تجارب من واقع الحياة

تلك الفتاة السمراء البدينة

بقلم : سمية – الجزائر

لم أحب نفسي قط ولم تساعدني طفولتي على ذلك فكان أخ لي يتنمر علي منذ تعلمت الكلام لقد اخذ كل فرصة ممكنة لذلي وإهانتي وحتى عمتي لم تقصر لطالما نعتتني بالبشاعة و المؤلم أكثر إنها تقارنني بأختي وإنها نظيفة وأنا متسخة وهي تقصد هي بيضاء وأنا سمراء
أحسست أنني لا أساوي شيئا تمنيت الموت حقا كنت أمضي ساعات وأنا أبكي وكنت حين أغضب أتجه إلى الطعام وآكل الكثير فزاد وزني ما زاد الطين بلة .. ممممم هي سمراء وطويلة وبدينة ..

دخلت المدرسة و كان المعلمون يحبونني لأني اهوى الكتابة ولأنني تلميذة نجيبة لكن في دواخلي فتاة تصرخ لا تثق بنفسها وتكره انفها ولون بشرتها كثيرا
اعمامي ونسائهم دوما يعلقون على لون بشرتي الحنطية وكنت اكره نفسي اكثر فأكثر وحين كبرت قليلا إكتشفت أني لست سمراء لأني في الشتاء اصبح بيضاء و هكذا أخذني أبي لطبيب الامراض الجلدية حيث شرح لابي اني اعاني من حساسية شديدة تجاه الشمس وحين اتعرض لها يتغير لون جلدي وقد اصاب بسرطان في الجلد والدليل أن وجنتاي تجرحان وتسيلان دما حين اخرج كثيرا
احتقرني جميع الاقارب وكأنني وحش ولست بشرا وشعرت بتمزقات داخلية بقيت معي للآن

حين كنت في الثانوية تعرضت لأكبر تنمر في حياتي مجموعة من الشبان ضحكوا على جسدي الممتلئ و كوني لست جميلة فأستعنت بمساحيق التجميل و الملابس السوداء الضيقة ليتقبلوني وكان يهمني رأيهم كثيرا وكأن العالم توقف عندهم
أما في الجامعة فقد أحبني الكل وكأني وردة تفتحت ولم ينعتني أحد قط بالبدانة لأن الموضة هذه الأيام موضة الممتلئات وٱعتبرن الاجمل وصارت تباع ملابس بجميع القياسات واستعنت على المكياج و الملابس الملونة الجميلة فأصبحت مارلين مونروالجامعة وتهافت الرجال علي حتى من كانوا يتنمرون علي ادركت أنهم ٱعجبوا بي ولم يكونوا يريدون الإعتراف فقط

أما الآن فأنا شابة ومتزوجة فحين يتغير لون بشرتي وينعتني احدهم بالسمراء اشعر بالقليل من الغضب إلا انني سعيدة بنفسي الآن وصرت اقرأ الكثير عن مجتمعات السود ليس فيها شيئ يسمى انعدام الثقة بالنفس ويحبون انفسهم حبا جما و قرأت ايضا عن قوة حب النفس والتسامح مع الذات فالإختلاف عن الآخرين لا يعني البشاعة بل هو يعني التميز

نعم انا بدينة و مرة سمراء واحيانا بيضاء إلا أني أحب نفسي كما أني أتقبلها كما أن أصدقائي يعجبون بجمالي ولطالما قلن أنني من أجمل النساء اللاتي رأين وكان يعجبهن مظهري ولبسي و كتاباتي
و إكتشفت أخيرا أن كل من لم أعجبهم كأخي وأقاربي غيورون و هم من يعانون من إنعدام الثقة في النفس أكثر مني ولهذا لن اجعل عقدهم تأثر علي بعد الآن وأتمنى أن تكون هذه رسالة لكل من تعرضت للتنمر لتحب نفسها وتتأكد أن من ينتقدك فهو الذي يكره نفسه

guest
28 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى