تجارب ومواقف غريبة

تجارب واقعية من أرض فلسطين 16

بقلم : المعتصم بالله – فلسطين

تجارب واقعية من أرض فلسطين 16
رأيت دخان يتشكل على هيئة فتاة بشعة

 السلام عليكم و رحمة الله ، أعزائي رواد موقع كابوس الكرام ، اليوم أتيت لكم بقصة جديدة حدثت مع صديق لي يُدعى بدر لا تخلو أحداثها من الرعب والعبرة في نفس الوقت وهي واقعية مئة بالمئة هذ المرة ، و لكن بالرغم من سوء أحداثها إلا أنها كان بها الخير لصديقي ، فإلى التفاصيل

 بدر رجل في الثلاثينات من عمره ذو شخصية متنمرة وكثير المشاكل مع الناس فهو يمتلك جسداً قوياً فهو يمارس رياضة البناء الجسماني ، وكنت أنا أشرف على تدريبه فأنا بجانب كوني معلم فأنا كذلك ممارس ومدرب لرياضة البناء الجسماني منذ 25 سنة ، هذا الشاب كان كثير المشاكل مع الناس لدرجة أن الناس أصبحت تتجنبه وتبتعد عنه و قد أطلقوا عليه أسم الشراني باللغة العامية وقد كنت كثيراً ما أنهاه عن أفعاله ولكنه لم يكن يكترث بكلامي وكان يقول لي : إن لم تكن ذئباً في هذا الزمن أكلتك الذئاب

 منذ منتصف العام المنصرم انقطعت أخبار هذا الرجل و لم نعد نراه في الصالة الرياضية و لا حتى في الشارع ، فاستغربت الأمر و سألت عنه المقربين منه ، فقال لي أحدهم : أنه قد رحل هو وأهله من حيهم بسبب كثرة مشاكله مع جيرانه حيث قام بضرب أبن جيرانه ضرباً مبرحاً مما دفع الناس إلى إجباره على الرحيل مع أهله من الحي و إلا فأنهم سيقتلونه،  فقلت : يبدو أن هذا الرجل ستقتله رعونته وتنمره يوماً من الأيام أو أن الله سيبتليه بما هو شر

وتمر الأيام والشهور إلى أن أتى ذلك اليوم في أواسط فصل الربيع حيث كنت عائداً من الصالة الرياضية و إذا بأحد ينادي علي من خلفي ، فاستدرت و إذا هو شيخ دعوة يلاحقني ، فقلت له : هل تعرفني يا سيدي ؟ فضحك و قال : بالتأكيد أعرفك ، فاستغربت الأمر فأنا أول مرة أراه ، فقلت له : عفواً ، من أنت ؟ فضحك وهو يقترب فقال : أنظر إلي جيداً ،  يا إلهي أمعقول هذا بدر ، أنت بدر ؟!  فقال : نعم أنا هو ، فقلت له : كيف ، أنا أعرفك شيطاناً فما الذي جعلك ملاكاً ؟ فقال : يا صديقي لا تستغرب مما تشاهد لقد ابتلاني الله و جازاني على أفعالي السيئة بما أستحق ، و لكنه في نهاية الأمر كان خيراً لي وجعلني أبتعد عن طريق الظلم التي كنت فيه ، فقلت : بالله عليك حدثني بما حدث معك ؟ فقال : تلك قصة طويلة تحتاج إلى جلسة ،  فقلت : لما لا ؟

فذهبنا إلى المسجد ، و صلينا العصر و بعدها بدأ الرجل يقص لي ما حدث معه ، فقال بدر :

أعلم يا صديقي أنه بعد طردي أنا وعائلتي من الحي بسبب كثرة مشاكلي أستطاع والدي بعد جهد كبير أن يجد منزلًا في حي راقي مكون من أربعة طوابق و كان قريب من بيت عمتي ، فرحنا بهذا الأمر و قمنا على الفور بنقل أمتعتنا من البيت القديم و وضعناها في سيارة نقل لإيصالها للمنزل الجديد ، و في الطريق قال لي أبي :

أسمع يا بدر لقد تعبت كثيراً حتى وجدت هذا المنزل و هو منزل جميل و كبير ومحاط بالكثير من الجيران ، إياك ثم إياك أن تتسبب بالأذى لأحد هناك إلا سوف أقتلك بيدي هذه المرة ، يكفي ما نالنا بسببك ، فقلت له : يا أبي أوعدك ألا أتشاجر مع أحد هناك ولكن إن وجدت من يريد بنا السوء لن أقف مكتوف اليدين و سوف أحطم له وجهه ، فغضب أبي مني غضباً شديداً و قال : يبدو أن لا فائدة ترجى منك ، يا بني إن كنت قوياً فهناك من هو أقوى منك وتذكر قدرة الله عليك و إن أصررت على طغيانك قسمك الله ، أرجو أن يهديك الله يا بني والله أني لأخشى عليك غضب ربي

تضايقت من كلام أبي كثيراً و أثرت الصمت ، وما هي إلا لحظات حتى وصلنا إلى المنزل ، يا الله يا له من منزل جميل و حي راقي بالفعل ! وقمنا بعدها على الفور بأنزال أمتعتنا أنا وأبي وأمي وإخوتي الثلاثة ، و كانوا جميعهم متزوجين إلا أنا ، فاستقر كل أخ مع عائلته بطابق ، أما أنا ووالدي فأخذنا الطابق الرابع ، وقد كانت نافذة غرفتي تطل على الحي و بجانبها شجرة سرو عظيمة

و بعد فترة قصيرة من مكوثنا بالمنزل جاء جيراننا لزيارتنا للتعرف علينا وليباركوا لنا منزلنا الجديد وقام والدي وأخواني باستقبالهم خير استقبال و أخذوا بتبادل الضحكات وأطراف الحديث فيما بينهم بينما أنا أثرت الجلوس في غرفتي فأنا لا أحب هكذا مناسبات ، و في صباح اليوم التالي جاء أخي إلي و قال لي : أستعد للذهاب معي ، قلت له : أين ؟ قال : إلى ورشة الطراشة فقد حصلت على عمل لنا البارحة ، فقلت له : و لكني لم أستمتع بعد بغرفتي ، فقال لي : هيا تحرك ، تتحدث وكأنك طفل صغير

 ذهبنا إلى مكان العمل و كان بيت أمرأة عجوز قديم متهالك وكان يحتاج الكثير من العمل وقبل أن ابدأ العمل اقتربت مني العجوز ونظرت في وجهي فخفت منها فقد كانت نظراتها مرعبة ، فقالت لي : كن عاقلاً و يكفي ما سببته لأهلك من المشاكل ، هنا أرتعد جسمي من الخوف و قلت لها : يا سيدتي هذه أول مرة أراك فيها فكيف عرفت بأمري ؟ فضحكت العجوز وقالت لي : إلى العمل هيا ، أريد منك أن تجعل من منزلي تحفة جميلة ولا شأن لك بما لا يعنيك ، وبالفعل انطلقت أعمل بجد حتى المساء و بعدها أنهينا يومنا الأول وانطلقت أنا وأخي إلى المنزل ولم أجرؤ على محادثته بأمر هذه العجوز

وصلنا للمنزل فقال أخي : يبدو أن عمتك قد جاءت لزيارتنا فهذه سيارتها ، فقلت : اه عمتي اللعنة على هذه المرأة كم أكرهها هي و عائلتها ، فقال لي : أخي تأدب أيها اللعين ، حتى عمتك لا تحترمها يا لك من عاق ! دخلنا المنزل واستقبلتنا أمي وعمتي وقامت بحضني وتقبيلي وأنا أبتسم لها و أكاد أن يغشى علي من القرف ، و سألتني عن حالي ، فقلت لها : بخير  ، و انطلقت مسرعاً نحو غرفتي

وفي أثناء سيري سمعت أمي تقول لعمتي : لا تؤاخذيه فهذا طبعه ، فقالت عمتي : لا تقلقي سيتغير طبعه حينما يتزوج من أبنة عمته الجميلة ، سوف يكونوا أجمل عروسين ، و بسرعه عدت للخلف وقلت لعمتي : لا تحلمي أن أتزوج من أبنتك القبيحة البلهاء في يوم من الأيام ، فقالت : أمي تأدب يا فتى أنت تكلم عمتك ، وهنا قالت عمتي : لا عليك منه غداً يعقل ، و هي تنظر لي بحقد شديد

 بعدها دخلت غرفتي و وقفت على النافذة فرأيت فتاة جميلة تقف على نافذة غرفتي وتنظر إلي ، فنظرت لها وأنا أبتسم فابتسمت لي وخجلت واختفت داخل غرفتها تاركة قلبي يرتجف كالفراشة داخل صدري ، هنا خرجت من الغرفة مسرعاً وتوجهت نحو أمي وعمتي وقلت لهما : لقد قررت أن أتزوج ، ففرحت أمي وعمتي وقالت لأمي : ألم اقل لك أنه سيعقل ؟ فقلت لها : لا تتسرعي أنا لن أتزوج من أبنتك و أنما أريد الزواج من أبنة الجيران ، لقد رأيتها لتو ، أنها فتاة جميلة ، فقالت أمي : حقاً ؟ يا لفرحتي !

 أما عمتي فقد أستولى عليها الغضب الشديد و قالت لي : لقد طعنتني في قلبي بأبن أخي تذكر ذلك ، ثم أنصرفت ، فنادت عليها أمي و لكنها لم ترد ، فقلت لأمي دعك منها فهي تريد أن تزوجني من أبنتها غصباً ، وبعد قليل دخل أبي و أخوتي و حدثتهم أمي بالأمر ففرحوا فرحاً شديد ، و ذهبنا إلى بيت أهلها وتمت الموافقة والخطبة و بعدها الزواج ، و قد كانت أجمل أيام حياتي حيث أن زوجتي كانت تتمتع بالجمال والأخلاق العالية وسكنت أنا و أياها في الطابق الرابع مع أمي وأبي ، وقد أحباها حباً شديداً

 و هنا بالفعل قررت أن أستقيم في حياتي و أن أترك الشغب والمشاكل فقد أصبحت مسؤولاً عن عائلة الأن ، و لكني كنت غير ملتزم دينياً للأسف ، و في يوم الجمعة كنا جميعنا في المنزل و فجأة و إذا بجرس الباب الرئيسي يرن ، فذهبت أبنة أخي لفتح الباب ولم تجد أحداً ، فقال لها والدها : من هناك ؟ فقالت : لا أحد ، فقال : ربما بعض الأطفال المشاغبين ، وبعد فترة رن جرس الباب مرة أخرى وهذه المرة قمت أنا لفتح الباب ولكن لا أحد ، فقال أبي : من يا بدر ؟ قلت : لا أحد ، فأستغرب الأمر وجاء أبي وتفقد المنزل من الخارج و لكن لا أحد

 أغلقنا الباب وهممنا بالدخول  وإذا بمقبض الباب يتحرك ويفتح الباب هذه المرة ، فنظرت من خلال الفتحة و إذا بيد سوداء بشعة ممسكة بمقبض الباب ، فأسرعت إلى الباب و فتحته بسرعة لكي أفتك بصاحب اليد ولكن لا أحد ، هنا صعقنا أنا وأبي واستغربنا من الأمر ، فكيف لم نجد أحد وقد رأينا لتونا اليد ؟ بعدها انتظرنا طويلاً على الباب لعل صاحب اليد يعود ولكن لا شيء ، ثم جاء بقية إخوتي و سألونا عن الأمر ، فقلنا لهم : بأنه أحد الفتيان المشاغبين فلا تقلقوا

و بعد هذه الحادثة بأيام قليلة سمعت بعض الضحكات قادمة من الطابق أسفلنا فخرجت أنا و زوجتي لتفقد الأمر و إذا بزوجة أخي في قمة الفرح ، فسألتها زوجتي عن الأمر فقالت لها : أخيراً أحضر لي زوجي غسالة جديده ، فقلت : أحقاً فعل ؟ فإذا بأخي يخرج و يقول لنا : تعالوا أريكم الغسالة كم هي جميلة وعلى الفور دخلنا لمنزله وباركنا لهما بالغسالة و بالفعل فقد كانت جميلة

 ثم بعدها جلسنا في الصالة وقامت زوجة أخي بتحضير الشاي لنا وكنا نتبادل الحديث فيما بيننا و زوجة أخي تتحدث معنا وهي في المطبخ ،و فجأة و إذا بإبريق الشاي يطير من خلف زوجة أخي و يضرب بالجدار بقوة شديدة فأصبنا بالذهول ، وأثناء ذلك سمعنا صوت تحطم شديد قادم من الحمام فهرعنا لنرى ما الأمر و إذا بالغسالة كأنها تلقت ضربة شديدة حطمت واجهتها الأمامية ، يا إلهي كيف حدث هذا ؟! و هنا بدأت زوجتي و زوجه أخي بالبكاء من شدة الخوف وهنا قررنا الخروج من الشقة لإبلاغ أبي و أخوتي بالأمر

و أثناء مرورنا بالصالة و إذا بالنيران تشتعل بها فجأة ، و هنا أصبنا بالجزع وهربنا من الشقة و نحن نصرخ من الخوف ، فهرع والدي و أمي وإخوتي بسرعة إلينا ، فقال أبي ما بكم ، هل حدث شيء ؟ فقلت له : الشقة تحترق ، أتصل بالدفاع المدني فقام أبي بالدخول إلى الشقة ثم خرج وقال : أيها الأبله عن أي نيران تتحدث ؟ لا يوجد شيء ، تعالوا و أنظروا ، فدخلنا الشقة و بالفعل ليس هناك نيران ، فقلنا له الغسالة ، لقد تحطمت الغسالة ، فذهبنا إلى الغسالة و وجدناها سليمة و كذلك أبريق الشاي وجدناه مكانه والشاي داخله ، فأصابتنا الحيرة جميعاً ، و لكننا يا أبي ، لكنكم جننتم جميعاً ، قرع جرس المنزل فجأة و نظرنا إلى بعضنا بعضاً ثم قرع مرة ثانية و ثالثة ولا أحد منا حرك ساكناً ، قرر أبي النزول و نحن ننظر برعب

 فتح أبي الباب و إذا به خالي وأبنه ، فقال خالي ما : بكم و كأنكم رأيتم عفريتاً ، تنفسنا الصعداء وقمنا باستقبال خالي وأبنه وهو يسأل عن حالنا و اصطحبناه إلى الطابق الرابع هو وأبنه و جلسنا في الصالة و قام بالمباركة لنا بالمنزل وكذلك بارك لي زواجي وأعتذر عن عدم حضوره فقد كان هو وعائلته خارج الوطن وذلك لمعالجة زوجته المريضة ، و أثناء ذلك تذكر أخي أنه نسي باب شقته مفتوح و أستأذن  لذهاب لأغلاق باب شقته ، و لكننا سمعنا جميعا خطوات أقدام قادمة من شقة أخي و كأن أحداً قد دخلها

أصيب أخي بالرعب الشديد و عاود الجلوس ، فسأله أبن خالي عن سبب خوفه ، و عندما قص عليه  أنفجر بالضحك و قال : يا لكم من جبناء ، تتخيلون أشياء غير موجوده كالأطفال ، و هنا استشطت غضباً وقلت له : إن كنت رجلاً حقاً و شجاعاً فأذهب أنت و أغلق باب الشقة ، قام أبن أخي بالخروج من شقتنا وتوجه نزولاً نحو شقة أخي و سمعناه يدخل فيها ، و بعد مدة من الزمن وأثناء تحضير وجبة الغذاء قالت أمي لي : أذهب إلى أبن خالك ليحضر لتناول الغذاء ، فقلت : حسناً ، و ما أن توجهت إلى باب الشقة و إذا بأبن خالي يدخل علينا  فجأة و هو في حالة ذعر شديد

 وما أن صار بيننا حتى أنهار وسقط أرضاً و كان يتنفس بشكل سريع وتبدو عليه علامات الرعب الشديد ، ما الذي حدث معك ، ماذا هناك ، قل ؟ و بصوت مخنوق متقطع قال لنا : بعدما دخلت الشقة لم أجد بها شيئاً و كان كل شيء هادئ و مريح فقررت التجول داخلها ، وأثناء ذلك وعند و صولي للمطبخ وإذا بدخان كثيف يطير في جو الغرفة ثم أستقر أمامي على شكل فتاة سوداء بشعة لتنطلق بعدها وبسرعة كبيره نحو الحمام وتختفي داخله ، أصاب هذا الحديث زوجة أخي أحمد بالرعب الشديد و قالت لأخي : لن أعود إلى هذه الشقة حتى لو طلقتني ، لذلك اقترح أبي أن يبقى أخي و عائلته معنا ريثما نجد حلاً لهذه المشكلة ، أستغرب خالي من الأمر أيضاً و قرر البقاء هو و أبنه معنا ، فاقترح على أخي الأخر موسى أن ينزل هو وأبنه عنده ، فوافق خالي وأبنه

و في المساء ذهبا إلى غرفة أخي موسى للمبيت عنده ، تأخر الوقت وقرر خالي أن يذهب للنوم ، فقامت زوجة أخي بتجهيز الفراش له في غرفة الأبناء ، و في منتصف الليل شعر خالي بشيء يقف فوق رأسه ، فنظر للأعلى فإذا هو أبن أخي الأكبر ، فقال له خالي : أتريد النوم جانبي ؟ لا بأس تعال هنا ، وعلى الفور دخل أبن خالي في فراش خالي ، و قبل أن ينام خالي نظر إلى فراش أبن أخي فوجده نائماً في فراشه

 وهنا كاد خالي أن يغشى عليه من الرعب ، إذاً من الذي بجانبي ؟ و بيد مرتعشة قام خالي بأبعاد الغطاء و إذا به يشاهد قزماً بشعاً ينظر إليه بعيون حمراء نائماً بجانبه ، وهنا أخذ خالي يصرخ على أخي ، فهرع أخي و زوجته إليه : ما بك يا خال ؟ إن بيتكم مسكون لن أمكث به لحظة واحدة ، وعلى الفور أرتدى ثيابه هو و أبنه وغادرا المنزل بسرعة كبيرة و لحقنا به و لكن دون فأئده ، وقال لنا : أنصحكم بالخروج من المنزل حالاً إن كنتم تريدون الحياه ، عدنا إلى المنزل و نحن في حيرة من أمرنا

لقد سكن المنزل قلنا كثيرون و لم يشتكي أحد منهم من شيء غريب ! عندها قال أبي : لنؤجل هذا الحديث فغداً يوم عمل طويل فليذهب كل منكم إلى بيته الأن ، و في مساء اليوم التالي عدنا إلى المنزل من العمل و وجدنا زوجة أخي موسى عند أمي وهي في حالة يرثى لها و أخي موسى بجانبها يهدئ من روعها ، فاستغربنا الأمر و قلنا : ماذا هناك أيضا ؟ فقالت أمي : لقد حدث مع زوجة أخيكم موسى أمراً مرعباً و نحن نفكر جدياً الأن بترك المنزل ، فقلت : ما الذي حدث تكلمي يا زوجة أخي ؟ فقالت : بعد أن حضرت الفطور لزوجي و بعد أن خرج للعمل وجدت الوقت ما زال مبكراً فقررت بعدها النوم قليلاً و لكن بعد مرور ساعة من الزمن سمعت باب الشقة يُفتح و قلت : أهذا أنت يا موسى ؟ فلم أسمع رد

 بعدها قررت النهوض لأنظر في الأمر فوجدت في الصالة رجلاً ينام على الكنبة و رأسه باتجاهي ، فأصبت بالرعب الشديد وقلت له : من أنت و كيف دخلت إلى هنا ؟ أخرج من منزلي حالاً ، و إذا به فجأة يقف على رجليه أمامي و وجهه يشبه وجه زوجي ولكن يغطي جسمه ريش كريش الطيور ، صرخت من الرعب و أغمي علي ، وعندما صحوت وجدت نفسي هنا ، فقال أبي : لم يعد الأمر يُحتمل ، يجب أن نبيع المنزل ونبحث عن منزل أخر

 بعدها بأيام خرج أبي للبحث عن منزل أخر و بقيت أنا في المنزل ، و فجأة يُقرع جرس الباب و إذا هي عمتي ، فسلمت علي وعلى أمي وكانت وقتها زوجتي ترتب بالملابس ، فقالت لها عمتي : أذهبي أنتِ واحضري باقي الملابس ريثما أتم أنا ترتيبها ، و بالفعل تم غسل الملابس وترتيبها ثم تناولت عمتي معنا طعام الغذاء وسالت عن أبي ، فقالت لها أمي : أنه ذهب للبحث عن منزل أخر لنا ، والغريب أنها لم تهتم بالأمر ولم تسأل و قررت بعدها العودة للمنزل ، ثم نظرت إلى زوجتي وقالت : هل أنتِ سعيدة مع أبن أخي ؟ فقالت لها زوجتي : كثيراً ، فقالت لها عمتي : و لكنها على حساب سعادة غيرك ، ثم انصرفت

فقالت زوجتي : ما الذي تقصده ؟ قلت لها : لا عليك منها ، وهنا قررت أن أخرج من المنزل للتنزه فذهبت إلى الخزانة أبحث عن قميصي ولكني لم أجده ، فسـألت زوجتي عنه ، فقالت لي : لقد غسلته و وضعته في الخزانة مع عمتي ، فتش جيداً ولكني لم أجده ، فاستغربت زوجتي من الأمر و قلت لها : لا عليك سأرتدي قميص أخر ، و بعد مرور عدة أيام و بينما كنت أجلس على النافذة غفوت قليلاً ، فحلمت برجل بشع مختبئ في داخل الشجرة ، و قال لي : أنت ملكي منذ اليوم ، وقفز عن الشجرة و دخل في جسمي 

صحوت من النوم مفزوعاً وأحسست بثقل كبير في جسمي ، ثم فجأة فتح الباب و دخل منه وحش مخيف قام بالهجوم علي ، ففزعت و قمت بدفعه عني وخرجت من الغرفة مسرعاً ، و ما زال اللعين يطاردني ، فذهبت إلى لمطبخ وأخذت سكيناً و نظرت خلفي فإذا بالوحش يقف خلفي يريد افتراسي فهجمت عليه و طعنته بالسكين ، فأصابت يده فصرخ صرخة عظيمة و وقع أرضاً

 أردت أن أجهز عليه و إذا بأبي و إخوتي يهجمون علي ويمسكون بي وأنا أقول لهم : اتركوني ، الوحش يريد قتلي ، فقاموا بطرحي أرضاً ، و أنا أقول لهم : الوحش ألا تروه ، ما بكم امسكوه ؟ و فجأة شعرت بشيء يخرج مني و هنا كانت الفاجعة فقد رأيت أبي وإخوتي يمسكون بي وأمي تبكي و زوجتي مطروحة أرضاً والدماء تنزف من كتفها ، فجن جنوني وصرخت : من الذي فعل بزوجتي هكذا ؟ فقالت زوجتي : أنه أنت أيها المجنون ، فقلت : أنا ، كيف ومتى ؟ فقال لي أبي : ما الذي حدث لك أيها المجنون ؟ كدت تقتل زوجتك ، فقلت : أنا أقتل زوجتي ؟  لقد كان هناك وحشاً يريد افتراسي فقمت بطعنه ، فقالت زوجتي:  بل قمت بطعني

 فأصبت بحيرة شديدة و قام أبي بالاتصال بالإسعاف وقاموا بأخذ زوجتي إلى المشفى وعلم أهل زوجتي بما حدث فاستشاطوا غضباً وقاموا بالهجوم على منزلنا عازمين على الفتك بي لولا أن تدخل أهل الحي وكادت أن تقع مذبحه كبيرة بيننا وبينهم ، و صمم أهل زوجتي على تطليقها مني ثم نرحل عن المكان غير مأسوف علينا ، فخرجت إليهم وقلت : إن أردتم فاقتلوني ولكني لن أترك زوجتي ، فقال أبو زوجتي:  وهو كذلك ، و سحب سكينه يريد قتلي ، وتصدى له أبي وأخوتي و حصل بينهم شجار كبير و وقعت بعض الإصابات بينهم

 وهنا وفي هذه الفوضى وأهل الحي منشغلين بالحجز بين المتخاصمين سمعنا جميعنا صوتاً لامرأة عجوز تصرخ : توقفوا ، وهنا انتبهنا جميهاً نحوها و بخطوات واثقه تقدمت إلي والجميع ينظر إليها في حيرة ، و لما وصلت إلى عندي نظرت في وجهي ثم انصرفت وقالت لأهلي : انتم حمقى ، و لأهل زوجتي : أنتم كذلك حمقى ، تعالوا معي لأريكم ، فتبعناها جميعاً وكانت هي نفس المرأة التي عملنا عندها ، إلى  أن توقفت أسفل الشجرة التي تحت نافذتي فسمعناها كأنها تتحدث مع أحد خفي بجانبها

 ثم ألتفتت إلى أبي و قالت له : أحضر لي دلو ماء وضع به كذا وكذا ، ثم قالت لأخي : أصعد على الشجرة فهناك شيء معلق فوقها أحضره لي ، و صعد أخي على الفور وغاب مدة وأحضر قطعت قماش ملطخة بالأوساخ و عندما نظرت إليها قلت : هذا قميصي المفقود ، فقالت العجوز : هذا السحر لبدر كي يقتل زوجته ، و على الفور وضعته في الوعاء وقالت : أنت معافى بعد الأن ، ثم التفتت لإخوتي وقالت لهم : احفروا هنا حفره بعمق متر

فقاموا على الفور بالحفر وإذا بهم يجدوا أيضاً قطعه من أثاث البيت و عليها كتابات غريبه فألقتها بالدلو وصارت تقرأ عليها و إذا بخمسة قطط سوداء تخرج من المنزل مسرعة لتختفي عن أنظارنا ، وقالت : الأن بيتكم أصبح أمن ، إن من قام لكم بهذا العمل أراد إخراجكم من المنزل ، و لم يكتفي بذلك بل أراد منك الفناء أنتم و أنسبائكم ، و هنا قلت : اخبريني من هو أرجوك ؟ فقالت : لا ، و لكنك لو فكرت قليلاً فستعرفه ، و على الفور تذكرت أن من كان يساعد زوجتي في ترتيب الملابس ومن قام بتهديدها ومن له مصلحة من ذلك ، أه أنها هي ، واندفعت كالمجنون إلى المنزل وأخذت معي سكيناً وعلى الفور توجهت إلى منزل عمتي و طرقت عليها الباب ، ففتح لي أبنها ، وعلى الفور لكمته على وجهه فطرحته أرضاً

و هنا عمتي اللعينة أخذت بالصراخ و اختبأت داخل الحمام ، فهجمت على الباب وجعلت أكسر فيه أريد أن ادخل لافتك بها ، فهجم علي زوجها و أمسك بي فطرحته أرضاً و أوسعته ضرباً حتى كاد أن يموت بين يدي ، وهنا دخل أبي و أخوتي وأهل زوجتي و قاموا بأبعادي عنه و طرحوني أرضاً ، وصرخوا علي سائلين عن السبب ، فقلت : ألا ترون هي من قامت بذلك ؟ فقال أبي : من عمتك ما الذي تقوله ؟ وهنا خرجت عمتي وقالت :  نعم ، أنا الذي فعلت بهذا اللعين ، مما تشكو أبنتي حتى لم يقبل بها زوجه له ؟ هنا أصيب الجميع بالذهول و خاصة أبي ، فقال : أنتِ يا أختاه تفعلين بأخيك و عائلته هكذا فعله ، و لأجل ماذا ؟ أنا لا اصدق ما يجري ، و فقد وعيه بعدها ، فقالت عمتي : أجل مت أنت و أبنائك ، بل موتوا جميعاً ، اللعنة عليكم كلكم ، و صارت تضحك بشكل هستيري ، وعلى الفور علمنا أنها قد جُنت وأما أبي الحمد لله فقد نجى بالرغم من أنه عانى من صدمة نفسية ولكن الحمد لله

 و أما أنا فقد عادت لي زوجتي وعاد الوئام بيننا من جديد وقد أصبحت كما تراني ملتزماً ، و أما عمتي ففي السرايا الصفراء وهذا مصيرها الذي تستحقه ، وأما زوجها وأبنائها فقد رحلوا عن الحي ، فقلت : يا إلهي أكل هذا حدث معك يا بدر في فترة غيابك ، أيعقل أن يصل البعض بالتضحية في اعز الأشخاص لديهم من أجل مصالح زائلة ؟ و أنتم أعزائي ما رأيكم ؟.

 

تاريخ النشر : 2018-08-24

guest
49 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى