جنية النهر
كانت أمرأة ضخمة رأسها كأنه جمجمة بشعر طويل وعينان تقدحان ناراً |
و كنت ألاحظ أبن عمي المقيم ينتفض عند أي حركة و مرة يأتي إلى يسارنا ومرة إلى يميننا ويكثر من إشعال السجائر حتى وصلنا ، ولكني كنت فعلاً الاحظ و كأن هناك أحد يسير معنا طوال الطريق في الحقول التي كنت أسير جهتها ، وعندما وصلنا جلسنا بجوار القنطرة الضخمة وسأله عمي : لماذا كنت خائف جداً وكنت مرتعب ؟ فقال : لأن بهذا الطريق جنية مخيفة ولعلكم تتذكرون كيف أحجم الرجال عن السير فيه ، وقص علينا القصة التالية ، واعتذر عن طول السرد فيما سبق ولكنه للتوضيح ، ذكر أن هناك رجل من أهل دهتورة يعمل في وظيفتين ليعول أسرته الكبيرة و والديه كبار السن ، وهذا الرجل يملك دراجة يذهب بها بعد الفجر إلى مدينة زفتي كل يوم ، وفي ليلة أيقظته زوجته قبل الفجر كعادته و ركب دراجته ، والطريق إلى زفتي من دهتورة تشبه حرف ال L في الإنجليزية ، وتوقف بجوار مصلية على النيل ليصلي الفجر أقامها عمال مصانع الطوب ، و ما لم يعلمه لأنه لم يملك ساعة أن زوجته أيقظته مبكراً عن الفجر بسبب ظاهرة الفجر الكاذب ولم يجد أحداً حوله فقرر الاغتسال في النيل بدلاً من الوضوء ، وما أن خلع ملابسه ونزل إلى النيل إلا وشاهد شيء يبرز من الماء قريب منه في ضوء النجوم الخافت ويقترب منه ، فخاف وخرج عارياً ليجد هذا الشيء يخرج وراءه و كانت أمرأة ضخمة رأسها كأنه جمجمة بشعر طويل وعينان تقدحان ناراً ولها ثديين ضخمين يتدليان
فركب دراجته عارياً وطار بها في اتجاه زفتي ، و من الرعب جرت وراءه ولم تلحقه فصرخت : لن أتركك أبداً ، و عند الفجر وجده الناس نبقي بجوار شريط قطار بجوار زفتي و ذراعه مكسور لاصطدامه بشجرة أثناء هربه في الظلام الحالك وظل في المستشفى حوالي الشهر لا ينطق وعندما نطق وحكى قصته نصحه كبار البلدة أن يتصالح مع الجنية و إلا لن تتركه أبداً ، وقالوا : لا بد أن يذهب بمفرده إلى نفس المكان و يحمل صينية عليها أطعمة معينة ويتركها ويوصي عمال مصانع الطوب ألا يلمسوها و إن وجدها كما هي فهي لم تقبل الصلح والعفو عنه واذا اختفت فقد قبلت ، ولا أعلم كيف ذهب مرة أخرى ولكن المضطر يركب الصعب كما يُقال ، وترك الصينية ولم يجدها في الصباح ولكن حذروه ألا يقرب النيل أبداً لأنها من الممكن أن تغدر به ، ومن وقتها لم يقرب النيل بتاتاً ، آسف فقد أطلت عليكم.
تاريخ النشر : 2019-11-28