أدب الرعب والعام

الكاميرا تعرف تاريخ وفاتي

بقلم : ابو العز و be happy – فلسطين

أبصرتها من مسافةٍ ليست ببعيدة و هي تحمل تلك الكاميرا تحاول تصويري !!

لم يطل انتظاري حتى اشتريت كاميرا جديدة ، ذهبت إلى السوق فرأيت كاميرا أعجبتني و لكنها تبدو قديمه و غربية الشكل ، لكنني صممت على شرائها فقلت للبائع : كم ثمنها ؟؟ تفاجأت من رده فقد أراد بيعها بثمنٍ مرتفع مع أنها قديمه و تبدو مستعمله ، و مع الكثير من المحاولات للتخفيض من ثمنها إلا أن البائع لم يقبل أن يتنازل عن السعر الذي وضعه ، أخيراً اشتريتها ، و عندما وصلت إلى البيت اتصلت بأصدقائي و أخبرتهم بأن يأتوا غداً إلى منزلي لنجلس معاً و نسترجع بعضاً من ذكرياتنا ثم نلتقط صورة جماعية و نحتفظ بها للذكرى .. حل المساء فذهبت إلى الفراش و أغمضت عيني و ذهبت في نومٍ عميقٍ zZz .. لكني استيقظت لسماع أصوات لأشخاصٍ يتشاجرون فيما بينهم ، حاولت البحث عن مصدر الصوت و لكنني فشلت ..

لم  أستطع العودة إلى النوم حينها ؛ بسبب كل تلك الأصوات المزعجة ، و فجأة نظرت إلى النافذة فإذا بها تتكسر وتتحطم إلى قطع صغيرة ، و حينها اتجهت إلى الخزانة لأتناول الكاميرا الجديدة فقد خبأتها هناك ، لكني لم أجدها .. أين ذهبت ؟؟ أنا متأكد أن إخوتي الصغار كانوا يلعبون هنا .. هكذا قلت حينها ، الغرفة بفوضى عارمة ، ذهبت إلى غرفة إخوتي لكني لم أجد أحداً بها ، نظرت إلى الساعة الموضوعة في آخر الرواق ، إنها تشير إلى الواحدة و النصف بعد منتصف الليل ، ذهبت إلى غرفة والديّ  و لكني لم أجد أحداً بها !!

سمعت أصوات النحيب والبكاء قادمة من الشارع ، ذهبت لأرى ما يحصل هناك فقالوا لي أن عائلتي توفيت إثر حادث رهيب .. هنا كانت الصدمة ؛ فقد كانت آخر ذكرى لهم صوره التقطتها بكميرتي الجديدة ، جاءني أصدقائي يواسونني و يحاولون إيقاظي من هذه الصدمة ، و فجأة طلب مني صديقي أحمد أن أصوره بكميرتي الجديدة ؛ ليحاول إخراجي مما كنت فيه ،  أحضرت الكاميرا وصورته و لكن حدث شيء غريب ، و أنا أصوره بها رأيت داخل الكاميرا تاريخ وفاته بأكمله و ماذا سيحدث له ، فقد رأيته في بيته مكفناً إثر حادث تحطم المصعد ، أجل هذا ما رأيته داخل الكاميرا  ، لم   أخبره ؛ لأنني ظننت نفسي أتوهم .. لكن بعد فتره ليست بطويلة سمعت بوفاة صديقي أحمد ، ذهبت إلى بيته و كاد قلبي أن يتقطع من الخوف ، رأيته مكفناً داخل بيته ، سألت عما حصل له فقالوا لي أن المصعد قد سقط به ، قررت الخروج واستنشاق بعض الهواء النقي ، شردت لوهلة أتذكر فيها ما رأيته داخل الكاميرا ، و لكني استيقظت من شرودي عندما نادت فتاه صغيرة علي و قالت لي ..

 أنا لا استطيع أن أشتري لأمي بعض الأغراض هل يمكنك أن تساعدني ؟؟ أمسكت بيدها و ذهبت لأشتري معها بعض الأغراض ، بصراحة أحببت تلك الطفلة ؛ فقد أدخلت الفرحة بضحكاتها إلى قلبي المفجوع لفقدان عائلتي و صديقي المقرب .. عندما ما وصلت إلى البائع و اشتريت لها بعض الحاجيات ، أعطيتها الأغراض فشكرتني و طلبت مني أن أصورها بالكاميرا التي أعلقها على رقبتي ، و لكن شيء ما منعني  فأخبرتها بأنها معطله و أريد أن أذهب لإصلاحها ، أشار إلي البائع و قال لي : هلا أخذت لي صوره رجاءاً ؟؟ .. خجلت منه فأخذت له صورة و رأيت بداخل الكاميرا أن البائع  يسقط من فوق سطح منزله ، ركضت مسرعاً إلى المنزل و كاد قلبي يخرج من بين ضلوعه ..

تذكرت ما حدث لعائلتي وصديقي خلال هذا الأسبوع ، يا الهي ماذا يحدث لي ؟؟  و تذكرت ما رأيته عندما قمت بتصوير البائع وهرعت لمساعدته ولكن ما الذي يحدث ؟؟ ، أنا لا أعرفه ، عندها قررت الذهاب إلى مكان عمله ، توجهت مسرعاً إلى مكان عمله و لكن يا إلهي إنه مغلق ، سألت المحل المجاور له فأرشدني إلى منزله ، يا الهي منزله بعيد و لكن لا تعنيني المسافة ، ركبت سيارتي و انطلقت مسرعاً ..

في هذه الأثناء كان البائع و اسمه ” عبد الله ” يشاهد مباراة كرة القدم التي كانت تبث على التلفاز ،  فجأة تعطل التلفاز ونهض من مكانه ليصعد إلى السطح و أخذ يتمتم : أهذا الوقت المناسب ليتعطل التلفاز !! يا إلهي إنني أخشى المرتفعات .. و عندما أشاح عبد الله بنظره رأى أن السلك مفصول فقرر أن يعيده إلى مكانه ، و في هذه الأثناء وصلت أنا بسيارتي وسألت عن عنوانه فأرشدني جاره إليه ، صعدت مسرعاً إلى منزله و لكني لم أجده فتوجهت إلى السطح ، رأيته يحاول أن يعيد السلك إلى مكانه و ثلاثة أرباع جسده خارج أسوار السطح ، ندهت عليه محذراً فتفاجأ و اختل توازنه و سقط عن السطح ، ذهبت و أديت واجبي على أكمل وجه وقمت بالعزاء ، وذهبت أكمل طريقي أحاول نسيان كل ما مررت به ..

كنت حزيناً جداً ؛ لأني السبب في كل ما حدث ، خسرت كل شيء ، أصدقائي و أحبتي و عائلتي و كل ما أعرفه في حياتي ، و فجأة ظهرت لي تلك الفتاه الصغيرة مجدداً ، أظنها تحاول تغيير حياتي كلها ، سألتها عن اسمها فقالت لي ” أحلام ” .. حقاً قد أدخلت السعادة إلى قلبي ، سألتها عن أهلها فقالت لي أنهم ماتوا منذ مدة بحادث سيارة و لم تبقى إلا هي  على قيد الحياة ، و قالت :  ماتت أمي و مات أبي و تركوني وحيدة أعيش مع خالتي البغيضة .. رأيت الدموع تنهمر من عيونها بغزاره ، حملتها بين يدي و مسحت لها دموعها و قلت لها : ما رأيك أن نعيش سوياً ؟ أشارت لي بالقبول و بعد أخذ و عطاءٍ مع خالتها وافقت الأخيرة على إعطائي إياها ، و بعد فترة أدخلت هذه الطفلة السعادة إلى حياتي بتصرفاتها البريئة ، و في يوم من الأيام أبصرتها من مسافةٍ ليست ببعيدة و هي تحمل تلك الكاميرا تحاول تصويري ، هرعت نحوها مسرعاً كالبرق و أخذتها من يدها و لكن !! المفاجأة أنها كانت قد صورتني  فعلاً ..

الآن اتركوني في عذابي فقد قررت أن أتخلص من هذه الكاميرا لكن … بعد فوات الأوان ..

النهاية ..

تاريخ النشر : 2016-03-25

ابو العز

سوريا
guest
37 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى