مذابح و مجازر

تشيرنوبيل : القصة كما لم تسمعها من قبل

بقلم : نور الهدى الاخضرية – الجزائر

البلد اوكرانيا
التاريخ 26 أبريل / نيسان 1986
المكان منطقة تشيرنوبيل قرب الحدود البيلاروسية
الساعة 1 و 23 دقيقة ليلا ..

“رن الهاتف بعد الواحدة ليلا استيقظ زوجي ورد على الهاتف ثم اسرع وارتدى ثيابه وقال لي عودي الى النوم هناك حريق في المحطة النووية سأعود بعد وقت قصير. لقد بقيت مستيقظة ونظرت من النافذة كانت السماء كلها مضاءة بوهج ابيض لامع واصبحت الحرارة لا تطاق بقيت منتظرة ان يعود زوجي مرت الساعات انها السادسة صباحا لكن زوجي فاسيلي لم يعد.

عند الساعة السابعة تلقيت اتصالا واخبروني ان زوجي تعرض لحادث وانه في المستشفى ركضت الى هناك وان اتذكر كيف التقينا انا وزوجي وكم احببنا بعضنا وكيف تزوجنا وانتقلنا الى مدينة بريبيات قرب المفاعل النووي وسكنا في مساكن فوج الاطفاء فزوجي رجل اطفاء .

وصلت الى المستشفى الذي كانت الشرطة تطوقه ولا تسمح لاحد بالمرور الا سيارات الاسعاف لم اكن وحدي بل جميع زوجات رجال الاطفاء كانوا هناك اسرعت بالبحث عن طبيبة اعرفها اسمها فاسينكا تعمل في المستشفى توسلت ايها ان تدخلني قالت الوضع سيء جدا وخطير فرجوتها اكثر فقالت لبضع دقائق فقط ودخلت .

كان جسمه متورما لا توجد عينان، جلده محترق ومتسلخ وكانه ليس فاسيلي ، قالت الطبيبة نحتاج الى الحليب ، فقلت انه لا يحبه ، فقالت الآن سيشرب انه مجبر

عند العاشرة صباحا سمعت ان مراقب الاجهزة في المحطة كان اول الضحايا لقد مات واسمه شيشينوك اما زميله خوديميتشوك فلم يستطع الخروج ولم يتمكنوا من انقاذه فبقي هناك تحت الانقاض وسكبوا فوقه الاسمنت المسلح فليس هناك وقت .

قالت لي الطبيبة فاسينكا يجب ان تسافري من هنا الوضع خطير وانت حامل وزوجك لن ينجو والقادم اسوء.

امتلات مدينة بريبيات بالآليات العسكرية والجنود اقفلوا كل الطرق والقطارات كلها متوقفة والحافلات ايضا والناس لا يعلمون شيئا فقط احاديث عن انفجار في المحطة النووية لكن ليس هناك معلومات واضحة فقط الصمت والخوف فقط .

blank
صورة للمفاعل النووي قبل الكارثة

بدأ الجنود برش وغسل الشوارع والسيارات والبنايات والاشجار بمسحوق ابيض كل شيء يغسل والجنود يرتدون كمامات واقية لكن لا احد يعلم لماذا .

صبيحة الانفجار لاحظ المزارعون في الحقول اختفاء النحل والديدان اختفت لعمق اكبر في الارض والطيور تساقطت ميتة وحيوانات الخلد وجدت مختنقة والجنادب اختفت ايضا ولم يعرف الناس السبب لكن الحيوانات عرفت قبلنا انها غريزة البقاء.

في المساء عدت الى المستشفى لم يسمحوا لنا بالدخول قالوا بأنهم سياخذون المصابين الى موسكو ويجب ان نحضر لهم ملابس فملابسهم احرقت انها مشعة وخطرة لقد احرقت.
عندما احضرنا الملابس كانوا قد اخذوهم الى موسكوا لقد خدعونا عدت الى البيت منهكة ورأيت في الشارع كيف وقفت الباصات على جانب واحد من الطريق وفي الجانب الاخر وقفت سيارات الاسعاف ، لقد بدؤوا باخلاء المدينة والشوارع كلها مغطاة برغوة بيضاء لقد كانوا يغسلون كل شيء لكن لم يتم التصريح بشيء من القيادة العليا ولا احد يعلم ما يحدث وما سيحدث مستقبلا .

سافرت الى موسكو مع اهل زوجي وبحثت عن المستشفى الذي نقل اليه مصابوا حريق المحطة النووية لكن كل من تسأله لا يجيب ، الجميع صامت وخائف ، اخبرني شرطي انهم في المستشفى رقم 6 قرب محطة شوكينسكايا انه مستشفى خاص بعلاج الامراض الاشعاعية ، لقد رشوت الحارس لكي يسمح لي بالدخول فالدخول ممنوع الا بتصريح خطي من المسؤولين لقد دخلت لكن بشرط ممنوع اللمس ممنوع التقبيل ممنوع العناق وابقى بعيدة عن المصاب لأنه مشع.

دخلت ، لقد تم عزل المصابين في غرف منعزلة ومنفصلة والمبنى كله معزول فالمصابون خطرون جدا انهم مشعون ولا يمكن الاقتراب منهم ابدا.

كنت ازور زوجي كل يوم في المستشفى رقم 6 وحالته تزداد سوءا الحروق تتوسع اكثر والتقرحات تكبر وخرجت اللزوجة من كل مكان من جسده وتغير لون جلده من الازرق الى الاحمر ثم البني ثم الرمادي لقد بقي يعاني ويتألم كلما تحرك رأسه تسقط خصلة كبيرة من شعره على الفراش الذي كنت اغيره يوميا فلقد كان يمتلئ بالدم والقيح وتلتصق به قطع الجلد من جسم زوجي فليس هناك علاج للاشعاع.

blank
لم يتم اخبار رجال الاطفال بحجم الكارثة التي تنتظرهم ولا تزويدهم بملابس للوقاية من الاشعة

لقد بقي 14 يوما في المستشفى ثم توفي ، لقد وعدني عندما تزوجنا ان ارى موسكو في 9 ماي عيد الانتصار على النازية حيث تفجر الالعاب النارية في السماء لكنني رأيت هذه الالعاب وهو امامي يحتضر في المستشفى ، لقد كنت حاملا في الشهر الثاني ، لقد نصحوني بالمغادرة فانا في خطر فزوجي اصبح مشعا وهو مثل مفاعل نووي صغير لكنني لم استطع تركه يتعذب ويموت وحيدا لقد توفي جميع زملائه الاطفائيين الذين عملوا معه تلك الليلة المشؤومة.

بعد وفاتهم مباشرة اجروا صيانة للمستشفى قشروا الجدران ونزعوا الارضيات وكل شيء اعيد بنائه ليتخلصوا من الاشعاع الذي تركه زوجي وزملاؤه.

بعد موت فاسيلي سألوني وانا اقف اما جثته في ثلاجة الموتى هل تريدين رؤيته لقد كان منظرا لا ينسى ابدا لقد انفصل اللحم عن العظم والاعضاء الداخلية ظاهرة ، لقد البسوه بصعوبة بدلة الاستعراض العسكري وتركوه بلا حذاء فقدماه متورمان بشدة ثم وضعوه في كيس بلاستيكي ووضع الكيس في تابوت خشبي ولفوا التابوت بكيس سميك ثم وضعوه في تابوت اخر من الزنك.
اجتمعنا انا واهلي واهل زوجي في المقبرة لقد منعونا من اخذ جثته ودفنها في قريته فهو سيدفن في موسكو فهو لم يعد لنا بل اصبح ملكا للدولة انه بطل تشيرنوبيل .

كانت المقبرة مليئة بالصحافيين والعساكر تم دفن الجثة تحت الواح من الاسمنت المسلح ووقعنا على وثيقة بعدم المطالبة بالجثة فهي مشعة جدا وخطيرة.
بعد مرور اشهر ولدت ابنتي التي كنت احملها لكنها لم تكن فتاة عادية كانت مصابة بتصلب الكبد وكبدها مشع وفتق في القلب توفيت بعد 4 ساعات من ولادتها.
وايضا لم يعطوني جثتها بل دفنوها مع والدها في نفس القبر وفي تابوت من الزنك ايضا.
لقد امتصت ابنتي كل الاشعاع الصادر من والدها عندما كانت في بطني لقد حمتني ابنتي الصغيرة.
أعطوا فاسيلي وسام النجمة الحمراء وهو ارفع وسام في الاتحاد السفياتي فقد ضحى بحياته لكي نحيا جميعا”.

كانت هذه اعترافات لوسينكا زوجة رجل الاطفاء فاسيلي من الذين عملوا على درء الكارث .


blank
حدث الانفجار في المفاعل الرابع

“كنت اعمل رئيس مخبر معهد الطاقة النووية التابع لاكاديمية العلوم البيلاروسية وصلت الى العمل صبيحة 26/04/1986 كان المعهد يقع في ضواحي العاصمة.
اظهرت اجهزة القياس الاشعاعي ازدياد النشاط الاشعاعي بشدة وخطورة فقلت ربما حدث شيء ما او حدث تسرب نووي في المختبر ، ثم جاءت الاوامر بعدم خروج اي شخص من المبنى او التنقل بين المباني وتم فحص مكاتبنا انها كلها مشعة اتصلنا بمحطة اغناليم للطاقة النووية المجاورة لم يكن التسرب منهم لكن اجهزة القياس سجلت نشاطا اشعاعيا كبيرا عندهم ايضا. الكل مذعور وخائف ثم اتصلنا بمحطة تشيرنوبيل في اوكرانيا لكن لا احد يجيب فعرفنا ان الحادثة والاشعاع جاء من هناك وعند الظهيرة ظهرت غيمة مشعة فوق العاصمة البيلاروسية مينسك.

اردت الاتصال بالمنزل وتحذيرهم لكن كل الاتصالات مراقبة فهذه هي الحال في الاتحاد السوفياتي كل شيء مراقب. لكنني اتصلت وليذهبوا الى الجحيم فالامر خطير جدا . اتصلت بزوجتي وقلت لها بسرعة اقفلي النوافذ بسرعة وارتدي قفازات مطاطية غلفي كل المواد التموينية بأكياس البولينيلين وامسحي بقطعة قماش رطبة كل شيء ممكن ثم ضعي القماش داخل كيس واحفظيه بعيدا والثياب المنشورة خارجا اعيدي غسلها ولا تشتري شيئا من الخارج لا خبز ولا اي شيء .
قالت لي زوجتي ما الذي حدث؟ ، قلت اخفضي صوتك وضعي نقطتين من اليود في الماء واغسلي رأسك واقفلت الخط ، لقد فهمت زوجتي قصدي جيدا فهي تعمل معي في نفس المختبر النووي. ثم فكرت وامسكت الهاتف واخبرت كل من اعرفهم عن ما حدث وما يجب فعله فلم آبه للتجسس لكن لا احد اهتم لكلامي فليس لدى الناس ثقافة علمية عن الحوادث النووية.
عندما عدت للمنزل مساءا استقبلتني المخابرات في منزلي واتهموني بانني انشر الذعر بين الناس”.

اعترافات رئيس مخبر معهد الطاقة النووية لاكاديمية العلوم في بيلاروسيا .


blank
اطلال المدينة .. تم ترحيل الناس بالقوة

“لقد تم ترحيلنا بعد الحادث بيوم قالوا لنا باننا سنعود بعد ثلاثة ايام لكننا لم نعد ابدا الى منازلنا كنا سائرين بالحافلات من منطقة تشيرنوبيل لقد شاهدت تحت اشعة الشمس بريقا ناعما شيئا ما يلمع كالكريستال جزيئات صغيرة بريقها ناعم جدا. لقد كان غبارا اشعاعيا غطى كل شيء ، الاشجار .. المنازل .. الطرق .. السيارات .. لقد انتشر في كل مكان.
لقد تطوعت للعمل في اخماد الحريق في المفاعل ، بعض الجنود رفضوا العمل فالاشعاع مميت ، اما انا فذهبت للعمل ولما عدت رميت كل ملابسي لانها مشعة الا قبعتي فقد اعطيتها لابني الصغير بعد عامين شخص بمرض السرطان ، ظهرت كتلة في دماغه وتوفي”.

اعترافات احد العاملين في اخماد حريق المفاعل


“بعد أيام من الحادث بدأ الناس يشكون ان الحادث خطير وان ترحيلهم سيكون دائما وليس مؤقتا كما قيل لهم وبدأ الحديث عن الاشعاع والبحث عن معلومات عنه لكن كل المجلات العلمية والكتب التي تتحدث عن الاشعاع اختفت من المكتبات لقد تم جمعها من قبل حكومة الاتحاد السوفيتي حتى لا يعرف الناس ويحدث ذعر جماعي.

بدأ الصحافيون بالظهور من كل انحاء العالم وطرحوا الاسئلة.لاكانوا يلبسون البدلات الواقية والاقنعة والقفازات والاحذية المطاطية اما نحن فكنا نرتدي ثيابنا العادية بدون اي حماية لم نكن ندرك خطورة الامر.

كنا نعيش في قريتنا قرب المفاعل النووي بسلام وسعادة ، بعد الانفجار بايام قليلة جاءت الآليات والجنود واخرجونا من منازلنا ورحلونا الى مناطق بعيدة ومن يرفض يخرجونه بالقوة لقد اطلقوا النار على كل شيء .. البقر والكلاب والخيول والخنازير والقطط والدجاج  .. ثم دفنوا كل شيء تحت التراب حتى الاشجار قطعت ودفنت فكل شيء مشع وملوث ويجلب التخلص منه.
لقد حملت الرياح الاشعاعات من المفاعل الى كل مكان ، اصبحت الحقول بيضاء ناصعة ، اما الاشجار فاصبح لونها بنيا ، لقد تسمم كل شيء من الاشعاع وبسرعة كبيرة جدا. اصبحت رؤوس الدجاج بلون اسود. الجبن لم ينضج. الحليب لم يتحول الى لبن رائب بل الى مسحوق ابيض … كل هاذا بسبب الاشعاع”.

اعترافات احد المرحلين والناجين من الكارثة.


“بعد ترحيلنا من منطقة تشيرنوبيل التي كنا نقيم فيها اصبح لدينا اسم جديد سمونا الناس التشيرنوبيليين واينما ذهبنا يسألوننا هل انت مريض؟ هل تستطيع الانجاب؟
لقد كانوا لا يريدون الاقتراب منا فنحن مشعون وخطرون.
لقد رفضت اختي استقبالي مع عائلتي في منزلها لقد خافت على طفلها الصغير فنحن نحمل الموت.
بعد الحادث ظهرت على زوجي وابنتي بقع سوداء اجروا التحليلات لكن التحاليل ليست لنا بل للدولة والجميع يقولون لنا سنموت.
لقد ماتت ابنتي بالسرطان كان منظرها وهي تتألم بدون شعرها الجميل اسوأ شعور عشته في حياتي” .

اعترافات احدى ضحايا الكارثة .


blank
ولد اطفال بتشوهات مرعبة واغلبهم ماتوا

“رحلنا انا وعائلتي من تشيرنوبيل بعد ايام قليلة من الانفجار النووي لكننا كنا قد امتصصنا كمية كبيرة من الاشعاع ، كنت حاملا ثم ولدت ابنتي ، لقد كانت كتلة واحدة بدون فتحة شرج وبدون مهبل وبكلية واحدة .. كل شيء فيها مغلق ، فقط عينيها مفتوحتان ، لقد عاشت في المستشفى وخضعت لسلسلة من العمليات الجراحية ، لقد قال لي الاطباء خذيها الى الخارج هناك ستكون حالة نادرة وعينة ممتازة للدراسة”.

اعترافات احدى ضحايا الكارثة


“لقد كنا جنودا وتم استدعائنا للعمل قرب المفاعل النووي ، اعطيت لنا رشاشات واسلحة وقيل لنا ان العدو سيقوم باعمال تخريبية لكن بعد شهر اخذوا السلاح منا وجعلونا نقوم بقطع الاشجار ودفنها وكشط الارض .. فلا وجود لاعمال تخريب بل الاشعاع والموت فقط”.

اعترافات احد الجنود الذين شاركوا في درء الكارثة .


“كنت جنديا وقد استدعينا فجأة ، سافرنا طويلا ولم يخبرونا بشيء الى ان وصلنا الى محطة موسكو ، بعض الجنود رفضوا الذهاب لقد خافوا من الموت وتم تهديدهم بالمحاكمة العسكرية ، اي السجن او الاعدام.
لقد كنا من كل مكان من الاتحاد السفياتي .. روس وارمن وقوزاق واوكران وكازاخ… أعطونا مآزر بيضاء وقبعات بيضاء وكمامة طبية ، نظفنا المنطقة المحيطة بالمفاعل النووي وجمعنا المواد المشعة على سطح المفاعل ، لقد احظروا روبوتات من بعض الدول للمساعدة لكنها توقفت بعد مدة قصيرة لم تتحمل قوة الاشعاع فاصبحنا نحن الروبوتات البشرية وقمنا بالعمل كله ..
لقد خرج الدم من انوفنا وانتقل الى الحنجرة وتجرحت عيوننا وشعرنا بالعطش الشديد.
لم تكن لدينا شهية ابدا لقد غلفنا الكراسي بالرصاص ووضعنا سترة واقية للصدر من الرصاص لكن الاشعة اكبر من كل هذا.
احمرت وجوهنا واحترقت ، لم نستطع الحلاقة لقد اعطونا 1000 روبل بدلا من 400 روبل اجرنا السابق ، واعطيت لنا سيارات واثاث بدون طابور لأننا عملنا في تشيرنوبيل بالمجرفة ، لكن بعد مدة قصيرة بدأ المرض يزحف علينا .. واحد اثنان ثلاثة .. سنموت كلنا “.

اعترافات احد الذين شاركوا في اعمال تنظيف مخلفات الكارثة.


“لقد اخذنا الى تشرنوبيل وامرنا بقتل كل الحيوانات ودفنها وقطع الاشجار. كانت المنطقة خالية وصامتة سوى من دوريات الجنود. البيوت خاوية ومختومة كتب سكانها قبل رحيلهم سنعود الى بيوتنا قريبا مع تاريخ الرحيل .. وكتبوا أيضا : “عزيزي المار استخدم الاغراض كلها لكن لا تنهب لاننا سنعود قريبا”.

لقد منعنا السكان من العودة الى منازلهم أو أخذ شيء معهم او جني محاصيلهم هذه هي الاوامر .. كل شيء مشع وخطر .. هذا كان عملنا في تشيرنوبيل لقد اعتبرتنا الصحف ابطالا “.

اعترافات احد المشاركين في اعمال درء الكارثة.


blank
ترك الناس كل شيء ورائهم

“في الليل تسلل اللصوص الى البيوت المتروكة لقد نهبوا كل شيء في غفلة من الجنود ، منهم من عاد الى منزله واخذ ما يحتاجه من اغراض ومنهم من كان لصا ونهب وسرق اغراض الاخرين لكن لم يعلموا ان هذه الاشياء خطيرة ونسبة الاشعاع فيها مميتة لقد استخدموها او باعوها في الاسواق لقد ساعدوا في انتشار الاشعاع اكثر واكثر دون يعرفوا ذلك.

بعد مدة من الحادث عاد البعض الى بيوتهم للعيش فيها رغم منع الدولة لهم وتهديد الجنود بالاخلاء لكننا اصرينا على البقاء فليس لنا مكان نذهب اليه لقد اعدنا بناء بيوتنا التي نهبت او دفنت بسبب الاشعاع بيدينا لقد كنا نهرب الى الغابة عند مجيء الجنود ثم نعود الى بيوتنا عندما ينصرفون واستمرينا بالعيش في المنطقة المحظورة” .

اعترافات احد العائدين للمنطقة المحظورة.


ربما الكثير منكم يتسائل عن هذه الاعترافات .. اين وكيف ومتى وماذا حدث؟

في الحقيقة انها اعترافات من عايشوا ونجوا من اسوأ كارثة نووية عرفتها البشرية في القرن الماضي ، لكل منهم قصة وانا اخترت بعضها فليس هناك طريقة لمعرفة حجم وسوء الكارثة الا بسماع من عايشوها ورغم مرور 35 عاما على الكارثة الا ان مخلفاتها مازالت منتشرة في كل بقعة وصلها الاشعاع ومازال الناس يعانون من مخلفاتها الى اليوم وكل من عايشها مازال يراها في كوابيسه .. انها كارثة انفجار المفاعل النووي في محطة تشيرنوبيل لتوليد الطاقة الكهربائية باوكرانيا في الاتحاد السفياتي سابقا.

ما قبل الكارثة

blank
مدينة بريبيات قبل الكارثة

في عام 1970 تم انشاء مدينة بريبيات في منطقة تشيرنوبيل في اوكرانيا والتي كانت تابعة للاتحاد السوفياتي في ذلك الوقت ، أنشأت المدينة من اجل اقامة العمال والموظفين الذين سيشتغلون في محطة الطاقة النووية لانتاج الطاقة الكهربائية والتي تم الانتهاء من بنائها عام 1979 وبدأت في انتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية ومدت الكهرباء الى مناطق واسعة من اوكرانيا ، كان الاتحاد السفياتي قد انشأ عدة محطات نووية في اوكرانيا وكل المقاطعات السوفياتية حيث كانت هذه المحطات النووية لاغراض مدنية و فخرا للقوة السوفياتية في ذلك الوقت خاصة في خضم الحرب الباردة مع الغرب الرأسمالي.

ضمت مدينة بريبيات مساكن العمال والموظفين واحتوت على مدارس ومعاهد ومصانع ومسارح ومستشفى ودور حضانة وحدائق ، كانت مدينة متكاملة لكنها لن تبقى كذلك لوقت طويل بل ستصبح منطقة محظورة ومدينة اشباح.

ليلة الكارثة

blank
حدث الانفجار بسبب خطأ بشري وضعف اجراءات السلامة في المحطة

يوم السبت 26 افريل 1986 وعلى الساعة 1:23 دقيقة داخل المحطة النووية لانتاج الطاقة الكهربائية في تشيرنوبيل وداخل المفاعل رقم 4 حيث كان 200 موظف ومهندس في المفاعل يعملون على محاكات وتجربة اختبار السلامة في حالة انقطاع التيار الكهربائي عن المحطة حيث كانت التجربة قد انجزت من قبل لكنها لم تنجح فتمت اعادة التجربة ظهر ليلة الحادثة لكن تم تأجيلها الى الفترة الليلية.
اثناء التجربة ليلا حدث خطأ في التشغيل بعد اغلاق التوربينات المستخدمة في تبريد اليورانيوم المستخدم في توليد الطاقة الكهربائية ، ادى اغلاق هذه التوربينات الى ارتفاع حرارة اليورانيوم بالمفاعل الرابع الى درجة الاشتعال وبعد ان انتبه رئيس فريق المهندسين في المحطة الى الخطر حاول اغلاق المفاعل وذلك بجعل اعمدة الغرافيت التي تغلف المفاعل تنزل الى قلب المفاعل النووي وتبطئ من سرعة التفاعل النووي وتخفض الحرارة الا ان هذه الطريقة جعلت الحرارة تزداد بشدة قبل ان تبدأ بالانخفاض فكان الوقت قد فات والحرارة وصلت الى حد الانفجار كما ان اعمدة الغرافيت لم تنزل لقلب المفاعل لتخفض حرارته بل انحنت واعوجت ولأن المولد كان غير مستقر والدورة الحرارية مشوشة بسبب اختبار السلامة السابق الذي فشل كل هذا ادى الى ارتفاع الحرارة واشتعال بعض الغازات المتسربة وحدث انفجار كبير دمر المفاعل الرابع واشتعلت فيه النيران بكثافة وبدأ قلب المفاعل بالانصهار، كما تطايرت قطع الغرافيت حول منطقة المفاعل والاخطر من كل هذا هو ظهور سحابة كبيرة من الدخان المشع اضاءت سماء المنطقة بلون ابيض.

قتل في الحادث 36 فردا واصيب 2000 اخرين بحروق قاتلة ، اما الخسائر التي نجمت عن الحادث فقدرت بـ 3 مليار دولار ، اما الاسوأ فهو موت المئات في السنوات التالية بسبب التسرب الاشعاعي.

ما بعد الكارثة

blank
تأثيرات الاشعة والسحابة النووية غطت معظم اوروبا

ادى الانفجار النووي في تشيرنوبيل الى تسرب اشعاعي من المفاعل المحترق انتشر في كل المنطقة وبدأ يزحف على مناطق اخرى عن طريق سحابة اشعاعية كبيرة انتشرت في كل من اوكرانيا وروسيا وبيلاروسيا وتجزأت فيما بعد الى ثلاث سحب ساعدت الرياح في حملها الى بولندا والدول الاسكندنافية والتشيك والمانيا ورومانيا وبلغاريا واليونان وتركيا وحتى جنوب ايطاليا.

لقد ارجع سبب الحادث الى بنية المفاعل الذي لم يكن بنائه جيدا حيث كان التحكم في العملية النووية يتم باعمدة من الغرافيت وهو احد اشكال الكربون ، اضافة الى ان نظام السلامة من الحوادث لم يكن فعالا كما يجب وفشل نظام التبريد .. كل هذه الأمور ساهمت في الكارثة فسرعة بناء المفاعل اثرت في جودة بنائه، كما ان الخطأ البشري المتمثل في قلة خبرة المهندسين الذين كانوا في المناوبة الليلية حيث كان معظمهم من الشباب المتخرجين حديثا ولم يملكوا خبرة كافية في مثل هذه الحوادث .. كل هذا ادى الى اسوأ كارثة نووية عرفتها البشرية الى يومنا هذا.

في بداية الكارثة عملت الحكومة السوفياتية على اخفاء الحادث فهي احست بالاحراج من حدوث كارثة نووية على اراضيها فهي التي كانت تزعم دائما بقوتها النووية والعلمية امام الغرب فلم تصرح بشيء امام مواطنيها سوى ان حريقا اندلع في المحطة والوضع متحكم فيه ولا امام العالم ايضا ، لكن السحابة الاشعاعية التي وصلت الى الدول الاوروبية كشفت الحادثة فقد سجل المركز الوطني للطاقة النووية في السويد نشاطا اشعاعيا غير عادي كما سجلت اجهزة القياس ارتفاع مؤشرات الاشعاع النووي بشكل كبير جدا كما سجلت بعض الدول الاوروبية نفس الشيء وهذا ما جعل الحكومة السوفياتية تصرح بالكارثة وتقبل مساعدة بعض الدول حيث تم ارسال بعض مرضى الاشعاع الى بعض الدول للعلاج كما ارسلت دول اخرى اجهزة روبوت للمساعدة في تنظيف المفاعل المحترق من المخلفات النووية المشعة لكن هذه الروبوتات سرعان ما توقفت بعد ساعات قليلة فهي لم تتحمل قوة الاشعاع لان السوفيات لم يصرحوا بقوة الاشعاع الحقيقية وبذلك تم الاعتماد على الروبوتات الحية اي البشر وهذا ما سيرفع من عدد ضحايا الكارثة.

بعد ان اتضح حجم الكارثة وحجم الخطر الاشعاعي الكبير على كل شيء بدأت الحكومة السوفياتية القيام باعمال جبارة لوقف اضرار الكارثة حيث تم استدعاء اكثر من ستين الف من الجنود والمهندسين ورجال الاطفاء كما تطوع الكثير من الشباب والكهول للعمل سواءا برغبة منهم او مجبرين من القيادة السوفياتية ، عمل هؤلاء الرجال ليل نهار في فرق متناوبة فمنهم من كان يعمل على تنظيف كل محيط المفاعل من البقايا المشعة للانفجار وعمل اخرون على عملية اطفاء النار التي استمرت في الاشتعال لأسبوعين كاملين وقد فشل اطفائها بالمياه لأن المياه تتبخر قبل وصولها الى قلب المفاعل من شدة الحرارة فتم استدعاء فرق من الطيارين عملوا بدون توقف في رحلات جوية الى سطح المفاعل المشتعل حيث تم القاء المئات من الاطنان من الرمل والاسمنت الى غاية انطفاء النار
لكن ظهرت مشكلة جديدة تهدد حياة السكان حيث ان انصهار قلب المفاعل وبداية توغله الى باطن الارض جعل العلماء متخوفين من تسمم المياه الجوفية بالشعاع القاتل والذي سيؤدي الى كارثة كبيرة ، فتم التخطيط لبناء حاجز من الاسمنت المسلح للحيلولة دون وصول الاشعاع الى المياه الجوفية كان بناء هذا الحاجز في ظرف اسابيع قليلة وبسرعة كبيرة لكن وسط ظروف عمل قاسية جدا حيث وصلت الحرارة تحت اامفاعل الى اكثر من 50 درجة فلم يستطع العمال العمل بملابسهم او بالاقنعة المضادة للغازات فاظطروا للعمل بدون ملابس!

blank
طائرات الهليكوبتر وهي ترمي الرمل والاسمنت لايقاف الانفجار والتفاعل

استمر العمل ليلا ونهارا كما تم الشروع في بناء غطاء للمفاعل الرابع المحترق من الاسمنت المسلح لوقف تسرب الاشعاع وتم ذلك ايضا بسرعة شديدة وقد سمي الغطاء بالتابوت لكن سرعة التنفيذ جعلت التابوت غير متين كفاية فقد حدثت فيه تشققات واستمر الاشعاع بالتسرب للسنوات التالية.

العمال الذين عملوا في المفاعل كانوا مقسمين الى فرق كل فرقة تعمل لدقائق معدودة ثم تستبدل بفرقة اخرى فالاشعاع قوي جدا وكاف لقتل انسان في دقائق اذا بقي مطولا قرب المفاعل ومع ذلك فالكثير من العمال لم تتوفر لهم البدلات الواقية ولا الاقنعة المضادة للغاز فعملوا بملابس عادية فالحكومة السوفياتية لم تتوقع حدوث مثل هذه الكارثة فقد آمنت بقدراتها غير المحدودة في أمن مفاعلاتها النووية فلم تجهز هذه المفاعلات بالعدد الكافي من البدلات الواقية وهذا ما سيؤدي الى موت الكثير من العمال بعد اسابيع قليلة من العمل قرب المفاعل.

من جهة اخرى عمل جنود اخرون في ترحيل اكثر من 600 الف شخص من منطقة تشيرنوبيل ومدينة بريبيات والمناطق المجاوة لها ، لقد تم اخلاء هذه المناطق بسرعة ولم يعرف السكان ان الترحيل سيكون للابد ، فالحكومة السفياتية اخبرتهم ان الاخلاء لثلاثة ايام فقط.
الكثير من السكان غادروا بسرعة تاركين منازلهم واغراضهم وكل ذكرياتهم ولن يعودا اليها ابدا ، تم نقلهم الى العاصمة كييف والكل تقريبا تدبر امره بنفسه فالحكومة لم تستطع توفير المأوى لهم جميعا .

بعد الاخلاء قام الجنود والمتطوعون بقتل جميع الحيوانات ودفنها في الارض فهي مشعة وتمثل خطرا كبيرا كما تم قطع الاشجار ودفنها ايضا وتم تدمير المحاصيل الزراعية كلها،حتى البيوت والكنائس والمدارس تم تدميرها ودفنها ايضا فالاشعاع انتشر في كل مكان واصبح كل شيء في المنطقة مشعا. كما قام الجنود ايضا بغسل كل شيء بالمواد الكميائية الطرقات السيارات البنايات وكل شيء تم غسله من الاشعاع.

لقد تم بذل جهود كبيرة للحد من انتشار الاشعاع لمناطق اخرى لكن هذه الجهود اعتمدت بالدرجة الاولى على البشر ما تسبب في وفات المئات بعد سنوات قلية بسبب تعرضهم ااكبير للاشعاع والذي نقلوه لعائلاتهم والذي تسبب في انتشار امراض قاتلة خاصة سرطان الغدة الدرقية وتشوهات جينية لدى الاجنة.

بعد اجلاء السكان من تشيرنوبيل ومدينة بريبيات الملوثتين بالاشعاع وجد الكثيرون انفسهم بلا مأوى خاصة سكان القرى والارياف ما دفع ببعض منهم الى العودة خفية الى منازلهم المدفونة تحت الارض حيث اعادوا بناء مساكنهم وسكنوا فيها وعملوا في اراضيهم التي كانت قد دمرت تماما ورغم منع الحكومة عودتهم لان المنطقة ملوثة بالاشعاع الا انهم كانوا يختبؤون في الغابة عند مجيئ الجنود ثم يعودون الى منازلهم بعد ذهابهم فاضطرت الحكومة لتقبل عودتهم الى منازلهم بشرط اخلاء مسؤوليتها مما قد يحدث لهم وتوقيعهم على ذلك وقد سمي هؤلاء السكان ( العائدون تحت مسؤوليتهم) ومازالوا الى اليوم يعيشون هناك.

لقد اقامت الحكومة السوفيتية منطقة محظورة شملت كل المناطق الملوثة وذات الاشعاع الكبير في حدود 30 كلم رغم ان المنطقة الملوثة اوسع من ذلك بكثير، ومنعت دخول اي شخص الى هذه المنطقة الا العمال والمهندسين المكلفين بالعمل.

blank
مازالت المدينة مهجورة تبعث في النفس شعورا بالكآبه والرهبة

لكن بعض السكان واللصوص كانوا يتسللون ليلا لاخذ اغراضهم التي تركوها او لسرقة اغراض الاخرين وقد تم بيع الكثير من هذه الاغراض في اسواق خارج تشيرنوبيل وبذلك ساهم هؤلاء ومن دون ان يعلموا في نشر التلوث الاشعاعي لمناطق واشخاص اخرين فتلك الاغراض كان قد تلوثت بالاشعاع القاتل.

اما العمال والمهندسين الذين كانوا في المناوبة الليلية ليلة الانفجار فقد تمت محاكمتهم واعتبر سبب الانفجار بشريا بالدرجة الاولى رغم ان بنية المفاعل وشروط السلامة كانت سيئة جدا، وقد تمت محاكمتهم في احدى القاعات بمدينة تشيرنوبيل لاظهار رمزية المكان والكارثة للجميع وليس في المحكمة وكانت المحاكمة سريعة وغير حقيقية حيث كان معظم العمال قد ماتوا او في حالة مرض شديد وتم الحكم على مسؤول تجربة السلامة اناتولي دياتلوف بـ 10سنوات سجنا.
اما الجنود ورجال الاطفاء والعمال الذين شاركوا في عملية اخماد الحريق او بناء الجدار العازل او الطيارين او أي عمل لمكافحة الكارثة فقد تم اعتبارهم ابطالا وطنيين وتم تكريم الكثير منهم باوسمة وطنية وتم تكريم عائلات الذين توفوا وتقديم الدعم المادي لهم.

لقد استمرت عمليات درء الكارثة لاكثر من عامين كما استمرت تداعيات كارثة تشيرنوبيل الى غاية يومنا هاذا رغم مرور 35عاما على الحادث فالمنطقة مازالت ملوثة ومهجورة كليا وسميت بالمنطقة المحرمة فلا يسمح لأحد بالدخول بدون تصريح من السلطات ، كما ان نسبة الامراض السرطانية ارتفعت لاكثر من مئة مرة واستمرت التشوهات الخلقية في الظهور عند الاطفال والاجنة كما ظهرت امراض اخرى متعلقة بالاشعاع وانخفض متوسط عمر الانسان ايضا الى 55 سنة في كل من اوكرانيا وبيلاروسيا كما بقيت الكثير من المناطق ملوثة بالاشعاع والذي لن يزول الا بعد مئات السنين.

رغم كل ماحدث الا ان المفاعل في تشيرنوبيل بقي يعمل الى غاية عام 2002 حيث تم اقفاله نهائيا كما تم بناء قبة حديدية جديدة لتغطية المفاعل الرابع كاملا والذي كان مازال يسرب الاشعاع ، حيث قدمت بعض الدول مساعدات مالية لتكلفة المشروع الذي كلف 105 مليار يورو وبدأت الاشغال في 2010 وانتهت في 2017 حيث تم تغطية المفاعل الرابع به.

الحياة اقوى من الموت

blank
ماريكا .. ولدت في تشيرنوبيل وكبرت لتصبح شابة طبيعية من دون اعاقات

في عام 1999 ولدت طفلة اسمها ماريكا كانت ابنة ميخائيل وليديا وقد سعت السلطات الاوكرانية لاخفاء ولادتها لانها شعرت بالاحراج لولادة طفل داخل المنطقة المحظورة في تشيرنوبيل ، فقد كان والدا ماريكا قد التقيا في تشيرنوبيل وتزوجا وانجبا ابنتهم ماريكا في المنزل حيث قام والدها بقطع الحبل السري بنفسه ، لقد رفض والدا ماريكا الرحيل من منزلهم عند الاخلاء فليس لديهم مكان يلجؤون اليه لذا قررا البقاء في المنطقة المحظورة والملوثة بالاشعاع ومن ثم انجبا ابنتهم التي تعتبر اول طفل يولد في منطقة تشيرنوبيل الملوثة منذ حصول الكارثة.

لقد عاشت ماريكا في المنطقة المحظورة حياة عادية كما تمتعت بصحة جيدة رغم ان والدها كان قد خدم ليلة الكارثة في المفاعل فقد كان رجل اطفاء كما انها شربت واكلت من الغذاء المتوفر في المنطقة الملوثة ورغم كل هذا فهي لم تعاني من اي مرض بل كانت فتاة عادية . لكنها عاشت وحيدة فلم يكن هناك اطفال في المنطقة ، وعند بلوغها السابعة خرجت من المنطقة المحظورة لتزاول دراستها وهي اليوم طالبة في المعهد لكنها مازالت تزور عائلتها باستمرار في تشيرنوبيل وتحصل على اذن خاص لدخول المنطقة المحظورة.

تعد ولادة ماريكا في المنطقة الملوثة اكبر دليل على ان الحياة اقوى من الموت احيانا.

تم انتاج العديد من الاشرطة الوثائقية حول الكارثة وكذا العديد من الافلام السنمائية ولعل افضلها هو مسلسل تشيرنوبيل انتاج 2018 الذي لاقى نجاحا كبيرا وقد شاهدته بنفسي حقيقة كان واقعيا جدا رغم انه من 5 حلقات.

واليوم تقوم بعض الوكالات السياحية بتنظيم رحلات سياحية الى المنطقة المحظورة والى مدينة بريبيات المهجورة لمن يرغب في تجربة فريدة من نوعها وذلك وفق شروط سلامة صارمة وبترخيص من السلطات .

فلو اتيحت لك الفرصة عزيزي القارئ هل ستزور مدينة تشيرنوبيل كسياحة وما رأيك في الطاقة النووية ؟
واخيرا هل اعجبتك المقالة ؟

المصدر
كتاب صلاة تشرنوبلمواقع انترنت واشرطة وثائقية
guest
58 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى