أدب الرعب والعام

انقضى العمر .. وانتهى الانتظار

بقلم : سما – العراق

جلستُ على طاولة الطعام في المطعم الذي كان يطل على البحر واسمع هديره عاليا اتأمله وارى تلاطم امواجه أغرق في جماله فهم يقولون ان البحر أسرار ويهيج الأحزان
جرت ادمعي لكلمة أحزان فماذا تعني؟؟

قطع شرودي وتفكيرى صوت النادل يطالبني بماذا اريد ، نظرت اليه بشرود انا نفسي لا أعلم ما اريد ، فقلت بلا مبالاة الشاي ..
ذهب النادل..
لحظة انا لا احب الشاي!
لمحت شبح ابتسامة على طرف فمي ، متى اخر مرة ضحكت بها انا لا أذكر.

عدت بنظري إلى البحر فقمت احاوره “وكأنه سيسمعني” ايها البحر الا ترى حزني وتوجعي الا ترى انفطار قلبي أين ذاك الذي قد كان يحبك ، أين من كنا نأتي معه اليك ..
نزلت ادمعي ومسحتها بسرعة لقدوم النادل ، أعطاني الشاي وذهب ، نظرت مطولا إلى ما بيدي أصبحت لا أرى اي طعم لأي شيء كأنما فقدت معنى الحياة .

سرح خيالي في الماضي ..

“- ههههه توقف لا ترشني بالماء” 
 – انتي جبانة لا تهربي هههه”

كم كانت ذكرى جميلة كانت واصبحت ماضيا استندت على حافة الطاولة وتذكرت :

“- لا تذهبي بعيدا يا ملاكي
– لوحت بيدي  انا اتية لا تقلق”

ما أقسى الذكريات يرحل اصحابها وتبقى هي ، البعد موجع والفراق اليم . لا أحد يستطيع ملئ الفراغ.

دفعت الحساب وصرت اتمشى على الكثبان الرملية ويداعب المد أصابع قدمي ، سمعت ” ياملاكي تعالي” .. التفت انه سراب ماذا ظننتي..

أطلت النظر الى البحر الواسع إلى لا شيء مددت يدي كأني امسك سرابا ذكريات تنساب من يدي ((ملاكي انا هنا  لماذا لا تأتين هيا تعالي)) ، جثوت على ركبتي بكيت كطفل فاقد لأمه بكيت كأني لم ابكي طيلة حياتي : ((أين أنت لماذا تركتني لأواجه الحياة وحدي اشتقت اليك ))
لم أعد استطيع المكوث هنا فالمكان رغم رحابته صار مزدحم

لملمت أشيائي وغادرت ، رأيت طفلة تبيع ورودا : (“أجمل وردة لاجمل ملاك على الأرض )” .. ما بها ذاكرتي اليوم تأبى الا ان تبوح بما لديها.

– ياطفلتي بكم الورود
– بدينار
– حسنا سأشتريها جميعا  ..

فرحت الصغيرة فهي ستذهب إلى بيتها الدافئ بعد عناء طويل  .

“الورود الحمراء تناسبك يا ملاكي ”  .. التفت لعلي أراه حقيقة .. ااااه كم كانت كلماته جميلة كأنها بلسم لجراحي.

مشيت على طول الطريق فأنا ذاهبة اليه ، مررت بحديقة وارى الأطفال يلعبون بالاراجيح وحولهم احبتهم يضحكون … فرحة انا فقدتها وضحكة سُلبت من فمي فما عادت تعرف طريقه اغبطهم على وجود آبائهم ..

نظرت إلى كرسي فتأملته ، اعرفه لكم جلسنا عليه ..
“- ماذا بكِ يا ملاكي تعالي وجلسي بجانبي
– ماذا تفعل هنا
– انتظرك يا حلوتي .. لماذا انتي عابسة ؟؟
– أريدك أن تأرجحني
– فقط هذا .. تأمرين يا ملاكي وانا انفذ هيا
– .. هل انتي فرحة ..
– انها ممتعة اكثر اكثر اجعلني احلق
– اخاف عليك يا ملاكي “

ابتسمت فكل مكان له ذكرى منه ، إلى أين اهرب وهل هناك مهرب من ذكرياتي واذا هربت منها فماذا عن قلبي الذي فقط إن سمع حروف اسمه توقف وصرخ بحبه وعيوني طلبت رؤيته.

اكملت مسيري لكي لا اجعله ينتظرني اكثر فهو بأنتظاري كم جعلته ينتظر وكم اضحكني وجوده .. اااه .. دوت حسرة بقلبي

تهادى إلى اذني مثلجات .. من يريد مثلجات

“- لماذا انتي حزينة يا ملاكي ؟؟
– اريد مثلجات
– ابتسم … حسنا بأي طعم يا حلوتي
– بطعم الشكولا
– ههههه ضحك وذهب ليجلب لي مثلجات
– مثلجات بالشكولا كما طلبت اميرتي
– امم لذيذة .. لماذا تضحك
– ههه انه هههه انظري إلى نفسك ههه لقد تغطى وجهك بالشكولا
– حسنا لا تبكي يا ملاكي .. اخرج منديلا ومسح وجهي بكل لطف  .. “

أتممت مسيري ها قد وصلت.
وصلت إلى من ذهب وترك ملاكه في عالم موحش
وقفت على قبره .. وضعت عليها الورود التي اشتريتها منذ قليل
اشتقت لك يا أبي .. نعم ابي  .. سنوات وانا افتقد هذه الكلمة
بكيت  .. ابي .. لمن تركت صغيرتك ..  خذني اليك .. فأنا لا احتمل هذا الفراق ..

غلبني النعاس . شعرت بيدٍ حانية تمسح على رأسي

” – ملاكي لقد اشتقت لكِ .. تعالي إلى دفئ حضن والدك
– ابي . ياااه لكم افتقدت هذا الدفئ نظرت اليه .. صغيرتك متعبة خذني اليك .
مسح دموعي .. هل تريدين مرافقتي يا حلوتي
– ضحكت نعم اريد . .
مد يده وامسك يدي تعالي سنذهب انا وانت ولن نفترق ابدا .”

عدت طفلة من جديد .. مدللة بجوار والدي
امطرت السماء كأنها كانت شاهدا على لقائنا تبكي فرحا لنهايتي
ماتت ملاك وهي مبتسمة على قبر والدها محتضنة بيديها قبره تماماً كما حضنته في حلمها .
شوقها كان أكبر من أن تتحمله ارادت الرحيل معه
ماتت وانتهت اشواقها .  وانتهى الانتظار ..

سما

ليبيا
guest
17 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى