أدب الرعب والعام

اليَد الدافِئةً..

بقلم : ميم- قطر

الساعة الثانية فجراً :

رن هاتفي معلنًا وصول رسالة جديدة.

فتحت الرسالة ، وقد ارتسمت الأبتسامة على شفتيّ بلطف ، حينما رأيت ماكتبه بعفوية:

  • أهلاً ، هل أنتِ بخير؟..رأيتَ رسالتكِ قبل قليلاً لذلك أعتقدت بأن شيئًا قد حدث لكِ.

أنه ظريف للغاية ، لقد أصبحنا أخيرًا في الفصل ذاته في السنة الأولى من الجامعة ، وها نحن الأن نكملُ عامنا الثالث معًا ، لسنا احباء مطلقًا ، يمكننا القول بأننا اصدقاء طفولة ، وحب من طرفي فقط.

رددت عليه فورًا فقد يتسلل إليه الخوف فعلاً ، أردفت قائلة بتطمئن:

  • كلا ، شعرت بالملل لا أكثر…

شعرتُ بها تنهيدته ، ” تضحك ” ، أعتاد على التنهد حينما أخبره بأن الأمور على مايرام ، لذلك أردف بإرتياح قائلاً لي:

  • إذن…ذلك جيد.

ما الجيد بالأمر ، أشعر بالملل نوعًا ما وهذا يعد سببًا مقنعًا للحديث على الأقل بالنسبة لي.

رددت عليه بعصبية مصطنعة:

  • لا ذلك ليس جيدًا بتاتًا..، اللعنة الإ يمكنكَ استنتاج ما اريده حقًا على الأقل؟.

يا لذلك الشارد الوسيم الذي سيقتلني يومًا ما بسرحانه، لكنني حتمًا سأسطو على عالمه ليستعد لذلك.

رد علي محتارًا:

  • آاااه…حسنًا ، نتحدث؟.

هل كان الأمر يستحق كل ذلك التفكير ، يبدو هادئًا على غير عادته ، أعتقد بأنه هنالك مايشغل تفكيره ، لذلك أجبته بتساؤل:

  • إيدن ، هل هناك ما يقلقك؟.

أجابني بسرعة بالغة ، أكدت لي شكوكي تجاهه ، هو لا يجيد الكذب إطلاقًا ، ماذا مع تصرفاته الطفولية ألن ننتهي من ذلك حقًا.

  • لا شيء..

أجبته بصرامة:

  • إيدن ، ماذا هناك!؟

قهقهة ضاحكة بخفة ، حينما رأيته يكتب رسالته ويعيد مسحها ثم يعيد كتابتها ، إنه بالتأكيد متردد مابين إزعاجي بحديثه أو قول بأن كل شيء على مايرام ، لكنه يعلم بأنني سوف أصر عليه ليخبرني في الأخير..تذكرت عينيه الزبرجدية حينما تبدو ملامحة مترددة ، ستغدو تلك العينين الخضراوتين شاردتين تمامًا بالتفكير..

أردفت بعدها قائلة:

  • سأنتظرك على مقعد الحديقة ، أنزل الآن!.

أرسل إلي لاحقًا رسالته قائلاً بطاعة:

  • حسنًا.

لطيف! ، أشتقت إلى نظرة البراءة تلك حينما يردف مطيعًا ” حسنًا ” ، ارتسمت ابتسامة لطيفة على شفتي بينما بدت بإرتداء حذائي عند عتبة الباب ، نهضت بعدها لألتقط معطفي فنحن في بداية ديسمبر.

ارتديته وهممت ذاهبة ، كانت الحديقة لا تبعد سوى دقيقتين عن منازلنا ، نعم دقيقتين! ، أعني منازلنا متقاربة نحن جيران تقريبًا.

وصلت هناك لأجده واقفًا ، ينفث الهواء الساخن إلى يديه لتدفئتهما ، قهقهة بخفة ، منظره كان لطيفًا بحق ، رفع عينيه لتتلاقى أعيننا ، أبتسم لي ابتسامة واسعة لتظهر غمازاته اللطيفة ، كانت تضفي إلى رجولته الملامح الطفولية ، واللعنة مابال تلك الغمازات تسحرني في كل مرة؟.

بادلته الأبتسامة بلطف مردفة بعفوية:

  • تبدو بردانًا.

احتضنته متعذرة بالبرد ، قهقهة بلطف حينما رأيت وجنتيه المحمرة ، كان يحاول جاهدًا التظاهر بأنه غير مهتم ، يستمر بتشتيت نبضات قلبي بعفويته.

ابتعدت عنه قليلاً وأردفت بوجه قلق:

  • ما الذي يشغل بالكَ؟

حك مؤخرة رأسه بقلق ليردف بإرتباك:

  • حسنًا…ذلك..بسبب..

أمسكت وجنتيه بين كفي مردفة بحنان:

  • تحدث سأستمع إليكَ.

طأطأ رأسه بلطف وزم شفتيه ، ثم أمسك بيداي العاريتين سريعًا مردفًا بقلق:

  • يداكِ باردتان للغاية.

ابتسمت له بلطف ، ليبدأ بفركهما بين أكفه بينما ينفث أنفاسه الساخنة بغيت تدفئتهما ، رفعت نظري إلى عينيه الخضراوين ، يبدو فاتنًا حينما يصبح منتبهًا في أمرًا ما.

تاركًا للشرود طريقة إلى ملامحه..

أفلت بعدها إحدى يداي بينما بقي ممسكًا بالأخرى ، لأسير بجواره ناحية المقعد.

جلسنا بجانب بعضنا البعض بينما بقي ممسكًا بيدي ، أيا ترى بقي متشبثًا بها لعدم انتباهه؟ أم أنه يعي تمامًا امساكه لها؟ ، أيعلم حتى أنني لا أراه كمجرد صديق؟ ، خشيت أخباره بذلك فأخسره.

حدقت به لدقائق ليمط شفتيه بشرود مظهرًا غمازاته ، ثم قال بطفولية:

  • هل علي أخبارك بذلك حقًا؟

أومأت رأسي بحزم مأكدة له رغبتي بمعرفة السبب ، ليتنهد منزعجًا قبل أن يقول:

  • الأمر هو..أنني كنتِ قلقًا بشأن يوم مولدكِ .أنه بالغد مع ذلك لم استطع التفكير بأي هدية مناسبة!!!!!! ، الأمر مزعج!.

ماذا!!!!!!!!!! ، كدت اصرخ في وجه من الأستغراب أكان قلقًا إلى ذلك الحد ؛ لأجل هديتي؟ ، أصبحت عاطفية ويعود الفضل إليه في ذلك!!!.

نظرت إليه بعينين دامعتين ، لأرى الأرتباك في عينيه الساحرة قائلاً بقلق:

  • إيميليا ، هل ازعجتكِ؟

يالهي ماذا مع صوته العميق ذلك!!! ، سأفقد عقلي قريبًا ، مسحت دموعي سريعًا بكف يدي لأردف مطمئنه إياه:

  • كلا ، لا بأس.

نظر إلي بعينين قلقتين ، كانتا تلمعان كالزبرجد في تلك الليلة الباردة لأفصح عن اعترافي الذي دام عشر أعوام له كالحمقاء:

  • أحبكَ.

تبًا ما الذي قلته قبل قليلاً؟ ، آاااااه أشعر بالتشتت ، فلم يتوقف قلبي عن الخفقان حينما رأيت حدقت عينيه قد اتسعت بذهول ، عضضت شفتي ونظرت للأسفل ، أندب حظي على غبائي الزائد ، قبل إن أقرر الهروب كحل اخير وقع أمامي.

حررت يدي من قبضته ؛ لأقف من الكرسي راكضة كحركة تلقائية من جسدي.

لم أشعر سوى بقبضته التي أمسكت رسغي لأيقافي عن الحركة ، اللعنة لم أمتلك القوة لأنظر في عينيه مباشرةً.

كان مرتبكًا للغاية ، شعرت بذلك ، لم أرغب مطلقًا بأرباكه بمشاعري!

شعرت برغبة عارمة بالبكاء ، كان كالحل الأمثل لتجاوز تلك الليلة.

لكنه أردف ببرود لعيين!!!:

  • إيميليا..

ثم استأنف قوله حينما شعرت بدموعي تتساقط على وجنتاي بحرقة:

  • انظري إلي..

لم استطع النظر إليه ، كيف سأتمكن من ذلك بعد أن قلت ما قلته ، سكت كنت أشعر بيده تحرر رسغي ليمسك بيدي ويشدني إليه ، عانقني بقوة من الخلف ، وقتها شعرت بقرب اضلاعه من ظهري ، كان قلبي يخفق بسرعة بالغة ، لقد انتهيت لم استطع حتى تنظيم دقات قلبي قليلاً.

ابعدني عنه ليديرني حتى أقف أمامه محدقًا بعينيه الخضراوين ، لقد غفلت عن كل شيء وبدت سارحة احدق في بساتين مقلتيه.

أمسك وجنتي بين كفيه وتنهدت قليلاً بإرتياح ليردف بحنان قائلاً بإبتسامة وصوت عميق بدت أعتاد عليه:

  • إيميليا…

أردف بها بهدوء ليستأنف قوله بعدها:

  • لما البكاء؟.
    اتسعت حدقت عيناي لحظاتها ، أيتصنع الغباء أم ماذا؟ ، أيضا ماذا مع هدوئه هذا ، أكاد انفجر كالبركان ثائرة بينما هو هادئ وكأن شيئًا لم يكن.

أردت حقًا إنهاء تلك الليلة سريعًا ؛ لذلك تظاهرت بأنني لم أقل شيئًا محاولة تغيير مجرى الحديث:

  • لا شيء ، أعتقد فقط بأن مشاعري قد فاضت ، أسفة لأرباكك بها.

قهقه بخفة قبل أن يردف رافعًا إحدى حاجبية قائلاً بصوت اجش:

  • أأنتِ حمقاء؟
  • مااااااااااااذا؟

صرخت بها مغتاضة ، ايحاول استفزازي بأستغبائه أم بتظاهره بأنه لم يسمع شيئًا مما قلته ، أكاد اجزم بأنه ليس صديق طفولتي؟ ، هل أعرفه حتى؟ ، ملايين الأسئلة بدت تدور في رأسي!!!.

أعاد شعره للوراء قائلاً:

  • إيميليا…أعلم بمشاعركِ نحوي منذ زمن ، لذلك أنا اقدرها كثيرًا…و

قاطعت حديثه بغضب مصطنعة قائلة:

  • لم أطلب منكَ تقديرها ، أحمق!

رحلت حقًا ، لم أرغب بسماع رفضه ؛ ذلك الأحمق صاحب العينين المتدليتين ، لكنه استوقفني حين سحب يدي لألتف ناحيته محدقة بإستغراب بعد أن انحنى وقارب طولي قائلاً منذ أن تلاقت أعيننا:

  • ما كنتَ أريد قوله ، هو أنني أحبكِ كذلك.

اتسعت عيناي عند سماع تلك الكلمات! ، أحقًا قالها ، أم أنني بدت اتوهم أمورًا لا وجود لها من البرد.

ألتفت لاحقًا يجول ببصره حول المكان قائلاً:

  • دعينا نجلس ، الجو أصبح أكثر برودة.

اومأت برأسي ايجابًا مازلت تحت تأثير الصدمة مما سمعته ، أعتقد بأنني لو بقيت اكثر من ذلك سأقول أمورًا لا أرغب بقولها ، اصبح اكثر صراحةً وجرئة!!!!.

جلسنا بعدها ليأخذ بيدي بين كفه ، كان يقارن بينهما مردفًا بلطف:

  • يداكِ صغيرتان..

أردف بها مقهقهًا من قلبه ، احب تلك الأبتسامة التي تظهر غمازاته بطفولية وبراءة ، لأقول مغتاضة:

  • يداكَ الكبيرتان فقط ، أنظر…

رفعت يده لأسند راحة يدي عليها قائلة بتبرير:

  • أرايت أنها يداكَ الكبيرتان..
    إزاح بوجه جانبًا مغطيًا عينيه بيده الأخرى ، كنت احدق به بتساؤل عما يفعله ليردف قائلاً بوتيرة هادئة:
  • ما فعلته كاد يذهب عقلي!!!.
  • ماذا؟.

أبتسم ابتسامة واسعة ثم شبك يده بيدي قائلاً بهمس ، حسنًا سأكتفي هنا ، أعتقد بأنه ماحصل بيننا لاحقًا سيبقى بيننا…

عضضت شفتي السفلى بتوتر بينما اتذكر أحداث تلك الليلة لأقهقه بحماسة ، قبل أن اتنهد براحة واغفو قليلاً…

النهاية.

ميم

قطر
guest
13 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى