أدب الرعب والعام

جبل الشيطان

بقلم : housemen – سوريا

وجد قريةً مهجورة فوق الجبل !

المراهقون يعشقون المغامرات , فتجدهم يتصرّفون بلا مبالاة أحياناً .. يريدون أن يكتشفوا كل ما هو جديد في هذه الحياة , دون أن يراعوا العواقب الوخيمة الناتجة عن تصرفاتهم …

أحمد و علي و محمد و سمير ، أربعة مراهقين طائشين في تصرفاتهم أحياناً ، فهم مغامرون من الدرجة الأولى .. فتجدهم دائماً يتسلّقون الجبال , و يدخلون الكهوف بحثاً عن كل ما هو غريب و ماورائي .

و في احد الأيام ..سمع هؤلاء المراهقين اشاعة عن جبلٍ قريب في قريتهم , حيث لا أحد يتسلّق قمتّه و يعود منه سالماً ! فجميع من قصدوا ذلك الجبل , لم يعودوا منه ثانيةً !

و قد آثار ذلك حسّ المغامرة في نفس المراهقين و قرّروا صعود الجبل , غير مبالين بما سيحدث لهم لاحقاً .

و تزوّدوا بالطعام و الماء الذي يكفيهم لرحلتهم الشيقة ، و ذهبوا صوب الجبل و الحماس يملأ قلوبهم ..

و عندما وصلوا تحت الجبل , بدأ الخوف ينسج شباكه فوق حماسهم الزائد ..و ظهر التردّد واضحاً على وجوه المراهقين بعد ان رؤوا شكل الجبل الذي يبثّ الريبة في النفوس ! باستثناء أحمد الذي كان اشجعهم , حيث كلمة الخوف لم تكن موجودة في قاموسه ….

ثم بدأوا بالصعود متجهين نحو الأعلى .. و كان كلما اقتربوا أكثر من القمّة , كلما بدأ نور الشمس يضعف , و يزداد الجوّ وحشة و كآبة ..

و هنا ! سيطر الخوف على كلٍ من ( علي و محمد و سمير ) فقرّروا العودة إلى القرية ..لكن أحمد خالفهم الرأيّ , و قال لهم : إذا أرادوا العودة , فليعودوا لوحدهم ..أما هو فسيكمل طريقه نحو القمّة ..

و بذلك تركوه اصدقائه , ليتابع وحده طريقه نحو قمّة الجبل .

و عندما بلغ أحمد اخيراً قمّة الجبل , وجد هناك قريةً مهجورة تكاد تكون منزلاً للأشباح ! و وقع بصره على منزلٍ يكاد يتهاوى من قِدمه , و وجد بابه مفتوحاً ..

و عندما دخل ..وجد عجوزاً على حافّة الموت ، فسألها عن الذي حلّ بقريتها ..

فأجابته : بأن هناك مجموعةً من الشياطين تسلّطت على اهالي القرية , و صارت تهجم عند غروب الشمس , و تقوم بخطف سكانها ثم قتلهم .. حتى لم يتبقِ إلا بعض العجائز ..

ثم قالت العجوز : ربما تركونا لأنهم يعرفون بأننا هالكون لا محالة , من دون مساعدة شبابنا ..

فنظر أحمد إلى الأفق من النافذة , ليجد ان الشمس تستأذن للمغيب .. فبدأ الخوف يكتسح قلبه ، و استأذن العجوز أن تسمح له بالمبيت عندها الليلة ..

فردّت عليه :
-يا بنيّ .. ان وجدوك هنا , سيقلونك حتماً ..من الأفضل أن تعود من حيث أتيت , و بأسرع وقتٍ ممكن !!

و احسّ أحمد بالندم لأنه لم يعدّ مع أصدقائه .. ثم سلّم على العجوز و تركها , بعد ان أطلق قدميه للريح ..

و بعد قليل .. تعب أحمد من الجري , فتوقف ليتنهّد قليلاً ..و نظر خلفه ليجد مجموعة من المخلوقات لها رؤوساً كالماعز , تجري خلفه ! فارتعدت فرائسه و بدأ بالجريّ كالبرق , حتى أنه لم يكترث إلى أين ستقوده قدميه ..

و بعد ان ابتعد عنهم , وقف ليستريح قليلاً ..و نظر خلفه , ليجد أن المخلوقات الغريبة لم تعد تتعقّبه !

فصار يعاتب نفسه :
-لما لم انزل فوراً من الجبل ؟! لما تعمّقت اكثر في هذه المنطقة الملعونة ؟! … يالا غبائي !! هآقد ابتعدت كثيراً عن المكان الذي قدِمتُ منه !.. ليس امامي الآن الاّ ان اكمل المسير , حتى اجد حافّة الجبل من جديد .. و انزل منه الى قريتي … يارب ساعدني !!

و بدأ خوف أحمد يزداد , بعد ان خيّم الظلام على أرجاء المكان .. و ظلّ يكمل المسير الى ان صادف في طريقه مجموعةَ من الأقزام , الذين تجمّعوا حول نارٍ أوقدوها للتدفئة , و هم يحملون أقداح الشاي الساخن .. و ما ان رأوه , حتى عرضوا عليه مشاركتهم المجلس ..

لكن أحمد رفض دعوتهم , لأنه اراد اكمال المسير .. الاّ ان احدهم فاجأهُ بالوقوف في وجهه ليمنعه عن اكمال طريقه !

و في ثواني ! تحوّلت الأقزام إلى نفس تلك المخلوقات برؤوس الماعز .. و أحاطوا بأحمد من جميع الجهات , الذي تجمّد بدوره من الخوف ..

لكنه فجأة !! صاح بهم قائلاً :
-لحظة ! هل تظنوا أنفسكم مرعبين , و لا أحد يستطيع الوقوف في وجوهكم ؟!!

فيجيبه أحد المخلوقات : لا أحد يملك الجرأة على مواجهتنا ، و إن فعل !! سنفصل رأسه عن باقي جسده ..

فابتسم أحمد قائلاً : لا أظن ذلك !! فهناك عجوزاً تسكن في بيتٍ يكاد يتهاوى على مشارف القرية التي امام حافّة الجبل ، و هي من قالت لي : بأنكم لا تجرأون على قتلها , بل اخبرتني أنها قامت سابقاً بضربكم الواحد تلوّ الآخر !! و ها أنتم هنا تستعرضون قوتكم على شابٍ قويٍّ مثلي , و أنتم لا تستطيعون حتى التغلب على عجوزٍ في آخر عمرها !! فلماذا اضيّع وقتي بالشجار , مع من هم أضعف من أن يمسّوا شعرةً من امرأة عجوز !! ..

فصرخ أحدهم قائلاً بغضب : أتلك الشمطاء تدّعي بأنها ضربتنا ؟! ..حسناً اذاً !! سنعود اليك أيها الوقح , لكن بعد أن ننتهي منها اولاً .. انتظرنا , اسمعت !!

ثم ذهبت الشياطين مسرعةً نحو العجوز , أما أحمد فقد قال بارتياح :

-الحمد الله , لقد نجحت خطتي .. يا لهم من أغبياء .. و يا أسفي على تلك العجوز المسكينة .. لكنها بكل الأحوال ستموت قريباً , هم فقط سيريحونها من عنائها .. سامحيني يا خالة !

ثم جرى أحمد مسرعاً .. ليجد بعد امتارٍ قليلة , حافّة الجبل .. فينزل منه بسرعة , عائداً الى قريته ..
تاركاً وراءه الشياطين و هي تسفك بدم العجوز المسكينة !

اشراف : حمزة عتيق

تاريخ النشر : 2016-02-24

housemen

سوريا
guest
29 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى