أدب الرعب والعام

حب مغلف بالدماء – الجزء الأول

بقلم : اية – سوريا

لكلٍ منا ما يختبأ منه و يهرب منه ، لكن المواجهة محتومة
لكلٍ منا ما يختبأ منه و يهرب منه ، لكن المواجهة محتومة

لكلٍ منا ذكريات ، ذكريات جميلة و قبيحة ، قد تكون مؤلمةً و قد تكون بلسماً لآلامِ الحاضر، ذكريات الطفولةِ التي تبعث الحزن في النفوس لضياع تلك البراءة العفوية نتيجة أنياب الحياة القاسية التي تفترس فريستها كأسد لم يأكل منذ شهور عدة بدون رحمة أو شفقة ، ذكريات المراهقة و الشباب التي تجعلك تشعر بالاستياء تارة و بالمرح تارة أخرى ، ذكرى تجعلك تشعر بأنك تحلق بالسماء ، و أخرى تجعلك تهوي أرضاً. الذكريات… معجزة بشرية…

 

الفصل الأول:

– مواجهة محتومة –

” لكلٍ منا ما يختبأ منه و يهرب منه ، لكن المواجهة محتومة “.

25/12/2008

استيقظتْ و شعرتْ بلفحةِ هواء باردة تضرب وجهها ، استنتجت بأنها نسيت أغلاق النافذة قبل نومها ، فتحت عينيها بتثاقل وهي ترتعش تحت الغطاء السميك لسريرها ، شعرت للوهلة الأولى بأنها ليست من هذا العالم بتأثير الدواء المنوم المجبرة على أخذه لتستطيع الخلود للنوم ، بدأت باستعادة أدراكها تدريجياً ، رفعت رأسها ونظرت للغرفة بتفحص كأنها تراها للمرة الأولى ، بالرغم من بأنها قضت عمراً طويلاً في هذه الشقة ، حتى لمحت صورة لثلاثة أشخاص سعداء معلقة على الجدار ، تنهدت لأنها تذكرت من هي ، و ما هو ماضيها الذي تحاول الهروب منه ، توجب عليها النهوض طاردة أفكارها و ذكرياتها.

– الأحلام تحتاج إلى عمل ، قالت مخاطبة نفسها بهمسٍ.

 نهضت بمللٍ و اتجهت نحو حمام غرفتها لتأخذ حماماً سريعاً قبل انطلاقها ، لم تمضي ساعة و كانت تغلق باب الحمام ، هذا رقم قياسي بالنسبة لها ! ارتدت أولَّ ما وقعت عليه عينيها ، كنزة صوفية تناسب هذا الجو قارص البرودة ، مخططةً بالأسود والرمادي مع ياقة بيضاء ، التقطت بنطال الجينز من درجها السفلي ، وعقصت شعرها الأشقر بسرعة بمشبك أسود ، بانت تلك الندبة في أعلى رأسها ، أغمضت عينها بألمٍ وغصة بقلبها ، كم تحمل هذه الندبة ذكريات أليمة حقيرة تحاول الهروب منها !

أنزلت عدة خصل من شعرها لتخفيها ، هذا أفضل ، تمتمت بخفوت ، لم تضع أي مستحضرات تجميل ، أنها شرطية ، و ليس وقت التزيّنِ حالياً ، القت نظرة أخيرة على المرآة ، رغم جمال عيناها و وجهها ، لكن هناك سر ، هناك خذلان و عتاب وألم داخل عينيها ، حاولت تفادي النظر فيهما ككل صباح ، فهما تجعلانها تتألم كثيراً، تتذكر ما لا تريد تذكره ، ما تحاول محيه منذ سنوات عدة ، خرجت من غرفتها بعد انتعالها حذائها قاتم السواد ذا الساق الطويلة إلى الركبة ، فالجو الثلجي يحتاج لأحذية كهذه، التقطت عن الطاولة الموجدة قرب الباب مفتاح سيارتها وحقيبة ظهرها، التقطت معطفها الأسود عن علّاقة الملابس الموضوعة قرب الباب .

– أصبحتُ مستعدة الآن.

تمتمت لنفسها ، همت بإغلاق باب منزلها الخارجي ، التفتت للخلف ، ما هذه السيارة ؟ أنها تراها للمرة الأولى في الحي هنا ، لم تعرها اهتماماً ، قد يكن سائحاً أو ما شابه ، ليس كل ما تفكر به صحيحاً في النهاية.

 ركبت سيارتها من نوع ميني كوبر حمراء، و وضعت حزام الأمان، و أدارت المحرك و قادت بسريعة محاولة الوصول قبل بدء ذروة خنقة السير ، لكن الأوان كان قد فات فزحمة السير خانقة ، أنهم في فترة أعياد نهاية السنة ، حاولت التفكير في إيجابية ، لا مشكلة بالأمر، مفوضية الشرطة تقع في منتصف الغابة ، كل ما عليها هو القيادة نحو ثماني مئة متر و ستصبح حركة السير معدومة ، فكرتْ ضاحكة ، هل هناك أحد يقيم مفوضية شرطة في منتصف غابة ؟ إنها لمنع حوادث الخطف و القتل ، و هي بعيدة كل البعد عن مركز المدينة ! فبالطبع ستتأخر حتماً لحل القضايا ، هذا غباء، أدارت المسجل متوقعة سماع أغنية تحسن بها مزجاها ، لكن ظنها كالعادة خاب ، أنها نشرة الأخبار الصباحية ، أطفأتها بسرعة ، مشاكلها و مشاكل الشرطة تكفيها ، لا تريد مشاكل عالمية أيضاً.

نظرت إلى السماء ، أنها غائمة ، تنذر بأمطار قريبة ، تنهدت بعمق وقالت :

– أنها غائمة ، مثلي .. مثلي أنا ، هل الطبيعة تشعر بنا فتعكس انفعالاتنا ومشاعرنا ، هل لديها هذا الإحساس القوي بنا ؟.

أكملت سيرها و هي تحاول إشغال ذهنها شيء آخر ، منذ خمس سنوات و هي تحاول التناسي ، و لم تستطع ، أنها ذكرى محفورة برأسها  كأنها شجرة غرست  و تأبى جذورها أن تُقلع ، كأنها تريد تعذيبها فوق عذابها و ألمها ، فوق بكائها ، فوق حرقة قلبها وغليانه ، قلبها البريء الذي أصبح بين ليلة و ضحاها حالك السواد يأبى الانتقام ، غمغمت وهي تشد على أسنانها ( فل تحل عليك اللعنة كما جعلتها تحل علي ، أعدك ، أعدك أنني لو رأيتك يوماً ما ، فتأكد ، بل كن واثقاً بأنني سأطلق عليك النار بدون أي شفقة أو رحمة ، كما أطلقت النار على قلبي…) ، نظرت خلفها بواسطة المرايا العاكسة ، أنها السيارة ذاتها ، كأنها تتبعها ، حاولت التقاط رقمها في حال حدوث مباغتة ، ليس لديها لوحة أرقام ! هذا يدل بأنها مُطاردة حالياً ، عليها توخي الحذر ، اجتازت زحمة المرور و أصبحت على أطراف مدينة.

(  Moon face ) لم يتقبى سوى مسافة قليلة و ستصل لمقر عملها ، أصبح الطريق خالٍ تماماً من أي سيارة أو منزل أو انسان ، هذه الأجواء التي تحبها ، لكنها ليست مناسبة لما تمر به في هذه اللحظة ، نظرت خلفها بقلق ، لما تتبعها هذه السيارة ؟ و كحدسها كشرطية شعرت بالخطر أمامها ، أنها ذات السيارة التي لمحتها عند قليل عند الإشارة المرورية و أمام بيتها ، هذا بالطبع ليس مصادفة ، شردت لدقيقة لتفكر بما ستفعل ،

لكنها لم تشعر إلا بسيارة الـ(GTO تقوم بتجاوزها و تقف أمامها بحيث أجبرتها عن أن تتوقف ، (اللعنة!) قالت في نفسها ، تنفست بصعوبة ، من الجيد بأنها تضع حزام الأمان لكانت أُصيبت بضرر محتم لولا ذلك ، التقطت سلاح خدمتها من أسفل المقعد التي تجلس عليه و نزلت و الغضب يكسو وجهها ، اقتربت من السيارة بحرص ، و خلال رمشة عين أربعة رجال متسلحين بأسلحة حربية قد اصبحوا أمامها ، غمغمت بغضبٍ يكسو وجهها (من المستحيل أن استسلم بسهولة ، كل ما علي هو إخافتهم فقط ، أنت شرطية و ستجيدين فعل ذلك).

– قالت بغضب و صوت عالٍ : إياكم أن تتحركوا ، أقسم بأنني سأطلق النار.

لم تحصل على رد ، بل دخل كلامها من أذن و خرج من الأخرى ، لم تشعر بهم سوى يقتربون منها تدريجياً ، أغمضت عينيها و اطلقت النار بعشوائية عليهم ، أصابت أحدهم فصرخ بالبقية بألم بأن يطلقوا عليها ، لم تشعر سوى بطلقة تخترق قدمها اليمنى مما جعلها تترنح في مكانها حتى سقطت أرضاً ، عاودت الوقوف لكنها بُغتتْ بمنديل ورقي على فمها ، أصبحت خائرة القوة ، أغمضت عينيها بسبب رائحة المنوم ، على ما يبدو بأن هذا اليوم ليس يوم حظها.

فتحت عينيها بصعوبة ، حاولت التحرك ، شعرت بوخز قاتل في يديها و قدميها ، نظرت إليهما ، هي مقيدة ، بل مقيدة بقدميها و يديها ، و قيد قدميها مشدود للحائط ، قيود صدئة ، أغبياء ، لم يضعوا كمامة على فمها ليمنعوها من الصراخ ، نظرت لقدمها اليمنى ، لم تعد تنزف ، هل قاموا بالإسعافات الأولية ؟ من هم؟ يا لهم من لطفاء ، يطلقون النار عليها ثم يضمدون الجرح ! لم ترى أياً منهم في حياتها ، ما الذي يريدونها منها ؟ بدأت بتفحص المكان بعينيها ، غرفة ضيقة لا تتجاوز مساحتها العشرة الأمتار ، هناك مغسلة تبدو قذرة و بجانبها مرحاض أكثر قذارة ، يوجد أريكة و تلفاز موضوع فوق طاولة منخفضة ، و يوجد على الطاولة زجاجات شراب و سكين ، قالت بسخرية لاذعة:

– يوجد أريكة و وضعتموني على الأرض ، ألا تخجلون من أنفسكم ؟.

– قال الرجل الذي كان معها بالغرفة ببرود: أنها أوامر الرئيس ، لا شأن لنا.

– قالت بسخرية ممزوجة بالغضب : فلتذهب أنت و رئيسك للجحيم ، ليكن رجلاً و يفك وثاقي و يقاتلني.

– قال ببرود: لقد منعني الرئيس من إيذاءك ، لولا ذلك كوني واثقة بأنك ستصحبين في عداد الموتى أيتها الهرة المشاكسة.

– قالت بسخرية: لما ؟ هل أزعج حضرتك ؟.

– قال ببرود وهو يلتقط شريطاً لاصقاً من على الطاولة : على ما يبدو بأن اللطف أسلوب خاطئٌ بالتعامل مع أمثالك.

اقترب منها وانحنى حتى أصبح بمستواها ، قطع جزءاً من الشريط اللاصق و وضعه على فمها، أضاف بسخرية وقال:

– جادليني الآن أيتها الحقيرة

أغمضت عينيها وقالت محدثة نفسها:

– علي فعل شيءٍ ما ، علي تحرير نفسي ، من المستحيل أن أسمح لأحدهم بأن يلمس شعرة مني، هناك رجل واحد يحرسني ، وقد كانوا أربعة ، بالطبع هم يتناوبون ، من الجيد بأنني شرطية ، لدي خبرة كافية للتعامل مع الأمر، لكن السؤال الأهم، من هو رئيسه ، هل هو عدو لي ، هل هو أحد المتهمين الذين أوقعت بهم وعاد لينتقم مني؟ فليظهر بسرعة ، لدي فضول لأقابله ، لكن على ما يبدو بأنه يريد مني أمراً ما حتى طلب عدم إيذائي ،

لو كان عكس ذلك ، لكنت حتى الآن جثة هامدة بلا حراك ، و بالطبع هو من طلب منهم تضميد قدمي )  فكرت قليلاً ، لديها خطة ، خطة قد لا تنجح أبداً لكنها ستخاطر ، بالأصل اعتادت على المخاطرة دائماً ، أغمضت عينيها ، كان الوقت يمر ببطء ، بعد نصف ساعة قدرتها في ذهنها ، التفت الرجل لها و رآها مغمضة لعينيها ، فكر قليلاً ، بالطبع أنها نائمة ، فهي لم تفتح عينيها منذ نصف ساعة ، نهض و اتجه نحو الباب ، ألقى نظرة أخرى و فتح الباب و خرج منه ثم أغلقه.

خاطبت نفسها بفرح: لقد خرج ، استغلي الفرصة لاريسا.

انتظرت لخمس دقائق قدرتها بذهنها حتى يبتعد ، لأن ما ستفعله سيحدث ضجة ، ثم بدأت تحاول فك يديها ، كانت تتحرك للأمام والخلف بسرعة وقوة محاولة قطع تلك السلسة المعدنية الصدئة الموصلة بالجدار المليء بالعفن ، نزفت قدمها بعض الدماء ، لكنها لم تعر الأمر اهتماماً ، أعادت المحاولة ، كانت تعض على شفتيها ، هذا مؤلم ، عند المرة العاشرة كانت قد تحررت ، عليها فك قيد قدمها الآن ، ما زالت يداها مقيدتان ببعضها البعض و قدماها كذلك ، بعد تفكير سريع ، ضمت يديها و رفعتهما للأعلى ، حررت شعرها من المشبك وقربت يديها نحو قدميها بصعوبة ، بدأت تحاول فك القيد ، لقد تعلمت ذلك بالشرطة ، لقد نجح الأمر ، وقفت و هي تتنفس بصعوبة ، بقي عليها فك يديها ، رفعت يديها إلى فمها و أمسكت المشبك بأسنانها، و بدأت تفتح القفل : رائع لاريسا ،  لقد نجحت! لكن حظها عاثر، لم تفرح حتى ، لقد فُتح الباب ، أنه أحد الرجال الذي رأتهم سابقاً ، صرخ بها بغضب:

– أيتها اللعينة ، أتحاولين الهرب ؟.

تقدم نحوها بغضب ، و تراجعت للخف كرد فعل ، وجه لكمة لها على بطنها ، ألمها ذلك ، انحنت على بطنها وأمسكته بيدها ، رفعت رأسها و ردت له الضربة على وجهه ، استدار للحظة بسبب اللكمة ، وجهت آنذاك له عدة لكمات في أماكن متفرقة من جسده ، سقط أرضاً ، نظرت حولها ، باحثة عن شيء تحمي به نفسها ، هناك سكين على الطاولة لمحتها منذ قليل ، اتجهت بسرعة إلى هناك والتقطتها بحركة خاطفة ، عادت مرة أخرى إلى المكان الذي وقع به الرجل و طعنته بها في بطنه عدة طعنات ، قالت مبتسمة : للاحتياط لا أكثر يا صاح ،  فُتح الباب مرة أخرى و ظهر في وجهها ثلاثة رجال ضخام و الغضب يكسو وجوههم ، بلعت ريقها بتوتر، أمرأة معها سكين بمواجهة ثلاثة رجال ،

تنفست بهدوء و تقدموا نحوها ، أشهرت السكين في وجوهم ، لكنها لم تنفع معم  وتابعوا التقدم ، تصببت عرقاً ، قالت بخوف : سأموت لا محالة ، تقدم أحدهم نحوها و لكمها على وجهها ، وقعت أرضاً ، أنه قوي ، وقفت متألمة والدماء تنزف من فمها بسبب اللكمة ، و وجهت له طعنةً في خاصرته ، سحبت السكين منه ، صرخ متألماً، نظرت للرجلان الآخرين بغضب ، تراجعوا للخلف ، حتى ظهر خيال رجل آخر عند الباب ، شعرت لاريسا بأنه تعرفه ، بقيت حاملة للسكين بيدها الملطخة بالدماء ، قال الرجل بغضب و لم يظهر منه شيء سوى خياله:

– أهكذا طلبت منكم معاملة ضيفتنا ؟  لقد أذيتموها حرفياً ، لم أطلب منكم ذلك أيها الحمقى.

– قال أحد الرجال : نعتذر سيدي ، لكنها طعنت يوري و داني ، توجب علينا الدفاع عن أنفسنا.

– أقترب نحو الغرفة و قال ساخراً: ما زلت شرسة كما عهدتك لاري

– قالت بصدمة جعلت السكين تقع من يدها: أنت !.

ترقرقت الدموع في عينيها : أنه هو ، من دمر حياتها ، من أخذ فرحة روحها ، نظرت إليه ، قالت بصعوبة و غضب:

– لما عدت ،! ما الذي تريده مني ؟.

– قال بابتسامة : أعتذر عما سببه رجالي لكِ لاري ، لكن ، هل أصبحت ترحبين بالضيوف هكذا ؟.

– قالت بغضب وصراخ: فلتذهب للجحيم ، لقد أقسمت و قطعت مئات الوعود بأنني عندما أراك سأقتلك .

– قال بابتسامة باردة : تقدمي و اقتليني إذاً ؟.

انحنت إلى الأرض والتقطت السكين التي تقطر منها الدماء ، تقدمت نحوه و نظرت إلى عينيه ، تابعت تقدمها حتى أصبح ظهره يستند للحائط ، لا تفصل بينهما سوى إنشات قليلة ، وجهت السكين بكل قوة إلى قلبه ، أرادت قتله لكنه أمسك يدها و قال وهو ينظر إلى عينيها بحدة:

– ما زلت تحتاجيني.

– قالت بصراخ والدموع تنهمر على كلا خديها كاللؤلؤ: دعني أقتلك و ارتاح منك ، لقد نكدت علي عيشي.

– قال بألمٍ : أين ذلك الحب الذي كان في عينيك عندما كنت تنظرين إلي؟.

– لم يكن حباً ، لأن الحب لا يؤلم ، لقد سبب لي جراحاً كثيرة ، لكني شُفيت منها ، لم يعد فراقك يؤلمني كما في السابق ، أصبح لدي السبب لأكرهك و أرغب بالانتقام منك.

– قال ليدافع عن نفسه : كل ما هو جميل يؤلم ! فقط أخبريني ما الذي فعلته لكِ ؟.

– قالت ببكاء و صراخ : فلتصمت ، بسببك خسرت أغلى ما أملك.

– لم تكن غالية عليك لوحدك ، كانت غالية بالنسبة لي أنا أيضاً.

– لا أريد سماع صوتك أيها اللعين ، لا تفتح جروح الماضي.

– قال برجاء : فل تسمحي لي بأن أوضح الأمور لاري.

– صفعته و قالت : لا تلوث اسمي بلسانك القذر ، الأمر كان سراً لوقت طويل، لا أريد منك توضيحاً.

وضع يده بتألم في مكان صفعتها ، قال ببرود ليحفظ المتبقي من كرامته التي مُسحت بها الأرض: ستبقين هنا حتى تسمحين لي بتوضيح الأمر.

دفعها للوراء بقوة مما جعلها تسقط أرضاً ، خرج هو و رجاله من الغرفة ، اقفل الباب ، تركها لوحدها ، بدأت تجهش بالبكاء وتصرخ، نهضت و كسرت كل ما حولها ، لم يكن هناك سوى التلفاز، لكن ذلك ساعدها للتنفيس عن غضبها ، شعرت بكل شيء يضيق أنفاسها ، امتزجت دموعها و دمائها و ذكريتها و كل شيء ، لم يعد هناك شيء واضح ، لم تحتمل رؤيته ، كان من دمر حياتها و حياة أبنتها.

الفصل الثاني:

– ذكرى مؤلمة –

– ما اعتقدناه يوماً بأنه الحب ، قد يتحول في ليلة و ضحاها إلى كره و حقد –

جلست على الأرض تضم قدميها و تنظر إلى اللاشيء ، لقد توقعت كل شيء إلا أن تلتقي بـ (ايثان) مرة أخرى ، كان يوماً ما سندها وحب حياتها ، لم تكن تستطيع التنفس بدون أن تكون بجانبه ، كان الأوكسجين خاصتها ، لكن لا شيء يدوم ، فقد انقلبت الموازين ! أصبح هاجسها ، أصبح قاتل أحلامها ، قاتل فرحتها ، أصبح مجرماً بحقها ، تجسدت صورة (كارمن) أمامها ، لقد تعبت عينيها من ذرف الدموع ، تعب قلبها من الحقد ، تعبت معدتها من الأدوية ، تعب رأسها من التفكير، تعبت يداها من الجروح التي تسببها لهما ، تعبت وسادتها من الدموع ، تعبت الجدران من سماع شهقاتها مساءً ، تعبت من كل هذه الحياة ، أغمضت عينيها ، ستسمح لتلك العلبة التي حوت المنزوية في زاوية عقلها بإخراج كل شيء ، كل شيء بدون استثناء ، ستواجه الأمر و ستسرد لها كل شيء ، ستسمح بذلك ، من البداية إلى النهاية ، لديها متسع من الوقت ، أرادت مواجهة الماضي ، فقد تعبت من الهروب ، لم يتعبها ، بل انهكها و استهلك كل قواها.

28/ 2/ 1989:

كان صباحاً ليس بباردٍ وليس بدافئ ، هكذا هو شهر شباط ، بصباحاته الجميلة المجنونة ، خرجت فتاة شابة شقراء ، عيناها كأنهما مرآتان تعكسان لون السماء ، مليئة بالحيوية ، خرجت من غرفتها بالسكن الجامعي ، متجهة نحو محاضراتها الصباحية ، تحمل في يدها دفاترها وأقلامها ، تثرثر مع صديقتها المقربة والوحيدة (سالي)، التي تعتبرها أختاً لها ، وصلتا بعد ربع ساعة من المشي ، كانت القاعة مكتظة بالطلاب، لم تستطع الحصول سوى على مقعد في الصف الأخير في الزاوية، كان يجلس شاب، كانت دائماً ما تراه في الرواق أو في الكافتيريا، أنها تعرفه بالشكل فقط، لكن دائما ما كان هناك صوت في عقلها يخبرها بأنها عليها التعرف عليه، لكنها ضبطت نفسها، و أصمتت ذلك الصوت و لم تعره اهتماماً ، و جلست بهدوء منتظرة قدوم الأستاذ ، قال لها الشاب قاطعاً هدوءها و كاسراً حاجز حذرها:

– صباح الخير.

استغربت بدايةً و نظرت إليه و ابتسمت ابتسامة جميلة ، كادت تطير من الفرح ! أكان القدر يقف معها اليوم ؟ فكرت للحظة ، ألم تقل بأنها لن تعره اهتماماً ؟ و ليذهب كلامها إلى الجحيم ! فقلبها يأمرها بأن تعطيه فرصة ، ستكلمه ، قالت مستدركة الموقف:

– صباح النور.

– اسمي ايثان.

– تشرفت بمعرفتك ، اسمي لاريسا.

– لاريسا ؟ أسمك طويل.

– أعرف ، أنه صعب قليلاً في البداية.

– هل استطيع مناداتكِ لاري؟.

– قالت مستغربة : ماذا ؟.

– قال بلطف: لاري ، سيكون ذلك أسهل علي.

– لا مشكلة لدي .

كان ذلك أول حاجزٍ يكسره ايثان بالنسبة للاريسا، في سنواتها التسعة العشر كلها لم تسمح لأحد حتى أمها و أبيها بأن يختصر اسمها ، لكنها الآن و بكل سهولة ، بل بلا تفكير وافقت على ذلك ! هل القدر يلعب لعبته ؟ كانت سعيدة في تلك الليلة ، تحدثت هي و ايثان كثيراً في مواضيع تافهة، لكن ذلك اسعدها، أهو الحب من النظرة الأولى؟ خاطبت نفسها، قالت لنفسها: حمقاء، أنت لا تؤمنين بهذا الهراء! أنت لا تعلمين شيئاً عن الشاب حتى ! لكن قلبها لم يأبى سماع كلام العقل ، مضت دقائق ، ساعات، أيام ، شهور، سنة ، سنة كاملة قضاياها في مدرجات الجامعة ، الكافتيريا ، الحديقة ، الأسواق ، لقد عرفتهما المدينة كلها ، حفظوا طرقاتها سوياً، كانا أكثر من صديقان ، كم مرة أضاعت الليل و هي تجلس على سريرها تبتسم ببلاهة و هي تستذكر صورته و كلامه ، ليس عليها عدها ، لأنها كانت تفعل ذلك كل ليلة !

لقد هامت به عشقاً ، كانت سالي هي الوحيدة التي تعرف ، أتمنتها على كل شيء ، كل شيء بدون أي استثناء، أخبرتها بمشاعرها تجاه ايثان، و كانت دائماً ما تنصحها سالي ، كانت الصديقة الجيدة والمخلصة الوفية ، كانت الأخت التي لم تنجبها أمها ، في ليلة باردة من ليالي كانون الثاني ، جالسة القرب من النافذة تحمل بيدها كوباً من الشاي ، بدأ الخوف يتسلل لقلب لاريسا، ماذا لو كان حباً من طرفٍ واحد ؟ أسيدمرها الحب هكذا ؟ هل ستضيع عمرها تخيلات وأحلامٍ فقط ؟  كلا ، عزمت أمرها في تلك الليلة ، في اليوم التالي ، جالسة على مقعد في حديثة الجامعة ، منتظرةً خروج ايثان من الكافتيريا، كان يحمل كوبان من القهوة، تقدم نحوها و قدم أحدهما لها ، كان التوتر بادٍ على وجهها ، بدا القلق على وجه ايثان ، خاطبها قائلاً :

– هل أنت بخير؟.

– أجابت بتلعثم : علي قول أمر مهم لك.

– قال بتشجيع وابتسامة تبعث الأمان: كلي أذان صاغية لاري ، لا تقلقي.

– تنهدت بعمق، نظرت في عينيه و قالت بتردد: احبّكَ ايثان…..

صمت.. ساد صمت قاتل للحظات، خلالها شعرت لاريسا بالخذلان والخيبة والخوف ، مئات التخيلات قفزت رأسها ، حاولت التهرب من نظرات ايثان قدر الإمكان ، حتى نظرت لعينيه بتردد و ندم ، لاحظت ابتسامته العريضة التي لم يتسع لها وجهه، همس بأذنها:

– وأنا أحبّك أيضاً.. لاري.

كادت تطير من فرط السعادة ، كأن الدنيا ضاقت بها وبسعادتها ، خلال سنة ، توطدت العلاقة بينها و بين ايثان أكثر فأكثر ، حتى أصبحاً شخصاً واحد ، لا يمكن لأحدهما التواجد في مكان دون الآخر، كانا روحاً واحدة…

ذرفت لاريسا الدموع ، لا تستطيع تذكر المزيد، صفعت نفسها وصرخت :

– أرأيت ؟ كم مرة طلبت من نفسي التوقف عن حبه ، كان يعبث بي ، كان يعبث بمشاعري.

لكن كلا ، لما الندم ؟ هي لن تندم على الماضي، ابتسمت ، بل أطلقت ضحكة عالية ، تخيلت في زاوية بعيدة نفسها القديمة ، تلك الفتاة الجميلة الرقيقة ، ترتدي أزهى الألوان ، لا تملك تلك الندبة اللعينة في أعلى جبهتها ، تخيلتها تنحني في مستواها و تخاطبها و هي تعبث بشعرها :

– أتتذكرين لاريسا ؟ بعد سنتين من الحب والهيام والعشق، كيف عرض عليك الزواج بطريقة رومانسية؟ أمام جميع من كان بالكافتيريا ، كيف كنت سعيدة ، كيف حضنته و وافقت ؟ كم كان زفافك جميلاً يا لاريسا ، كم كان الثوب الأبيض ذاك يشعرك بالأمان ؟ كم كنت سعيدة بالورود الحمراء التي زينت تلك القاعة ، اخترتما كل التفاصيل معاً ، كل شيء بدون أي استثناء ، يداً بيد ، بنيتما حياتكما ،

رغم بأن وضعكما المادي كان في البداية سيئاً جداً ، واضطررتما لاستئجار شقة صغيرة لا تتسع لكلاكما ، معاً حسنتما وضعكما ، معاً فتحتما محل الزهور ذلك ، كان حلمكما المشترك ، صحيح بأن كلاكما درس في كلية الشرطة ، لكنكما تخليتما عن أحلامكما الفردية تلك، افتتحتما ذلك المحل بالديون من هنا و هناك ، حتى بدأ بالإقلاع ، تحسن وضعكما المادي بشكل فظيع ، كيف اخترتما أثاثها قطعة ، قطعة ، حتى أصبحتما في مملكتكما الخاصة، هل تذكرين؟ هل تذكرين أجمل يوم في حياتك؟.

– أذكر ذلك كأنه حدث في الأمس .

– فلتخبريني أنت إذاً ؟.

– تنفست الهواء ملئ رئتيها ، قالت و الدموع ترقرقت في طرفي عينيها : كان الرابع من آذار، كنت في مملكتي الصغيرة لبيع الأزهار، شعرت بألم شديد في معدتي ، تقيأت ذلك النهار، لم أرد إخبار ايثان لكي لا يقلق ، لكنه اكتشف إرهاقي عندما أغمى علي في المنزل ، أخذني إلى المشفى ، يا اللهي كيف كان يبكي مثل الأطفال ! خرج الطبيب مبتسماً و قال :

– مبارك لك سيدي ، زوجتك حامل ، و بالشهر الثاني أيضاً !.

تابعت وهي تبتسم من بين دموعها:

– أتذكر كلمات الطبيب إلى الآن ، كأنه يرددها على مسمعي الآن ، كيف صفق بيديه كطفل صغير حصل على الدمية التي طالما انتظرها ، كيف خرج تلك الليلة ممسكاً بيدي  ينظر إلي بمحبة كبيرة، أين ذهب كل ذلك الحب ؟ أم لم يكن حباً من الأساس؟ أكان مجرد وهم ؟ وهم صدقته طوال سنوات؟ هل كنت غبية لتلك الدرجة؟ من المستحيل ذلك ، لو كان كلامي صحيحاً، لم يكن ليفرح بإنجابي لكارمن.

صرخت المرأة التي تشبهها، والتي تنعتها “بالأخرى” :

– حمقاء ، و لا زلت تجدين المبررات له ، أنسيتي بسرعة لاريسا ؟.

صرخت بصوت عالٍ وبكاء شديد:

– أنت لا تفهمين ، لقد استطاع كسر حواجز قلبي كلها ، لقد استطاع إيقاعي بشباكه ، لقد جعلني أهيم به عشقاً ، لم أرى غيره طوال سنواتي كلها.

قالت باستحقار:

– والآن؟.

نظرت نحو الفراغ و قالت بجمود:

– الآن لا.. الآن أصبح كابوس، مجرد كابوس، و سينتهي، سأستيقظ منه يوماً ما كما استيقظت من كوابيس أخرى.

قالت الأخرى بابتسامة:

– أمر جيد لاريسا ، أمر رائع.

تنهدت لاريسا  و مسحت دموعها بكمتي كنزتها و رسمت ابتسامة باهتة على وجهها ، نظرت نحو الباب ، تجمد نظرها لوهلة ، نهضت و صرخت بغضب:

– منذ متى و أنت هنا ؟.

قال ايثان بهدوء:

– ألم تتخلصي من تلك العادة بعد ؟ قد تسبب لك مشكلة ما..

– قالت بصراخ وغضب : وما شأنك ؟ فلتذهب من هنا !.

– نظر لها ، و قال بجدية : دعينا نتكلم فقط للحظة.

– لا يوجد كلام بيننا ، لقد انتهى كل شيء بيننا منذ ست سنوات ، لن أسمح لشيء بالعودة ، أفهمت؟. مهما كان السبب ، أذهب من هنا.

– قال بصراخ: لقد طفح الكيل منك ، دعيني أوضح لكِ فقط ، دعيني أوضح لكِ لما جلبتكِ أصلاً .

– لا أريد أي توضيحاً منك ، أصلاً بماذا سيفديني توضيحك اللعين؟ لقد انتهينا ، لم نعد و لن نعود ، هل تعلم ؟ عندما تنكسر الثقة ، لا تعود ، لن تعود.

– قال و هو يوشك على البكاء : لكن اعتبري الثقة مزهرية ، إن كسرت تستطيعين صنع شيء من الزجاج المكسور.

– قالت و هي تنظر له باستحقار: نستطيع صنع شيء ، لكنها لن تعود مثلما كانت سابقاً ، وعندما تذهب الثقة يذهب الحب بعيداً ، لقد شُفيت من حبك للأبد ، لقد قلتها سابقاً ، لكنك على ما يبدو بانك لم تفهم ، لن تصيبني لعنتك مجدداً.

– قال وهو يمسح دموعه بطرف كمي قميصه: أنتِ غاضبة الآن ، سنتكلم لاحقاً لاري.

– نحن لن نتكلم الآن أو لاحقاً ، لتفهم هذا.

خرج ايثان من الغرفة و انهارت هي باكية على الأرض ، لما حدث كل ذلك اليوم ؟ نظرت أمامها فتجسدت الأخرى خاصتها مرة أخرى ، و قالت:

– علينا مواجهة الأمر.

– لكني لا أريد.

– صرخت بها : تتهربين منه منذ ست سنوات! كل ما عليك هو إغماض عينيك.

– قالت باكية: لا أريد ، أدرك بأن هذا سيؤلمني.

– سيؤلمك ، لكن عليك مواجهته الآن أو غداً. سأساعدك لا تقلقي ، فقط أغمضي عينيك

– أتعديني بذلك؟.

– قالت بابتسامة حنونة : أعدك.

أغمضت عينيها كما أمرتها ، و بدأت صور تتسلل إلى عقلها، كانت الصور مشوشة ، بدأت تتوضح تدريجياً، أصبحت الصورة الأولى معدة ، انفتحت الستارة الحمراء وبانت الشاشة الكيرة… لقد بدأ الفلم ….

 

شتاء بارد، جلست لاريسا على الأريكة تتلحف بغطاء سميك ، و أبنتها نائمة على حضنها ، لقد غفت الصغيرة وهي تنتظر قدوم أبيها ، لا تستطيع القول بأنها صغيرة، هي في الحادية عشر، فائقة الذكاء، فائقة الجمال، تشبه أمها، هذا ما كان يقوله ايثان، كانت لاريسا تنظر بتوتر إلى الساعة كل ثانية، قد تخطت منتصف الليل، هل حدث مكروه له ؟ لكنه بدأ يتغير منذ شهر تقريباً… لما ؟ هل هناك أمر مخفي عنها.. سمعت صوت الباب يُفتح، نهضت بسرعة، رأت ايثان و هو يترنح في سيره، رائحة الويسكي تعبق منه ، سندته على كتفها و أدخلته للغرفة ، ارتمى على السرير غير مبالياً بزوجته، صرخت به:

– أين كنت لهذا الوقت ؟ لقد قلقنا عليك كثيراً .

– قال بسُكر: وما شأنك أين كنت ؟ من أنت لتسأليني أصلاً ؟.

– قالت بغضب: أنا زوجتك ، هل نسيت ، أم أن المشروب أثر على عقلك؟.

– قال بسُكر والمشروب كان قد أخذ مفعوله وهو يحاول النهوض: انظري لاريسا ، لقد فكرت كثيراً قبل أن أقول لكِ ما سأقوله ، لكني تعبت من الحياة معكِ ، من طريقتك الاستجوابية بكل شيء ، ألأنك درست الشرطة أنتِ هكذا ؟ أليس كذلك ؟ انظري، علينا أنهاء كل شيء بيننا ، كل شيء!.

– قالت بصدمة ، فهو في حياته لم يناديها بلاريسا : ماذا ؟ ما الذي سننهيه أصلاً ؟  ألم تعاهدني أن نبقى معاً حتى نشيخ سوياً ! هيا قل ؟ تنفست قليلاً  و أكملت والدموع كادت تخنقها : أين ذهبت تلك الوعود أيها الكاذب ؟.

– قال بغضب و صراخ : الوعود تتلاشى مع الوقت ، أنتِ غبية لهذه الدرجة ؟ الوعود و الحب ! ذاك غباء.

تنفست بعمق ، ابتسمت بل ضحكت : قالت له:

– فلتذهب إلى الجحيم ايثان ، أنت و وعودك.

– قال بسخرية: هل جُننت لتضحكي؟.

– ابتسمت وقالت: أتعرف بأن العصفور المجروح يرقص من الألم ؟ فلتعتبرها هستيريا مؤقتة ، لقد قلتها أصلاً ، أنا مجنونة ، مجنونة لأنني وقعت بحبك ، مجنونة لأنني وثقت بك ، فلتذهب للجحيم، لقاع الجحيم.

– قال وهو ينظر لها ببرود: هل تعرفين ؟ أنا غبي لأقع بحب امرأة متسلطة مثلكِ ، امرأة لا يهمها سوى نفسها، علينا الانفصال بسرعة على ما اعتقد.

صفعته بقوة وصرخت:

– و كارمن ، ماذا سأقول لها ؟ هل أقول بأن والدها الحنون قام بخيانة أمها ؟ هل أقول لها بأن والدها شخص كاذب ؟ قل هيا ، أتعرف ، أنا لن أنتظر منك شيئاً بعد الآن ، سأتركك ، لن أسمح لك بأن تتركني أنت ، و لو كنت أحبك ، كرامتي فوق حبي لك، نعم أنا امرأة متسلطة لا يهمني سوى نفسي ، فليكن ، على الأقل لم أغدر بك ، لعين.

خرجت من الغرفة غاضبة وهي تبكي، توقفت بالصالة عند الأريكة النائمة عليها ابنتها، نظرت لها بأعين دامعة ، اتجهت نحوها و جلست أرضاً وضعت رأسها في حضن ابنتها و بدأت تبكي ، كان ايثان يراقب من باب الغرفة بصمت ، همس بصوت لم يسمعه غيره:

– أسف حبيبتي، أنا مضطر.

خارجة من قاعة المحكمة ، ممسكة بيد ابنتها ، تنظر ابنتها بقلق شديد إلى والدتها ، ليس خوفاً من أن يوافق القاضي على طلب طلاقهما، بل خوفاً على والدتها هي موقنة كم تحب والدتها والدها، شدت كارمن على يد أمها وقالت بحنان كأنهما تبادلتا الأدوار:

– ماما، لا تقلقي ، سيكون كل شيء على ما يرام.

– قالت لاريسا متظاهرة بالتماسك : لا تقلقي عزيزتي ، أنا على ما يرام.

– لا تعتقدي بأنه كوني صغيرة في العمر لا أجيد قراءة تعابير الوجه ، الأحمق يدرك بأنك منهارة تماماً.

– قالت بتماسك مزيف : لا أستطيع الانهيار في المحكمة هنا كارمن ، سأنتظر حتى وصولنا للمنزل ، لا أريد أن أجعل أحداً يشمت بي.

– قالت كارمن بحنان شديد: حسناً ماما ، لا تقلقي، عندما نصل إلى المنزل أبكي قدر ما تشائين، وسأقف بجانبك في كل تلك اللحظات.

– ابتسمت لاريسا، وقالت لابنتها: أنتِ أفضل شيء في حياتي يا صغيرتي.

مضى أسبوع كامل منذ طلاقهما ، بعد موافقة القاضي، و حكمه بأن تأخذ لاريسا كارمن لمدة أربعة أيام في الأسبوع ، وايثان ثلاثة أيام، تجلس هي وابنتها، كانت تحاول أن لا تظهر حزنها أمام صغيرتها، لأنها لا تريد لها أن تعيش ما عاشته هي ، و لكي لا تشعر بالفراغ، عادت لاريسا إلى مزاولة عملها في مفوضية الشرطة، لأنها تريد إمضاء بعض الوقت خارج حزنها ، ستخرج من شرنقتها هذه تدريجياً، من الجيد بأنها تملك صديقة مثل سالي، دائماً ما تكون معها ، لقد خرجت لجلب بعض الحاجات ، لاحظت لاريسا نظرات كارمن الغريبة لها ، فنظرت لها بحنان و قالت :

– هل هناك خطب ما ؟.

– قالت بتردد: لدي سؤال..

– قالت لاريسا بتشجيع : قولي صغيرتي.

– لما انفصلت أنتِ و بابا ؟ كنتما تحبان بعضكما كثيراً.

– أكفهر وجه لاريسا ، كانت تتوقع أن تسأل ابنتها سؤالاً كهذا، ابتسمت ، لم ترد تشويه صورة ايثان بنظر ابنته ، فهو يبقى والدها مهما حصل ، فقالت: انظري، نحن كنا نحب بعضنا البعض، لكن ذلك الحب ذهب بعيداً، لقد تلاشى.

– هل الحب يتلاشى؟.

– كلا.. انظري، لأوضح أكثر، أنا أحببت والدك، قدمت له كل ما أملك، هو لم يحبني، أًعجب بي، الحب يبقى إلى الأبد، أما الإعجاب فقد يزول بثانية، دقيقة ساعة، يوم، أسبوع، سنين، لكنه سيزول، وقد زاك إعجاب والدك، وانتهينا هنا….

– ما زلت تحبينه صحيح؟.

– نظرت إلى ابنتها و قالت: كثيراً، لا تستطيعين التصور.

 

جاء دور ايثان، أخذ كارمن، سلمته إياها لاريسا و تجاهلته كأنه قطعة أثاث لا عمل لها ، لم تتكلم بأي حرف معه، قبلت ابنتها، و رحلت بهدوء تاركة قلب ايثان صاخباً، نظرت له ابنته و قالت:

– ما زالت ماما تحبك…

– ماذا ؟.

– ماما، ما زالت تحبك، لكنك لم تعد تحبها.

– ضحك بألم وقال: هل تكلمت عني بالسوء؟.

– بل حاولت عدم تشويه صورتك أمامي قدر المستطاع.

– قال وهو ينظر إلى ابنته: هل ما زلت تحبيني صغيرتي، أم أنت أيضاً كرهتني؟.

– حضنت كارمن والدها وقالت: سأبقى أحبك إلى الأبد بابا ، لا شأن لي أن كرهتك ماما أو أنت كرهتها سأبقى أحبكما إلى أن أموت.

– قال مبتسماً: لا أعرف كيف أرد لك هذا الجميل.

 

سنة كاملة  بعيدان عن بعضهما البعض ، كان رأس السنة الأول اللذان يقضيانه بمفردهما ، تشاجرت لاريسا مع ايثان ليلتها فكلاهما يريد أن يحتفل مع كارمن، حتى اتفقا على أن يأخذها ايثان اليوم، و غداً ، بشرط أن تأخذها لاريسا لشهر كامل، أمضت لاريسا رأس السنة مع سالي، سالي هي الوحيدة التي واستها إضافة إلى ابنتها، لكن سالي كانت دائماً ما تكون بجانبها، ذهبت معها إلى المحكمة في جميع الجلسات، كانت دائما متواجدة أيام الأعياد معها ومع ابنتها، كانت أكثر من صديقة، كانت أختاً بالنسبة للاريسا.

 

كان ايثان و(تشارلي) و كارمن في الصالة يحتفلون برأس السنة ، همس تشارلي لايثان:

– هل قابلت لاريسا؟.

نظر ايثان بغضب إلى تشارلي، كان تشارلي أخ لاريسا من الأب فقط ، لكنه فضل البقاء مع ايثان ليلة رأس السنة ، ليواسي “صديقه المقرب” كونه يدرك معنى الخذلان، قال ايثان بهمس وتهديد:

– اصمت تشارلي، هل تريد تخريب رأس السنة بالنسبة لي !.

– نظرت كارمن لهما، و قالت بمزاح : بماذا تتهامسان ؟ أدركت بأن والدي قد يخفي عني بعض الأمور، لكن أنت أيضاً خالي؟ هذا موقف حقير

أطلق تشارلي ضحكة لتعليق أبنة أخته ، مضت الليلة كما كان مخططاً لها، الكثير من الضحك والفرح في منزل ايثان من أجل ابنته التي لا ذنب لها بما يحدث ، والبكاء المرير في منزل لاريسا…

 

– هل أنت جاد؟.

صرخت لاريسا بايثان و هي تنظر له بغضب و عيناها امتلأتا بالدموع.

– قال وهو يكاد يبكي: أعتذر لاريسا ، لم يكن الأمر بيدي.

– قالت بصراخ وهي تقترب منه : كيف لم يكن بيدك ، ألم تكن تنتبه لها ، هل تريد أن أقتلك ؟.

– اقترب تشارلي من أخته و أمسكها بيدها ، و صرخ بها : فلتضبطي أعصابك لاريسا.

– نظرت لأخيها و دفعته بعيداً عنها: هل أنت معه أم معي ؟ لقد أضاع ابنتي و تريد مني أن اهدأ ؟ أقسم بأنه فعل ذلك عن قصد ، فعل ذلك ليعذبني فقط.

– قال ايثان بصراخ وهو يدافع عن نفسه: أتعتقدين بانها ابنتك فقط ؟ أليست ابنتي أنا أيضاً ؟.

– قالت و هي تتقدم مصرة على أن تصفعه : أبنتك؟ لو كنت تهتم لأمرها لم تكن لتعلب بهاتفك اللعين وهي تلعب بالحديقة.

– أوقف ايثان يد لاريسا وصرخ بها: فلتتوقفي عن فعل ذلك ، أنتِ لا تريدين سوى جذب الانتباه.

– قالت صارخة و هي تضحك بألم وتشد على شعرها بيدها الغير المقيدة: انتباه ماذا أيها اللعين ؟ ابنتي مخطوفة وأنا أريد جذب الانتباه ؟ هل أصاب شيء عقلك ؟.

– صرخت سالي و هي تشد لاريسا من الخلف لتوقفها : فلتتوقفي لاريسا ، نحن في المخفر وليس بالشارع.

أفلتت لاريسا يدها من قبضة ايثان واتجهت نحو كرسي وارتمت عليه و بدأت بالبكاء ، جلست سالي بجانبها و بدأت بمواساتها، مرر ايثان يده خلال شعره و تنهد بعمق و توتر، نظر تشارلي لايثان بعتاب ، ثم ربت على كتفه و قال :

– الأمور تحت السيطرة ، لا تقلق يا صاح.

خرج رجل شرطة من المكتب  و قال بهدوء:

– هل أنتم مستعدون لإدلاء شهادتكم؟.

نظرت لاريسا له و قالت و هي تحاول كبح انفعالاتها:

– مايك ، ألست رئيسة القسم هنا ؟.

– قال مايك بجدية : بالطبع لاريسا ، لما هذا السؤال؟.

– وقفت و قالت بجدية : أنا من ستسلم قضية خطف كارمن ديكسون، و لا أحد غيري ، مفهوم؟.

نظر الجميع بتعجب اتجاه لاريسا ،  ابتسم تشارلي ابتسامة لم يفهمها سوى ايثان..

ابتعد مايك تاركاً مساحة لتدخل لاريسا إلى المكتب، دخلت ماسحة دموعها إلى مكتب التحقيق ، جلست خلف مكتبها، و فتحت الإضبارة الموضوعة على المكتب، كانت فارغة ، أدركت بأن هذه الإضبارة هي لقضية ابنتها، أمسكت القلم الموجود على الطاولة، رفعت شعرها بعفوية ، عليها أن تكون متماسكة ، قالت لمايك الذي يقف على الباب منتظراً أوامرها:

– مايك ادخل السيد ايثان ديكسون، سيكون المستجوب الأول.

– حسناً لاريسا.

دخل ايثان إلى الغرفة و يبدو عليه الحزن و التعب والإرهاق و تأنيب الضمير، أشارت لاريسا له بحركة من يدها بأن يجلس ، قالت بهدوء مُصطنع:

– أخبرني بكل ما حدث سيد ايثان ، من ليلة رأس السنة حتى لحظة ضياع كارمن.

– نظر لها نظرة توحي بأنها لا تجيد التمثيل ، لكنها اكتفت بالنظر له والغضب يتطاير من عينياها ، قال متداركاً الموقف و بخوف منها :

– لقد أمضينا ليلة رأس السنة أنا وهي وخالها ، خلدنا جميعاً للنوم عند الساعة الثانية صباحاً ، و اتفقنا على أن نذهب جميعاً للحديقة في اليوم التالي عند الساعة الثانية عشر ظهراً، لأننا في فترة عطلة ، و كنا نريد استغلالها ، خرجنا في اليوم التالي، و كان كل شيء بخير، استأذن تشارلي منا و ذهب إلى الحمام ، و جاءني اتصال من مركز الشرطة.

– قاطعته لاريسا و قد توقفت عن تدوين ملاحظاتها و قالت : مركز شرطة ، لما ؟.

– قال بهدوء: لقد عدت لمزاولة عملي منذ عام تقريباً.

– رمقته بنظرة لوم ، دونت كلامه و قالت : اه جيد ، أكمل.

– قال و هو يحاول كبح دموعه : حسناً ، بعدما أجبت على الهاتف و تركت كارمن لوقت قليلٍ لوحدها ، ثم عدت فلم أجدها.

– هل تشك بأحد ما ؟ هل كان هناك أي أحد ينظر بغرابة إليها ؟ أليس هناك تفاصيل أكثر سيد ايثان؟.

– قال و هو يكبح دموعه: كلا.. هذا كل ما لدي ، لم يكن هناك الكثير من الناس في الحديقة ، كنا عائلتان أو ثلاثة لا أكثر.

– لدي سؤال قبل ذلك ، منذ متى اختفت الطفلة؟.

– منذ يومين.

– قالت بغضب: و لماذا لم تبلغ إلى الآن؟.

– قال بدفاع عن نفسه: هل نسيتي القانون الذي يقول بأنه لا تبليغ إلا بعد ثمانية وأربعين ساعة يا سيدة؟.

– قالت بهمس: لديه حق..

– شيء أخر؟.

– قالت بهدوء: شكراً لك، تستطيع الخروج، وأرجو منك أن تنده للسيد تشارلي لكي أخذ إفادته

– نهض و قال : حسناً سيدتي ، لكني لا أعتقد بأنه يملك معلومات أكثر مني.

– هذا ليس عملك ايثان.

تنهدت لاريسا، أنها جريمة اختطاف بلا شك ، عليها أن تبقى متماسكة هكذا من أجل أن تسرع بالقضية قدر الإمكان ، دخل تشارلي و هو ينظر لشقيقته بعتاب، جلس و قال :

– هل أنت متأكدة مما تفعلينه ، لا أنصحك باستلام القضية ؟.

– لماذا ، هل سيجيد أحد أخر استلامها ؟.

– قد تتأثرين أو ما شابه… أخاف أن تؤذين نفسك.

– قالت بسخرية : لا تقلق ، سأبقى متماسكة حتى أعثر على ابنتي، فلتجب على الأسئلة التي سأطرحها فقط.

– فلتسألي لاريسا.

– أين كنت عندما اختفت الطفلة ؟.

– كنت في دورة المياه.

– ألم تشك بأحد أي شخص؟.

– كلا ، كان كل أمر طبيعي.

– تنهدت : لا فائدة ، فلتخرج تشارلي.

– قال لها بحنان : أختي، لا ترهقي نفسك، اتفقنا ؟.

– قالت مبتسمة: اتفقنا تشارلي ، صرخت بصوت عالٍ: مايك !.

– أطل من باب الغرفة و قال : نعم لاريسا ؟.

– نهضت ملتقطة سلاحها ، قالت له : فلتجهز سيارة شرطة، لدينا مهمة يا صاح.

– اسرعي إذاً.

خرجت من غرفة التحقيق ، نظر لها ايثان مستغرباً ، أهذا منظر أم فقدت ابنتها ؟ كأن شيء لم يحدث، هذا ما قاله وجهها ، لكن عينيها ، كان هناك أمر لم يستطع قراءته ايثان ، لم يدرك ما الذي يحدث في داخلها ، لكنها اضطرت لارتداء هذا القناع مؤقتا، عليها العثور على ابنتها، لذلك لا وقت للدموع، فالأحلام تحتاج عمل ، عبارة قرأته في إحدى الروايات.

 

– هل هذا هو المنزل؟.

– نعم ، توقف هنا.

فتحت باب السيارة و نزلت ، اتجهت نحو منزل ايثان ، أو منزلهما السابق ، عشهما السابق كما كانت تسميه ، كان قد لحق بها بسيارته ، أومأت له بأن يفتح لها الباب ، فعل ذلك بصمت ، دخلت و تمعنت المنزل ببطء ، لقد قام بتعديلات كثيرة، يبدو بأنه حذفها من حياته إلى الأبد ، لم تهتم ، صعدت على السلالم حتى وصلت لغرفة ابنتها ، فتحت الباب ، لم يكن مقفلاً ، دخلت و نظرت لها ، أنها نسخة على ما هي في منزلها ، لاحظت وجود أمر غريب في المكتبة، هل هناك أحد يضع منشفة بالمكتبة ؟ هناك أمر ما إذاً ، اقتربت من المكتبة الصغيرة التي ملأتها الصغيرة بالنصوص المسرحية والروايات ، رمت المنشفة أرضاً فظهر لها دفتراً وردياً انتشلته و نظرت له ، فتحت الصفح الأولى ، قرأت بصوت مسموع:

– يوميات كارمن ديكسون؟…

– قال مايك مستغرباً: ما الذي عثرت عليه؟.

– أجابت وهي تقلب بالصفحات: مذكرات..

– وما الغريب؟.

– كارمن لا تكتب مذكرات، هذا ما أعرفه ، فتش الغرفة جيداً.

– لما ؟.

– أشك بأنه قد يكون هناك دليل ما، فلتبحث بصمت فقط.

– حسناً لاريسا.

أكملت تقليب الصفحات ، لا شيء مهم ، بدأت بكتابة المذكرات منذ عام ، أي من يوم طلاقهما ، لم يكن هناك أمر غريب ، يوميات فتاة تبلغ من العمر أحدى عشر عاماً ، جذبتها صفحة قرأت بها:

” لقد طفح الكيل من هذا الوضع ! علي وضع حدٍ لكل هذه المشاكل و الخصامات ، علي فعل أمر ما”.

ماذا تقصد؟ أيعقل بأنها … هربت و لم تُخطف ! مستحيل .. صرخت بايثان من الغرفة ، هرع راكضاً نحوها ، سأل بقلق :

– ماذا ؟.

– قالت بغضب : ما الذي تقصده بأنه طفح الكيل ، هل هربت ؟.

– قال بعدم فهم : لم أفهم ، فلتتكلمي ببطء.

– قالت بخوف: لقد قالت بمذكراتها بأنها تعبت من كل هذه المشاجرات و الخصامات ، هل يُعقل بأنها هربت و لم تخطف ؟.

– قال باستغراب : مذكرات ! هل تملك كارمن مذكرات ؟.

– قالت بغضب: لا تخبرني بأنك أيضاً لا تعرف.

– قال بجدية: لقد صدمتني صراحة.

– قالت بسخرية: يا لك من أب مهمل ! لم تنتبه على ابنتك بالحديقة، و لا تهتم بسؤالها إن كانت تملك دفتر مذكرات أم لا ! لديها حق بأن تخفيه في منزلك ، لأنها تدرك بأنني أفتش كل أنش من غرفتها.

– قال بغضب: أليس من حقها أن يكون لها بعض الخصوصية؟.

– تدخل مايك: استبعد بأن تكون هربت لاريسا.

– التفت نحوه وسألته: لما ؟.

– انظري ، لو كان ذلك صحيحاً ، كانت على الأقل أخذت حقيبة تحوي بعض الملابس ، حتى انظري ، هناك مبلغ 100 دولار، بالطبع لن تذهب بدونهم.

– أين وجدت المال؟.

– أسفل السرير.

– ابتعد قليلاً.

استلقت لاريسا على الأرض و نظرت أسفل السرير، هناك صندوق ، سحبته بيدها، وضعته أرضاً و جلست هي أيضاً ، جلس كل من ايثان ومايك ينتظران أن تفتح الصندوق ، فتحته ببطء، صور ، بدأت تنظر للصور، كانت كل الصور لأمها وأبيها ، أغلقت لاريسا الصندوق بسرعة و رمته اسفل السرير من جديد ، قالت لمايك بلهجة أمر:

– اتصل بالمركز وأطلب منهم أن يرسلوا لنا شرطيين من أجل الدعم.

– أمرك لاريسا.

يُتبع ………

تاريخ النشر : 2021-03-20

اية

سوريا
guest
8 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى