أدب الرعب والعام

جاك و الأسرة السعيدة

بقلم : عاصم – مصر

جاك و الأسرة السعيدة
كان الكلب ” جاك ” يعيش مع عائلة سعيدة

كان آدم يسير على الرصيف ليلاً متوخياً المطر بعد يوم عمله الروتيني في المنجم القريب ، مر على المتجر و اشترى زجاجة لبن و بعض التبغ و المكسرات و زجاجة من الشراب ، فاليوم الخميس .. عطلته .

صعد السلم ، كانت رائحة الطعام شهية ، نادى على زوجته من المطبخ ، سارة هل أشعلت المدفأة ؟ أجابته افعل شيئاً مفيداً حبيبي وضع فيها بعض الحطب ، فعل هذا ثم أخرج شريط الفيديو لفيلم صامت كان قد استعاره من صاحب متجر الخردوات ثم جلس يتمطى ، كانت رائحة شرائح اللحم المدخن شهية زكمت أنفه .

جلس الزوجان للعشاء ..
– إممم لذيذ حقاً ياسارة ، شكراً لكِ ، ماذا بكِ حبيبتي ؟
– لا تقلق مجرد سعال بسيط
– حسناً سأغلق النافذة .

ثم لملم بقايا الطعام و وضعه في صحن قريب من الباب ، أخذ الكلب يأكل بنهم ، ربت عليه آدم ثم قام و وضع شريط الفيديو و جلس بجانب زوجته على الأريكة وصب بعض الشراب لها و له ، أشعل سيجارته و جلسا بصمت و هدوء يشاهدان الفيلم الصامت من بطولة شارلي شابلن ..

قامت زوجته أعدت بعض القهوة ، كان المطر الغزير مازال ينهمر بغزارة ، تحسس آدم جبهة سارة كانت دافئة قليلاً ، أحضر لها بعض الثلج و وضعه في منشفة لعله يخفض هذه الحرارة و جلس مرةً أخرى يتابع الفيلم و ينظر إلى زوجته بين الحين و الآخر ، كانت سارة تنظر إلى الكلب بصمت و كأنها تفكر في شيء .

قطع الصمت صوت طرق على الباب ، كان توم صديق آدم من المنجم ، كان مبللاً من المطر و قد جاء ليستعير من آدم بندقية الصيد ، أحضرها له آدم و ثرثرا قليلاً ثم غادر .

كان الكلب مضجع في فراشه الوثير نبح قليلاً مجفلاً من صوت قطار الشحن القريب ثم عاد يتمطى ، كان جاك مدللاً جداً في بيت آدم و ساره ، زوجان متحابان و منزل هادئ يحظى بطعامه الوفير المحبب إليه ثلاث مرات يومياً .. أخيراً تكلمت سارة و قالت لآدم :
– ألا تظن أن جاك وحيد و حزين بعض الشيء ؟
أجابها آدم :
-لا أظن هذا ، ربما حبيبتي تتوهمين بعض الشيء فأنت شديدة الحساسية .
فقالت له :
– أفكر في تزويجه .. ما رأيك بأن نحضر له الكلبه لوسي التي تشرد في الغابة المهجورة المجاورة ؟
قال لها آدم :
– لا بأس فلنحضرها غداً .

عندما ذهب آدم إلى الغابة وجد لوسي تنبح و تلهو مع كلبة أخرى اسمها تيفاني ، فعاد بالاثنين إلى المنزل و قال لزوجته :
– حسناً ربما سيكون هناك زوجتين لجاك بدلاً من واحدة ، إنه لعين و محظوظ .

كان جاك ينظر إلى لوسي و تيفاني بإعجاب شديد و قد سال لعابه فرحاً و اغتباطاً برفيقتيه الجديدتين الجميلتين ، أدخل آدم الكلبتين و أغلق الباب ، عانق زوجته سارة وطبع قبلة بين عينيها مغازلاً إياها ، ثم قال لها :
– أحسد جاك اليوم كم أتمنى أن أكون .. اغتاظت سارة فتملصت منه مشدوهة مما قال و قالت له :
– آها .. حسناً آدم أغرب عن وجهي الآن أنا غاضبة ، مسح آدم لعابه عن وجهه و نبح قليلاً في وجه زوجته سارة التى قفزت على السرير و بادلته النباح ، ظلا بعض الوقت هكذا حتى ناداهم جاك : حسناً يكفي نباحاً الآن سينتبه الجيران و ربما يحضرون فيروكما وأنتما تنبحان هكذا فيكتشفان أنكما كلبين مثلي و مثل لوسي أو تيفاني ، ولن يقتنعا بأنكما زوجين بشريين ، تباً لها هذه التعويذة التي مسختكما وحولتكما إلى المظهر البشري .

كان هذا ذنب سارة ، كانت كلبة فيما مضى ، تمضي الوقت مع آدم الذي كان كلباً أيضاً ، و كانا يلهوان سوياً في الغابة حتى جاء يوم و قالت سارة لآدم ، لقد اكتشفت كهفاً أسفل الجبل به نهر صغير ملقى في قعره تعويذة ، من شرب من هذا النهر تحول إلى بشر .

قال لها آدم و لماذا نتحول لبشر سارة ؟ إنهم مقيتون مقرفون جشعون يكذبون و يحقدون و يظلمون بعضهم البعض .. و بعد نقاش طويل اقترحت سارة على آدم أن يتحولا فقط لبشر لبعض الوقت ويجربان حياتهم ، فإذا لم تعجبهما عادا إلى حياة الكلاب من خلال الاغتسال في بئر الكهف الذي يحول البشر إلى كلاب .

بالفعل شربا من النهر و تحولا لزوجين بشريين و عادا إلى منزل مهجور منذ زمن .. و الذي هو منزلهما الآن و ادعيا أنهما مهاجرين من المدينة و متزوجان حديثاً ، و تعرفا على الجيران و كونا صداقات ، و حصل آدم على عمل في المنجم و مرت الأيام بصحبة كلبهم جاك الذي كان موجوداً بمفرده في المنزل حين حضروا ، وباقي الأحداث تعرفونها بالطبع من الحياة الرتيبهة حتى تبني لوسي و تيفاني اللذان كانا في الأصل أختين بشريتين تحيان حياهة صاخبهة في الملاهي و الحانات و الشواطئ و قد جربتا كل شيء ، و فعلاً كل ما يخطر على بالهما ..

حتى في يوم سمعت تيفاني من صديق لها عن نهر و بئر الكهف و التعويذه فأخبرت أختها لوسي التى قالت لها لمَ لا ؟ فلنجرب .. لن نخسر شيئاً ، و بالفعل ذهبتا إلى الكهف و اغتسلتا في البئر و تحولا لكلبتين لطيفتين ظريفتين ، و الباقي تعرفونه ..

و مرت الأيام حتى جاءت المفاجأة و حملت سارة و أنجبت طفلين ، الذكر برأس ولد و جسم كلب و الأنثى برأس كلبة و جسم أنثى !! بالطبع يمكنكم أن تتخيلوا منظرهما ، كانت حقاً مهزلة ، ماذا سيفعلان الآن عندما يكبر الطفلان و يرونهم الجيران ؟! كان الكل مشدوهاً من هول الفاجعة و الكارثة .

كان توم صديق آدم من المنجم منشغلاً في الأيام الماضية لحسن الحظ ، فلم يمر على آدم و يكتشف المصيبة ، و تمر الأيام و يكبر سام الصغير و تكبر آمبر الصغيرة التوئمان ، كان الزوجان قد قررا أن يزوجا سام من لوسي و آمبر من تيفاني ، و تزوجا بالفعل بعد أشهر قليلة و أنجبا جون كلباً و الآخرين أنجبا إليزابيث أنثى و قد عقدا العزم على تزويجهم من بعض حين يشتدا قليلاً حتى لا يضيع النسب و الثروة ، و كما تتوقعون .. كبرا و تزوجا و حضر توم هذا العرس بصحبة صديقته كاسي التي كانت قطة فيما مضى .

أما جاك فكان هو الوحيد في هذه القصة الذي لم يتحول ، كان كثير الحركة و قد ألجمته كاسي بطوق جميل مرصع بالجواهر و أخذت تربت على ظهره و هو ينبح ، كانت كاسي تحادث صديقتها شارلوت الجالسه بجانبها و تمزحان و تضحكان حين أنطفأ النور فجأة و صعد آدم جد العريس و سارة زوجته على السفرة و أخذا ينبحان بعدائية شديدة ، فيما كان والد و والدة العروسة يلعقان بعضهما بنهم ، و كان الزوجين في كوشتهم سعيدين يلتقطان بعض الصور مع الأهل و الأحباب .. كانت لوسي و تيفاني تحدقان بلؤم إلى ملابس الفتيات و تبرجهن .

حسناً .. ربما أطلت عليكم قليلاً أعزائي القراء ، سأوجز الآن ما استطعت .. في هذه الأثناء كان جاك قد تقدم به العمر و خط الشيب في رأسه حين انتبه من نومه على صوت قطار الشحن و أدرك أن كل ما رآه كان حلماً .

تاريخ النشر : 2016-11-22

عاصم

مصر
guest
24 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى