تجارب ومواقف غريبة

امرأة مجهولة في شقتي !

بقلم : ميرا محمد – مصر

امرأة مجهولة في شقتي !

رأيت امرأة تخرج من حمام الشقة ..

لا أتعجب مما اقرأ من غرائب يرويها الآخرون ، فما مر في حياتي كان الأعجب والأغرب والذي لا اعرف له تفسيرا سوى الرضا به ..

مازلت اذكر موقفا من مواقف مررت بها ، فقد سكنت شقة جديدة وكنت دوما اشعر فيها بشعور من يدخل القبر ! .. لكنى لم استسلم لهذا الشعور ، بل زينتها وجملتها وأكثرت من الترتيلات القرآنية تملؤها حتى أصبحت مكانا مريحا لي ولضيوفي ..

وحين كانت تنقطع الكهرباء كالمعتاد كنت أهرع إلى بلكونة الشقة استمد الثبات والاطمئنان من مرور البشر وأصواتهم في الشارع . لكن في أحد الأيام حصل شيء غريب ، فما أن انقطعت الكهرباء حتى تسمرت قدماي وأصبحت ثقيلة لا أكاد أحركها . ومن سوء حظي كانت الشموع قد نفذت إلا شمعة رفيعة من شموع أعياد الميلاد ، أشعلتها ثم عدت لأحد كراسي الغرفة وقدمي مازالت على ثقلها ، وفيما أنا أهم بالجلوس لمحت عيني ما ارتعب له قلبي .. رأيت امرأة في سن الأربعين ترتدي عباءة رمادية تخرج من حمام الشقة لتتجه لغرفة الأطفال ، ومرت بجانبي ولم تنظر إلي كأني لست موجودة ! .

ظللت لثواني لا استوعب الأمر ، لكني كنت على يقين مما رأته عيني ، وفي تلك اللحظة عاد لي نفس الشعور القديم حول الشقة ، شعرت كأني داخل قبر  كئيب يمتلئ بالموت ، وتنبهت إلى أن أبنى الرضيع في الغرفة التي دخلتها تلك المرأة الغامضة ، فارتبكت أكثر .. واحترت فيما أفعل .. هل اترك رضيعي نائما أم اهرع إليه لأخذه ؟ ..

ولم اطل التفكير ، كسرت جمود قدمي وجريت وأنا احدث نفسي بصوت عالي وأنا اعلم بوجود تلك المرأة : " إلا أبنى .. انا هاجي اخده .. فاهمه .. فاهمة " .

ودخلت الغرفة المعتمة ومعي الشمعة من دون أن تطرف عيني ، تجاهلت ما قد أرى ورفعت رضيعي وخرجت وأنا قاطبة الحاجب أكشر عن أنيابي تهديدا . ويعلم الله بأني من داخلي كنت قاب قوسين أو أدنى من سكته قلبيه .

رويت ما حدث لإحدى صديقاتي الجديدات والتي كنت أرى فيها الإخلاص ، فصدقتني بعيونها قبل لسانها ، ثم ضحكت كالمشدودة وقالت لي سأخبرك أمرا ولكن أقسمي لي بان لا يعرف أصحاب المنزل بأني أخبرتك . قالت بأن صاحبة هذه الشقة ماتت منتحرة في الحمام تاركة خلفها طفلين بسبب مشاجرات ومشاكل زوجية ونزاعات سابقة ، وأن كل من في الشارع يعلم هذا ولهذا السبب لم يجرؤ احد من سكان المنطقة على استئجار تلك الشقة ، إلا أنتي لأنكِ غريبة عن الحي ، ولو سألت بدون ذكر أسمى فسيخبرك الجميع بهذا .

أصابني الذهول مما سمعت ، إلا أنني برغم ما عرفت وبرغم ما مر بي لم اترك الشقة إلا بعد مرور عامين ، تركتها ولم يسكنها أحد حتى يومنا هذا . أي بعد أربعة أعوام على رحيلي … ظللت مغلقة كالقبر .

تاريخ النشر 22 / 08 /2014

guest
27 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى