طوائف و معتقدات

الماسونية و الخالد الأعظم

بقلم : أبو ميثم العنسي – اليمن
للتواصل : [email protected]

من هو الخالد الاعظم؟ .. وهل ما يشاع عن الماسونية صحيح؟
من هو الخالد الاعظم؟ .. وهل ما يشاع عن الماسونية صحيح؟

الماسونية أو البناؤون الأحرار هي جمعية سرية كثرت حولها الأساطير و الحكايات ، حتى اختلطت الحقيقة بالوهم ، فبين قائل يرى أنها منظمة لعبادة الشيطان ، و قائل آخر بأنها منظمة يهودية تسعى لجعل اليهود يسيطرون على العالم ، و رأي ثالث يقول أنها تهدف لنشر الإلحاد و نبذ الإيمان و محاربة الديانات السماوية ، و رابعٌُ يقول أنها منظمة تؤمن بالله الخالق و المهندس الأعظم للكون ، و آراء كثيرة تجعل رأسك يدور و يلف فلا تصل إلى حقيقة محددة ، الأمر الذي دفعني للبحث حول حقيقة الماسونية من كتب أعضاءها و منتسبيها ، و لا أخفي عنكم أن كلامهم زادني حيرة ، فهم يتحدثون عن أمور ماورائية أكثر غرابة من تلك الأساطير و الحكايات التي يؤلفها أعداء منظمتهم ، و لكن يمكن أن نصل إلى نقاط يتفق حولها الكثيرون  من أعضاء الماسونية :

1- منشأ الماسونية

يُعتقد أن نشأة الماسونية كان في القرن السابع عشر ميلادي ، و أنها خرجت من عباءة جمعية الصليب الوردي عام 1616م ، وآخرون يردون منشأها إلى أيام المسيح عليه السلام على يد اليهود الذين أرادوا محاربة إنتشار الدين المسيحي.

blank
منشأ الماسونية كان مع بدايات الكهانة المصرية القديمة

و لكن دعونا نسمع رأي أحد منتسبيها و هو المؤرخ اللبناني جورجي زيدان في كتابه ( تاريخ الماسونية العام ) ، فقد ذكر أن الماسونية أقدم من ذلك بكثير ، فمنشأ الماسونية كان مع بدايات الكهانة المصرية القديمة ، و كانت تسمى وقتها بـ ( جمعية إيزيس السرية ) ، و أن أسرارها إنتقلت بعد ذلك للحضارة البابلية و اليونانية و الهندية ، و أن إنتقالها إلى أوروبا كان على يد أورفيوس التراسيسي ( تراسيا هو مصطلح لبلغاريا و رومانيا حاليا ) ، و بعد موته كون تلاميذه ( جمعية ألوسينيا ) ، و يصف جورجي زيدان مراسيم قبول الأعضاء الجدد في جمعية ألوسينيا بأساليب غاية في الغرابة بالرغم أنه يحاول في كتابه أن يلمع صورة الماسونية و يربطها بالعلم و الرقي ، فيقول أن العضو الجديد كان يُمرر في البداية على مواقع يرى فيها وحوشاً مرعبة و حمماً بركانية و  يسمع أصوات مخيفة يكاد يزيغ عقله من هولها ، ثم يُنقل إلى موقع يملؤه النور و الطمأنينة !! ثم يستقبله الكاهن و يلقنه الأسرار في أجواء إحتفالية و كأنه بلغ حينها الجنة !!.
و يطلب من العضو الجديد قبل خوض التجربة أن يغتسل بالماء و الدم ، و أن يقدم ثوراً أو كبش ، ثم يتم تعميده بالماء و يعطى إسماً سرياً ، و هذه الطقوس في قبول الأعضاء الجدد لا زال يُعمل به إلى اليوم .

2- رموز الماسونية و إرتباطها بالفراعنة

blank
صورة للاله المصري حورس والعين المرتبطة به .. الكثير من رموز الماسونية لها علاقة بالحضارة الفرعونية

إذن قد يكون جرجي زيدان محقاً فيما قاله عن نشأة الماسونية ، خاصةً إذا لاحظنا أن رموز الماسونية ما هي إلا رموز فرعونية بحتة ، الهرم و عين حورس و قرص الشمس الذي كان يعبده المصريون ، و لنقرأ ما كتبه ماسوني آخر هو فرانسيس باريت الذي تحدث في كتابه ( سيرة تاريخية قديمة ) عن شخصية “هرمس” ، و أن الإله إذا تجسد في إنسان فلن يكون ذلك إلا هرمس ، و يرى البعض أن هرمس هو الإله تحوت أو توتي .

و يتحدث الماسوني مانلي هول في كتابه ( التعاليم السرية لكل العصور ) عن كتاب تحوت المقدس الذي يحتوي الإجراءات السرية التي يمكن من خلالها ” إعادة إصلاح البشرية ” ، و هو كتاب مكتوب بالهيروغليفية الغريبة ، و يقول مانلي ان من يستطيع فك رموز هذا الكتاب يمتلك قوة غير محدودة على الأرواح العلوية و السفلية ، و أنه حينها يمتلك القدرة على رؤية الكائنات الخالدة و الدخول إلى حضرة ” الإله الأسمى أو الخالد الأعظم “!!

ألم أقل لكم أن ما يكتبه الماسونيين أنفسهم أكثر غرابة مما يكتبه أعداءهم ، فمن هو الخالد الأعظم الذي يمكن رؤيته إن فُكّت تلك الرموز الهيروغليفية ؟! .

3- علاقة الماسونية بقارة أطلانطس

blank
بحسب روايات واساطير القدماء كانت اطلانطس قارة عظيمة ومتطورة

إن سمعتم عن كتاب الأموات الفرعوني الذي هو عبارة عن رثائيات لتلك القارة المفقودة تحت سطح البحر (أطلانطس) الأرض التي قَدِم منها التاسوع المقدس أو تاسوع هليوبوليس رع و جب و نوت و شو و تفنوت و ست و اوزوريس و ايزيس و نيفتيس ، ستجدون ان المغنيين الأجانب المعروفين بإنتماءهم للماسونية كآلان والكر  ، المغنية الأمريكية ، ما زالوا يرثون تلك القارة الغارقة في أغانيهم ، كأغنية (faded)  :

Under the bright but faded lights
تحت الأضواء الساطعة ولكن نتلاشى

You set my heart on fire
انت ترمى قلبى فى النار

Where are you now?
اين انت الان ؟

Atlantis, under the sea, under the sea
أطلانطس , تحت سطح البحر , تحت البحر .

و عليه سيبرز سؤال غريب هو : ما علاقة الماسونية بقارة أطلانطس ؟

نجد أن الفيلسوف الأغريقي أفلاطون كان يؤمن بوجود حضارة أطلانطس ، و ذكر في كتاباته ان سكان أطلانطس كانوا عظماء في الهندسة و المعمار ، فبنوا القصور و المعابد و شيدوا عاصمتهم فوق تل كانت تحيطها أشرطة من القنوات المائية الضخمة ، و يذكر أفلاطون أن سبب دمار القارة هو الجشع و الفساد الأخلاقي الذي تسبب بغضب الإله أوليمب عليهم فأغرقهم في مياة المحيط الأطلسي.

هناك فعلاً أدلة علمية تشير إلى وجود أرض كانت في وسط المحيط الأطلسي ، أول هذه الدلائل هو ما اكتشفه علماء الجيولوجيا في أن تضاريس أطراف المحيط الأطلسي ضاربة في القدم بينما تضاريس وسط المحيط حديثة نسبيا حيث لم تكن تلك الأرض في أعماق المحيط قبل فترة زمنية قدروها ب600000 عام تحت سطح الماء ، الأمر الثاني نجد أن تيار المحيط الأطلسي القادم من الغرب للشرق ينقسم إلى تيارين و كأنه يصطدم في الوسط بأرض مرتفعة تجعل التيار المصطدم بها يسير في إتجاهين مختلفين .

blank
الجشع و الفساد الأخلاقي تسبب في غرقهم بالمحيط

و الدليل الثالث يدعي الكثيرون أن ناسا صورت آثار أشرطة من الأبنية تحت مياة المحيط الأطلسي و كأنها تلك القنوات العملاقة التي ذكرها أفلاطون عن حضارة أطلانطس ، و أنها أيضاً صورت ما يشبه الهرم في قاع المحيط !! و أن هذه الأسرار من بين أسرار كثيرة تحتفظ بها ناسا و لا تكشف عنها لأسباب لا يعلمها أحد .

إذن من الكلام السابق نرى أن سكان أطلانطس كانوا كما أفلاطون ، عظماء في الهندسة و المعمار و بناء القصور و المعابد ، و هذا ما يجعلنا نجد التفسير لمعنى الإسم “البناؤون الأحرار” في العصر الحديث ، أولئك الذين أبدعوا في بناء الكنائس و القصور في أوروبا مثلما أبدع بناؤو أطلانطس في بناء معابدهم و قصورهم .

الأمر الآخر هو ذلك الهرم في قاع المحيط الذي صورته ناسا من الفضاء ، الهرم الرمز الأهم للماسونية .

4- الماسونية و الأديان

blank
صورة لتجمع ماسوني .. الماسونية تقبل اعضاء من جميع الاديان

قد يظن البعض أن الماسونية منظمة يهودية ، و يرون أن اليهود قد إستطاعوا في فترة السيطرة على الماسونية و جعلها تخدم أهدافهم ، و لكن في الحقيقة أن الماسونية هي من إخترقت الدين اليهودي و جعلته يخدم أهدافها ، فالماسونية هي أخوية عالمية تضم أعضاءاٌ من كل الأديان السماوية ، اليهودية و المسيحية و الإسلام  ، و الأديان الوضعية و ( عبّاد الشيطان )  ، و هي لا تجبر أحدا على إتباع دين أو معتقد معين ، فهي في الأخير تهدف إلى أن تكون رابطة الأخوية الماسونية فوق الروابط الدينية و العقائدية ، فالماسوني سواء كان مسلم أو مسيحي أو يهودي هو أخٌ بالدم لماسوني آخر ، لهم هدفٌ واحد و مشروعٌ واحد . و للماسونية رمز لمنتسبيها اليهود و هو الشمعدان ، و رمز لمنتسبيها المسيحيين و هو الصليب ، و رمز لمنتسبيها المسلمين و هو الهلال و النجمة . فالماسونية تجعل أعضاءها كالاراجوزات ، تحركهم بخيوطها كيفما شاءت و بالطريقة التي تخدم أهدافها ، و قد يكون السيطرة على العالم أحد تلك الأهداف ، و لكن الهدف الخفي في إختراقها لكل الجماعات و الفئات الإنسانية في الأرض هي رؤية كل شيء بالعين التي ترى كل شيء و خلال كل المجتمعات و الدول ، و لا أحد يعلم الهدف الحقيقي لذلك إلا أولئك الذين امتلكوا القدرة لرؤية الخالد الأعظم .

5- الرموز الماسونية و دلالاتها

blank
صورة للحي الذي يقع فيه البيت الابيض .. الشوارع تتقاطع على شكل رمز يؤشر نحو البيت الابيض في اسفل الصورة .. وكذلك هناك صورة الهرم والعين الشهيرة على ورقة الدولار

هل شاهدت من قبل مسلسل الأطفال الكرتوني (سبونج بوب) ، أو الفيلم الكرتوني (سيمبا) ، نجد أن الرموز و الطقوس الماسونية تملأ تلك الأعمال ، ليس فقط أفلام الكرتون ، بل نجدها في كثير من أفلام هوليوود ، بل وقد نحتاج إلى جهد حتى نكتشفها في مشاهد مسلسلات الأطفال أو أفلام الكبار ، فما الذي يهدف إليه الماسونيين من حشر رموزهم في تلك الأعمال ؟! ، هل تحاول الماسونية مخاطبة العقل الباطن للمشاهدين و خاصةً فئة الأطفال ؟ بالإضافة ان هناك مشاهد في أفلام ديزني لاند يُحشر فيها كذلك رسوم جنسية مبطنة ، و كأنها رسائل مشفرة لعقول الأطفال .

أيضاً نجد الرموز الماسونية في أهم المعالم المعمارية في العالم ، فالبيت الأبيض الأمريكي و الحي الذي يوجد فيها ما هو إلا مخطط كبير لتعامد المسطرة مع الفرجار الرمز الأشهر للماسونيين .

6- الماسونية و الميتافيزيقيا

blank
صورة السائحين فوق الهرم قبل شروعهما بممارسة الجنس .. هل كان امرا عبثيا ام لغاية ما؟ ..

هل تذكرون صعود سائحين دانماركيين الهرم الأكبر و ممارستهم للجنس في ليلة كان فيها القمر بدراً ، هل تظنون أنهم مارسوا الجنس للمتعة فقط أو الشهرة ؟ ، إذا ظننتم ذلك فأنتم مخطئون ، لقد كانوا في الحقيقة يؤدون طقوساً ذات دلالة روحانية لدى الماسونيين ، ليست المرة الأولى التي تحدث حادثة كتلك ، فالسلطات المصرية كثيراً ما تمنع تجمعات غريبة عند الأهرام تحدث في أيام معينة من السنة و حين يكون القمر بدراً ، يصفهم الإعلام المصري تارة بعبدة الشيطان و تارة بمتعاطي المخدرات ، و لكن في الواقع هي تجمعات لماسونيين يحيون طقوس ماسونية للتواصل مع أرواح يعتقدون أنها تمتلك قوة و طاقة معينة في الليالي المقمرة في أيام معينة من السنة . فالماسونيون يؤمنون بالعوالم الأخرى إيماناً راسخاً و يحاولون التواصل بهذه الكائنات الماورائية إن لم يكونوا فعلاً يتواصلون بها و يرونها رأي العين .

blank
هل الماسون يتحكمون بالعالم من وراء الستار كما يشاع .. و ان اغلب زعماء العالم هم ماسونيون بالسر

و أخيراً فإن أكثر ما شد إنتباهي هو الحديث عن الكائن الأعظم أو الإله الأعظم للماسونيين ، و حاولت أن أبحث عن ماذا يكون ؟ .. هناك مقال في أحد المواقع الإلكترونية يقول فيه الكاتب أن الكائن الأعظم هو حورس ، و أن حورس ليس شخصية أسطورية في الديانة المصرية القديمة ، بل هو شخصية واقعية من المنظرين كإبليس و السامري . و يذكر الكاتب أن حورس هو أحد الإلهة التي عبدها قوم نوح عليه السلام ، و انه هو نسراً الذي ذكرهم نوح في قوله الله تعالى: ( وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23))

خاصة إذا علمنا أن حورس هو رأس النسر في النقوش المصرية القديمة ، و يذكر أن قوم نوح ما هم إلا سكان القارة الغارقة ( أطلانطس) . و الله أعلم .

المصادر :

– تاريخ الماسونية العام لجرجي زيدان.
– التعاليم السرية لكل العصور لمانلي هول.
– مواقع إليكترونية.

تاريخ النشر : 2020-01-19

guest
95 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى