أدب الرعب والعام

النيزك

بقلم : علي محمد فنير – ليبيا
للتواصل : [email protected]

ياله من نيزكٍ ضخم ! انه يقترب ! سيرتطم بالأرض !!

جلس ذلك المساء قُبالة شبّاك حجرته , يتأمّل السماء الصافية المُرصّعة بآلاف النجوم .. و تفكّرَ في الأفق المتّسِع الذي لا نهاية له ..و كم أن الدنيا ضاقت بالعديد من البشر , بما فيهم هو …… و اذّ به يرى شيئاً يتحرّك في السماء و يقترب من الأرض رويداً رويدا , و له ذيلٌ طويل من اللهب : 
-ياله من نيزكٍ ضخم ! ….انه يقترب ! … سيرتطم بالأرض !!

فتثبّتت عيناه تجاهه .. و في ثوانيٍ قليلة !! دوّى انفجارٌ هائل هزّت له جدران غرفته , و انقطع بسببه النور وغرِقَ في الظلام الدامس …. و على الفور !! اتجه إلى المطبخ لإحضار الشمعة .. لكنه اصطدم بقضبانٍ من الحديد , سدّت عليه طريق الخروج ! فتحسّس القضبان , فإذا بها تُشابه سماكة قضبان زنزانته التي قضى فيها نصف عمره سجيناً ! انها هي بالفعل ! …

و هنا !! تناهى الى سمعه بعض الأصوات الغامضة … و قد استطاع تميز احدِها ! .. انه صوت ذلك السجّان البدين الذي تفوح منه على الدوام رائحة كريهة…. و رغم هذا ! كان هو الذي يسخر منه , و ينادينه بالجرذ .. سمعه يضحك , و هو يقترب منه :
– اتحاول الهروب من الزنزانة , ايها الجرذ ؟!!!!!!!
– لكنني خرجت من السجن !
– خرجت ! …. كيف ؟ و متى كان هذا ؟ .. هيا عدّ إلى جحرك , أيها الجرذ !!

فأحسّ الرجل برعبٍ قاتل … و سرَت رجفة في كل أنحاء جسده .. (هل هذا كابوس أم حقيقة ؟! ..مالذي يحصل معي ؟! هل ممكن .. آه نعم … نعم , انه النيزك .. لابد أنه هو !! لقد أعاد الزمن بشكلٍ ما إلى الوراء !)
و بهذه اللحظات .. احضر له الحارس البدين وجبته في ذلك الصحن القذر , ثم أنصرف .. فركل السجين الصحن بكل قوته , و هو يصرخ في داخله :
-لا !!! انا لن اعود إلى الزنزانة مرّة أخرى , سأموت أن عدّت ! …سأموت !!

فسمع الحارس تلك الجلبة التي أحدثها ارتطام الصحن بالجدار … فهرول مُسرعاً إلى زنزانة السجين .. و هو يحمل عصاه الغليظة …. ثم فتح باب الزنزانة المُقفل ….و انهال عليه بالضرب … فتكوّم المسكين في الزاوية واضعاً يديه على رأسه , محاولاً حماية وجهه من الضربات ..

و في تلك اللحظة ! استيقظ من نومه فزعاً , و العرق البارد يتصبّب من كل مسام جسمه…. فتحسّس جسده برعب , و جال بعينيه في أرجاء الغرفة … و تنفّس الصعداء بعد ان تأكّد انه في بيته ! … فنهض من سريره .. و قبل ان يخرج , نظر بحذر من زاوية الغرفة .. علّ ذلك البدين يترصّد له في الخارج , ماسكاً عصاته الغليظة ….. لكنه لم يجد أحداً …. فتوجّه ناحية نافذته , و عاد يتأمّل السماء بقلق …. و بقيت عيناه مُسمّرتان لفترة طويلة , تراقبان الأفق المُظلم ..

متسائلاً بخوف :
– ماذا لو سقط هذا النيزك يوماً ؟!….. ماذا لو سقط ؟!!!!!!

تاريخ النشر : 2015-12-20

علي فنير

ليبيا
guest
23 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى