقبني المدير على ذلك فبعد اسبوع بلا عمل لا أتحمل خسائر أخرى ، والغريبة أن مدير البنك لم يتحدث معي بشأن هذا الموضوع وكأنه لم يحدث قط .

ذهبت الى المنزل اليوم سيراً وأنا أفكر كيف لم يتحدث معي المدير بشأن ذلك فهو ليس عنده تهاون في مثل تلك الأمور ، حتى أن صديقي علاء قد تعجب عندما رويت له ذلك .

طرقت الباب ، فتحت لي أسيل ففاجأتها بالورود التي أحضرتها معي وأنا أسير ، كانت فرحة للغاية لا يمكنني وصف سعادتها وأنا كنت سعيد للغاية بذلك ، كانت ليلة سعيد تحدثنا بها كثيراً ، النور كان شديداً للغاية لا يمكنني رؤية شيء سوى رجل غريب الملامح ، اخذت اصرخ واقول : من انت ؟! ولكن كأني لا أمتلك صوت كأني اتحدث في الفضاء ، ثم قال بصوت عالي : ليس كل ما نريده يتحقق ، قمت من النوم مفزوع على صدى تلك الكلمات ، ولكن لم اجعل أسيل تشعر بنهوضي ، استيقظت في اليوم التالي وكانت مهمة إيقاظي لأسيل أكثر صعوبة فقد ظللت أفكر طول الليل بمعنى تلك الكلمات ، ذهبت إلى البنك سيراً أفكر بمعنى تلك الكلمات حتى أني لا أريد أن يكون هناك بنك حتى أكمل تفكيري ، وكانت الصدمة أن اليوم هو يوم الجمعة والبنك مغلق ! كيف وأمس كان الأحد وأيضاً أسيل كانت ستقول لي ! ذهبت إلى البيت وفتحت أسيل مندهشة لرؤيتي ، قلت لها : اليوم الجمعة ، كيف ؟ لا أعلم ! هناك شيء غير منطقي يحدث ، نظرت لي نظرة لم أفسرها وقالت : أنا لم أوقظك.

قلت باستغراب : أنتِ جزء من هذا !

وأنا اتراجع للخلف ، كل شيء من حولي يزداد ظلاماً ، لا أشعر بجسدي وملامح أسيل اجدها تختفى من أمامي ، يا إلهى  ماذا يحدث ؟!

أجد نفسي فجأة في غرفة غريبة شديدة الانارة وأنا مستلقي على السرير وهناك شخص أمامي لا أعرفه يجلس على كرسي ، أجده يقول فجأة : مصطفى .. أسمعني ؟

– ما هذا .. ما الذى يحدث ؟

– أأنت مستعد حقاً لمعرفة الاجابة ؟

– انتظر لحظة ، أأنت هو ذلك الرجل ؟ ولكن كيف ما الذي يحدث ؟

– سأقول لك ولكن حاول أن تتمالك أعصابك.

– انا بخوف : ماذا ؟

– بعد زواجك من أسيل بعده اشهر حدث بينكما خلاف شديد انتهى بقرار انفصالكم وقد تزوجت علاء صديقك.

لم يتلقى الطبيب رداً.

– مصطفى .. أتسمعني ؟؟ مصطفى !!

قام الطبيب مسرعاً يحاول فعل شيء ليفيق مصطفى وهو ينادى أحد الممرضات لتساعده .

النهاية…….

تاريخ النشر : 2018-02-02

guest
49 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى