منوعات

الكتاب الملعون الحلقة 5 أبطال بين أنياب الظلام

بقلم : بائع النرجس – جمهورية مصر العربية

الكتاب الملعون الحلقة 5 أبطال بين أنياب الظلام
ابطال بين انياب الظلام

احتشد جيش ضخم ، أكبر جيش تراه عين بشر، و قد ارتدى الجنود دروعًا لامعة و خوذات ذات نقوش مخيفة، وأمام الجيش وقف النمران المسيفان و هما يزمجران بين الحين و الآخر، و وقف بجوارهما رجلان أحدهما صاحب شعر أحمر ناري كثيف ، و لحية قصيرة، و شارب محلوق ، أما الآخر فكان ضخم الجسد، ويمتاز بشعر أسود استرسل خلفه، حليق الوجه، وأمام النمران وقف النمر الحديدي ينفث البخار من حين لآخر، وبجواره وقفت الملكة وهي تقول موجهة حديثها إلى صاحب الشعر الأحمر:
– امتطى نمرك يا (يزبك )، وحطم كل ما تأتي عليه و لا تأخذك شفقة و لا رحمة.

الكتاب الملعون الحلقة 5 أبطال بين أنياب الظلام
اتجهت الملكة بجيشها نحو الكتاب ولن يوقفها احد هذه المرة

صمتت و قالت و هي تنظر للآخر:
– و أنت يا (سيور) لا تنسى أن الرحمة كلمة ليس لها وجود في مملكتنا، دمر كل ما تراه في طريقنا، ودعنا نحصل على الكتاب مهما كان الثمن.

أنحنى (سيور) قليلاً وكأنه يقول سمعا ً وطاعة، في حين هي استدارت بسرعة و تسلقت ثورها الحديدي وركبت على رقبته، وما إن استقرت هناك حتى هتفت بصوتها الحاد وهي ترفع صولجانها إلى السماء التي أخذت تبرق وترعد في قوة:
– هيا بنا.. و دعونا نعود بالكتاب و المجد يفرش ثوبه تحت أقدامنا، وأعلموا أن هذه اللحظة سيتحدث عنها التاريخ ،ولن ينساها الزمان أبداً، واعلموا أن ضعاف القلوب ليس لهم مكان بيننا.

صمتت ثم صرخت أكثر:
– فهل أنتم شجعان؟؟
علا الهتاف يشق الفضاء ويهز القلوب فهتفت وهي تشير إلى الأمام:
– إذًا هيا بنا إلى الأمام .
دقت الطبول و علا نفير الأبواق ، وتحرك الثور الحديدي ثم النمران بقائديهما ثم الجيش العظيم الذي لم يرى العالم مثله يومًا..
و لن يري.

* * *

جلس الملك على هذه المائدة المستديرة وحوله مجموعة من الفرسان، وظهر أنهم يتناقشون في أمر مهم من أول وهلة، ولو أقتربنا قليلاً لسمعنا الملك يقول:
– ما الحل الآن يا (سوماز)؟
قال رجل ضخم ذو عضلات كبيرة وشعر منفوش ولحية كثيفة وشارب ضخم:
– ما تراه هو الحل يا (ظفير).. أليس كذلك يا سادة؟
أجابه رجل طويل يظهر عليه الكبر في السن، مع أنه صغير فقد إصتبغ شعره باللون الرمادي:
– نعم يا (سوماز).
كان الوزير واقفاً يستند بعصاته بجوار الملك، فتنحنح في رفق وقال:
– عذرًا يا سادة.. ولكن عندي اقتراح آخر من رجل طاعن في السن مثلي فهل سمعتموه؟
قال الملك وهو يشبك أصابعه أمام وجهه على المائدة:
– هات ما عندك أيها الوزير فربما نأخذ به.
يبدو يا سيدي أن ملكة الظلام عرفت طريق الكتاب الأسود ، وأنها تنو —
قاطعه الملك بسرعة قائلاً:
– هات الخلاصة يا وزيري، ولا داعي لتضييع الوقت.
تلعثم الوزير وهو يقول وكأن الملك لم يقاطعه:
– اقترح أن نبعث بعثة صغيرة تصل إلى الكتاب بسرعة، وتكون اخف حركة وأسرع من جيش الملكة، وتستطيع التخفي من الأعداء.
صمت الوزير وأخذ الكل يفكر وينظر بعضهم إلى بعض، فقال الملك وهو يفك أصابعه:
– ما رأيكم يا سادة؟
أجاب (ظفير):
– أرى أنه رأي صائب يا مولاي.
أضاف (سوماز):
– وأنا أرى ذلك يا مولاي.
ثم آخر وآخر هنا.. هتف الملك وقال:
– وأنا مثلكم.
– وبما أننا وافقنا على هذا الرأي، فأحب أن أقول أن هذه البعثة اختيارية، فمن يرغب السفر فليرفع يده.

صمت الملك وتلاقت العيون وطال انتظار الملك، حتى أنه ظن أنه لن يرفع أحدهم يده، ولكن فجأة رفع (سوماز) يده، وبعده جاء (ظفير)، وبعده آخر وآخر، حتى آخر فارس، فابتسم الملك في عذوبة وهو راضي عن فرسانه وقال وهو ينظر إليهم في فخر:
– لن نستطيع أن نذهب جميعا ً لو كنا سنعمل برأي الوزير، يكفي اثنان ،وأنا سأكون الثالث.
هتف الوزير وهو ينحنى على ملكه:
– مولاي ما الذى تقوله؟
أجابه الملك دون أن ينظر إليه.. بل أخذ ينظر في عيون الفرسان و هو يقول:
– أيها الوزير العودة بالكتاب شرف و فخر لأي فارس، وأنا قبل أن أكون حاكم فأنا فارس، ومن الشرف أن أعود بالكتاب وأنا ملك.
أحس الوزير أن الملك يتملكه الإصرارعلى ما قاله، فقرر التراجع إلى الخلف، في حين أضاف الملك قائلاً:
– أتعرفون من اخترت منكم ليشاركني هذه المهمة الخطرة؟
صمت الجميع وانتظروا حديث الملك في ترقب ،وبعد فترة صمت قال:
– لقد اخترت (سوماز)و(ظفير).
همم الآخرين، في حين ابتسم الاثنان في سعادة، وقد انتفخ غرورهم لأقصى حد، فقال الملك محاولاً تهدئة الجميع:
– لا داعي لهذه الهمهمات الغير لائقة بكم أيها الفرسان، فأنتم أكبر من ذلك.
هنا قال أحدهم و هو غاضب و قد عقد جبينه :
– و لكن يا سيدي نحن نح—
قاطعه الملك قائلاً:
– لا تحزنوا فهناك أدوار للجميع.
ابتسم الغاضب وهتف:
– أصحيح هذا يا سيدي؟
– نعم صحيح فالمملكة هنا تحتاج إلى حماية وحفاظ عليها حتى أعود لأجدها سالمة.
صمت الملك ثم أضاف:
– وبما أن الملكة غادرت مملكتها للبحث عن الكتاب، فيجب أن نغادر فورًا وبمنتهى السرعة.
هتف الوزير:
– بهذه السرعة يا مولاي؟
– نعم بهذه السرعة.. هيا أعدوا الجياد وأعدوا المؤن فوقت الجهاد قد حان ،وإما أن نعود بالكتاب وندمره أو—
– أولا نعود أبدًا.
قال  الملك هذه الكلمات ولم يعلم أن المستقبل يخبىء لهم الكثير في جعبته
وما خفي كان أعظم.
أعظم من ناحية الخوف..
الخوف فقط.
* * *

حلقت هذه النسور في عنان السماء، وأخذت تلف وتدور بشكل دائري، وفي الأسفل كان (خمري) يسير بجوار جواده في هذه الأرض الخالية تقريباً من الحياة،إلا من بعض الأشجار المتناثرة هنا و هناك ، وبجواره كان يسير الشيخ وقد امتطى جواده وأمسك بلجامه ،و في هدوء قال بعدما فقدت عيناه بريقها، وخلفهما كان يلحق بهما ذلك الكلب بعدما تعافى قليلاً:
– أين نحن الآن يا بني ؟
نظر (خمري) إلى الخريطة التي بحوزته وقال وهو يشير على مكان ما بها:
– نحن قرب وادي الهياكل.
– إذا لا داعي لأن ندخل هذا الوادي والليل قادم ؛ فأنا أحس بالخوف منه.
ابتلع الشيخ ريقه و تابع :
– دعنا نأوي إلى أي مكان آمن نبيت فيه الليل و في الصباح نكمل.
تلفت (خمري) حوله وهو يبحث بنظره في المكان من حوله ثم هتف:
– هناك كهف يا عماه قريب من موضعنا.
– إذن دعنا نبيت به الليل، وفي الصباح نكمل رحلتنا.
وصل الاثنان إلى الكهف، ثم قام (خمري) و أوثق الجوادين بصخرة كبيرة، و دخلا إلى الكهف وتبعهم الكلب في صمت.

* * *

أخذ هؤلاء الفرسان الثلاثة ينهبون الأرض بجيادهم نهباً ، لا يرتاحون ولا يأكلون ولا ينامون ،حتى قطعوا شوطاً كبيراً ، فقد أصر الملك و هو معهم على الإسراع لكي يسبق الملكة بجيشها ،فمروا على وديان خضراء بها حشائش عالية وطيور بيضاء تحلق في كل مكان ، و غابات ذات أشجار عالية و غصون متشابكة، و صحراء ممتدة حتى وصلوا إلى هضبة عالية ، ثم وقفوا على حافتها ينظرون إلى الوادي الأخضر في الأسفل، و ينظرون إلى هذه الجياد التي انتشرت ترعى في المكان تحت ظلال أشجار النخيل، وعلى هذه البحيرة الصغيرة كان المنظر خيالي، فابتسم الملك في عذوبة وقال:
-أخيراً وصلنا إلى أرض الكنانة.
صمت وهو يغمض عينيه، ثم أخذ نفس عميق ليشتم به النسيم ويقول:
– لقد كنت أحلم منذ الصغر أن أزور هذه الأرض، فلقد سمعت عنها العجب.
ثم يفتح عيناه ويضيف:
– فأنا أعلم أن ترابها ذهب ،ونسيمها أريج من الجنة.
– دعونا ننزل إلى هذه الأرض وننطلق على ترابها، ونسبق ملكة الظلام بجيشها.
اكتفى صديقاه بالابتسام وتبعاه وهو يهبط من على هذه الهضبة في سرعة، وكلهم أمل أن يسبقوا الملكة وجيشها.
وكم كان هذا أمل.

* * *
من بعيد و على هذه التلة العالية، وقف مجموعة من الأطفال يجمعون بعض النباتات البرية، وأثناء ذلك سمع أحد الأطفال صوتاً يأتي من الأفق البعيد ، فتوقف عما كان يفعله ، و أخذ ينظر إلى الأفق ، و فجأة اتسعت عيناه على نحو غريب واهتزت كل خلية فيه ، و هتف :
– انظروا — أهذا جيش أم أني لا أرى ؟
وقف الأطفال ينظرون إلى الأفق ، و قال أحدهم في اندهاش :
– يا الله ما هذا ؟! إنه أضخم جيش رأيته في حياتي.

أخذ الأطفال ينظرون في صمت، وكأنهم تحولوا إلى تماثيل شاخصة ، وأخذت النسمات تطير ملابسهم ،وفجأة تمالك أحد الأطفال رباطة جأشه ثم انطلق هابطاً من على التبة و هو يصرخ على التوالي بدون توقف:
– هناك جيش ضخم مثل الجراد قادم نحونااا .

وهنا أخذ جميع الأطفال يصرخون مثله ،وانتشروا في جميع شوارع القرية، وما إن يسمع أحد ذلك  حتى يدخل بيته ويغلق الباب والنوافذ، وسادت حالة من الهرج والمرج داخل القرية، التي سرعان ما وصل إليها جيش الظلام وكأنه يطير من على الأرض، وهنا قالت الملكة في غل واضح و وحشية وكأنها شيطانة وليست من البشر:
 
– دمروا كل شيء في هذه القرية، دعونا نترك بصمتنا في أي مكان نصل إليه، ولا تتركوا فيها حجر على حجر إلا ودمرتموه.

الكتاب الملعون الحلقة 5 أبطال بين أنياب الظلام
قامت الملكة وجيشها الجرار بالقضاء علي قرية كاملة وتدميرها تماما

وما أن سمع أفراد الجيش ذلك حتى انطلقوا ليشيعوا الفساد في كل مكان ، و علا في الهواء الصراخ و العويل، و أخذ الأطفال يجرون في كل مكان ، و النساء و الرجال، وأخذت البيوت تشتعل وتدمر تحت أقدام الجيش، وما هي إلا دقائق معدودة ،حتى هدأ كل شيء، فقد اختفت القرية من  الوجود، وأخذ الجيش يبتعد ويبتعد تاركاً خلفه بقايا قرية كانت في هذا المكان يوما ً ما.

* * *

عندما دخل (خمري) وعمه إلى الكهف سقطت مجموعة من الصخور فجأة وأغلقت المدخل تماماً، فهتف الشيخ بسرعة:
 -ما الذى يحدث؟
 
 -إنه المدخل يا عماه، يبدو أننا دخلنا فى الوقت الغير المناسب؟
صمت (خمري) وهو ينظر إلى الصخور التى سدت مدخل الكهف تماماً ثم أضاف:
– ما العمل الآن ؟
هتف الشيخ وهو يقبض على عصاته التى يتكئ عليها، وقد رفع وجهه إلى أعلى:
– أخبرني أنت فأنت من يملك البصر الآن يا بني ، هل نستطيع أن نحرك هذه الصخور بعيداً عن المدخل؟
– إنها كبيرة جداً يا عماه.
– إذا دعنا نبحث عن مخرج آخر.
صمت الشيخ وكأنه يفكر فى شيء ما ثم قال:
– انظر حولك يا بني ، وأخبرني بما تراه.
– الكهف كبير جداً يا عماه ، لدرجة أن السقف عالي جدا ، وقد تدلت منه أشياء سهمية، تتساقط منها قطرات من الماء الصافي .
– هل هذه الأشياء المتدلية بيضاء ؟
– نعم بيضاء إلى درجة كبيرة.
-إنه ملح ، فهذا كهف ترسبي .. هيا أكمل.
– الكهف مضاء إضاءة خافته يسهل معها الرؤيا.
– إذاً ابحث من حولك عن مخرج  هذا الضوء.
أخذ (خمري) يبحث عن أى مخرج من هذا الكهف الواسع، وفجأة صاح بأعلى صوته وكأن عقرب ما لدغه:
– عماه..
انتفض الشيخ و هبّ واقفاً و هتف:
-هل وجدت شيئاً يا بني ؟
– نعم يا عماه.. هناك نفق في نهايته ضوء.
قال الشيخ وهو يحاول ان يتجه  إلى  مصدر الصوت:
– هيا بنا اذاً نعبر هذا النفق .
أمسك (خمري) بذراع الشيخ (عبد الله) و تحركوا و الكلب أمامهما وهو يهز ذيله، وخلفه كان الشيخ يتحسس الخطى حتى وصلا إلى نهاية النفق ،فقال الشيخ عندما توقفا :
– هل وصلنا إلى النهاية يا بني ؟
– نعم يا عماه.
– و لم نبرة الحزن هذه يا بني ؟
– لقد دخلنا كهف آخر بنفس الحجم تقريباً ونفس التراكيب والتفاصيل.
– لا تيأس يا بني ..  من المؤكد أن الله لن يتخلى عنا، وأنا أحس أننا قريبين من المخرج إن شاء الله ،فلنبحث هنا أو هناك.

ترك (خمري) ذراع عمه، وأخذ يبحث مرة ثانية وكله حماس ،وبعد وقت ليس بالطويل لم يجد شيئاً فعاود الجلوس بجوار عمه وقال في إحباط:
– لم أجد شيئا،  يبدو أن الموت قد كتب علينا في هذا المكان الملعون.
صبّره الشيخ قائلاً وهو يربت على ظهره:
– لا تيأس من رحمة الله، فالله أكبر من كل شيء في هذا العالم الصغير.
– ونعم بالله.

صمت الاثنان و تمدد الكلب أمامهما، وقبع الثلاثة في صمت مهيب ومرت الثواني وكأنها دهور لا حصر لها، وأخذ شيطان الهواجس المخيفة يسيطر على عقل (خمري) ويمثل له أن الموت قادم لا محالة في هذا المكان، وأثناء هذا التفكير الأسود انتبه الكلب لشيء ما ورفع أذنيه إلى أعلى، ثم رفع رأسه وهبّ واقفاً وأخذ ينبح بقوة وهو ينظر إلى الجدار الذي استند عليه الشيخ و(خمري)،وبدافع الفضول رفع الأخير رأسه وأخذ ينظر إلى حيث ينظر الكلب، وكانت هناك مفاجأة وهنا هتف الشيخ:
– بني ماذا هناك؟
ولم يجبه (خمري) بل فضل الصمت وكأن المفاجأة ألجمته فجعلته يفقد حاسة النطق، ولم يبقى هناك صوت غير نباح الكلب الذي لا ينقطع
وأخذ يتردد في جنابات الكهف بلا توقف
ويتردد
ويتردد.

* * *

جلس الملك (حكيم) وصاحبيه أمام النار، وأخذوا يتحدثون في أمور المملكة وعن أمر الكتاب ولم يلاحظوا هذه العيون العاكسة للضوء وهى تقترب منهم في هدوء وصمت، حتى توقفوا على مقربة منهم وقد صنعوا طوقاً، وهنا أحس الملك بوجودهم فقطع الحديث وبقي صامتاً، مما دفع (سوماز) ليقول:
– سيدي ما الأمر؟
أشار الملك له بالصمت و همس:
– استعدوا.. يبدو أن هناك ضيوف غير مرحب بهم معنا.
وقف الملك في هدوء وتبعه صديقاه ،واعطوا ظهورهم لبعضهم ووقفوا وقفة الاستعداد لمواجهة ما هو قادم، وأخذ أصحاب هذه العيون يقتربون في بطء وهم يزمجرون بين الحين والآخر، حتى ظهرت هيئتهم المخيفة، إنهم مجموعة من الذئاب السوداء والرمادية المخيفة والشرهة وال— القاتلة.

أخذوا يتقدمون في بطء مخيف واحد تلو الآخر، والزبد يتساقط من أشداقهم وقد التمعت عيونهم على نحو يلقي الرعب في قلوب أعتى الرجال، وظهرت أنيابهم الحادة، وفي هدوء اخرج الملك سلاحه من وراء ظهره فقد استعد بسفيه الضخم، وكذلك فعل(ظفير) (سوماز) وكانت أسلحتهم عبارة عن فأس ضخمة لها نصلان و مطرقة حديدية ضخمة، واستعد الجميع لهجوم الذئاب الشرس ومرت لحظات ترقب للطرفين وكأنهما يقدران قوة بعضهما، وطال الترقب وكأن الزمان وقف بهم عند هذه اللحظة، وهنا قال الملك وهو يتابع العيون المخيفة:
– لاتهجموا عليهم دعوهم يهجموا أولاً، ومهما حدث لا تتفرقوا.
هتف (ظفير) وهو متحفزاً:
– من أين جاء كل هؤلاء الوحوش ؟
ابتسم (سوماز) في سخرية قائلاً:
– لا يهم من أين أتوا، ولكن المهم أن نعيش بعدما يغادروا هذا المكان.

كانت لحظة مرعبة جداً على الجميع، وهم يترقبون الهجوم في أي لحظة وفي غضون ذلك، فارق الذئاب ذئباً ضخماً عنهم جميعاً، يمتاز بلون أسود، وتقدمهم في بطء وكأنه زعيمهم، ونظر في صمت إلى أبطالنا، وفجأة كشر عن أنيابه وعوى بصوت عالي و كأنه يعلن عن بداية حفل العشاء، وهنا صاح الملك والذئاب تهجم عليه من كل صوب ومن كل جانب بسرعة مخيفة وقاتلة:
– قاتلوا بمنتهى الشجاعة، ولا تتهاونوا فحياتنا في أسلحتنا.

كان تصرف الذئاب غير عادي فهي منظمة لدرجة كبيرة، فقد هجم جزء منهم وأخذ الملك يدافع عن نفسه وأخذت جثث الذئاب تتساقط وكأنها ذباب من حوله ،وأخذ (سوماز) يطيح بالأعناق والأرجل بدون توقف أو هواده، وكذلك أخذ (ظفير) يحطم كل الأجساد التي يقابلها  وتطايرت على وجهه الدماء الساخنة، وبدا أن المعركة لن تنتهى أبداً، ومع هذا فقد توقف كل شيء وأخذ الملك يتنفس بشدة بسبب المجهود الذي بذله، وكان هذا نفس الحال مع صاحبيه، وهنا مسح (سوماز) الدماء من على وجهه وقال وهو مازال ينظر إلى جموع الذئاب التي ترمقه في صمت عجيب:
– هل انتهينا ؟
أجابه الملك وهو يرقب الذئب الرئيس:
– يبدو أننا لم ننتهى بعد، فهناك جوله ثانية.

لم ينهى الملك حديثة حتى بدأت الجولة الثانية بأسرع مما تصور الجميع ،و على ما يبدو أن هذه الجولة أشرس مما تصوروا ،فقد زاد عدد الذئاب القاتلة واصبحوا اكثر شراسة  وكان الموت قادم لا محالة بين أنيابهم المتعطشة للدماء—
الدماء الطازجة و— الحارة.

* * *
ما هو سر الفارس الملثم ؟ وهل سينجو الملك؟ وكيف سيموت صاحبه ؟وهل سيصل  للكتاب؟
الرحلة طويلة محفوفة بالمخاطر—–
أنصحك عزيزى القارئ أن لا تترك الحلقة القادمة .. فهي مشوقة جداً
نعم جداً.

تاريخ النشر : 2016-10-30

guest
10 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى