أدب الرعب والعام

الليلة المجنونة

بقلم : نور الفارسي – تونس

الليلة المجنونة

أقوم بأعمال شريرة و أتقاضى أجري ، لكن النقود لا تهمني ..

كنت صغيرا أعيش في حي شعبي وسط عائلة متكاملة ، أب محترم و أم محترمة ، وقد كان في حيينا مجموعة من الناس يقومون بأعمال مثل المافيا التي نراها في لأفلام ، كانوا قدوتي .. كانوا في نظري أبطالا .. وكانوا يقومون بالعديد من لأشياء الشريرة مثل التجارة بالمخدرات و الاستفزاز و حتى القتل …

بعد سنوات كبرت وانقطعت عن الدراسة ، أصبح جسمي متكاملا و أجيد التفاوض مع الآخرين و لدي العديد من المميزات لأنضم إليهم ، و فعلا أصبحت واحدا منهم ، أقوم بأعمال شريرة و أتقاضى أجري ، لكن النقود لا تهمني .. بل كوني واحدا منهم يكفيني .

في ليلة من الليالي في فصل الشتاء جاءتني مكالمة من رئيسي يطلب مني أن أذهب لمنزل أحد العاملين بمنطقتنا لتهديده لعدم دفعه الإتاوة فغيرت ملابسي و أخذت سلاحي و ركبت دراجتي النارية و اتجهت لمنزله و عند وصولي أحسست بأن هناك شيئا خاطئا .

فتحت الباب بالقوة فأحسست كأن شيئا يحرق رجلي و يدي و عند دخولي شممت رائحة كريهة وغريبة ، في نفس الوقت دخلت لغرفة نوم الضحية فوجدته نائما فأيقظته و طلبت منه إعطائي النقود ، لكنه رفض ، فصفعته ، فأخذ أنفه ينزف بشدة وطلب مني المغادرة بدون مشاكل و قد بدت عليه علامات القلق و الخوف وأخذ ينظر إلى السقف و قد تغير لون عيناه إلى الأحمر و قال لي اليوم هو أخر أيام حياتك فانتابني الخوف و حاولت الهرب ، لكني لم أستطع فقد أغلقت جميع الأبواب ، حاولت أن أقاومه بسلاحي لكن يدي توقفت عن العمل كأني مشلول ، ذهبت مسرعا إلى نافذة غرفة المطبخ و بدأت بالصراخ لكن لم يستجب لي أحد ، بدأت بالبكاء فقد كنت متأكدا أني سأموت بدون شك ، خارت قواي و لم أعد أستطيع فعل شيء فطرحني أرضا و جلس فوقي و أخذ يتمتم بكلمات غير مفهومة ، فأخذت سكينا من المطبخ بسرعة و طعنته فسقط أرضا فهربت مسرعا و أخذت هاتفي لأتصل بالشرطة لكن لم تكن هناك إشارة و عند التفاتي وجدته ورائي و قد دفعني دفعة قوية جدا فسقطت على الأرض و فقدت وعيي تماما .

عندما استيقظت وجدت عائلتي بجانبي في المستشفى و قد تبين لي إنني كنت في غيبوبة لمدة يومين و عندما استفسرت عما حدث لي قالوا أني كنت مع صديقي في منزله و قد انزلقت قدمي فسقطت على رأسي .

فجأة أتى زائر .. كان هو نفسه ذلك الرجل الملعون ، فصاحت أمي بسعادة انه صديقك الذي أنقذك ! .. وجلس بجانبي ، كنت خائفا جدا ، وقال لي بصوت منخفض : هذه المرة سامحتك لا تعاود الكرة مرة أخرى و إلا سوف أقتلك .

منذ ذلك اليوم لم أعد أشتغل مع تلك العصابة وغيرت مكان سكني و صرت أعمل بائعا في محل .

اريخ النشر 17 / 11 /2014

guest
35 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى