أدب الرعب والعام

المخلوق الأثيري ( 3 )

 
بقلم : محمد فيوري – مصر
للتواصل : [email protected]

 

الدكتور شريف : البنت المسكينة أيامها معدودة

تنظر هند لسراج وتقول : ” أرجوك خلي ماما ترجع البيت بقي ، أصلها وحشتني … تصبح على خير “.

ثم تتجه هند وتبدأ في صعود سلالم المنزل الداخلية فينادي عليها سراج ويقول : ” هند اياكي تنسي معادنا بكره الصبح هنروح نزور البنت الصغيرة زي ما قولتلك “..

هند: ” ماتقلقش يا بابا أنا مش ناسيه وعامله حسابي ونفسي أشوفها “..

تكمل هند صعودها السلالم وتتجه إلى غرفتها وتدخل وتغلق الباب خلفها , فنظرت أنا لسراج ومازال جالس أمام التلفاز وفي يده السيجار وكان سارحا ، ثم نظر إلى الأعلى ليتأكد أن هند دخلت غرفتها فمسك هاتفه وبحث سريعا عن رقم ، ثم وجد الرقم وأتصل به .. وسرعان ما تحدث قائلا : ” ايوه يا نور … أنا خلاص مش عارف اكدب وأمثل اكتر من كده …..

لاء لاء هي كويسه بس أنا مش شايف اي تحسن ولا تقدم في حالتها …. آيه اللي بتقوليه ده مانتي شايفاني عمال اصرف بالملايين علي اللي اسمه عمرو بتاعك ده علشان يجبلها هدايا وتحس باهتمام وحياتها تتغير …

واللهي أنا حاسس ان الدكتور بتعها أفكاره مجنونه شويه ، أل آيه لازم نعملها صدمه جديده في حايتها علشان تنسي الصدمة القديمة ادينا يا ستي بقلنا تلات شهور بنمثل عليها اننا متشاكلين وهننفصل ومافيش اي تقدم

……….

يعني آيه أنا السبب يا نور ، الحكايه القديمة دي مر عليها اكتر من سنه تقريبا وهند لِسَّه زي ماهي ……

خلاص خلاص يا حبيبتي أنا أسف … أنا أسف ….

هاشوفك بكره بعد ما اخلص شغلي وماتقلقيش هتصرف أنا في حكاية البنت الصغيرة دي …

لاء لاء مافيش حد عارف حاجه حتي عدلي أنا كل شويه بقوله هاطلقها ، بعد الشر عليكي من الطلاق يا نور …. تمام هانتقابل بكره …. وانتي من أهله “..

 

يغلق سراج الهاتف وينهض ويتجه ليصعد السلم ثم يذهب لغرفته ويدخل ويغلق الباب ورائه ، فتوجهت أنا إلى باب غرفة هند واخترقت النسيج الخشبي وأصبح باب الغرفة خلفي من الداخل لأجد هند مرتديه شورت خفيف وتي شيرت ابيض خفيف يبدو أنها ملابس النوم ، وكانت جالسة أمام المرآة تنظر إلى وجهها وملامحها بتأمل ، ثم قامت بمسح مساحيق التجميل من على وجهها بهدوء ، وبعد الانتهاء من ذلك وقفت وهي مازالت تنظر للمرآة ، فوجدت أنا شيء غريب وآثار لجروح قديمه عبارة عن خياطات و غرز جراحيه كثيرة متفرقة على قدميها ، وكأن قدميها الاثنتين مشوهتين من الأسفل إلى الأعلى ، ثم تحركت هند إلى وسط الغرفة ، وهي تلملم شعرها الطويل بين يديها و تسحبه إلى الأعلي ، فتوجهت أنا سريعا وأصبحت أمامها وأوقفت الزمن لكي اعرف ما سبب تشوهات قدميها بهذا الشكل , فكانت أمامي ساكنة بدون حراك وذراعيها إلى الأعلى وشعرها الأسود الطويل بين قبضتي كفيها ، وبين أسنانها رابطة الشعر ، فارتفعت لأصبح بمستوي وجهها وابتدأت أتحرك حركة دائرية بهدوء ، كانت رأس هند هي محور الدائرة ، فتحركت من أمام وجهها إلى ناحية اليسار ، ثم تحركت إلى الخلف ، فأصبح رأس هند من الخلف أمامي تماما ، اقتربت بنظري ” زوم “ واخترقت أنسجة الرأس ووجدت الجزء المسئول عن الذاكرة ، ورجعت بذاكرتها إلى الوراء , إلى سنه ماضيه فقط ، لأجد الحادثة المفزعة التي غيرت حياة هند إلى كابوس واضطرابات وذكريات مؤلمة …

فوجدت سراج يقود سيارة نوع همر سوداء اللون بسرعة جنونية على طريق مليء بالمنحدرات وبين جبال توجد بلبنان , وكان ينظر إلى النافذة المفتوحة لجهة اليمين وإلى الطريق أمامه ويتبادل النظرات ما بين النافذة والطريق ولون وجهه احمر ويتصبب عرقا , وكانت ملامحه مليئة بالغضب والانفعالات وهو يحاول اللحاق بسيارة أخرى نوع لامبورجيني زرقاء اللون كانت تسبقه بشيء بسيط ، فيقترب سراج بسيارته إلى السيارة الأخرى ويصبح بجانبها تماما وبسرعة متساوية .

فنظرت أنا إلى السيارة الأخرى ووجدت شخص يقودها مرتديا نظارة زرقاء اللون وكان ينظر لسراج وهو يبتسم له بحقد وشر ، وكانت هند جالسه بجانب ذلك الشخص وهي تبكي بشده والرعب والفزع ظاهر على ملامحها ويدها اليسرى مقيدة بالحديد ومتصلة باليد اليمني لذلك الشخص ، فيتحدث له سراج بصوت مرتفع وهو منفعل وكان صوته يتموج مع الرياح لشدة السرعة بين السيارتين ويقول : ” يا هند … يا هند يا حبيبتي ماتخفيش .. أرجوك أرجوك يا ( منير ) هند ملهاش اي ذنب

اعمل فيا أنا اللي انت عايزه .. لكن بنتي هند لاء أرجوك يا ( منير ) “..

( منير ) يتحدث وهو يصرخ في الهواء ويقول : ” وحياة دم مراتي اللي انت موتها انت وعدلي من غير اي ذنب .. أنا هحرق قلبك علي بنتك أنا خلاص بعد ( ساندي ) مش عايز حاجه من الدنيا أنا عايز اموت يا سراج .. عايز اموت “..

ثم يسرع منير بسيارته ومعه هند ليبتعد في ثواني عن سيارة سراج ، فيبكي سراج بحرقه ويمسح دموعه بيده وهو ينظر إلى سيارة منير وهي تبتعد .. ثم يندهش فجأة ويصرخ وصدى صوته يهز الجبال من حوله ويقول : .. ” بنتي “..

فنظرت أنا إلى الأمام لأجد سيارة منير البعيدة وقد تركت منحني الطريق وطارت تتقلب فالهواء متجهة إلى أسفل الجبال ، فذهبت سريعا وأوقفت الزمن فأصبحت سيارة منير اللامبورجيني زرقاء اللون ثابتة في الهواء بوضع عكسي فكانت إطارات السيارة إلى الأعلى وسقفها إلى الأسفل ، والغبار الكثيف والأحجار المتناثرة ثابتة في الهواء و تحيط السيارة من جميع الاتجاهات مع أشعة الشمس الساطعة ، فتحركت أنا ثلاثة مرات سريعا بحركة دائرية حول السيارة وتوقفت ببطء أمام نافذة هند من الخارج ، ووجدت ملامح وجهها مليئة بالفزع والرعب عند لحظات الموت ، ثم تحركت سريعا ثلاثة مرات حول السيارة وتوقفت ببطء أمام نافذة منير من الخارج ، فوجدت ملامحه ثابتة ومبتسم، ودخلت إلى السيارة بوضعها العكسي وأصبحت خلف رأس منير تماما ، واقتربت بنظري ” زوم “ وتخللت أنسجة رأس منير ورجعت بالزمن داخل ذاكرته لمدة أسبوعين فقط …

إلى ليلة صاخبة , حفلة كبيرة بحديقة فيلا منير بلبنان , موسيقى هادئة واضاءات خافتة , حضور أعداد غفيره من الأثرياء يتبادلون الحديث وبأيديهم كؤوس الخمر والسيجار ، وكان سبب الحفل هو مفاجئة الحضور و الأصدقاء المقربين بحمل ( ساندي ) زوجة منير صديق سراج وعدلي ، ذو القلب الطيب و الوفي والذي كون ثرواته بالكسب الحلال والمشروع .

فوجدت أنا هند قادمة وتقترب وتجلس بجانب امرأة وتقول : ” عايزه آيه يا ماما “..

نور : ” إنتي بتشربي وسكي يا هند ، وسكي هي حصلت “..

تبتسم هند ابتسامه خفيفة ثم تنفجر بالضحك وتقول : ” بتشربي وسكي يا هند وسكي .. اسمه ويسكي يا ماما

ويسكي .. مش قهوة ساده في الحواري اللي كنتي عايشه فيها زمان … اتعلمي الاتيكيت بقي يا نور أبوس إيدك “..

نور : ” واللهي إنتي مش متربيه ، وهقول لسراج على قلة الأدب دي “..

تقف هند وهي تتلفت يميناً ويسارا حائرة وتقول : ” ماما يا حبيبتي سيبيني دلوقتي سيبيني أنا سعيده يا ماما

سعيده ، أما في واحد اسمه عمرو عيونه تجنن ونفسي يبصلي بصه وحده بس بيهم “ ..

ثم تبتعد هند مسرعه وهي تعطي لنور قبلة في الهواء ، فتنادي عليها نور مره أخرى وتقول : ” هند … هند تعالي هنا يا بنت مين عمرو ده فهميني “..

هند : ” هاقولك بعدين هاقولك بعدين “.. وتبتعد هند لتختفي وسط الحضور .

وأجد سراج وعدلي من بعيد يتبادلان الحوار ثم يتجهان ويدخلان الفيلا ، فذهبت أنا وراءهم ، وكانت الفيلا من الداخل لا يوجد بها احد غير سراج وعدلي وثلاثة عاملات فقط ، فتوجه عدلي وسراج إلى غرفة كبيره من الواضح أنها غرفة مكتب منير وأغلقا الباب خلفهم ثم توجه عدلي وجلس على كرسي المكتب وجلس أمامه سراج ، فأخرج عدلي من معطفه علبة سوداء صغيره وفتحها واخرج منها أنبوب شفاف صغير ، ووضع على المكتب ثلاثة خطوط من الكوكايين وأستنشقهم سريعا ، ومسح انفه بظهر يده ثم نظر لسراج وقال : ” انهارده يا سراج ، انهارده سامعني ، ودلوقتي حالا يا سراج دلوقتي حالا “..

سراج : ” اهدا بس يا عدلي اهدا ووطي صوتك وانا هعملك اللي انت عايزه انا اول مره اشوفك كده يا اخي “..

يقف عدلي وهو متوتر ومنفعل يشعل السيجار ويدب بيده على المكتب بشدة ويقول : دي حامل يا سراج ، حامل والكلب عاملها حفله بملايين علشان هي حامل وبيغظني … طب ما أنا ممكن كنت ادتها فلوس وكنوز العالم وعاشت معايا أنا “..

يقف سراج ويقول : ” يا عدلي ما انت عارف احنا كنّا فاكرين الفلوس ممكن تشتري الناس وتشتري الحب ، بس في ناس زي ( ساندي ) بيدوا دروس قاسيه للي بيتعامل معاهم بالطريقه دي ، وأنت خدت درس “..

عدلي : ”هانموتها دلوقتي سامعني هانموتها“..

يبدو أن عدلي وسراج قاما بقتل ( ساندي ) الحامل زوجة منير وحبيبة عدلي سابقا ، وأنا لا أريد أن اعرف كيف تم قتلها ، فهم محترفين و بارعين منذ صغرهم في عمليات القتل والنهب والسرقة ، ولكن تلك المرة لم تأتي على هواهم وقد علم منير من قام بقتل زوجته ( ساندي ) وأراد أن ينتقم .

انتم مفضوحون .. مفضوحون يا بشر أنتم مساكين لا تعلمون ، فحياتكم وتصرفاتكم وأسراركم الملعونة المخفية الغير جاهرة كالبيت المصنوع من الزجاج الرقيق النقي الشفاف ، ولشدة نقائه يراكم كل من يعبر بالخارج بجوار بيتكم الزجاجي ، فخالقي وخالقكم يراكم ، والجن والملائكة تراكم ، وآلاف آلاف آلاف المخلوقات الإلهية الربانية المسبحة لخالقي وخالقكم تراكم ، وأنا أراكم وغيري يراني وأنا لا أراه ويراكم ، وأفعالكم وضمائركم وماضيكم وحاضركم وأعضاء أجسادكم ستشهد عليكم في يوم وتقول نعم كنا نراكم ، فهي مستويات و درجات و قوانين ربانيه وضعت بعناية ودقة ، وأين تكون هي درجاتكم من كل هذا يا بشر يا أصحاب الغطاء المكشوف ..

فأنتم … أنتم لم تروا إلا أنفسكم المريضة ، فسراج يري عدلي وعدلي يري سراج ، مرآة لوجه واحد قبيح ، فكان القتل وإزهاق الأرواح بالنسبة لهم هو بناء المشافي للفقراء والمساكين ، وكانت السرقة والنهب هي إطعام الفقراء والمساكين ، وكان التباهي بالأموال والمناظر والمظاهر الكاذبة هي فعل الخير و لمسة يد حانية على رأس يتيم .. فأفعالكم جعلتكم تمجدون بعضكم وتخيفون بعضكم وتستضعفون وتستقوّن بعضكم ، وتكتمون السر وتخافون أن ينكشف أمام بعضكم ، فتعيشون الحياة داخل دوامة غبية ملعونة بينكم وبين بعضكم ، تنسون من هو خالقكم الذي يراكم والذي حذركم أن تقتل نفس بغير حق و أوصاكم أوصاكم أوصاكم على بعضكم .

رجعت لمكاني خلف رأس منير داخل السيارة ، واتجهت إلى الخارج ومازالت سيارة منير ثابتة في الهواء بداخلها منير وهند ، تحركت سريعا ثلاثة مرات حول السيارة وتوقفت ببطء بجانبها تماما ، وتركت كل شيء يعود إلى الحركة ، فسقطت السيارة سريعا لتصل إلى الأسفل وترتطم عدة مرات بالصخور ثم تثبت دون أن تنفجر ، فتخرج هند من السيارة بهدوء وهي تنزف بشده من أماكن متفرقة بجسدها، وتنادي على سراج ، ثم تنظر بدهشة وتجد ذراع منير الأيمن فقط وبدون الجسد عالق ومقيد بالحديد ومتصل بذراعها الأيسر المقيد بالحديد أيضا ، فتصرخ هند وتصاب بحالة فزع وتوتر وتشنجات لمدة ثلاثة ساعات ، حتى وصل سراج والإسعاف بصعوبة إلى مكان الحادث الوعر ، وقام بضم هند إلى صدره وهو يصرخ ووجهه ملطخ بدمائها .

رجعت لموضعي الأصلي خلف رأس هند وسط غرفتها ، وتحركت سريعا حول رأسها ثلاثة مرات وتوقفت ببطء أمام وجهها وتركت كل شيء يعود للحركة ، فأكملت هند ترتيب شعرها واتجهت إلى السرير ثم استلقت عليه وسحبت الغطاء فوق جسدها وأغمضت عيناها .

اخترقت نسيج الحائط لغرفة هند وتركتها وانطلقت مسرعا لاختراق نسيج حائط غرفة نيفين داخل المستشفى ، لأجدها نائمة بداخل غرفة مليئة بالأجهزة الطبية وتحت رعاية و عناية ممرضة تجلس بجوارها وتتحدث بالهاتف وهي تتحسس بيدها وبهدوء شعر نيفين وتقول : ” هو ده اللي حصل زي ما بقولك يا ( حمزه ) واللهي واللهي مقطوعه من شجره ده حتي جدها اللي حكتلك حكايته هيدفن الصبح علشان مش لاقين أهل ليه ولا ليها …… آه اقصد كده انا مابخلفش ويمكن ربنا جابهالي أدامي علشان تبقي بنتي وأشلها في عنيا …….. اسمها نيفين وزي القمر ………. يعني آيه مش انت ديما تقولي بلسانك انا حاسس اني ربنا هيكرمنا في يوم من الأيام وهشتهر …… واللهي انا حاسه ان ربنا هيكرمنا لو اتبنناها ووشها هيكون حلو علينا ها قولت آيه …. بجد بجد يا ( حمزه ) ربنا مايحرمنيش منك انا هاقول للدكتور ( شريف ) ويا رب يوافق … مع الف سلامه يا حبيبي .. تصبح علي خير ” .

تغلق الممرضة هاتفها وهي هائمة من الفرح ثم تقوم بتقبيل رأس نيفين و يداها كثيرا كثيرا كثيرا ..

التاسعة صباحا داخل المستشفى أجد سراج وهند يتوجهان ناحية غرفة الاستعلامات ، فينظر سراج لموظفة تعمل بمكتب الاستعلامات ويقول : ”من فضلك غرفة الطفلة نيفين اللي وصلت امبارح العصر غرفه رقم كام “..

الموظفة : ” ثواني يا فندم وهقول حضرتك ….. الطفلة نيفين غرفه رقم 110 الدور الثالث “

سراج : ” متشكر جدا ….. آه نسيت ممكن اعرف فين قسم الحسابات من فضلك “

الموظفة : ” واللهي يا فندم انت لو بتسأل علشان تدفع حساب ، الدكتور ( شريف ) هو اللي تكفل بكل حاجه علي حسابه الشخصي “..

سراج : ” دكتور شريف ! … دكتور شريف مين ؟ ..“..

الموظفة : ” دكتور شريف هو المسئول عن قسم أمراض البطن وجراحة المناظير ، ولما عرف أنها حالة إنسانية متأخرش ، وهو بصراحه ما بيصدق يلاقي حاله انسانيه علشان يساعدها ومابيتأخرش “..

سراج : ” همم .. طب بقولك آيه ممكن اقبله حالا ، علشان ورايا شغل من فضلك ووقتي محسوب “..

الموظفة تتصل بدكتور ( شريف ) وتقول لسراج : ” هو منتظر حضرتك بمكتبه في الدور التاني “ ..

يصل سراج وهند إلى مكتب الدكتور شريف فتقول هند : ”انا هروح أشوف نيفين انا يا بابا “.. وتذهب

ويجلس سراج مع دكتور شريف وبعد الترحيب والحديث الطويل ، ينظر دكتور شريف إلى سراج ويقول : ” بصراحه يا سراج بيه .. انا حاولت أنقذ ما يمكن انقاذه ، البنت المسكينه دي أيامها معدوده أدمها بالكتير شهرين او تلاته ربنا معاها و يتولاها “..

ثم أجد هند قادمة ويبدو على وجهها الغضب وتقف أمام سراج وتقول : ” يا بابا في ممرضه فوق قالتلي هي اللي هتاخد نيفين ومتعصبه قوي كأني خلاص البنت بقت بنتها

انت مش قولتلي احنا اللي هناخدها “.. ثم تنظر هند إلى الدكتور شريف وتقول :

”هي هتبقي كويسه امتي يادكتور علشان تيجي معانا “..

سراج : ” هند من فضلك اقعدي لحد ما اخلص كلامي مع الدكتور … مين الممرضه دي يا دكتور شريف وفعلا هي عايزه تاخد نيفين وتتبناها “..

الدكتور شريف : ” واللهي يا سراج بيه زي ما انا فهمتك حالتها ووجودها فالمستشفي لا هيقدم ولا يأخر … وفعلا كلمتني الممرضه ( ريم ) وقالتلي انها عايزه تتبناها هي وجوزها علشان هي بتعاني من العقم .. بس انا فهمتها الحاله ، وقالتلي انا بعمل لله ولو البنت عاشت عاشت ولو ما عاشتش يبقي عمرها وقدرها ومصممه انها تاخدها بأي طريقه “..

سراج : طيب ممكن من فضلك دكتور شريف تخلي الممرضه ريم دي تيجي علشان عايز أتكلم معاها

الدكتور شريف يطلب الممرضة ريم ثم يقف وينظر لسراج وهند ويقول : ” هي جايه حالا لحضرتك سراج بيه .. معلش انا بعتذر علشان ورايا حاله لازم أسيبك دلوقتي .. عايزك تعتبر المكتب مكتبك .. بعد اذنكم “..

يخرج دكتور شريف من المكتب وتدخل الممرضة ريم ، فتنظر لها هند بغيظ ، ثم يطلب سراج من ريم أن تجلس ، فتجلس ريم ..

سراج : ” إنتي فعلا عايزه تخدي البنت بعد ما عرفتي حالتها يا مدام ريم ومصممه زي ما الدكتور شريف قال “..

ريم : ” ايوه يا فندم مصممه انا متجوزه بقالي سبع سنين بس مافيش نصيب اني اخلف لاني مصابه بالعقم ، وانا حاسه اني البنت لو فضلت معانا المده دي هتعوضني عن السبع سنين اللي اتحرمنا فيهم من الخلفه انا وحمزه جوزي ، وغير كده انا بعمل خير ، وانت عارف يا فندم لما الواحد بيقدم الخير وبيمد أيده و يساعد حد بيبقى الإحساس عامل ازاي … وانا عارفه ومتأكده ان كل خطواتك خير في خير وبتعمله لناس كتير، نظرتي ماتخيبش بدليل انك موجود وبتساعد نيفين “..

يقف سراج وهو يبتسم بكبرياء ويقول : ” ياه يا مدام ريم إنتي هاتقوليلي على عمل الخير وإحساسه ، ياما .. ياما عملت خير في حياتي ، انتي فكرك اللي موقفني على رجلي ده ايه غير عمل الخير ، وبعيدا عن عمل الخير انا عايز أقولك حاجه مهمه ومش عايزك لا تفرحي ولا تحزني ولا تنفعلي ، ده الكارت بتاعي انا هستناكي بكره في مكتبي علشان هكتبلك شيك بنص مليون جنيه ، يوقفك علي رجلك شويه انتي وجوزك بس بشرط ، مش عايز اعرف عنك ولا عن جوزك ولا نيفين اي حاجه نهائي ، حتى لما ربنا يفتكرها ، علشان انا ورايا اشغالي ومافيش ولا ثانيه افضلها ..

هستناكي بكره يا مدام ريم ، شكرًا واتفضلي علشان مش عايز اعطلك “..

تأخذ ريم الكارت وتخرج من الغرفة بهدوء ثم تقف هند وهي غاضبة بشده وتنظر لسراج بأستغراب وتقول : ”يعني ايه هاتديها نيفين يا بابا يعني ايه .. وبعدين ايه عمل الخير اللي انت عاملته في حياتك ، انا طول عمري ومن ساعة ما وعيت على الدنيا وانا عايشه ما بين دم وقتل وسرقه ومحاكم وتحقيقات واعترافات وزفت …

ده انا كنت هاضيع منك في يوم من الأيام و بسببك انت .. ليه تقول الكلام ده وليه تكدب ؟.. ليه .. ليه “..

يغضب سراج ويصفع هند بشدة على وجهها ” اخرسي “..

تضع هند يدها علي وجهها وتنظر إلى عين سراج مدة طويلة يتخللها الصمت والهدوء فتتساقط دموع عيناها شيئا فشيئا وهي ترجع إلى الوراء بهدوء وتخرج مسرعه من الغرفة .

***

انتهى الجزء الثالث من قصتنا , ولا زال عزيزي القارئ لديك خيارات لتضيفها إلى مخلوقنا الأثيري , فماذا تضيف له هل تضيف له :

1- الذهاب إلى المستقبل .

2- تجعله يتحدث إلى الناس وتتحدث الناس إليه .

شكرًا لكم أصدقائي ودمتم سالمين .

 

تاريخ النشر : 2015-06-29

guest
79 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى