ألغاز تاريخية

جوش مادوكس: الصبي في المدخنة

لا أحد – على وجه الخصوص- يعلم كيف اختفى ‘جوش مادوكس ‘ . العديد من النظريّات و التخمينات و التكهُّنات حِيكت حول خط سير آخر رحلة خطاها خارج المنزل .
من قابل ؟ ، ولماذا ذهب إلى هناك ؟ ، وكيف وصل إلى ذلك المكان أصلاً ! . هل كان مجرّد حادث عرضي ؟ ، أم أنَّ كيانات غامضة قررت الدخول على الخط في ذلك اليوم . ولماذا هو بالتحديد من بين الجميع ! .
أسئلة كثيرة طُرحت، ليبقى أكثرها ريبة و حيرة ذلك الذي يقول ويتسائل : ما هي الخيارات التي قد يسلكها إنسان عاقل، لينتهي به المطاف في مدخنة !

إقرأ أيضاً : لغز فتاة المستنقع

من هو جوش مادوكس ؟

ولد ‘ جوش مادو ‘ في 9 مارس 1990 ، وعاش في ‘ وودلاند بارك ‘ ، وهي بلدة صغيرة وهادئة في مقاطعة تيلر في كولورادو ، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي ثمانية آلاف نسمة . أسرة مادوكس عاشت هناك حياة بسيطة ورتيبة . لم تعرف طريقاً للمشاكل، ولا المشاكل عرفت طريقاً لها . كانت كأي عائلة ناشئة ، هدفها المضي بسلام لتربية أبنائها والعيش بسعادة قدر الإمكان . هكذا عرفهم الجميع ( من الحيط للحيط وسترك يا رب البيت ) .
لكن فجأة و بدون تمهيد أو أسباب أو سابق إنذار ؛ انفصل الزوجان بصورة غريبة . واضطر جوش الطفل الصغير، للعيش برفقة أخيه الأكبر ‘زاكاري’ وأُختيه ‘ كيت و روث ‘ في منزل والده مايك .

blank
انفصل والداه مذ كان طفلاً

رغم ذلك الانفصال الغريب ، نمى جوش و ترعرع في كنف والده وجدّيه . حيث حظي هناك بطفولة بسيطة ومحترمة . وعرفه الجميع لاحقاً بشخصيّته الناضجة المسؤولة من جانب، و اللطيفة المرحة من جانب آخر .
أمّا في مدرسته، فقد كان جوش طالباً محبوباً و لامعاً . وبرز بشكل كبير في فصل الموسيقى، حتى أنّه كان يقضي جلَّ وقت فراغه في العزف على الجيتار وكتابة النوتات الموسيقيّة . وببلوغه السابعة عشرة كان جوش أكثر جاذبيّة ووسامة، حيث امتلك جسداً رشيقاً وشعراً أشقراً دائم الاستلقاء على أكتافه .

المنزل المهجور بجانب الطريق .. ما علاقته بجوش ؟

نحن الآن في عام 2015 وتحديداً في شهر آب من ذلك العام . في ذلك الوقت كان المستثمر العقاري ‘ تشاك مورفي ‘ قد قرر هدم منزل خشبي مهجور، يقبع وحيداً منعزلاً على مساحةٍ واسعةٍ من أرضٍ محاطةٍ بأشجار الصنوبر، على أطراف وودلانك بارك – كولورادو .
هدف تشاك ذو الـ 80 عاماً من ذلك الهدم، كان إفساح المجال لبناء بعض الكتل الطابقيّة هناك باعتباره المالك لهذا المنزل المهجور .

إقرأ أيضاً : مستشفى مهجورة تعج بالأشباح .. ما قصة الغرفة رقم 502؟

كان تشاك قد اشترى هذا المنزل في خمسينات العقد الماضي من مالكه الأصلي ‘ بيج بيرت’ . وهو مهاجر سويدي استقرَّ في الولايات المُتّحدة، وبنى منزلاً له في وودبلانك . إلا أنه سرعان ما قام بتحويله إلى حانة ليلاً و مطعم للمأكولات السريعة نهاراً . وفي الوقت ذاته أصبح المكان بيئة ومرتعاً خصباً للمقامرة و الدّعارة واستهلاك الممنوعات .
إنما بعد شراء تشاك تلك المجموعة التجارية الصغيرة، وبسبب سوء إدارته لها، بدأت الخسائر تطل برأسها عاماً بعد آخر، حتى طفح لديه الكيل و اتّخذ قراره بإقفالها في عام 1998 . ولكن بالرغم ذلك، فقد عاش شقيق تشاك في ذلك المنزل حتى بدايات عام 2005 .

عودة إلى أعمال الهدم ..

بطبيعة الحال، بالنسبة إلى مكان معزول ومهجور لعقد من الزمن، كان من الطبيعي أن يجد العُمّال أنفسهم داخل بيئة فيها من الفوضى والقذارة ما فيها . فبحسب أحد العُمّال؛ كان العفن منتشراً في كل مكان . أمّا السراخس و الأشنيّات فقد ابتلعت معظم الجدران و الأسقف . هذا عدا الرطوبة الشديدة التي قصمت ظهر أي معالم نجاة في ذلك المنزل . على أية حال، كانت جميع المصائب السابقة محتملة بالنسبة لفريق الهدم، خلاف تلك المتعلقة بالرائحة الآسنة الناتجة عن تفسُّخ وتحلل جثث عديد الحيوانات . و التي قررت لسبب لا يعلمه إلاَّ الله، الموت في ذلك المكان دون غيره . أو ربّما هذا ما كانوا يظنّوه ..

blank
كان المنزل مهجوراً إضافة لكونه قديماً ومتهالكاً

على حافة الموقد الكبير المتصل بمدخنة واسعة وضخمة . استند أحدُ العمال بظهره وأخذ يبحثُ بظلِّ تلك الخرابة الواقف بها، عن سبب منطقي يجعل هذه الثياب التي أمامه مطويّة بشكل مرتّبٍ و أنيق جداً .
علاوة على ذلك، كانت تلك الثياب قد وضِعت بعناية شديدة على طرف الموقد . وأخذ يفكّرُ أيضاً أن أحداً ما قام بنزع أحد الرفوف من الجِدار وسدَّ به فتحة الموقد من الدّاخل لكن ما الأهميّة وما الغاية ! .. سؤالٌ محيّرٌ لم يجد إجابة عليه . على الأقل لغاية لحظتها ..

العودة بالزمن .. اختفاء جوش مادوكس

8 مايو 2008 ، كانت ‘ كيت’ عصر ذلك اليوم تقوم ببعض الأعمال المنزلية عندما لاحظت أنَّ شقيقها جوش يستعدُّ للخروج . لم تلقِ الشقيقة الكُبرى بالاً للأمر ، فقد اعتادت على خروج أخيها للتنزُّه سيراً على الأقدام بين حين و آخر وذلك بسبب حُبّه وشغفه للطبيعة . وجلُّ ما فعلته آنذاك هو عناقٌ صغير، مع قبلةٍ وأمنيةٍ حنونة بالتوفيق في نزهته تلك .
كانت كيت تتابع أخيها جوش وهو يبتعد عن المنزل شيئاً فشيئاً بقلب يساوره الغبطة والأمل . كيف لا وقد استطاع تجاوز تلك الفاجعة التي حلّت بالعائلة قبل عامين، خاصّة أنّها نفسها لم تستطع تجاوز الأمر حتى الآن . وفي تلك اللحظات رأت كيت في أخيها، ذلك الشاب القوي الذي يمكن حقاً الإعتماد عليه . لكن ما الذي حصل قبل عامين ؟

إقرأ أيضاً :أجمل أنتحار : الصورة التي أسرت العالم

في 1 يونيو / حزيران 2006 ، وقبل أسبوع من تخرجه من المدرسة الثانوية ، قام ‘ زاكاري’ شقيق جوش ذي الـ18 عاماً، بشنق نفسه بعد إصابته باكتئابٍ حاد.
هذه الحادثة الأليمة و المروّعة، دفعت عائلة مادوكس إلى أشدِّ أنواع البؤس و الحزن . لقد جعلتهم حرفيّاُ في الحضيض .

“لم يستطع أحدٌ منّا التأقلم أو التعامل مع الأمر، كان كابوساً لا نهائيّاً ، بدا الأمر وكأننا نغرق وعندما نعتقد أننا قد وصلنا إلى القاع نجد أنفسنا نغرق مجدداً . كان منقذنا الوحيد في تلك المحنة هو جوش ، لقد قام بإنعاش قلوبنا للحياة من جديد . “

مايك مادوكس

بكل الأحوال ، كان أداء جوش جيداً وكان سعيداً في تلك الفترة تقريباً من عام 2008.

لاحظ مايك عند عودته مساءاً أمارات القلق متجلّية على وجه ابنته كيت، والتي أعربت بدورها عن قلقها إزاء تأخُّر أخيها عن العودة إلى المنزل . لوهلة كان الأمر عاديّاً ومقبولاً فالغائب عذره معه كما يقال . لكن أن يستمر الغياب لخمسة أيّام بلا تقرير و لا تبرير، هذا ما لا يمكن قبوله .
ولهذا في 13 مايو ، أي بعد 5 أيام من اختفائه ، اتصل والد جوش بالشرطة للإبلاغ عن اختفاء ابنه .

blank
كان مقرّباً جداً من اخته كيت

ماهذا الذي في المدخنة ! …. اكتشاف جُثّة جوش .

7 اغسطس/ آب / 2015 ..
بعدما عجز ذلك العامل عن إيجاد إجابة مقنعة، لم يتردد في الصراخ على أصدقائه ليساعدوه في تفكيك تلك المدخنة الضخمة . وبالفعل لم تمض سوى دقائق حتى كان الحفّار (الكومبريسور) يعيث فيها .
كانت أعمال الهدم تسير بشكل طبيعي جداً لولا الغبار الذي على كثافته ،حجب الرؤية ومنع العمّال من استنشاق الهواء بشكل جيد . ولهذا السبب كانوا ينتظرون ولوج النور و الهواء من الخارج عبر مجرى المدخنة . وهذا ما لم يحدث أبداً ..
كان من الواضح بعد هذا أنَّ شيئاً ما يبدوا عالقاً في منتصف المدخنة ويمنع أي تدفق للهواء أو الضوء من خلالها . لكن ماهو هذا الشيء الذي يمكن أن يسُد فتحة كبيرة كهذه ! ، في سبيل معرفة ذلك استخدم أحد العُمّال كشّافاً ليتأكد من تلك العقبة وأكاد أجزم أنّه تمنى لو لم يفعل .

من خلال ضوء الكشّاف سقط بصر العامل على ما أسماه بـ (زومبي) ينظر إليه مباشرة . لكن بعد الفحص و التأكُّد لم يكن ذلك الزومبي سوى جُثَّةٍ بشريّة تعرَّضت للتحنيط الطبيعي، الجُثّة كانت متّخذة وضع الجنين رأساً على عقب . وكانت أيضاً محشورة بطريقة ما في منتصف تلك المدخنة . قطع الخوف جوف كل الموجودين وطبعاً الخطوة الأولى المتاحة في موقف كهذا هو الإتّصال بالشرطة . وفيما بعد، أكّدت تقارير تحليل الحمض النووي وسجلات طب الأسنان، أن الجُثَّة تعود لجوشو مادوكس . وهو شاب فُقد في 8 مايو عام 2008

لكن ماذا حدث لجوش؟ . تبدأ إثارة الجدل من هُنا ..

إقرأ أيضاً : حانة كينجز المسكونة: ما حكاية الجثة في المدخنة؟

البحث عن جوش مادوكس عقب اختفاءه .

بحلول 15 مايو وعلى مدار عدّة أشهر لاحقة، كانت السلطات مصحوبة بعائلة جوش وأصدقاءه يحرثون وودبلانك ذهاباً و إياباً بحثاً عنه، لكن بدون أيِّ نتيجة تذكر .كانت العائلة تأملُ على قِلّة الأمل وتضائله، في أنَّ ابنهم قرر ترك المدينة لعيش حياة جديدة اختارها لنفسه .

” بالتفكير أنَّ جوش يبلغ من العمر 18 عاماً ، يمكنني أن افترض أنه ربما قرر مغادرة المدينة لبدء حياة جديدة . ربما كوني شقيقته الأقرب إليه، سأقول أنَّ جوش سيعود إلينا يوماً . حينها سيكون قد تزوّج و أنجب أطفالاً، وجاء بهم ليتمكّنوا من مقابلة أجدادهم . وبما أنَّ أخي عازف بارع، سأقول بأنه سينتسب إلى إحدى الفرق الموسيقية المغمورة ، أو سيكتب الروايات تحت اسم مستعار . أعرف أخي جيداً ، إنه يعشق التأمُّل و الهدوء .
وهذه حياته التي اختارها، بالتأكيد سيعود إلينا يوماً ما .

كيت مادوكس
blank
الموقد و المدخنة المتّصلة به ، حيث يظهر جزء من أعمال الهدم عليه

في تلك الأثناء لم يكن لدى الشرطة أيُّ سبب للإشتباه بأي مصير سيء قد ينتهي جوش إليه ، ولا حتى دليل صغير يستطيعون من خلاله معرفة أن جوش سيكون بعد سبع سنوات عبارة عن جُثّة محنّطة محشورة في مدخنة منزل مهجور . لذلك قُيّد على أنه شخص مفقود وعلى هذا أُغلق محضر اختفاءه .

التحقيقات : كيف وصل جوش مادوكس إلى المدخنة !

بالنسبة لعائلة مادوكس، كان خبر اكتشاف جُثّة جوش بعد كل تلك السنوات التي تعايشوا فيها مع غيابه، بمثابة صدمة بالغة . حيث تمحورت مأساتهم عن النهاية التعيسة التي حلّت بابنهم . بطبيعة الحال، لم يكن لدى أيُّ منهم تفسير لما حدث، سوى أنَّ جوش قرر أن يتفقّد ذلك المكان المهجور وانتهى به المطاف عالقاً في المدخنة .

تفسير بسيط فيه من المنطق ما قد يكون معقولاً، إذا ما علمنا أنَّ المنزل المهجور الذي وجدت فيه جثّة جوش كان على بعد ميل ونصف الميل من منزل العائلة . وأنَّ ما كان يفصل بينهما هو كتلتين سكنيّتين فقط .
ونظراً لأن المنزل كان قابعاً في وسط قطعة أرضٍ كبيرة ، محاطة بأشجار الصنوبر العالية، وعلى بعد حوالي 50 قدماً من الطريق، افترضت الشرطة أنه بدون وجود منازل مجاورة لن يتمكن أحدٌ من سماع صرخات الشاب العالق .

إقرأ أيضاً :متلازمة بيتر بان: حينما يبقى الرجل عالقا بالطفولة

وربما ارتكبت الشرطة و العائلة خطاءاً كبيراً بعدم تفقُّدهم للمنزل أثناء حملة البحث التي امتدت لشهور . وقد عزوا ذلك لكون المنطقة هناك خالية تقريباً من الحياة واستبعدوا تماماً أن جوش قد يكون اتّجه إليها . وفي المرّات النادرة جداً التي كان يأتي فيها تشاك مورفي مالك المنزل نفسه، لم يكن ليلاحظ أي شيء غير طبيعي .

تناقضات في تقرير الطبيب الشرعي..

أجرى الطبيب الشرعي في مقاطعة تيلر، تشريحاً للجثة، وكانت خلاصة النتائج تفيد بعدم العثور على أي دليل لوجود أدوية في بقايا أنسجة جوش . إضافة إلى عدم وجود أيُّ عظامٍ مكسورة . ولا حتى علامات طعن بأداة حادّة . ولم يظهر في التشريح أيّة ثقوب تدلُّ على اختراق الرصاص لجسده . إضافة لذلك، فقد تكهّن التقرير بأنَّ موت جوش لم يكن فوريّاً ، فإذا كان قد علق في تلك المدخنة لأيّام فلا بد أنَّ سبب الوفاة هو انخفاض حرارة الجسم، حيث انخفضت درجة الحرارة في وقت قريب من اختفائه بين 8 و 10 مايو 2008 ، إلى 20 درجة ووصلت إلى (-6.7 درجة مئوية).

أياً يكن ، فقد أثار البند الأخير الذي يتحدّث عن سبب الوفاة في تقرير الطبيب الشرعي جدلاً واسعاً . جدل استند إلى حقائق واضحة لا تقبل الشك . ولم تكن تلك الحقائق بعيدة عن كونها أدلّة ملموسة كانت في مسرح اكتشاف الجُثّة .

blank
المدخنة من الأعلى .. لا يبدوا المكان الانسب للموت

في 28 سبتمبر 2015 ، تم الإعلان عن سبب وفاة جوش والذي تم وصفه بـ ‘ الوفاة العرضيّة ‘ ، وشرح تقرير جانبي القرار استناداً على وضعية الشاب داخل المدخنة والتي لا يمكن أن تتشكّل إلا إذا ما قرر شخص ما النزول عبرها إلى داخل ذلك المنزل .

التقرير النهائي كان مؤلماً ومحزناً بالنسبة لسُكّان وودبلانك بشكل عام، وبالنسبة لأي شخص قد سمع آنذاك بالقصّة والخبر . لكنّه لم يكن مقنعاً أبداً بالنسبة للأقارب و الناس المحيطين بجوش، حتى الشُّرطة نفسها لم تكن مقتنعة به .

تساؤلات بدون إجابات ..

جاء المسمار الأوّل في نعش نظرية “الوفاة العرضيّة” ، على لسان صاحب المنزل ‘ تشاك مورفي ‘ . قال تشاك أنَّ المدخنة كانت قد زودت بشبكة معدنيّة معلّقة بخطّافات فولاذية، لمنع الحيوانات والحطام من الاستقرار داخل المدخنة أو من دخول مقصورة المنزل نفسها .

“لقد كانت شبكة معدنية ثقيلة ، قمت بتثبيتها عبر المدخنة على بعد صف واحد من الطوب من الأعلى.
لم نكن نريد مشاكل مع حيوانات الراكون والأشياء التي قد تدخل المدخنة ” .

تشاك مورفي

لكن أين هي تلك الشبكة ! .

افترضت الجهات المسؤولة أن شبكة الحماية تعرّضت خلال وجودها لأعوام طويلة لعمليّات مستمرة من الاهتراء و التآكل . وبافتراض أنّها تآكلت وسقطت فقد تعذّر الوصول إليها أو الوصول لبقاياها . فقبل وأثناء عمليّة الهدم، تم جمع كل ما يمكن أن يكون معدناً ونُقل إلى مركز إعادة التصنيع. بطبيعة الحال، أحدٌ لن يهتم للتركيز فيما يجمع من بين أكوام الخردة التي كانت هناك . فمن يدري بوجود جثة عالقة في المدخنة بينهم !

إقرأ أيضاً : ناتاشا كامبوش .. الطفولة المغتصبة

دعونا ننسى أمر تلك الشبكة المعدنية ولنفترض على سبيل الجدل فقط أنّها تآكلت وسقطت بالفعل، ولنقل أنها أُخذت إلى مركز إعادة التدوير دون الانتباه لها .
في الحقيقة ليست شبكة الحماية وحدها ما أثارت الشك و الريبة في نجاعة التقرير بتحديد سبب الوفاة الصحيح، بل هناك أمرٌ آخر لم يكن أقلَّ شأناً و أهميّة عن ذلك الأوّل .

يتسائل أحدهم ويقول : لماذا قد يتم انتزاع أحد الرفوف من جدران المنزل، لسدِّ فوهة الموقد المتصل بالمدخنة ! ، ما الغاية من هذا إن كان الفاعل يعلم بوجود شبكة معدنيّة تمنع دخول أي شيء غير مرغوب عبرها ؟. طبعاً هذا التساؤل يقودنا إلى واحدٍ جديد آخر :
هل كان الفاعل على علم بعدم وجود الشبكة المعدنيّة ليسدَّ الموقد بذلك الرف ؟.
بالنسبة لتشاك مورفي وعند سؤاله عن الأمر، لم يستطع تقديم ادنى تفسير ، وقال أن ليس لديه اي سبب لفعل شيء كهذا ولم يرَ أو ينتبه للرف في أي مرة من المرّات النادرة جداً التي كان يزور فيها المنزل بعد هجره .

دعونا أيضاً نتجاهل موضوع الشبكة المعدنيّة والرف ولنقل أنَّ عفريتاً يقطن في ذلك المنزل وأحبَّ تغيير شيء من ‘ الديكور ‘ فيه . فقام بانتزاع الرّف و سدِّ فتحة الموقد به . لكن ماذا عن الجُثة نفسها !

جُثّة جوش تقول لا !

blank
انتحر أخيه بعد أن أصابه إكتئاب حاد

تم العثور على جثة جوش مرتدية قميصاً داخليّا فقط . أمّا حذاءه وجواربة وبنطاله وحتى قميصة الخارجي، كانت مطوية بشكل أنيق ومرتّب وموضوعة على طرف الموقد ! .
بالعودة إلى أنَّ سبب الوفاة عبارة عن قضاء وقدر وأنّه حادث عرضي، فستكون الأحداث قبل أن يعلق جوش مادوكس في المدخنة ويموت فيها كالآتي :

  • -لسبب ما وبدل من أن يتّجة الشاب جوش في نزهته تلك إلى إحدى حدائق وودبلانك كما هو معتاد، قام بتغيير طريقه نحو أحراش القرية وتحديداً ليقصد منزلاً مهجوراً منذ عقد من الزمن .
  • قام جوش بعدها بالدخول إلى المنزل ومن ثم خلع ملابسه إلا القميص الدّاخلي في ظل ذلك الطقس شديد البرودة .
  • وخرج مجدداً ليصعد عبر السلّم إلى السطح . وذلك ليدخل مرّة أخرى إلى داخل المنزل عبر المدخنة . ومن ثم يعلق فيها لعدّة أيام قبل أن ينتهي به الأمر مفارقاً للحياة ! .

مجدداً دعونا نفترض أنَّ سيناريو أحلام العصر ذلك صحيحاً . وأن جوش أحبَّ القيام بتلك المغامرة الحمقاء و المجنونة ، فلماذا يدخل المدخنة برأسه بدل قدميه ؟ . وكيف هي الوضعية التي دخل بها ليستقر في منتصف المدخنة بوضعيّة الجنين ! . أسئلة ليس لها إجابات .

إقرأ أيضاً :لغز مقتل الداليا السوداء .. إليزابيث شورت

نظريات حول موت جوش مادوكس .

أثناء التحقيقات وما بعدها، تلقت الشرطة عدة بلاغات مجهولة المصدر تحدّثت عن أسماءٍ لبعض الأشخاص الذين اعترفوا علانية بقتلهم للشاب جوش .
وطبعاً لم يكن الاخذ بتلك المكالمات على محمل الجد أمراً سهلاً . فقد جرت العادة عند كلِّ قضيّة مثيرة الجدل، أن يتسابق مئات الحمقى من محبي الظهور و الشهرة ليعلنوا مسؤوليتهم عن القضيّة، أو ليتحمّلوا جزءاً منها . وطبعاً هناك العابثين الذين يتّهمون أشخاص آخرين لسبب أنهم يريدون عمل مقلب سخيف ! .
ورغم ذلك لم يكن هناك من مانع للوقوف عند بعض الأسماء و البحث عنها

آندرو ريتشارد نيومن : هل هو قاتل جوش مادوكس ؟

أحد اولئك الذين تم الوقوف عندهم، يدعى آندرو ريتشارد نيومن وهو الآن سجين يقضي محكوميّته في أحد سجون تكساس، سجلُّ آندرو الإجرامي الحافل بالعقد النفسية و النزوات المريضة، جعل له باعاً طويلاً مع الجرائم وخاصّة العنيفة منها . كانت إحدى المعلومات التي جائت إلى مركز الشرطة أنَّ جوش شوهد مع آندرو في يوم اختفاءه .
معلومة جافّة بدون تفاصيل أُخرى، تجعل من تقصّيها والبحث عنها مهمّة أشبه بالمستحيلة، على الأقل بعد مرور حوالي السبع سنوات عليها .

blank
آندرو نيمان .. هل من الممكن أنّه القاتل !

” في المدرسة الثانوية كنتُ قد قابلتُ شخصاً نحيلاً ذو رأسٍ ذهبي ومولعٌ بالموسيقى والكتابة، لقد كنت أعزف أيضاً على الجيتار، ولهذا أصبحنا نتقابل كثيراً في فرقة المدرسة . لقد أمضينا الثانوية بدون أن نكون صداقة فعليّة . ولكن بعد عام أو نحو ذلك من تخرجي، أصبح أحد أصدقائي المقربين، أصبحنا نتسكّع دائماً ونقضي أوقاتاً جيّدة . لكنّه اختفى فجأة كأنّه تبخر . هذا مؤسف، كان من المفترض أن نسافر سويّة إلى نيو مكسيكو . “

منشور لآندرو على موقع Reddit

الكلمات السابقة وجدت على حساب آندرو في موقع ريديت ( Reddit ) الشهير، ورغم أنّه لم يذكر اسم جوش صراحة ، إلا أن تاريخ النشر يعود إلى ما بعد اختفاء جوش ببضعة أيّام تقريباً .

المثير للإهتمام أنَّ آندرو ارتاد الثانويّة ذاتها التي كان جوش يرتادها . وأيضاً كان قد سافر إلى نيو مكسيكو بالفعل بعد مدة، ليبدأ نشاطه الإجراميَّ من هناك، حيث قتل رجلاً معاقاً ومرافقه، وادّعى متفاخراً انه قتل امرأة وحشرها في برميل في مكان آخر ! .

إقرأ أيضاً : حزام الصمت : الصحراء الاكثر غموضا على الارض

بالطبع كلامه عن المرأة لم يكن جزافاً . إذ أنَّ الشرطة وجدت سيّدة مقتولة ومحشورة في برميل بالفعل، لكنَّ التحقيقات وبطريقة ما، خلصت لوجود فاعل آخر مسؤول عن جريمة القتل تلك . ولهذا تمَّ تهميش كلام آندرو وإسقاط التُهمة عنه . الحديث لم ينتهي، فبعض المقرّبين من آندرو سمعوا منه قبل سفره إلى نيو مكسيكو أنّه وضع شخصاً طويلاً نحيلاً وذو رأس ذهبي في حفرة مريحة . بكل الأحوال فقد فنّدت التحرّيات تلك الإدّعاءات . وقالت أن وضع جوش بتلك الطريقة في مدخنة يتطلّبُ على الأقل شخصين ذو بُنية قويّة ليتمكّنوا منه . وهذا ما يتعذّر على آندرو القيام به بمفرده .

الغريب في الأمر أنَّ التحقيقات توقّفت عند هذا الحد، ولم يتم استدعاء آندرو أو حتى سؤاله والتحقيق معه في قضيّة جوش . وبهذا تم صرف النظر عن أكثر المشتبهين بهم إثارة للجدل في قضيّة الصبي في المدخنة .

نظريّات سريعة ..

لنفكّر سويّة، بالنسبة لعائلة بسيطة وسعيدة ما الأمر الذي قد يجعل شقيق جوش الأكبر يقع بذلك الإكتئاب الحاد ! . خاصّة أن زاكاري كان قد تخرّج من الثانوية بمعدّل جيد وكل المؤشرات كانت تقول أنَّ ابن عائلة مادوكس الأكبر سيكون له مستقبل باهر ! .
تقول النظريّة أنَّه ورغم مواهب جوش المتعددة إلا أنّه كان دائم الاصطدام بالحديث عن أخيه في فترات تجمُّع العائلة أو الأصدقاء . ولن نذهب لبعيدٍ لو فكّرنا أنّ جوش كان السبب بطريقة أو بأخرى في دخول شقيقه الأكبر لتلك الحالة من الإكتئاب .
مايك والد جوش لم يُخفي تعرّض ابنه في الفترة التي سبقت اختفاءه، لعدّة كوابيس بين حين وآخر . وأنَّ تلك الكوابيس كانت تتمحور حول زاكاري شقيق جوش . فهل عاد شبح شقيقه الأكبر لينتقم منه ! ، أم أن جوش نفسه أراد دفع ثمن ما اقترفت يداه . هذا إن افترضنا أنَّ النظريّة صحيحة من الأساس .

blank
مات ومات سرّه معه..

هناك تخمين آخر يقول أنَّ جوش مادوكس كان في ذلك اليوم قد خرج من منزله في موعد غرامي مع شخص ما . صراحة وبالتفكير في سنّه وأنَّ موعده ذلك قد يكون الموعد الأوَّل له . فسنجد أنّه من الطبيعي أن يلجأ إلى مكان كذلك المنزل المهجور . خاصّة إن كانت هناك خطة مسبقة لممارسة علاقة حميمية مع من يريد لقاءه . قد يفسِّر هذا الافتراض نوعاً ما، وجود ملابسه بجانب الموقد . لكن هل يوجد موعدٌ غرامي يتطلب الوجود بتلك الطريقة في المدخنة ! . أو لنقل كيف انتهى ذلك الموعد الغرامي بوجود جوش في المدخنة !

أسئلة تتلوها أسئلة، وتبقى جميع هذه الأسئلة بدون إجابات لتطوى صفحة قضيّة موت الشاب جوش مادوكس، أو كما اشتهرت : قضيّة الصبي في المدخنة .

ملاحظة : جميع حقوق المقال محفوظة لموقع كابوس . لا يحق لأي شخص كان النقل الحرفي أو المرئي للمقال المنشور دون إذن مكتوب من إدارة الموقع . وتترتب المسائلة القانونية المنصوص عليها على كل مخالف للتنبيه المذكور .

المصدر
dailymaildenverpostdarkhistoriesmediumredditarchive

جمال

مهندس نظم قدرة كهربائية وكاتب ومعلق صوتي - للتواصل عبر البريد الالكتروني : [email protected] عبر تلغرام ؛ https://t.me/Jamsyr ايضاً من خلال صفحتي على فيسبوك أو انستغرام ادناه :
guest
103 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى