أدب الرعب والعام

اللعبة – الجزء الثاني

بقلم : محمد بهاء الدين

الانتقام سيطر عليه وتحول إلى شخص مختلف
الانتقام سيطر عليه وتحول إلى شخص مختلف

 

نهضت رينيه وجلست على حافة الكرسي معه و وضعت رأسه على صدرها وهو تحاول أن تمده بالكثير من الحنان لتعوضه عما فات ، وقالت بصوت خافت:

 

– لقد خفت كثيراً ، أنا أسفة لما سأقوله ، لكني ذهبت إلى رومان رينز فى السجن وأخبرني بأنك كنت معه ، ومن ثم قام بتهديدنا بالقتل جميعاً ، لقد كان شخصاً مختلفاً تماماً ، أرجوك لا تبتعد عني مرة اخرى.

أبعدها امبروز عنه وهو ينهض من مكانه ، وقال لها دون أن ينظر إليها :

– اهدئي.. لا يوجد ما يخيف ، الرجل في السجن ولن يخرج منه ، وهو يهذي فقط ويحاول أن يشغلنا معه ، لقد تحدثت اليه وكان في ذات الحال.

وصل امبروز إلى الباب والتفت إلى سيث رولينز وهو يتفحص بنظرة طويلة ومن ثم قال له من خلال ابتسامة ساخرة:

– أنا ذاهب ، هل تنوى البقاء هنا لفترة أطول ؟.

هزت الكلمات سيث رولينز و جعلته يسرع للحاق به وهو يردد:

– لا ، لا على الأطلاق ، لقد أتيت إلى هنا من أجلكما ، ولكن يبدو أن كل شي بخير.

لم تفارق نظرات سيث رولينز رينيه يونغ حتى غادر المكان برفقة زوجها الذي كان يبدو في عجلة من أمره.

 

انطلقت السيارة وبداخلها فردي فريق الدرع، ولا أحد منهما يتحدث إلى الآخر، فدين هو نفسه دين الغامض ، بينما كان سيث لا زال عقله في غرفة ذلك الفندق وما حدث بينه وبين رينيه يونغ وامبروز لاحقاً.

 

– لقد عرفت ما حدثك معك في عرض الرو.

قالها امبروز وهو يخرج سيث من حالة الشرود الذهني :

– يبدو أننى لست الوحيد الذي يعاني هنا ، لكني قررت أن أواجه تلك المشاكل بدلاً عن الاختباء.

انتبه سيث رولينز إلى أن دين امبروز يقود السيارة في طريق مختلف تماماً عن طريقهما المعتاد ، ومن دون أن يبعد نظره وهو يراقب معالم الشارع المكتظ بالسيارات قال:

–  نعم .. لقد كنت متوتراً جداً وضغطوا علي حتى أشارك فى العرض ، يجب أن اذهب لأطمئن على فين بالور.

 

ابتسم امبروز وضرب صدر سيث ممازحاً وقال:

– لا عليك يا رجل ، مثل هذا الأمور تحدث ، الكل سيتفهم ، جميعنا في حالة سيئة.

 

شعر رولينز بألم شديد في صدره بسبب ضربة امبروز والتي كانت أقوى بكثير من كونها مجرد ضربة مزاح ، وقال:

– بالمناسبة إلى أين نحن ذاهبان ؟.

خرج امبروز عن الطريق في تلك اللحظة وهو يتجه ناحية أحد الملاعب الرياضية والتي كانت تغطيه إعلانات تروجياً لعرض سماك داون محلي سيُقام فيه اليوم ، ومع وقوف السيارة التفت امبروز إلى رولينز وقال:

– لقد وصلنا ، بالمناسبة أريد أن أشكرك على دعمك واهتمام بزوجتي في غيابي ، أنت فعلاً أخ حقيقي.

 

حاول سيث أن يسرع بالتبرير و أنه لم يتحدث إلى رينيه أبداً طيلة غياب امبروز كما يعتقد هو ، لكن الأخير كان قد ترجل عن السيارة وغادرها في تلك اللحظة.

 

أسرع سيث بالخروج أيضاً ولحق بامبروز وهو مصر على الإدلاء بذلك التبرير، لكنه وجد نفسه يوجه اليه سؤال آخر أكثر منطقية:

– أسمع.. ماذا تفعل أنت في عرض سماك داون ؟ أليس من المفترض أن تكون في إجازة ؟ أو أن تشارك في عرض الرو إن قررت العودة ؟.

لم يتوقف امبروز أو يقلل من سرعته وهو يدفع باب القاعة الضخم وقال لصديقه دون أن يعرف إن لحق به في ذلك الممر أم لا :

– لقد كنت أتحدث إلى تربل اتش ، وطلب مني أن أشارك فى هذا العرض تحديداً ، أظن أنها رسالة للجميع بأننا بخير ولا شيء سيوقفنا، و حتى أنا وجدتها فرصة لمقابلة الأخوين اوسو ونايومي بعدما حدث.

 

حاول سيث أن يستفسر أكثر من دين ، إلا أنه توقف حين سمع صوت هاتفه المحمول وأخرجه من جيبه ليجد المتصل هي رينيه ، فتوقف قليلاً وترك امبروز يتقدم وتابعه حتى دخل إلى غرف تغيير الملابس ، و وجد لنفسه هو أيضاً مكاناً في أحد الممرات الضيقة ليتحدث مع رينيه.

 

ظن سيث أن الأخيرة اتصلت لتعرف ما حدث بينه وبين دين بعد أن غادرا ، وكان على وشك أخبارها بأن كل شيء بخير ودين لم يشك في شيء أبداً ، لكن صوت الأخيرة وهي تهتف مذعورة شتت جميع تلك الأفكار .

– سيث … أين أنتم ؟.. هل لا زلت مع دين ؟.. إنه في خطر.. سوف يقتلونه.

تجمدت الدماء في عروق رولينز، وانتقل الذعر اليه وهو يتحدث إلى يونغ:

سيث : ماذا تقولين .. من سيقتله ؟.

 

رينيه : لقد وجدت رسالة على زجاج سيارتي حين غادرت بعدكما ، مكتوب فيها : هل ودعتي زوجك جيداً ؟ لأنها آخر مرة ستشاهدينه فيها ”.

 

لم يكمل سيث المكالمة و أسرع للحاق بدين أمبروز والبحث عنه في غرفة تغيير الملابس ، وهناك وجد العديد من المصارعين ، لكنه جذب الأقرب اليه وكان اي جي ستايلز، والذي لم يدع سيث يتحدث وقام بوضع يده على عنقه ودفعه بقوة ناحية الخزانة وهو يهتف:

– هل لديك الجرأة حتى تأتي هنا أيضاً ؟ فين بالور على وشك الموت بسببك ، لن أتركك بعد ما فعلته مع صديقي.

حاول سيث أن يخلص نفسه من قبضة ستايلز القوية وهو يتحدث بصوت مخنوق:

– ليس الأن ، دين أمبروز في خطر، هناك شخص ما يحاول قتله هنا.

تدخل بقية المصارعين لإبعاد الاثنين عن بعضهما، و أتى صوت سيزارو وهو يقول لرولينز:

– كان هنا ، لكنه غادر برفقة الأخوين جيمي وجاي اوسو.

 

بدأ رولينز في التقاط نفسه وهو يغادر الغرفة مسرعاً ، بينما كان بقية المصارعين يمسكون بستايلز والذي كان يكيل السباب والشتائم لرولينز ويتوعده بالانتقام.

 

في غرفة أخرى في نفس القاعة جلس دين أمبروز والاخوين جيمي وجاي أوسو بعد أن انضمت اليهم نايومي ، كانوا يسرقون بعض الدقائق قبل انطلاقة العرض وكأنهم أسود تلعق جراح معركة شرسة خاضوها مؤخراً ، كل منهم له همه وكل منهم يلوم نفسه على ضياع صديقهم وابن عمهما المحبوب ، وكذلك رحيل رئيسهم بطريقة بشعة.

 

لكن و في أثناء حديثهما انتبه جيمي لدين امبروز والذي كان ينهض من مكانه ببطء شديد وهو يركز نظره على نقطة معينة ، صمت الجميع وسأل جيمي عن ما يحدث ، فرد دين بصوت خافت جداً وهو يشير إلى جيمي بالسكوت:

– هناك شخص معنا في الغرفة.

كان امبروز يتحرك ناحية صندوق ضخم عادة ما توضع فيه أدوات فريق المونتاج الكهربائية ، بينما انتبه جيمي إلى حبل يخرج من ذلك الصندوق ، وبدأ يتابعه ليعرف إلى أين يصل ، وفجأة صرخ دين امبروز:

– انتبه !.

وقفز دين ليدفع كل من جيمي وجاي بعيداً ، في نفس اللحظة التي أنقطع فيها ذلك الحبل لتسقط أباجورة ضخمة من أعلى السقف عليهم.

 

انفتح باب الغرفة بعد أن ركله سيث رولينز ليدخل ويرى مشهداً مرعباً للغاية ، دين امبروز والاخوين اوسو على الأرض والدماء تسيل على أرضية الغرفة.

 

نهض امبروز وهو يتألم بينما كانت نايومي تطلق صرخة مذعورة ، وفي نفس الوقت نهض جاي اوسو وهو يمسك برأسه ، لكن جيمي كان جثة هامدة  والأباجورة تغطي رأسه المهشم تماماً.

 

الدماء متناثرة على الأرض ، لم يعرف أحد دماءه من دماء صديقه ، توقف قلب رولينز عن النبض لثواني، ليهرول سريعًا على أمبروز ويصرخ بصوت يصحبه بحة لدين :

 

سيث: دين … دين .. هل أنت بخير ؟.

دين : (متألماً وممسكًا بكتفه الأيسر) نعم.

 

توجهت انظار رولينز إلى جاي ليجده على الأرض ممسكًا بذراعه الأيمن ومتكئ بظهره على الحائط ويصدر التأوهات بسبب ألم ذراعه الذي ظهر عليه الكدمات وبعض الخدوش ، بدأت أنظار الرجال تنتبه لبكاء نايومي على زوجها جيمي ، فالدماء تسيل منه كبركان يثور لا يهدأ.

 

كل ما حدث كان في ثواني معدودة ، الجميع يحدق على جيمي والغرفة لا يصدر منها صوت إلا عويل المكلومة نايومي ، دخل الغرفة المصارعين قادمين من غرفة خلع الملابس على صوت ارتطدام قوي.. توقفوا لوهلة محاولين فهم ما جرى ، ليصرخ ذا ميز “ارفعوا هذا الشيء اللعين من على رأس جيمي”  اسرع ستايلز وشيمس لمساعدة ميز بينما توجه سيزارو وروسيف للاطمئنان على أمبروز وجاي.

 

 

صرخ ستايلز بصوت يملئه الضعف وقلة الحيلة “هيا ياروسيف ساعدنا ، أنه ثقيل”، هرول روسيف وسيزارو محاولين إبعاد الشيء الحديدي بكل قوتهم حتى ظهرت عروق أجسادهم بأكملها وتشددت عضلاتهم من شدة ثقله ، وقاموا بسحبه حتى وضعوه بجانب الحائط.

 

الصمت مجددًا يحل في الغرفة ، ستايلز و روسيف وميز وشيمس وسيزارو واقفون دون حراك . رولينز يجلس بجانب أمبروز على الأرض محدقين ، جاي تجمد على الحائط ، نايومي تجمدت دموعها على وجنتيها وعويلها سكت ، الجميع ينظر لنفس النقطة ، جيمي مُلقى على بطنه ، مؤخرة عنقه يتواجد بها جرح قطعي ، اللحم متهرول منه وبالنظر إلى الأباجورة الحديدية يوجد بها قطع لحم معلقة ، وأعلى رأسه من الخلف منفصل وقطعة من المخ ملقاه على الأرض بجانب أذنه اليمنى.

 

قطع الصمت صوت صراخ نايومي ، كادت الصرخة تشق حنجرتها وصدرها ، جاء المصارعين والمسئولين مذعورين ليتفاجئوا بما حدث ! حاولت ماريس وبري الدخول لأخذها ولكنها قاومتهم بعنف حتى ألقت بهما على الأرض واتسخت ملابسهما من دماء جيمي ، توجه شيمس إلى نايومي محاولاً تهدئتها وإبعادها عن جثة زوجها ، قاومته نايومي حتى قام بحملها عنوة وإخراجها وهي تصرخ بأسم زوجها.

 

في تلك الأثناء بدأ المتواجدين يدركون الحقيقة ، لقد مات جيمي أوسو ، قام رولينز من جانب أمبروز ولم يستطع الخروج من باب الغرفة بسبب اكتظاظها بالمصارعين ليبدأ يصفق بيده:

سيث: على الجميع أن يرحل ويترك الغرفة ، من فضلك يا سيزارو أنت بجانب الباب وتستطيع الخروج ، أخبر أحدهم أن يطلب الطاقم الطبي ، لأن يو … (لكمة قوية موجه لفك رولينز)

ستايلز: (صارخًا فاقدًا وعيه) ألديك الجراءة تتفوه بكلام وتعطي الأوامر أيها الغراب الأسود ؟ كل مكان تجلس فيه تجلب معك اللعنة والخراب .

 

يتوجه ستايلز إلى سيث ليلكمه الذي بدوره ظل واقفًا و لكنه مستعد لأي لكمة ويبدو عليه الاستسلام التام ، ليتقدم روسيف ويمسك بذراعه جيدًا وبدأ ميز يصرخ بشدة في المصارعين و وجه مليء بالغضب :

 

ميز: اخرجوا من الغرفة ، أنه ليس عرض مسرحي .. أخرجوا … لماذا تقفون هكذا ؟.

 

خرج الجميع من الغرفة بينما ظل روسيف ممسكًا بستايلز محاولاً تهدئته في يسار الحجرة و رولينز واقفًا على الجهة اليمنى من الغرفة وبينهما أمبروز جالسًا على الأرض ما زال ممسكًا بكتفه ينظر لما يحدث أمامه ، أغلق ميز الباب والتفت ليصيح في ستايلز وطلب منه أن يهدأ قليلاً ، و أخبر سيزارو أن يتصل بالشرطة ويخبرهم بما جرى ، قرع باب الغرفة ليدخل الطبيب ومعه مساعديه و يتفاجئ بالمنظر متسائلاً بصوت يملئه الخوف والدهشة :

 

الطبيب : يا الهي .. جيمي ! ماذا حدث ؟.

أمبروز: (متألمًا )  ستظل تسأل وتندهش وتتركه ، لا يوجد وقت للاندهاش هنا .

 

جثى الطبيب على ركبتيه و وضع أصبعيه تحت رقبة جيمي ليتحسس نبض القلب ويتأكد بأنه فارق الحياة بالفعل ، طلب الطبيب من رولينز والباقية أن يساعدوه في حمل جيمي من على الأرض ، ذهب المساعدين إلى أمبروز للاطمئنان على كتفه بينما توجه أحد المساعدين إلى جاي للاطمئنان على ذراعه الذي ظل ساكنًا طيلة الوقت لم يتحرك ولم يبكي على أخيه وكأن شريط الحياة وقف به في هذه اللحظة.

 

ساعد الباقية الطبيب في حمل جيمي والذي باتت قطع اللحم تنثر من دماغه على الأرض ، وضعوه على طاولة المرضى المتحركة ، خرج الطبيب من الغرفة واستدعى حراس آمن الاتحاد وطلب منهم آخذ الطاولة ليضعوها في غرفة الطوارئ وحذرهم أن يخرجوا من الجهة اليمنى لأن نايومي تتواجد ومعها باقية السيدات في الغرفة المجاورة في نهاية الممر يسارًا.

 

جاء ساموا جو وبايج – التي حضرت العرض المحلي على غير العادة بأمر مباشر من إتش – مسرعين إلى الغرفة المشؤمة وأخبر جو ستايلز أن يجهز لأن العرض قد بدأ وعليه أن يفتتح سماكداون ليخرج ستايلز ومعه جو ، تبقى بايج وتخبرهم بأنها تتفهم الوضع جيدًا ولكن الجماهير لن تتفهم ذلك وتحدثت لميز بأنه عليه الاستعداد لأنه سيتحد مع روسيف ضد فريق ذا بار في الفترة الموالية ، نظرت بايج إلى الطبيب المساعد الجالس على الأرض بجانب أمبروز:

 

بايج: هل سيستطيع خوض مواجهة الليلة ؟.

الطبيب : للأسف لن يستطيع ، علينا عمل بعض الأشعة على كتفه للاطمئنان.

بايج: حسنًا ، ستكون بخير يا أمبروز

دين : (يهز رأسه بحسناً ولم يتفوه بكلمة ).

في تلك الأثناء طلب رولينز من بايج أن تجلب له قميص لأنه ترك قميصه في سيارته المستأجرة والذي تركها أمام الفندق هناك وجاء مع سيارة أمبروز، وأقترب منها هامسًا “هل تعرفين شيئًا عن بالور ؟ ” لتخبره بصوت خافت بأنه أُصيب بجرح قطعي في جبهة الرأس وكسر في الأنف بالإضافة لتورم وكدمات منتشرة في كامل الوجه ، رن هاتف سيث ليجد رينيه المتصلة ، يقطع حديثه ويخرج رولينز من الغرفة و بصوت خافت:

 

سيث: نعم يا رينيه.

رينيه : أمبروز بخير؟.

سيث : نعم ، لا تقلقي.

رينيه : أين أنتم الآن ؟.

سيث: في الصالة المستضيفة لسماكداون.

رينيه : يا ألهي ! ماذا تفعلون هناك ؟ قرأت على تويتر أن الشرطة تحاصر المبنى ولا أعرف لماذا متواجدة ؟  أنا قادمة فورًا.

سيث : لا تخافي يارينيه ، أخبرتك بأنه بخير ، لا تقلقي ، أنا معه.

 

رينيه : أعطيه الهاتف ، أريد سماع صوته بنفسي ، لقد ترك هاتفه في الفندق ولا أستطيع الوصول إليه.

سيث: ( متوترًا ولا يريد أن يعطي الهاتف لدين لأن موقف الغرفة لم ينتهي بعد ) بما أنك قادمة فستشاهدينه بنفسك.

 

ينهي سيث المكالمة ويلتفت وراءه ليجد أمبروز خلفه مرسومًا على وجه ابتسامة بنصف شفتيه ويخبره:

أمبروز: أخبرتها أني بخير ؟.

ظهر التوتر على رولينز بشكل واضح ، حاول بلع لعابه الذي تحول إلى حجر وبدأ حديثه متمتمًا بكلمات غير مفهومة ، في تلك الأثناء وصلت الشرطة وبدأت تحاصر الصالة المغطاة ، الأمر الذي أنقذ رولينز من الموقف اللعين ، وضعت الشرطة الشريط الأصفر اللاصق حول مسرح الجريمة ن واستدعى فريق الطب الشرعي لمعاينة الجثة ، طلب مسؤولين الاتحاد من الشرطة أن يتم فحص المبنى بهدوء حتى لا يثار الجمهور خارجًا ، و بدورهم سيبدأ العرض الآن حتى لا تحدث فوضى في المبنى ، وقد طمئنه المحقق أن الأمور ستجري كما يريد.

 

منعت الشرطة دخول أو خروج أحد ، وتحدث المحقق أنه يريد مقابلة نايومي و أمبروز وجاي على أساس هم شهود عيان على مسرح الجريمة ، وصلت رينيه في تلك الفترة وحاولت الدخول ولكن التشديدات الأمنية حول المبنى منعتها ، بدأت رينيه تصرخ على أمبروز التي رأته خلف الكواليس متجه لغرفة التحقيقات ، قلق أمبروز على رينيه وأشار لرولينز الذي كان متكأ على أحد الحوائط يراقب الشرطة محاولاً الأصغاء إلى أحاديثهم الجانبية دون أن ينتبهوا ، لم ينتبه سيث لأمبروز حتى ذهب إليه وأخبره أن يذهب لرينيه وحذر أمبروز صديقه أن لا يجعل رينيه تقود السيارة ويخبرها ما حدث بكل هدوء وإذا استطاع أن لا يخبرها فسيكون جيد.

 

اتجه رولينز إلى رينيه مسرعًا وأخذها بعيدًا عن التكدس ، بدأ يطمئنها أن أمبروز بخير ، ظلت تسأل عما حدث ، حاول إدخالها للسيارة قائلاً :

 

سيث: رينيه أتوسل إليك ، ادخلي إلى السيارة ، لا أستطيع الكلام الآن أو حتى الوقوف على قدماي ، من الجيد أن أتفوه معك ببعض الكلمات ، أمبروز أرسلني إليك ويجب أن أذهب بك إلى الفندق حتى اطمئن عليك وأبلغ صديقي أنكِ بخير.

 

رفضت رينيه الاستجابة لسيث وبصوت عالً ظلت تسأل وتردد الأسئلة كطبيعة الفتيات ليفقد رولينز وعيه:

 

سيث: (صارخاً في وجها ) جيمي مات ، لقد قُتل جيمي ، وكان المقصود أمبروز بدلاً منه ، خرجت دماغ جيمي أمام عيني ، رأيت مخه منشق لنصفين والجزء الآخر مُلقى بجانبه أمامي ، هل علمتي ما الذي حدث الآن ؟  ادخلي السيارة ولا تتحدثي مجددًا.

 

صعدت رينيه إلى السيارة بدون التلفظ بشيء ، تحرك رولينز بالسيارة في تجاه الفندق ، ظلت رينيه صامته لقرابة الثلاث دقائق حتى بدأت تنزل دموعها فهي لا تعلم هل تبكي على جيمي أم على سلامة زوجها أمبروز التي أنقذته العناية الإلهية في الوقت الضائع ؟ وصل كلاهما إلى الفندق و أتجها إلى الغرفة ، جلست رينيه على الأريكة وهي تضع رأسها بين راحة يديها وتبكي بشدة ، ظل رولينز واقفًا مترددًا أن يجلس بجانبها متذكرًا المشهد السابق ، وضع رينيه بدأ يسوء حتى جلس وضمها بين ذراعيه.

الساعة تعدت منتصف الليل ، ظل الاثنان هكذا قرابة الربع ساعة حتى غفلت رينيه في أحضان رولينز ، رن هاتفها ايقظها مفزعة:

رينيه : هل أنت بخير ؟.

أمبروز: نعم .. لا تقلقي .. هل وصلت للفندق ؟.

رينيه: أجل .. انتهيت من التحقيق ؟.

أمبروز: لا .. سأظل متواجد هنا حتى تنتهي بعض الإجراءات ، هل أيقظتك من النوم ؟.

رينيه: غفلت لدقائق ، خائفة كثيرًا ولكن رولينز بجانبي هنا.

 

ارتعب سيث من تلك الجملة قليلاً عندما علم صديقه أنه ما زال متواجد مع زوجته في الغرفة بمفردهما ، أراد سيث احتواء الموقف وأخبر رينيه “ أعطيني دين”:

 

سيث: (متوترًا) هل أنت بخير؟ .. هل أتي اليك ؟

أمبروز: بخير، لن يحتاجك أحد هنا ، شكرًا على المساعدة ، تستطيع أن تذهب أينما تشاء ، سأتي في غضون ساعات.

سيث: حسنًا.

أغلق سيث الهاتف مع دين:

رينيه: ماذا أخبرك ؟.

سيث: أخبرني أن أجلس معك هذه الليلة حتى يطمئن

 

جلس دين أمبروز في غرفة التحقيقات بعد أن انتهى من الفحص الطبي للتأكد على سلامته ، كان ينظر فقط إلى منفضة سجائر تتوسط طاولة وحيدة في منتصف الغرفة وحولها كرسيين فقط ، يجلس هو في احدهما والثاني فارغ في انتظار الشرطي للجلوس عليه ، وهو ما حدث فعلياً بعد أقل من دقيقة.

 

– أنت دين أمبروز ، صحيح ؟.

 

لم يتلقى المتحرج أي إجابة ، وكان كمن يتحدث إلى تمثال يجلس أمامه ، فرفع من صوته واعتدل في جلسته وهو يقترب بوجهه أكثر وقال:

 

– دين ، أنا اتحدت اليك ؟.

 

رفع الأخير رأسه ببطء شديد ونظر إلى الشرطي طويلاً ومن ثم أومأ برأسه فقط بالإيجاب:

 

الشرطي: هل أنت بخير ؟.

 

كرر دين نفس الإيماءة برأسه.

 

الشرطي : لا ، أريد أن أضغط عليك ، هل أنت جاهز للإجابة على بعض الأسئلة الأن ، أم نؤجل هذه المناقشة إلى وقت آخر ؟.

 

اعتدل امبروز فى جلسته واتكأ بظهره على الكرسي وشبك يديه أمام صدره وأشار إلى الشرطي بالمواصلة :

 

الشرطي : عرفت من جاي ما حدث في الغرفة ، هل صحيح أنك من لاحظ تواجد شخص آخر معكم ؟.

 

دين : نعم.

الشرطي : كيف كان شكله ؟.

دين: لم أراه تماماً ، أحسست بتواجده وكنت على وشك الوصول اليه لولا ما حدث.

الشرطي: أشرح لي أكثر.

أخرج دين تنهيدة طويلة من صدره ومن ثم عاد ليتكئ بمرفقيه على الطاولة وقال :

 

– شعرت بحركة في الغرفة وحين توجهت ناحيتها انتبهت إلى تواجد حبل يخرج من تلك المكان حتى السقف ، وما إن رفعت رأسي حتى انقطع الحبل وسقطت الأباجورة الضخمة من أعلى ، فأسرعت بإبعاد من كان يقف تحتها لكني لم أصل في الوقت المناسب.

 

دق دين الطاولة بقبضة يده مع نهاية جملته، وفى تلك اللحظة نهض الشرطي وقام بفتح الباب وأشار إلى دين بالمغادرة وهو يقول:

 

– لا شيء لدينا هنا ، سنتصل بك في حالة احتجنا اليك ، لا تغادر المدينة حتى تنتهى التحقيقات.

نهض امبروز وأشار إلى الشرطة بالشكر ، ولكن قبل أن يغادر الغرفة وقف في الباب أمام الشرطي وقال له:

 

– هناك شيء ما ، بعد أن غادرنا غرفة تغيير الملابس سوياً ، اتجهنا إلى الغرفة المقابلة لها ، لكنها كانت مغلقة ، وجميع الغرف الأخرى كانت مغلقة أيضاً ، إلا تلك التي دخلنا اليها.

 

ارتسمت ملامح الاهتمام على وجه الشرطي وسأل دين:

– بماذا تلمح ، وماذا يعني حديثك هذ ؟ أن هناك من دفعكم للدخول إلى تلك الغرفة بالتحديد.

أقترب امبروز أكثر من الشرطي وقال له وهو يتلفت ليتأكد من خلو الممر من بقية أفراد الشرطة:

– لقد سمعت زوجتي رينيه تتحدث عن زيارتها لرومان رينز، وتهديده لها بالانتقام من الجميع ، لا أريد أن أوجه الاتهامات لصديقي لكني بت أخشى على زوجتي وأصدقائي.

 

صمت الشرطي لبعض الوقت وكأنها يحاول أن يدخل حديث امبروز إلى حيز المنطق ومن ثم إلى رأسه ، و بعد ثواني قال :

 

– حسناً .. سنتحرى في الأمر .. أذهب أنت الأن.

وبعيداً عن تلك الأجواء البوليسية استيقظت رينيه يونغ في غرفتها بفندق كاريبان ، كان رأسها ثقيل للغاية وهي تفتح عينيها ، لترى أمامها سيث رولينز وهو جالس على الكرسي المقابل لها ، فاعتدلت بسرعة حين رأته مستيقظ ويتطلع إليها ، فقالت بارتباك وهى تعدل ملابسها :

 

– هل بقيت هنا منذ البارحة ؟.

 

نهض سيث بدوره و أقترب منها ليجلس على حافة السرير وقال :

– نعم .. لم استطع أن أترككِ و أنتِ في هذه الحالة ، لقد كنتِ منهارة تماماً.

نهضت رينيه من الجانب الأخر للسرير و وقفت وهى تسوي شعرها ومن ثم انتبهت فجأة إلى أنها لم تسأل عن زوجها دين امبروز، فحاولت أن تغطي عن هذا الخطأ بالهرولة إلى سيث رولينز وهي تسأله بكل لهفة :

– سيث.. أين دين ؟ ماذا حدث معه ؟.

نهض رولينز و أمسك بكتفي رينيه وقال لها بهدوء:

لا تقلقي ، سيكون بخير ، إنه برفقة الشرطة ، أكثر أماناً مني ومنك.

اقترب سيث أكثر من رينيه و رفع رأسها بسبابة يده وهو يواصل حديثه:

 

– أنا هنا الآن ، كل شيء سيكون على ما يُرام ، لا تهتمي كثير بدين ، يبدو أنه مشغول بأمور أخرى.

وقبل أن ينطق سيث بأي كلمة أخرى انتفضت رينيه يونغ وتراجعت للخلف حين وجدت دين في باب الغرفة وهو ينظر اليهما من مكانه.

التفت سيث بدوره ، وتمنى لو ابتلعته الأرض في هذه اللحظة قبل أن يشاهده دين مع رينيه في ذات الموقف مرة أخرى ، لكنه اسرع بتدارك الأمر و وجه حديثه إلى الاثنين.

 

– ها قد أتى كما أخبرتك يا رينيه ، و فى نفس التوقيت ، الأن يمكنني ان أتأكد من سلامتك.

اقترب سيث من دين وسأله عما حدث مع الشرطة . لكن الأخير تجاوزه وهو يتجه إلى الحمام وقال :

– ليس الأن يا سيث ، سأحكى لك كل شيء لأحقاً ، أنا متعب ومرهق للغاية و أحتاج للكثير جداً من الراحة.

 

أغلق دين باب الحمام خلفه في نفس اللحظة التي رن فيها هاتف رينيه يونغ ، فتوقف سيث ولم يغادر بعد أن لاحظ تغيير ملامح وجه رينيه وهي تستمع إلى محدثها عبر الهاتف.

– ماذا ؟ نايومي … كيف حدث ذلك ، متى ؟.

سقط الهاتف من يد رينيه وهي تردد اسم نايومي دون توقف وترتجف في مكانها.

أسرع سيث ليسألها عما يجري وماذا حدث لنايومي ؟ لكن الأخيرة كانت غير قادرة على استجماع قواها ، وظلت تردد:

– نايومي قتلت نفسها ، لقد انتحرت يا سيث ، انتحرت.

 

رن صوت هاتف آخر، و أتى الصوت من داخل الحمام هذه المرة ، فانتبه سيث و رينيه لحديث دين من هناك ، وبعدها بثواني كان في الخارج وهو يرتدي ملابسه استعداداً للمغادرة ، و وجه حديثه إلى سيث:

 

– هيا بنا.. لقد انتحرت نايومي ويطلبون حضورنا فى قسم الشرطة

اسرعت رينيه لتلحق بهما وهي تسأل عن سبب استدعاء زوجها.

 

فالتفت اليها دين وقال:

– أبقى هنا أرجوك ، الوضع خطر للغاية ، نايومي انتحرت كما قالوا ، لكن الشرطة تشتبه بجريمة قتل ، لقد وجودوا أثار اقتحام للمنزل ، كما أن طريقة انتحار نايومي بقطع عنقها تشبه تماماً الطريقة التي مثلت بها أمام رومان رينز سابقاً.

 

غادر بعدها سيث ودين تاركين رينيه فى غرفة الفندق ، لكنها لم تكن وحدها ، بل محاطة بالكثير جداً من الأحاسيس المرعبة والأفكار المخيفة.

كعادته دوماً كان فندق كاريبيان الأكثر صخباً ونشاطاً بين جميع المباني في مدينة نيويورك ، شعلة من النشاط بين زوراه توزعت بين ضحكات المخمورين ، همسات العشاق ، مجون المشاهير، و أحاديث رجال الأعمال ، غرفة واحدة فقط ، بين جميع مئات الغرف في تلك البناية كانت أشبه بالقبر، وسريرها كالتابوت تجلس عليه رينيه يونغ.

 

توسطت رينيه السرير وهى تتكئ بظهرها على الحائط وتضم ساقيها إلى صدرها وتحيطهما بيديها وهى تدفن رأسها تماماً ، كل شيء كان أشبه بالحلم ، الساعات الماضية كانت كأخطبوط أسود من الدمار والدماء يتمدد مع مرور الوقت.

 

 جريمة رومان رينز وفينس ماكمان كانت غريبة للغاية ، لكن ما يحدث حالياً أقرب للخيال.

بعد أن كانوا شهود على ذلك السيناريو المعلون، باتوا هم الأن الضحايا ويتساقطون واحدا تلو الأخر ، حياتها وحياة زوجها في خطر، ولا أحد يعرف من أين يبدأ حتى يوقف ذلك السيناريو المميت، وكأنهم يجلسون بلا حول ولا قوة ينتظرون دورهم في الموت فقط ، وهو بالتحديد ما لا تنوى فعله بعد الأن ، لقد ظلت ترتعب وتطارد الأخبار السيئة طيلة الفترة السابقة ، الأن حان وقت التصرف ، قد تكون هي من أطلقت تلك الشرارة بزيارتها لرومان رينز، لكنها ستكون من يوقفها.

 

………………………………………………

 

تململت رينيه في مكانها وبدأت تستجمع قواها ، وهي تستعيد شجاعتها التي فقدتها تماماً مؤخراً ، وتحاول أن تستدعي خبرتها الطويلة في مجال التحري والتقصي والتي اكتسبها من عملها لسنوات في مجال الإعلام ومتابعة التقارير والتحقيقات الصحفية ، وبالفعل عادت الدماء الساخنة ممزوجة بالأدرينالين تضخ في جسدها ، لكن رنين هاتفها أعادها سريعاً إلى دائرة الذعر، وتحول الأدرينالين في جسدها إلى قشعريرة وهي ترى رقم غريب يظهر على الشاشة ، وبيدين ترتجفان قامت بالتقاط الهاتف وهي ترد بصوت خافت:

 

– مرحباً

 

المتحدت : رينيه ؟ إنه أنا رومان رينز.

صُعقت الأخيرة تماماً ، وكأن ألف ثعبان قد خرج من سماعة الهاتف للدغها في تلك اللحظة.

رومان : لقد حذرتك ! أليس كذلك ؟ لكنك لم تستمعي إلي ، الأن فات الأوان بالنسبة لكم ، لكن أسمعي جيداً ..

 

وبحركة لا إرادية أغلقت رينيه الهاتف ، أغلقته لكنها ظلت واقفة مكانها وهى تنظر إلى المجهول، تأكدت أن هذا الرعب الذي تعيشه لن ينتهى ، لا يبدو أن رومان سيتركهم حتى يقضي عليهم تماماً ، الانتقام سيطر عليه وتحول إلى شخص مختلف.

 

رن هاتفها من جديد وسقط من يدها هذه المرة ، ترددت ألف مرة قبل أن تنظر اليه ، تمنت أن يكون قد تحطم على الأرض حتى تنقطع علاقتها تماماً مع الواقع ، إلا أن أسم زوجها دين الذي ظهر في الشاشة أعاد اليها الحياة و الكثير جداً من الطمأنينة ، فأسرعت بالرد بكل لهفة :

 

– دين ، يا ألهى ! لن تصدق من أتصل بي قبل قليل.

قاطعها الأخير وهو يتحدث بصوت خافت جداً :

– رينيه أسمعيني أولاً ، أريد أن أسألك سؤالاً ، هل كان سيث معك في الفندق يوم أمس حتى الصباح ؟.

 

تفاجأت كثيراً بالسؤال ، حاولت أن تبرر لزوجها ، حاولت أن تدافع عن نفسها ، أغضبها توقيت السؤال ، العديد من المشاعر المختلطة سيطرت عليها ، فخرجت منها كلمات أكثر اختلاطاً لم تشكل أي جملة مفيدة على الإطلاق.

 

لكن ذلك لم يوقف دين عن مواصلة حديثه والذي كان جدياً فيه للغاية:

– أريدك أن تتذكري جيداً ، هل ظل سيث فى الغرفة طيلة الوقت ، أم أنه غادر وعاد من جديد ؟.

دهشتها صيغة السؤال هذه المرة أكثر ، لكنها أجابت بتلقائية وبعض الارتياح بعد أن خرج الأمر عن دائرة الشكوك فيها :

– لا أعلم يا دين ، لقد نمت وتركته في الغرفة ولم استيقظ إلا الصباح ، لقد استيقظت متأخرة اليوم ، ولكن لماذا تسأل ، أين أنتما الآن ؟.

 

أجابها الصمت لبعض الوقت وهى تستمع لأنفاس دين من الطرف الأخر، ومن ثم قال لها:

– لا أعرف ، ما يحدث أنا أيضا ، من المفترض أن تتحرى الشرطة معنا على أساس أن هناك من اقتحم منزل نايومي ، لكنهم الأن يعتقدون أن من اعتدى عليها دخل إلى المنزل دون اقتحام ، شخص تعرفه وتثق فيه.

 

أسرعت رينيه بتوجيه سؤال مهم للغاية:

– وهل تشك الشرطة في أحد ؟.

 

أخرج دين نفساً عميقاً وقال:

 

– سيث الأن في غرفة التحري ، وما سمعته وفهمته أنهم يشكون في أنه قد غادر الفندق وعاد من جديد ، ولا يوجد شاهد عيان على مغادرته سوى أنتِ ، كاميرات الفندق أظهرت أنه غادر الغرفة ليلاً وعاد مع بداية الصباح ، سأتصل بك لاحقاً و أشرح لك أكثر ، أسمعيني.

 

تردد دين في مواصلة حديثه وكأنه يطرد بعض الأفكار من رأسه ومن ثم واصل:

– قد يكون الأمر مصادفة فقط ، وقد يبدو ما أقوله مبالغ فيه قليلاً ، لكن حاولي أن لا تكوني مع سيث لوحدكما ، أعرف أنه صديقي ، لكن لا أحد بات يعرف ما يحدث حالياً ، وفي من يمكنك أن تثق ،  لا تغادري الغرفة ، أنا في الطريق اليك.

 

انتهت المكالمة لكن حيرة رينيه كانت قد بدأت للتو ، علامة استفهام كبيرة وضعت بعد سؤال صعب وغير منطقي للغاية ، هل يُعقل أن يفعلها سيث رولينز ؟ لا أجابة على الإطلاق ، ولن تكون هناك أي إجابة طالما ظلت هي في هذه الغرفة اللعينة.

 

حزمت رينيه أمرها وانطلقت فوراً لتغادر هذا الفندق المشؤم ، انطلقت لتكون ممن يصنعون الحدث ، بدلاً من أن تكون مجرد متلقية للضربات ، عليها أن تنسى خوفها و أن تتذكر أن هناك شخص في الخارج يحتاج إليها ، شخص اختارته واختارها من بين الملايين ليقضيا العمر سوياً ، إنه دين. حبيبها الذي يطارده الموت من مكان إلى آخر، ويقترب منه كلما مر الوقت عليه ، و ربما يكون الأن برفقة آخر شخص كان تعتقد أنه سيشكل خطراً عليهما ، سيث رولينز.

 

أطلقت إطارات سيارة رينيه وهي بداخلها صريراً وزمجرت مع أنطلاقتها في الطريق وكأنها توافقها على ما تنوى فعله ، صوت المحرك القوي وأشعة الشمس التي تخترق زجاج السيارة الأمامي تبعث الدفء في جسدها ، عقلها بدأ يعمل من جديد ، العديد من الأسئلة تأتي اليها وترفقها فوراً بالإجابة المناسبة ، الخطوط المتشابكة بدأت تنحل ، كل شيء بات يتضح ليقترب من الحقيقة القبيحة ، لماذا لا يكون سيث رولينز ؟.

 

وحتى تغلق بعض الفراغات في عقلها أخرجت هاتفها وهى تنوي إجراء العديد من الاتصالات وهي في الطريق ، وأولها كان لزوجها دين:

 

– مرحباً ، إنه أنا ، أريد أن أسألك ، هل كان سيث برفقتك طيلة الوقت حين وقعت حادثة عرض جيمي أوسو ؟.

رد دين فوراً :

– لا ، لقد تركني لوحدي و أنا أتجه إلى غرفة الملابس ، ومن ثم لم أشاهده حتى ظهر فجأة بعد أن وقعت الحادثة ، ولكن لماذا تسألين ؟ رينيه ! ما هذا الاصوات ؟ هل تقودين السيارة ؟.

 

لم تكن في حاجة للتبرير له ، فهي لا تنوي أن تضيع الوقت في شرح ما تفعله ، بل أغلقت الخط واتصلت فوراً بشخص أخر ،  تربل اتش :

 

– مرحباً اتش ، اعذرني على الاتصال في هذه التوقيت ، لكني أريد أن أسألك عن أمر مهم ، نعم نعم أنا بخير ، أسمع ، هل كان سيث ممن سيشتركون في عرض سماك داون المحلي الأخير؟.

 

استمعت رينيه إلى محدثها وهو يتكلم باهتمام شديد ، وتغيرت ملامح وجهها من الإحباط أولاً إلى الدهشة وبعض الارتياح لاحقاً.

 

فتربل اتش أخبرها بأن سيث رولينز لم يكن من المفترض أن يشارك ففي عرض سماك داون الأخير، وهو ما جعلها تشعر ببعض الإحباط لأنه أمر ينسف فرضيتها ، لكنها أخبرها بأنه شارك في عرض أُقيم في تلك الصالة قبلها بيومين ، فشعرت بالدهشة لتلك المعلومة المثيرة وبعض الارتياح لتأكيد فرضتيها ، وهى أن سيث رولينز هو من يقف وراء كل ذلك.

 

الأن عليها أن تفكر أسرع ، ما هي خطة سيث رولينز المقبلة ؟ وكيف ستوقفه ؟.

 

توقفت سيارة في إحدى اشارات المرور، نفس السيارة ونفس السائق ونفس التقاطع ، رينيه يونغ كانت كمن أعادها القدر إلى المكان الذي بات يرتبط بالموت فقط ولا شيء غيره ، التقاطع الذي مثلت فيه نايومي بأنها انتحرت ، وكان السبب في انتحارها وموتها فعلياً ، المكان الذي جعل رومان رينز يتحول إلى قاتل ، وكان السبب في أن يتحول إلى منتقم فعلياً ، كل شيء بدأ هنا.

 

ولكن هذه المرة لم تتجمد رينيه كالسابق ، ولم تحتج لشرطي مرور كي يجعلها تتجاوز الإشارة ، بل كانت أمرأة أخرى ، هذه المرة، أمرأة لا تشفق على حالها بقدر ما هي عازمة أن تكون الحل لكل ما يحدث ، فالنسبة لها كان الجزء الأصعب قد انتهى وانكشف ، وهو من يقوم بجرائم القتل ، وهو سيث رولينز، والأن يجب أن يتم إيقافه ، ومهما كان الثمن.

 

الأمر كان منطقياً للغاية وبسيط جداً ، لكنها كانت لا ترى جيداً وقتها ، خلافاً للآن ، حيث بات عقلها شعلة من النشاط ، وبدأت تتذكر وتربط كل الأحداث ببعضها ، منذ أن كان سيث وهي في عروض “ان اكس تي” حين كان الجميع يتحدثون عن إعجابه الشديد بها وهى لا تصدقهم ، وحتى مؤخراً حين بدأ يتقرب اليها وهي لوحدها في غرفة الفندق ، وكيف كان يحاول أن يجعل دين أمبروز يظهر بصورة الغير مهتم بها.

 

ولامت نفسها كثيراً على عدم انتباهها لكل ما يحدث حولها ، كل الدلائل تشير إلى أنه قادر على القيام بتلك الجرائم ، فهو الوحيد بين أصدقاء رومان رينز الذي لم تكن له علاقة بالسيناريو السابق ، وحادثة اعتداءه الوحشي على فين بالور ، و تحطيم وجهه بكل قسوة أكبر دليل على أن سيث قادر على القتل.

كانت رينيه تتجه إلى المنزل ، لكنها مرة أخرى وجدت نفسها تسلك طريقا مختلفا تماماً ، طريقاً تعرفه جيداً ، كان السبب في كل ما يحدث وكان من المفترض أن تكون مذعورة منه ، لكنها أصرت على المواصلة حتى تقضي تماماً على مخاوفها ، وهو الطريق إلى السجن الفيدرالي.

 

أرادت رينيه أن تظهر لرومان رينزه أنها باتت غير خائفة ، والأهم من ذلك أرادت أن تكشف له أن خطته قد انكشفت وهي مسألة وقت فقط قبل أن يسقط سيث رولينز ويلحق به إلى السجن ، و بهذه الثقة دخلت رينيه إلى السجن وطلبت مقابلة رومان، فتم إرسالها الى صالة الزوار ، لكن هذه المرة كانت المقابلة عبر الهاتف ، وهو ما أثار بعض الحيرة في عقلها ، فمثل هذه الزيارات تكون للمدانين الخطرين فقط.

 

جلست رينيه في الكرسي و زجاج سميك للغاية يفصل بينها وبين كرسي آخر سيجلس عليه رومان حين يأتي ، وكانت في عجلة من أمرها إلى درجة أنها أمسكت سماعة الهاتف و وضعتها في أذنها قبل حتى أن يحضر الأخير ، وسريعاً جداً تأكدت ظنونها ، فكان رومان مختلفاً تماماً عن آخر مرة شاهدته فيها ، أمتلأ وجهه بالشعر وعينيه محمرتين كالجمر ، ليجسد تماماً صورة الشر المطلق ، وتمنت الف مرة لو لم تقدم على هذه الخطوة الغيبة ، إلا أنها ظلت متماسكة ولم تتزحزح من مكانها.

 

لكن لكمة قوية من رومان إلى الزجاج ، وصراخه العالي جعلها تقفز من مكانها وتلقى سماعة الهاتف وتتراجع للخلف، وظلت تحدق فيه وهو يركل الكرسي ويشير اليها و يتحدث بطريقة غاضبة. ومن ثم توقف حين دخل الشرطي ، لكن رومان أصر عليه بأن يتوقف قليلاً ، وهو يشير إلى رينيه لالتقاط السماعة وكان هو يضع الأخرى على فمه دون أن يجلس ، فاقتربت الأخيرة بحذر شديد وكأن رومان سيخرج اليها عبر الأسلاك ، رفعت السماعة دون أن تبعد نظرها عنه ، وما وضعتها على أذنها حتى أتاها صوت وكأنها تستمع إلى الموت نفسه وهو يقول:

– لقد اتصلت بك لأحذرك ، والأن ماتت زوجتي ، لقد قُتلت ، كان يمكنك منع ذلك لو لم تغلقي الهاتف (و أنفجر يصرخ من جديد ) كان يمكنك إنقاذها أيتها اللعينة ، أيتها اللعينة …

 

وانهار يبكي وهو يلقى بنفسه على الأرض تاركاً رينيه لوحدها تمسك سماعة الهاتف وجسدها يترجف من أعلى رأسها وحتى أصابع قدميها.

مرة أخرى غادرت رينيه ذلك السجن وهي أشبه بالجثة الهامدة ، تماماً كما حدث معها المرة السابقة ، فقدت عادت إلى البداية وتفجرت العديد من الأسئلة في رأسها ، لكن أهمها على الإطلاق ، إن لم يكن سيث رولينز يعاون رومان رينز على الانتقام ، فما الذي يحدث خارجاً ، من قتل زوجة رومان ؟ و لماذا ؟ هل من المعقول أن يكون سيث رولينز يعمل لوحده ، ويصر على قتل كل من تسبب في إدخال صديقه إلى السجن ؟.

 

الأن بات المهم بالنسبة لها أن تنقذ زوجها ، و أن تبعده عن طريق سيث رولينز، وكانت المفاجأة أنها وجدت العديد من المكالمات من دين حين عادت إلى السيارة ، وأسرعت بالاتصال به ظناً منها أنه في خطر شديد ، لكنه لم يجب عليها ، وفى أثناء اتصالها تلقت مكاملة من آخر شخص كان تتمنى أن يتصل بها حالياً ، سيث رولينز.

 

أسرعت بالرد عليه وهى تفكر في الصراخ عليه ، وأخباره بأنها تعرف كل شيء، ، لكنها قررت أن تعدل عن هذه الفكرة في آخر لحظة حتى تتأكد أولاً من سلامة زوجها ، فتمالكت نفسها و ردت بهدوء شديد:

– سيث .. مرحباً.. أنا في الشارع ، شعرت بالملل وقررت أن أتجول في المكان ، هل تعرف أين دين أمبروز؟.

 

أرتفع حاجبيها من الدهشة وهى تستمع إلى سيث رولينز ، والذي أخبرها أنه ترك دين في غرفة التحقيق ، و أوقع نفسه حين ذكر بأنه لا يعرف شيئاً عن التحقيقات على الإطلاق ولم تتحدث معه الشرطة.

 

وبعد أن تأكدت من كذبه أنهت المكالمة بصورة ودية ، خصوصاً وأنه كان يلح عليها بأن تنتظره في أحد المطاعم القريبة لأن دين طلب منه أن يبقى معها في هذه الفترة ، وهي ثاني كذبة يطلقها في نفس المكالمة.

 

اتجهت رينيه يونغ إلى المنزل ، بعد أن فشلت تماماً في إيجاد أي فكرة تبدأ منها خطوتها الأولى ، ولم تكن تريد أن تعود إلى ذلك الفندق خوفًا من يلحق بها سيث رولينز كعادته.

 

وبالفعل وصلت رينيه إلى المنزل وتفاجأت بتواجد سيارة دين أمبروز، فأسرعت بالدخول وهى تهتف بأسمه ، وما أن شاهدته أمامها حتى أسرعت بإلقاء نفسها في حضنه وهى تهتز من شدة البكاء ، والأخير يحاول أن يهدئ من روعها ويخبرها بأنه سيهتم بها أكثر من الآن ، فرفعت رأسها وهي تخبره:

– لقد ماتت جالينا زوجة رومان ، أحدهم قتلها ، لقد كنت محقاً ، سيث كان يكذب علي طيلة الوقت ، إنه القاتل.

أبعدها دين عنه دون أن يفلتها ونظر اليها وهو في قمة الاندهاش والغضب وسألها:

– ماذا قلتي.. جالينا قُتلت ؟.

أبتعد عنها دين هذه المرة وهو يتراجع إلى الخلف ويضع يديه فوق رأسه قبل أن يقول :

– لقد تأخرت كثيراً ، أنا المخطئ ، كان علي أن أوقفه فوراً حين عرفت .

 

ومن ثم أسرع دين بالاتجاه ناحية المطبخ ، ومد يده إلى أعلى الخزانة المعلقة في الحائط ، وسحب مسدساً من هناك وبدأ يضع الرصاصات داخله. فشهقت رينيه من الخوف وقفزت من مكانها مع صوت تجهيز ذلك المسدس.

 

وضع دين المسدس في أسفل قميصه خلف ظهره و اتجه ناحية الباب للمغادرة والشرر يتطاير من عينيه ، فأسرعت رينيه واعترضت طريقه وهي تحيطه بكلتا يديها وتردد:

–  لن ادعك تذهب بهذه الطريقة ، ما الذي تنوى فعله بالمسدس ؟.

وبينما كان يحاول التملص منها وإزاحتها عن طريقه استطاعت أن تجذب المسدس من ملابسه وابتعدت عنه بسرعة كبيرة ، فوقف ينظر اليها لبعض الوقت قبل أن يطلق زفرة غاضبة وقال:

– لا يهم ، لا أحتاج للمسدس للتعامل مع ذلك الجبان الخسيس.

 

قالها وغادر المنزل فوراً تاركاً رينيه في حيرة من أمرها ، هل تلحق به أم تبقى هنا للاتصال بالشرطة ؟ وقررت أن تتخذ الخيار الثاني بعد أن تعبت من المطاردة في الشوارع.

 

كوب الماء على طاولة المطبخ ، بينه وبين رينيه يونغ أقل من متر، لكنها شعرت وكأن آلاف الأميال تفصله عنها ، أنهكها التفكير الكثير ، وشلها الخوف ، سكن الرعب في عظامها وبات يجري مع الدم في شرايينها ، كل شيء انهار و دائماً ما تجد نفسها عند نقطة البداية ، كلما ترى أنها اقتربت من النهاية يتضح أنها لم تبرح مكانها من الأساس.

 

جرت أقدامها حتى وصلت إلى ذلك الكوب وأفرغت محتواه بشراهة لتطفئ النار بداخلها ومن ثم جلست و هي لا تدري ما الذي سيحدث لاحقاً ، لكنها ظلت على هذه الحالة من أكثر من يومين ، فالوضع لم يتغير منذ أن زارت رومان رينز لأول مرة ، زوجها في الخارج يطارده الموت وهي غير قادرة على حمايته ، وبعد أن ظنت أن معرفتها لهوية القاتل ستحل المشكلة اتضح أنها لم تكن تعرف المشكلة من الأساس ، فلا رومان رينز يريد الانتقام ولا يبدو أن سيث رولينز يفكر في التوقف قريباً ، وقد يكون الحل هو الاتصال بالشرطة ، حتى و إن لم يكن لديها دليل على ما ستقوله.

 

بقيت رينيه على هذه الحالة لبعض الوقت قبل أن ينفجر باب المنزل بصوت خبطات قوية ، فنهضت وفى رأسها ألف سؤال وقدميها غير قادرتين على التحرك ، ليأتيها صوت دين أمبروز من الخارج ضعيف للغاية وهو يصرخ:

– رينيه .. رينيه .. أفتحي بسرعة.. رينيه..

هرولت على الفور ناحية الباب و فتحته بكل لهفة ، لتجد دين يحاول أن يقف بصعوبة والدماء تسيل على صدره ، ومن ثم لمحت سيث رولينز ينزل من سيارته في الجهة المقابلة للشارع قبل أن يسرع بالاتجاه ناحيتهما ، تجمدت تماماً وهي ترى سيث يقترب أكثر والشرر يتطاير من عينيه ، لكن دين قام بدفعها بقوة شديدة إلى الداخل و أسرع بأغلاق الباب خلفهما قبل أن يسقط على الأرض.

 

خرجت رينيه من حالة الدهشة التي كانت فيها ، ومن ثم أسرعت ناحية دين للاطمئنان عليه ، بينما كان يشير اليها لإحضار المسدس فوراً، لكن ضربات سيث رولينز القوية على الباب لم تجعلها تسمعه ، خصوصاً و أن الأخير كان يصرخ بين تلك الضربات:

– افتحي يا رينيه.. دين .. سوف أقتلك … رينيه ..

وبالفعل بدأ الباب ينهار تحت ركلات سيث رولينز، وتراجع دين وهو يجر نفسه على الأرض حتى اتكئ على خزانة المطبخ وهو يواجه باب المنزل مباشرة استعداداً لدخول سيث المتوقع ، ولم تمضى ثواني حتى كان الأخير قد كسر الباب وادخله نفسه عنوة.

 

نظر سيث إلى رينيه لبعض الوقت ، والتي كانت تبكي وترتجف من الخوف ، ومن ثم نظر إلى دين أمبروز الذي كان أمامه مباشرة وهو على الأرض غير قادر على النهوض ، مرت ثواني قليلة على هذا المشهد ومن ثم تحرك سيث رولينز ، اتجه بخطوات سريعة وغاضبة ناحية دين وهو يطلق الكثير من السباب له واستعد للانقضاض عليه ، لكن صوت رصاصة قوي دوى في المكان و عم بعده الصمت تماماً.

 

ظل الجميع فى مكانهم دون حراك ، دين على الأرض ، سيث واقف أمامه ، ورينيه يونغ خلفهما وهى تحمل مسدساً يخرج من فوهته بعض الدخان. ومن ثم  سقط سيث رولينز ، سقط بعد أن سكنت تلك الرصاصة صدره تماماً ، سقط على ظهره وسالت الدماء لتحيط به واتجهت حتى وصلت قدمي رينيه.

 

انتهى كل شيء الأن ، سقط المسدس من رينيه وهى تبكي ، و سقطت هي بعده على ركبتيها ونظرها لا يفارق سيث رولينز بعد أن تحول إلى جثة هامدة ، لكن نظرته المعاتبة اليها لم تتغير على الإطلاق ، فاطلقت صرخة طويلة وهي غير مصدقة لما حدث ، وانخرطت في نوبة بكاء لم توقفها إلا صوت دقات قوية ومتواصلة.

 

ورفعت رأسها لترى دين امبروز يضرب بمؤخرة رأسه خزانة المطبخ ، وثم أرتسمت ابتسامة على وجهه  لتتحول إلى ضحكة مجلجلة ، قبل أن ينهض ليقف على قدميه وكأنه في أفضل حالاته الصحية ولا يعاني من أي شيء ، خصوصاً تلك الإصابة التي رأتها قبل قليل.

اتجه أمبرز ناحية رولينز وهو ينظر اليه بطريقة شامتة وقال:

– الحب ، كل ما تحتاجه هو مجرد شرارة لتشعل النار في قلب العاشق ، لقد أخبرته بأنني ذاهب إلى المنزل لأقتلك ، هل تصدقين ؟ لقد أتى إلى هنا لإنقاذك.

 

واصل دين طريقه وتعمد أن يدوس على سيث رولينز وهو يتخطاه ناحية أحد الكراسي ، بينما كانت رينيه لا تزال ترتجف وهي لا تفهم تماماً ما يحدث أمامها ، سحب دين الكرسي وهو يقترب من الاثنين ومن ثم جلس عليه بصورة مقلوبة و وضع رأسه على ظهر الكرسي و قال:

– مسكين سيث ، لم يكن أبداً ضمن خططي ، لقد كشف أمري اليوم بعد أن أخبره تربل اتش بأنه لم يشركني في سماك داون، و أخبره الغبي أيضاً بأنني مريض نفسياً و أن ابتعادي عن الحلبات لم يكن بداعي الإصابة ، بل لتلقى العلاج.

الدهشة والكثير جداً من الرعب كانا يرتسمان في وجه رينيه وهي تتمتم:

 

– دين .. ماذا يحدث ؟.

عاد الأخير للضحك ونظر اليها طويلاً وقال:

– أريد حقاً أن أشرح لك ، أشعر بأنني سأستمتع كثيراً بفعل ذلك ، لكن لا أعتقد أن لدينا الوقت لكل هذا الحديث ، لكن يجب أن تعرفي أن ما حدث لصديقي رومان لم يكن ليمر هكذا ، الأمر بسيط. لقد أخطأتم وكان يجب أن تتم معاقبتكم ، هكذا هي عدالة السماء ، و أنا مجرد مبعوث منها.

نهض دين وهو يتجه إلى المطبخ من جديد و واصل حديثه :

 

– لقد سقطتم بنفس التسلسل ، استدرجت جيمي و أنا من دفعته ناحية الأباجورة حين لاحظت أنه لم يكن يقف تحتها تماماً ، ومن ثم لحقت بزوجته نايومي وأجهزت عليها بنفس الطريقة التي خدعت بها رومان ، وحتى تلك العاهرة لم أكن لأدعها تنعم بحياتها ، حتى و إن كانت زوجة رومان نفسه ، أعلم أنه سيغضب مني كثيراً ، لكن هذه رسالة السماء وكان يجب أن أنفذها.

 

جلس دين في أحد المقاعد و رفع سماعة الهاتف ولكنه واصل حديثه:

– هل تعلمين ؟ حين أتتني الرسالة من السماء ترددت كثيراً في قبولها ، لأنها كانت تشملك أنتِ أيضاً ، وتعرفين كم أحبك يا رينيه ، لقد كان اختباراً صعباً للغاية ، لكن حين دخلت إلى الفندق في تلك الليلة و وجدتك في حضن سيث رولينز، بات الأمر سهلاً للغاية بعدها.

 

لقد كنتِ ساذجة للغاية و أنتِ تصدقين كل ما أقوله لك ، جعلتك تصدقين أن سيث القاتل ، أخبرتك أن الشرطية تتحرى معه و أنه غادر غرفة الفندق ليلاً ، والكثير من الأكاذيب ، بينما كان ذلك الغبي معي طيلة الوقت ، وحتى حين حذرك رومان أول مرة لم تنتبهي ، وها نحن الأن نصل إلى هذه النهاية المثالية.

كان دين يجري الاتصال أثناء حديثه ، و توقف حين أتاه الرد من الطرف الآخر، وغيّر أمبروز فجأة لهجة صوته لتعود إلى ذلك الصوت الضعيف وقال :

– مرحباً .. الشرطة .. أريد أن أبلغ عن حادثة قتل.. أسمي دين امبروز وأسكن في ضاحية باردايس شارع 122 منزل 18.. زوجتي قامت بقتل صديقي في خلاف بينهما في المنزل ، أعتقد أنه مات .. إنها متواجدة الأن .. أنا ؟ لا ، أنا لست بخير .. إصابة في الكتف. حسناً.

 

انهى دين المكالمة وجلس في مكانه وهو ينظر إلى رينيه التي كانت بلا حول ولا قوة بعد أن أخرستها المفاجأة تماماً في تلك اللحظة ، فما يحدث أمامها كان أخر ما يمكن أن تتخيله ، ليقاطع دين أفكارها وهو يقول:

– هل تذكرين آخر كلمات رومان رينز في تلك الليلة ؟ ( لقد أتوا من أجلى).. أعتقد أن القدر كان بجانبي و أنا أخطط لهذا الانتقام ، هل تسمعين صوت الشرطة ؟ أعتقد أنه حان الوقت لتنطبق تلك المقولة عليك .. لقد أتوا من أجلك..

 

عاد دين للضحك مرة أخرى ، ومن ثم غادر مكانه وعاد ليجلس على الأرض وهو يمسك كتفه المصاب ويتأوه من الألم في انتظار دخول أفراد الشرطة بعد أن توقفت سياراتهم خارج المنزل ، لترسم بذلك نهاية فصول خطته الجنونية وسيناريو آخر أكثر دموية وفظاعة من الأول.

 

النهاية ……

 

 

تاريخ النشر : 2020-05-17

guest
12 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى