أدب الرعب والعام

حب مغلف بالدماء – الجزء الثاني

بقلم : اية – سوريا

أمضت لاريسا الليل تفتش الحاسب بدقة وحذر شديد
أمضت لاريسا الليل تفتش الحاسب بدقة وحذر شديد

 

بدأت تجول أرجاء الغرفة ، وايثان يستند إلى الباب ويراقبها بصمت ، لأنها بالطبع لن تسمح له بالتدخل ، فتحت الخزانة و بدأت برمي الملابس بحثاً عن أي شيء مخفي ، بقيتْ تتفحص كل قطعة ملابس ببطء شديد ، أضاعت الكثير من الوقت بتفتيش الغرفة بجدية و حذر كبيران ، مضت ساعة كاملة، و ما زالت تفتش الغرفة ، كأن قلبها يقول لها بأن هناك دليل موجود هنا ، مخفي في مكان ما ، لم تخرج من تفكيرها حتى قال لها ايثان مما جعلها تلتفت إليه:

– لا أعتقد بأنه يوجد ما يثير الاهتمام في الغرفة.

– قالت ساخرة منه : كونها غرفة ابنتي ، و في منزلك أيها الأب المهمل ، فعلي تفتيشها بدقة متناهية ، ما الذي أدراني بأنه لا يوجد دليل ما مخفي ؟ علي تفتيش كل أنش أيها المهمل.

– قال بغضب: فقط أردت أن يكون لها بعض الخصوصية.

لم تعره انتباه ، بل جلست على الكرسي الموضوع أمام طاولة عليها حاسوب محمول صغير، أنها تعرفه ، أنه لابنتها ، فتحته بهدوء ظهر لها حقل يطلب منها وضع كلمة سر .. كلمة سر ؟ أية كلمة سر! لم تخبرها ابنتها من قبل بأنها تضع كلمة سر لحاسبها ، سألت ايثان:

– ما هي كلمة السر؟.

– أية كلمة ؟ ما بك تتكلمين بغموض الليلة ؟.

– قالت بنفاذ صبر: ما بك ؟ كلمة السر للحاسب!.

– وما أدراني لاريسا ! أخبرتك بأنني أحب أن تملك ابنتي خصوصيتها ، لم أتدخل بهذا الأمر.

– أحمق…

بدأت تفكر ، ما الذي ستضعه ابنتها ككلمة مرور؟. نظرت نحو دفتر المذكرات الملقى على السرير، نهضت واتجهت نحوه، جلست طرف السرير وبدأت تقلب بصفحاته، اقترب ايثان وجلس على الكرسي الموضوع بالقرب من الحاسب، وبدأ بإدخال اسم ابنته بداية ، لم ينجح .. قال بصوت مسموع.

– سأجرب وضع اسمك لاريسا.

– قالت تلقائياً: لا أعتقد، لكن فلتحاول.

– ادخل اسم لاريسا، لكنه لم ينجح أيضاً ، تنهد وقال: و العمل؟.

– قالت بجدية: ما بك ؟ لم نحاول سوى مرتان ! أنا واثقة بأنها وضعت كلمة المرور داخل المذكرات.

– لما ؟.

– لأنني أعرف كارمن جيداً، ذاكرتها ضعيفة، وبالطبع ستنسى كلمة المرور.

– و هل ستقرأين الدفتر بأكمله لنجد كلمة المرور؟.

– قالت و هي تبتسم: كلا، لكني أفهم ابنتي إلى حد يقول لي بأنها بالطبع في الصفحة التي تركت بها اسم كلمة السر ستكون قد حنت رأس تلك الصفحة.

– ما الذي يؤكد لك؟.

– أنا أمها و أنا أعرف ما الذي أقصده ، انظر لقد وجدتها.

– قال رافعاً حاجيه مستغرباً: أتجيدين قراءة الأفكار أم ماذا ؟.

– لا… لا أجيد قراءتها.. لكني كنت قريبة منها جداً لأستطيع فهم عقلها و تفكيرها.

– قال بفضول: ما هي الكلمة؟.

– ضحكت متألمة و هي تنظر إليه بقسوة: حب أبدي لاري وايثان

نظر بجمود نحوها ، وكتب الأحرف ببطء شديد، فُتح الحاسوب ، تنحى جانباً و جلست لاريسا في مكانه ، سحب كرسياً و جلس بجوارها، كانت تضع صورة لها كخلفية على سطح المكتب ، هناك عدة ملفات و واجبات مدرسية و مشاريع، لا يوجد شيء يلفت الانتباه، لكنها كانت مصرة على تفتيش الحاسب ملفاً ، ملفاً ، وهذا ما جعل ايثان ينسحب بهدوء تاركاً الساحة لها، نزل إلى الطابق السفلي، لم يكن هناك ما يثير الريبة، سوى بأن مايك والشرطيان الآخران يفتشان المنزل، كان قلقاً جداً ومتوتراً، كيف اختفت بليلة و ضحاها ؟ مضت نصف ساعة أخرى ، و لاريسا في الأعلى لا تحرز أي تقدماً ، مايك والشرطة فتشوا المنزل كما أمرت لاريسا لكنهم لم يعثروا على شيء، نزلت لاريسا السلالم وهي تحمل الحاسب المحمول، نظر لها ايثان مستغرباً و سألها:

– إلى أين أنت ذاهبة به؟.

– هذا عملي، لا تتدخل.

– قال بانزعاج: لما تتصرفين كأنها ابنتك فقط؟ أنها ابنتي أنا أيضاً.

– قالت بسخرية: اصمت يا رجل، لو كنت تهتم لأمرها لانتبهت عليها، أنت شخص مهمل.

– قال بغضب: وهل تظنيني ملاك! جميع البشر يخطئون.

– صرخت به مما جعل مايك والبقية يلتفتون: جميعنا نخطئ، نعم كلامك صحيح، لكن خطأك قاتل ايثان! قاتل!.

– قال بغضب وصراخ: وهل كان عن قصدي! لما تعاملينني بكل هذا الاحتقار! أنا انسان في النهاية.

– صرخت به: أنت أكثر من عرفني و فهمني! فتدرك تماماً بأن الذي يخطئ بحقي و يتخلى عني سأقتله بهدوء! والآن أضعت ابنتي فوق ذلك ، فالطبع سأحتقرك إن حدث لها مكروه ، فلا تتأمل ايثان.

– قال غاضباً: من يتأمل أن يعود لك أصلاً ، لقد أصبحت أتنفس من جديد عندما افترقنا ، كنت تضيقين علي عيشي.

شعرت لاريسا بإهانة لكرامتها في كلمات هذه الجملة مما جعل صوتها يعلو ، تعالت الأصوات و الصرخات مما جعل مايك مجبراً على التدخل ، وأوقف لاريسا التي كانت تهم لضرب ايثان، أرجع يديها للوراء مانعاً إياها من الحركة ، كان مضطراً ليمنعها من التهجم عليه، انهارت حالاً، ساعدها مايك بالصعود لسيارة الشرطة ، جعلها تجلس بالمقعد الأمامي و بدأ بقيادة السيارة، أما ايثان، فانهار فور خروج لاريسا و مايك من منزله ، كان ذلك الموقف، أصعب موقف يمر عليهما كلاهما.

أمضت لاريسا الليل تفتش الحاسب بدقة وحذر شديد ، و سالي في المطبخ تعد لها كوباً من القهوة الساخنة لتساعد صديقتها في مصيبتها ، نظرت لاريسا بتمعن نحو ذاكرة الحاسب ، الذاكرة كبيرة جداً ، رغم عدم وجود الكثير من الأمور و الملفات ، بدأت تتفحص ذاكرة كل ملف وبرنامج ، حتى رأت الملف الذي يأخذ أكبر حيز من المساحة، و هو ملف.. مخفي…. أنه أمر مهم ! فتحته بسرعة و بدأت بقراءته، لقد صُدمت فعلياً.. ابتسمت وبدأت تضحك، بل تقهقه بصوت عالٍ، ثم بدأت بالنحيب العالي والشهقات المؤلمة…. هرعت سالي إليها وحضنتها مستغربة، لقد عثرت على دليل مهم، دليل مؤلم لم تفهمه أبداً…

*

مخفر الشرطة.

الساعة السابعة صباحاً:

– إذاً إلى ماذا توصلت بالتحقيق لاريسا؟.

– لقد توصلت إلى أمر مهم جداً مايك ، تعال واجلس بجانبي لأريك.

وضعت الفلاشة التي حملت عليها الملف في حاسبها وفتحت الملف، وقالت بهدوء ممزوج بقلق:

– انظر مايك، لقد تفحصت هذا الملف البارحة، و.. لقد سجلت كارمن العديد من المعلومات النادرة التي نحن الشرطة لا نملكها حول أحد المجرمين.

– نظر لها مايك بقلق وقال: أي مجرم ، وضحي أكثر ؟

– تنهدت وقالت: جوني.. جوني آيلسون

فتح عينيه بصدمة، تلك الفتاة الصغيرة من أين عثرت على تلك المعلومات أصلاً ، أنها متورطة بأمر ما.

 – أرجعت لاريسا رأسها للوراء وقالت: سأذهب للحديقة لتفقد الكاميرات.

– قال بقلق: والملف ، ما الذي سنفعله به ؟

– لقد أمضيت الليل كله اقرأه، و لقد نسخته على حاسوب المنزلي،  فقط أجعل منه نسخة في أرشيف الشرطة.

– حسناً.

خرجت لاريسا و هي قلقة، من أين لابنتها كل هذه المعلومات ! هل هناك ما أخفته ابنته عنها؟ ركبت سيارة الشرطة وقادت نحو الحديقة، لكنها توقفت فجأة ، هي لا تعرف أسم الحديقة أصلاً ! عليها الاتصال بايثان ، مرغمة فتحت هاتفها واتصلت به، بقي لعدة ثواني يرن دون إجابة حتى فتح الخط وخرج صوت ايثان متعب ومرهق:

– ما الذي تريدينه مني الصباح؟.

– عنوان الحديقة التي اختفت بها كارمن.

– قال وهو يحاول أن يركز على ما تقوله لاريسا: لما ؟ هل هناك تطور بالتحقيق؟.

– ليس من شأنك، لا استطع أفشاء ملفات القضية، أعطني عنوان الحديقة فحسب.

– قال بانزعاج واضح: حديقة (مون فيس لاند).

اغلقت الخط بوجهه وتابعت سيرها، ليست بعيدة جداً، سيكون اللوم عليه إن حدث لابنتها مكروه… بعد نصف ساعة من القيادة وصلت أخيراً ، نزلت بهدوء و بدأت تبحث عن المشرف عن الحديقة، كان فتاة تقف على الباب، سألتها بشيء من الصرامة:

– أين هو مشرف الحديقة؟.

– أعتذر سيدتي ، لكنه ليس موجوداً حالياً ، هل استطيع مساعدتك؟.

– قالت بجدية: أريد رؤية كاميرات المراقبة.

– قالت الفتاة بلباقةٍ: أعتذر سيدتي ، لكن هذا ممنوع.

– أخرجت بطاقة الشرطة خاصتها و قالت: أنها مهمة.

– قالت الفتاة بشيء من القلق: سأتصل بالمشرف حالاً ، انتظري لحظة سيدتي.

بدأت تنظر لاريسا إلى الحديقة منتظرة انتهاء الفتاة، لا شيء يثير الشك ، قاطعتها الفتاة من تأملها و قالت:

– سيدتي أنا أعتذر حقاً ، لكن كاميرات المراقبة معطلة منذ أسبوع.

– نظرت بغضب لها و قالت: و كيف ذلك ، ألا تعتقدون بأنه قد يحدث جريمة خطف ؟ ما هذا الاستهتار! وما الذي يثبت لي بأنك أنت والمشرف صادقان ؟ أريد تفقد الأمر بنفسي.

– قال الفتاة بتوتر: تفضلي سيدتي، سأدلك على الطريق.

سارت لاريسا خلف تلك الفتاة حتى وصلا إلى بناء مكون من طابق واحد ، دخلت لاريسا البناء، لم يكن هناك أحد، قالت الموظفة موضحة:

– لكون الكاميرات خارج الخدمة، أعطينا إجازة للموظفين حتى يتم إصلاحها.

– قالت وهي تتفحص المكان بعينيها: أي لم يسجل أي تسجيل منذ أسبوع ؟.

– قالت مصححة: منذ شهر.

نظرت لها بغضب ، خرجت و هي تشتعل غضباً ، ما الذي عليها فعله ؟ اتصلت بمايك و طلبت منه أن يأتي مع دورية شرطة إلى الحديقة لتفيشها، أغلقت الخط دون أن تسمح له بالتفوه بكلمة.

ثلاثة شهور مضت، و لم تفقد لاريسا الأمل وهي تبحث عن ابنتها، لم تترك زاوية بدون تفتيشٍ، لم تترك أحداً لم تحقق معه، كانت تحاول تأجيل ذاك الحل، لكنها ستضطر لفعله فعلياً، لم يعد لديها خيار ، تنهدت بعمق ونزلت من سيارتها، صفعت باب السيارة وقفت تنظر للحي القديم الموحل أخذة نفساً عميقاً من هواءه المشبع برائحة العفن، كان حياً من أحياء المدينة الذي يعج بالجريمة، سارت لمسافة ليست بالطويلة حتى دخلت إلى أحد المقاهي التي كانت مدركة بأنه سيكون بها، صرخت بصوت عالٍ:

– جوني آيلسون! أين أنت؟.

جميع الرجال الذين في المقهى التفتوا إليها، حتى وقف أحدهم وقال وهو يقترب منها فاتحاً يديها ليحيها مبتسماً وقائلاً بمرح:

– لاريسا ! منذ فترة طويلة يا فتاة.

– قالت بغضب: علي أن أكلمك جوني.

– قال بمزاح: فلنجلس إذاً.

– ليس هنا، أمر خاص، هي تعال خلفي.

سار خلفها حتى خرجا من المقهى، كانت لاريسا تحفظ هذا الحي كثيراً، فهي ترعرعت هنا على أي حال، وكان جوني صديق طفولتها، لكنه أصبح مجرماً فيما بعد، وصلا إلى شجرة كبيرة جداً، يوجد كرسيان وطاولة أسفلها، ارتمت على احدهما، لكن جوني رفض وقال:

– وما الذي يجعلني أثق بأنك لا تحملين أي سلاح؟ فلو أرادت الشرطة اعتقالي لكانت أرسلتك أنتِ.

– أقسم لك بأنني لا أحمل شيئاً سوى خيبتي، فلتجلس فقط.

– قال بامتعاض: حسناً ، من الخطأ أن أثق بك بسرعة، لكنك صديقتي، ما الذي تريدينه مني؟.

– هل سمعت بقضية اختطاف كارمن ديكسون؟.

– قال ضاحكاً: نعم، لقد ضجت الصحف بها بشكل غير طبيعي، والمحقق لا يقنع بإغلاق القضية، لا أمل، لو كانت الفتاة حية لكانت ظهرت.

– قالت ببرود: هل أنت من خطفها؟.

– تغيرت ملامح وجهه الضاحكة إلى الصادمة وقال: هل جننت لاريسا ؟ أنها طفلة ! ما الذي سأفعله بها ؟.

– قالت بلؤم: أنها جميلة وغضة، وما أدراني ما الذي ستفعله بها.

– قال بغضب وهو يضرب على الطاولة بيده بانفعال واضح: انظري، خطايا العالم كلها لدي، لكني بالطبع لن أفعل الأمر الذي تلمحين له ، هل جُننتي لكي تعتقدين بأنني سألمس طفلة ؟.

– قالت بصوت ممزوج بالحزن: إذاً أريدك أن تساعدني بالعثور عليها.

– قال بصدمة: هل أنت من تشرفين عليها؟.

– لا تقل لي بأنك لا تعرف؟.

– بصراحة لقد صدمتني لاريسا.

– هل ستساعدني أم لا؟.

– و لما أنت مصرة جداً على هذا القضية؟ لقد اختطفت وانتهى الأمر، وأعتقد بأن من خطفها سيكون قد أخذ غايته منها و رمى جثتها للكلاب الضالة.

– قالت بألم وغضب: لا تضع الملح على الجرح، أنها ابنتي أيها الغبي.

فتح عينيه على مصرعيهما، ابنة لاريسا مخطوفة! و لم يعرف إلى الآن؟ كيف حدث ذلك ؟.

– هل أنت متأكدة مما تقولين؟.

– قالت بغضب: وهل تظنني مجنونة؟.

– قال بجدية: وطالما هي ابنتك لما شككت بي ، هل تظنين أنني غبي لأخطف ابنتك؟.

– قالت بغضب: لا تكذب ، كارمن لديها الكثير من المعلومات حولك التي لا نعلمها نحن.

– قال بصدمة: ما الذي تقصدينه ، كيف لطفلة أن تحصل على معلومات عني؟.

– قالت وهي تخفي وجهها بيديها: لا أعرف ، حقاً لا أعرف.

– قال بصوت جاد: أقسم لك بأنني لم اخطفها، بل لم أرها في حياتي، أخبريني، كيف أستطيع مساعدتك؟.

– قالت وهي تمسح شعرها بيدها : فقط، لديك الكثير منَ الأصدقاء المجرمين، تستطيع البحث هنا وهناك

– تنهد وقال: سأحاول.

– نهضت وقالت بابتسامة ذابلة: شكراً لك.

– قال ببرود: لا تشكريني، لأنني أريد مقابل.

– نظرت له بانزعاج: لقد توقعت، قل ؟.

– أنت قولي لي ما هي العروض التي ستعرضينها علي؟.

– خط هاتفك مراقب ، و سمعت بأنك تريد أن تقوم بعملية تهريب مخدرات ، سأساعدك بذلك بتخفيف الحراسة على المنطقة، اتفقنا؟.

– قال بغضب: لما خط هاتفي مراقب ، لدي العشرات من الهواتف أصلاً؟.

– قالت بسخرية: أنت مجرم و سجلك حافل بالنشاط ، فبالطبع سيكون هاتفك مراقب، هل اتفقنا؟.

– اتفقنا لاريسا.

– إلى اللقاء القريب.

 

لقد تقدم الكثير من الناس لإدلاء شهادتهم بشأن قضية كارمن بعد نشر حملة على مواقع التواصل الاجتماعي التي أنشأها جوني ، هناك ثلاثة أكدوا بأنهم رأوا فتاة تشبها حتى التطابق في الغابة المؤدية لخارج المدينة ، و بعد رؤية كاميرات المراقبة، ثبت العكس، اتضح بأن السجلات كانت بتاريخ مختلف ليوم الحادثة.

قدمت احدى بائعات الهوى وأكدت بأنها عملت معها و تقاسمت الكوكايين معها أيضاً ، مما جعل لاريسا تجن ، و مع تحقيقاتها المكثفة أتضح أنها تكذب من أجل المكافئة المالية لا غير.

حاول جوني كثيراً مساعدة لاريسا من خلال معارفه ، لكنهم جميعاً  كان لديهم عذر الغياب المقنع و المؤكد ليلة وقوع الجريمة.

مضى على اختفاء كارمن خمسة شهور، و لاريسا لم تترك وسيلة لم تفعلها، لو اضطر الأمر لتتزوج من ايثان وتسامحه مرة أخرى وسيكون المقابل أن تعود ابنتها لكانت فعلت ، لم تكن تستطيع النوم بدون مهدئات وأدوية منومة ، حتى بدأ اخوها يخاف أن يتركها لوحدها لثانية ، و ايثان دائم الهذيان و يتهم نفسه بأنه هو سبب كل ما يحصل  لم يعد يعرف تشارلي على من سيقلق ، على أخته أم على صديقه المقرب ؟ أم على نفسه التي شعر بأنها تضيع بين هذين المجنونين ؟ كانت سالي دائماً موجودة للمساعدة ، لذلك خف الحمل قليلاً على تشارلي، لكنه ما زال موجوداً.

 

مكتب الشرطة:

 

الساعة الثامنة والنصف صباحاً:

واقفة أمام اللوح البلاستيكي المليء بالصور والدبابيس والخيوط والملاحظات، كل شيء حول قضية اختطاف ابنتها، تعيد تسلسل الأحداث من ليلة اختطاف ابنتها إلى هذا اليوم، أي منذ ستة شهور، و دون أي نتيجة ، لم تمسك بطرف الخيط حتى ! مما جعلها قليلة الكلام مكتئبة دائماً ، أغلب الوقت شاردة ، زميلتها تجلس معها في المكتب تعمل على قضية سرقة ، دخل مايك صارخاً بمرح ليحاول تغيير جو الكآبة الذي يطرأ على المكتب منذ ستة أشهر:

– لاريسا ، طرد لكِ.

التفتت لاريسا له و رمشت عدة مرات ، وضعت القلم على مكتبها واتجهت نحو مايك وقالت:

– ممن ؟.

– قال ممازحاً: قد يكون معجباً سرياً صديقتي!.

– رمقته بنظرة مخيفة وقالت: ليس وقت مزاحك مايك.

– نظر بحزن لها: حسناً.

– تدخلت زميلتها، أو بالأحرى (لورا) وقالت: أوه أناس تصلها طرود صباحية وأناس تلتقى اللوم والعتاب، أفتحيه لنرى؟.

– وضعت الطرد أرضاً وجلست أمامه وقالت: وهذا ما سأفعله لورا.

فتحت العلبة الحمراء الملفوفة بشريط أبيض بعناية، ظهر أمامها علبة بيضاء ، أنها تشبه العلب التي يستخدمها الأطباء في حفظ أعضاء الأنسان، بدأ الخوف يتسلل إلى قلبها، رفعت غطاء العلبة، مكعبات ثلج؟، حركت مكعبات الثلج بيدها، لون أحمر، تلوثت به يداها، غمست يجاها للأسفل أكثر، شعرت بشيء يلامس يدها ، أخرجت شيئاً طرياً، يبدو كعضو إنسان، أمعنت النظر به، أنه… أنه قلبٌ بشري !.

 

أخذت القلب إلى المشرحة ، و هي تجلس على كرسي أمام غرفة التشريح و ايثان يقف محني الرأس لا يرفع نظره إلى لاريسا ، فهو واثق بأنها تريد قتله ، تشارلي يجلس بجانب أخته تارة يؤكد لها بأنه من المستحيل أن يكون ما تفكر به صحيحاً، و يقف بجانب ايثان تارة يهون عليه ، لكن من سيواسيه هو؟  مايك يجول بالرواق قلق بشأن صديقته ، و اتصلت بهم سالي قائلة بأنها قادمة، مسافة الطريق فقط، نظرت لاريسا إلى ايثان وقالت وهي تكز على أسنانها:

– إن كان هذا قلب ابنتي المريض المصاب ، فكن واثقاً بأنك لن تعيش يوماً أخر فوق هذه الأرض، اعتبر نهايتك قد حلت.

لم يجبها، بل بقي صامتاً، كان الوقت يمر ببطء شديد، والصمت القاتل يضفي المزيد من الرعب على هذه الأجواء، مضت ساعة كاملة وأصبح الجميع في الرواق، قال تشارلي بغضب:

– أعتقد بأنهم لا يحتاجون لكل هذا الوقت ليعرفوا لمن هذا القلب ؟.

لاحظ نظرات الجميع له التي تقول له بأن يصمت، فسعل وصمت، عشر دقائق بالضبط كان الطبيب يقف أمامهم، قال النتيجة بوضوح، قلب كارمن ديكسون كما اتضح، نظرت لاريسا لعيني الطبيب كأنها تتوسل بأن يكون ما يقوله كاذب ، لكن الطبيب أنزل رأسه وسار بعيداً.. نظرت إلى أخيه بعيون دامعة منهارة كئيبة حزينة… كان تقف على قدميها، لكن الآن، ارتمت على الأرض تضع يدها على فمها وتبكي بحرقة كبيرة وتصرخ، بدأ ايثان يذرف الدموع، أستذهب وحيدته بهذه البساطة؟، يشعر بالندم يأكل قلبه في كل مرة ينظر لحال لاريسا، لم يقل حالها عن حال تشارلي أو سالي، حتى مايك، كان متأثراً وبشدة، نهضت لاريسا بشكل مفاجئٍ واقتربت من ايثان وقالت وهي تبكي وتصرخ:

– لن أسامحك ايثان ، لقد أخذت بهجة روحي ، سأنتقم منك.

– قال بصراخ والدموع على كلا خديه : أنت لن تستطيعين فعلها أبداً ! لم يكن الذنب ذنبي لاري ، ما الذي تريدين فعله ؟ قتلي؟ لتقتليني ، سجني ، لتفعلي إن يريحك الأمر ، صفعي ، هيا فقد تحملت العديد من الصفعات ، هل تظنين بأنك الوحيد هنا التي تملك قلب ؟.

– قاطعته بصراخ: منذ هذه اللحظة مات قلبي بموت قلب ابنتي أيها الحقير ، بلا ضمير.

– قال و هو يدفعها: بلا ضمير؟  وأنت ماذا ، إن كنت أنا بلا ضمير؟ منعتيني من متابعة التحقيق معك ، لم تخبريني بأي تفصيل يحصل ، كنت حقيرة جداً معي.

– دفعته وقالت ودموعها تناثرت بعشوائية على خديها: لأنك استحققت ذلك ، تركتني دون سبب، فتقبلت الأمر، ألمتني، فشفيت من ألمك، أضعت ابنتي، ما الذي تتوقعه ، أسامحك؟ مستحيل ايثان ، مستحيل.

– دفعها بقوة و صرخ : و من الذي يطلب مسامحتك أصلاً ، لا أحد يريدك في حياته أصلاً.

امتد الشجار بينهم لربع ساعة ، حتى تدخل تشارلي ، و وقف في المنتصف بينهما ، و صرخ بكل ما أوتي من قوة:

– هل جننتما أم ماذا؟ لقد ماتت كارمن وأنتما تتشاجران هنا كالأطفال؟ هل تظنان بأنكما الوحيدان اللذان تمران بظروف صعبة؟ هناك المئات يمر بظروف متماثلة ، بل أسوأ ن فلتوقفا تفاهتكما هذه ، هيا تعالي لاريسا.

شد لاريسا من يدها وسار بها إلى نهاية الرواق بعيداً عن الجميع، و قال وهو يمسح دموع أخته:

– لقد انتهى الأمر.

– ازداد بكائها و رمت رأسها على كتف أخيها و قالت : لقد انتهى كل شيء ، السبب الوحيد الذي يدفعني للحياة، مات ، لقد رحلت كارمن دون عودة.

حضنها أخوها و مسد على شعرها ليخفف عنها ، لم يعرف ما الذي عليه فعله ، فهو يحتاج أيضاً إلى من يخفف عنه.

مضى أسبوع كامل ، تجلس لوحدها في شقتها المظلمة ، حسناً.. هي لم تكن مظلمة… بل كانت دوماً مفعمة بالحيوية ، لكنك تشعر بأن المنازل تأخذ من حالة أصحابها… ومع إغلاق الستائر.. نعم تعشر بأنك في مكان مخيف… طلبت من سالي أن تعود لبيتها، فهي تريد البقاء لوحدها لبعض الوقت، لم تسمح لأخيها بالمجيء للسبب ذاته، كانت تنظر في أرجاء الشقة، فيتجسد خيال ابنتها أمامها وهي تركض في الأنحاء، و ضحكاتها تملئ المكان وتزينه كالقناديل، بدأت تبكي بصمت، ثم تحول لصراخ وشهقات، نهضت وكسرت كل ما رأته من زجاج أمامها، ولتحل اللعنة على ايثان !

بعد نصف ساعة من التكسير والتخريب، نظرت حولها، لمحت مجفف الشعر على الأرض، اتجهت نحوه وهي تترنح في سيرها، التقطته بيدها، وجرت كرسياً آخر بيدها الأخرى، وضعت الكرسي أسفل المروحة، و وقفت عليه، أحكمت عقد حبل المجفف، وشكلت دائرة يتسع لها رأسها، وضعت رأسها داخلها ودفعت الكرسي للخلف، اصطدم الكرسي بالخزانة الزجاجية التي تضع بها بعض الأدوية، فوقعت مما أحدث ضجة، وتناثرت شظايا زجاجية وأصابت إحداها جبينها.. فشعرت ببعض الدماء على شفتيها… لم تحاول المقاومة، هي من اختارت هذا الحل، سمعت صوت فتح الباب، كانت على وشك الإغماء، أخر جملة سمعتها كانت:

– ما الذي تفعلينه أيتها المجنونة ؟

استيقظت في المشفى، نظرت حولها فرأت أخوها يجلس بجانبها على الأريكة المقابلة للسرير، كانت تشعر بألم شديد في كل أنحاء جسدها، أدركت بأنه هو من أنقذها الليلة الماضية، على ما يبدو بأنه قدم لزيارتها، أو لم يتركها للحظة منذ إسعافها للمشفى، لقد اختارت توقيتاً سيئاً للانتحار، لكن ما الذي يدل على أنه لم تمت ، على أن هناك أمراً عليها اكتشافه بعد ؟ أغمضت عينيها، ولمست جبهتها ، شعرت بألم.. التفتت نحو المرآة الموجودة على الجدار.. هناك لاصقة طبية؟ على ما يبدو بأنها جرحت… تنهدت.. وقالت بصوت شبه مسموع وهي تبتسم وتبكي بآنٍ واحد:

– أعاهد نفسي على أنني لن أعاود محاولة إيذاء نفسي، إن أردت إيذاء أحد، لأؤذي ايثان، وسأعاود عملي، وسأنسى ما حصل، سأطوي تلك الصفحة، سأحتاج لوقت طويل لأتأقلم، لكنني سأفعلها نهاية، قد أحاول إيذاء نفسي مرة أو مرتان بعد هذا العهد، لكنني سأتعلم، هناك أمر على ما يبدو لم أنهيه بعد، و أخيراً، أقسم بأغلى ما أملك، إن رأيت ايثان مرة أخرى سأنتقم منه، سأريه ما أراني، كيف حرمني من ابنتي ؟.

شعرت بيد على كتفها، كان أخوها، على ما يبدو بانه سمع كل المعاهدة، لا يهم، وليسمع، هي ستخرج من هنا وستبدأ حياتها من جديد.

 

–  أرأيت؟ هل ألمك لتلك الدرجة؟.

– قالت لاريسا وهي تمسح دموعها: نعم، ألمني كثيراً.

– على الأقل هذه المرة صمدت للنهاية لاريسا ، استطعت مواجهة ماضييك.

– قالت و هي تعاود البكاء: لم أعد أريد الصمود ، لا أريد أي شيء ، أريد ابنتي وحسب ، أريد نفسي القديمة.

– قالت ببرود: ابنتك ماتت ولن تعود مرة أخرى، اقتنعي بهذا الأمر… لا تعيشي في الأوهام عزيزتي… لكن، نفسك القديمة؟ أتقصدين الحمقاء التي كانت تصدق كل شيء؟ أم تلك القوية التي صمدت أمام قضية ابنتها؟.

– قالت صارخة: لا تلك ولا تلك ! أريد نفسي! الطفلة البريئة! ليتني مت وأنا طفلة ! ليتني مت قبل أن أمر بكل هذا!.

– قالت الأخرى غاضبة: و ما كل هذا الضعف ، أكل هذا لأنك التقيت بايثان؟ يا لك من حمقاء وضعيفة ! تتأثرين لمجرد رؤيتك نذل على العالم التخلص منه.

حل الصمت في الغرفة، لأن لاريسا لم تعد قادرة على إكمال النقاش العقيم مع الأخرى خاصتها، أسندت رأسها للوراء و بكت بصمت ، منذ متى وهي مخطوفة ؟ هل مضى يوم؟ يومان؟ ساعة؟ هي لا تعرف، ولا تريد أن تعرف… أغمضت عينيها، بعد مدة ليست بالقصيرة، شعرت بيد على كتفها، فتحت عينيها بتثاقل، أنه ايثان، فتحت عينيها على مصرعيهما، و دفعته بعيداً وصرخت:

– كيف تجرؤ ، ما الذي تريده؟.

– قال بهدوء: عليك سماعي لاري…

– قالت صارخة به: لن أسمعك ، أي لن أسمعك.

– قال بنفاذ صبر: لا تضيعي الوقت هكذا.

– أي وقت؟ أنا لا أضيع الوقت ، بل لا أريد إمضاء ثانية معك ، أنت من تضيع وقتي.

– قال صارخاً بها: فلتصمتي لاري ، دعيني أشرح لكِ فقط.

– لا وألف لا ، أليس لديك كرامة!.

– الكرامة تموت أمام الأهداف لاري.

– الكرامة فوق كل شيء ، و لا تموت أبداً.

– قال بغضب: لا تغيري الموضوع ، لا تتهربي.

– قالت و هي تسخر منه: وما الذي ستستفيد من التكلم معي ؟ أخبرني ، هل ستعتذر عن أخطاء الماضي ، أم ستتكلم بتفاهات بأنك ما زلت تحبني و..

– قاطعها وهو يمسكها بكلتا يديه وقال: الأمر أهم من هذه التفاهات كما قلتِ…

نظرت له بعينيها بغضب شديد… شعرت بشيء يخزها بيدها، حولت نظرها ليدها، إنها أبرة، على ما يبدو بانها ستعاود النوم… حملها ايثان وقال بندم:

– هذا الحل الوحيد المتبقي أمامي، أنتِ عنيدة جداً.. أعتذر.

الفصل الثالث:

حقيقة الماضي

( في بعض الأحيان نشاجر ونرفض ونمانع، ولكن يتضح بأن الأمر من مصلحتنا نهاية، فنندم عندما تضيع الفرصة من بين أيدينا….)

صفعته بقوة وقالت صارخة به وتطايرت دموعها في الهواء:

– كم أنت لعين! كيف أوهمتني بأن كارمن ماتت؟.

– وضع يده بتألم مكان الصفعة وقال بألمٍ: فقط اضبطي أعصابك قليلاً، ودعيني أشرح لكِ لاري.

– قالت و هي تجيء و تذهب بالصالة بتوتر وغضب: أين هي الآن؟  أريد رؤيتها.

– انتظري يا فتاة! دعيني أشرح لك فقط! اهدئي و أجلسي ، ما زالت قدمك مصابة .

توقفت للحظة وحاولت التنفس بعمق… تحسست قدمها.. نعم ما زالت تؤلمها… نظرت عبر النافذة الزجاجية التي تطل عل حديقة الأمامية لمنزل ايثان… أنها تثلج.. ارتمت على الأريكة وقالت:

– هيا قل لي ايثان، كل شيء، و بدون أي كذب أو نقصان! و بسرعة أيضاً.

جلست مقابل ايثان على الأريكة وهو على الكرسي، أرجع رأسه للوراء وهي أمعنت النظر به، تهرب من نظراتها وشبث نظره بالسقف… بعدها بدأ السرد قائلاً:

– انظري، هناك الكثير من الأمور التي لا تعرفيها ولكي لا نضيع الوقت، لأن كل ثانية مهمة بحق، سأخبرك بالمهم فقط..

– إذاً اسرع.

– أخذ نفساً عميقاً، نظر إليه… هرب منها مرة أخرى وألقى نظره بعيداً وقال: بدأ كل شيء بعد طلاقنا بسنة تقريباً، قبل رأس السنة بشهر على ما أعتقد، أنت شرطية، فهناك الكثير من المجرمين ممن يريدون رأسك لاري، وهناك أحدهم..

– قالت بتلقائية: قل اسمه؟..

– لا داعي لمعرفة ذلك… المهم، فقد مات على أي حال…. يريد الانتقام منك من خلال كارمن، ولكي أحميها وأحميك منه، قررت إخفائها عن الجميع وإيهام الجميع بأنها متوفية… خاصة أنت وهو.. أتعرفين؟ عندما أخبرتها بذلك، جنَّ جنونها، كانت تصرخ بأنني حقير ولعين! وكيف يطاوعني قلبي لأحرمك منها.. لم تقتنع حتى شرحت لها كل شيء، لا أعرف كيف هدأت حتى، تعرفين بأنها كانت مختلفة عن الجميع، أنها الابنة التي يتمناها أي أحد، أنها نسخة منك، بكل شيء، كل ما حدث، هو أنها بعد أن استوعبت الأمر وهدأت، وافقت.. بحثنا عن أي حديقة بكاميراتٍ معطلةٍ، وذهبنا إلى هناك، نفذنا خطتنا، فذهب تشارلي إلى الحمام، استبدل ملابسه وأخذ كارمن بعيداً، لكي تكون التمثيلية حقيقيةٌ إن رآنا أي أحد… ثم بدأت تبحثين كالمجنونة هنا وهناك، وتتهميني بكل شيء…..

– قالت بصدمة: تشارلي كان يعرف؟.

– قال بتنهد: نعم..

– قالت بخوف: و.. والقلب.. كيف حصلتم عليه؟.

– قال بجدية: هل أنت غبية؟ ألا تعرفين بأن كارمن مصابة بمرض بالقلب؟ كل ما حدث بأنها قامت بعملية زراعة قلب، و لكي تبتعدي عنها، وتكفي عن البحث لأنك حرفياً كنت ستوافقين على أن تعودي إلي مقابل عودة كارمن!، ولأحميكِ وأحميها، اضطرت لأوقفك عند حدك وأقنعك بأن كارمن متوفاة… فأرسلت القلب لك.

– وقفت وهي مصدومة: أنت تكذب صحيح؟

– قال مبتسماً بحزن: كلا.

– مررت يديها من بين شعرها وقالت بتلعثم: ك-كارمن حية.. ابنتي. بهجة روحي ما زالت حية! استطيع أن احضنها وأشم رائحتها من جديد! استطيع أن اشعر بها! هذا ليس حلما أليس كذلك؟

– قال مبتسماً لها: ليس حلماً، أنها حقيقة

– قالت بسعادة وبكاء في آن واحد: أريد أن أراها ، أين هي؟ قل لي، كيف أصبح شكلها؟ هل ازداد طولها؟ أخبرني فقط..

– قال بابتسامة حزينة: لقد أصبحت تشبهك كثيراً شكلاً ومضموناً.. لكن..

– قالت بنظرات قلقة: لكن ماذا؟.

– قال وهو يغمض عينيه: أريد مساعدتك بأمر ما…

– قالت بابتسامة طفولية: صحيح بأنني منزعجة منك لخطفي وأخذ ابنتي مني.. لكن قل! طالما عادت ابنتي فسُيحل كل شيء!

– تنهد وقال: هذا ما أريد مساعدتك به، البحث عنها.

نظرت له… هل هو جاد.. اخفض نظره للأرض هرباً من نظراته المستفسرة الغاضبة.. لا تكاد تخرج من مصيبة حتى تدخل بأخرى… تنهدت بقوة وقالت:

– لتحل اللعنة عليك ايثان.

– تنهد وقال: أعرف…

بدأت تتنفس بعمق، تحاول تهدئة نفسها، لكن تلك طبيعتها، أنها لا تعتبر الهدوء سلاحاً.. بل هي تفضل المواجهة المباشرة، لا تستطيع أن تكون هادئة بمواقف كهذه، قالت بغضب وصراخ:

– ألا تستطيع أن تحمي الفتاة!

– قال بدافع عن نفسه: انتظري لاري! لا تطلقي أحكاماً قبل أن تفهمي ما الذي حدث بالتفصيل، لم أخبرك بالحقيقة كاملة حسناً؟.

– تسارعت أنفاسها وقالت: انظر… من الذي يعرف بأن كارمن مخطوفة حالياً؟.

– تشارلي سالي أنا وأنت..

– نظرت له باستغراب: سالي؟ كيف عرفت سالي!

– قال بهدوء: لقد أصبحت صديقتي بعدما انفصلنا، وعرفت بأن كارمن معي.

– رمقته بنظرة غضب وقالت: حتى صديقتي تريد أخذها مني ، ألم تكتفي بابنتي وأخي ؟.

– قال بانفعال: لم أصادقها سوى لأعرف أخبارك يا ذكية.

– قالت متهربة من جملته الأخيرة: هذا ليس موضوعنا… أين كانت كارمن؟ هل هربت أم خُطفت؟ أم أنك تخدعني؟.

– قال بغضب: عبقرية ، لما…

 

………………….

 

أجلبك طالما أريد خداعك ؟ أولاً.. كلا لم تهرب ، هذا مستحيل ، ثانياً كانت في المدرسة الداخلية.

– قالت بصدمة : مدرسة داخلية ؟ تابعت بغضب: مدرسة داخلية ! كيف تجعلها بعيدة كل هذه المسافة ، هل أصاب شيء عقلك ، كيف ستعرف ما الذي يحدث معها ؟ يا لك من مستهتر!.

– أنها رغبتها ، تريد دراسة الصحافة.

– ارتسمت ابتسامة مفاجئة على وجه لاريسا و قالت بحنان : الصحافة ؟ أهي تريد أن تصبح صحفية؟.

– قال مبتسماً: نعم، أنه حلمها.

– قالت و هي تبكي : لقد كبرت كثيراً على ما يبدو ، لقد كدت أراها مرة أخرة.. لكن.. منعني القدر كعادته ! دائماً ما يقف بوجهي!.

– قال بتنهد : ست سنوات ، لم تكن بالهينة.

– نظرت له و قالت ببرود مفاجئ : لا يحق لك أن تتكلم.

– نهض وقال: أرجوك لا تبدأي ذلك الفيلم ، سنعمل معاً للبحث عنها، أنها ابنتي كما هي ابنتك ، حسناً؟.

– نهضت و قالت : هذه ستكون المرة الأخيرة التي نعمل بها معاً ، فأنا لا استطيع مسامحتك..

– قال و هو ينظر لها: أعرف… من الصعب فعل ذلك.

– قالت بجدية: كيف عرفت بأنها مخطوفة؟.

– لقد كانت مكالمة.

– مكالمة؟.

– نعم….

– قالت بجدية: هل سجلتها؟.

– قال مبتسماً: طبعاً.. لم أنسى أساس مهنتي الأصلية ، هل تريدين سماعها؟.

أومأت برأسها، أخرج هاتفه، نهض عن الأريكة وسار اتجاهها وقال وهو ما زال ينظر إلى الشاشة:

– اسمعيها و قولي رأيك ؟.

عدلت من جلستها، وقربت أذنها للهاتف كل ما سمعته كانت الجمل الاعتيادية لدى عمليات الخطف ، كان يقول : غير رأيك ايثان قبل أن يحدث ما لا يعجبك حقاً ، كان صوتاً غريباً بالنسبة لها ، صوتاً ذكورياً ، لكنها سمعت في النهاية صوت شهقات و بكاء ، أنها تعرف هذا الصوت ، تأكدت بأنه صوت ابنتها، عندما سمعتها تصرخ: (ايثان! لا تستمع له! إياك فعل ذلك! أبي.. لا تستسلم! أنا بخير.. أفعل ما أخبرتني بأنك تريد فعله ! سمعت صوت صفعة مدوية ، استنتجت بأنها وقعت على خد ابنتها الغالية المفقودة ، ما جعلها تذرف دمعة رغماً عنها.. نظرت لإيثان الذي جمد نظره في الأرض هو الأخر… قالت له و هي تحاول التماسك:

– الأمر متعلق بك؟.

– قال و هو يحاول كبح دموعه : مستحيل… لقد تركت سلك الشرطة منذ خمس سنوات… و أعددت افتتاح متجر زهور هنا ! و حياتي مستقرة منذ ثلاث سنوات ! ابتعدت عن صخب الحياة كلها من أجل أن أبقي كارمن محمية لكن..

– قالت وهي تتنهد: لكن القدر منع ذلك.. أراد اللعب بطريقة أخرى لم يلتزم ولن يلتزم بالقواعد…..

– عدل بجلسته وقال: أخبريني.. ما الذي علينا فعله الآن؟.

– نظرت له وقالت: هل باشرت بالتحقيقات أم لا؟ هل سنخبر الشرطة؟.

– نظر لها بقلق وقال: لا أعرف…

– قالت بجدية كبيرة: انظر.. علينا عدم أخبار الشرطة ، ستزيد الأمر سوءً.. أنا شرطية وأنت شرطي سابق… وندرك ما معنى أن تدخل الشرطة بالموضوع… نحن لا نحتاج لهم! تشارلي يجيد العمل بالحواسيب وما شابه ، كلانا شرطيان… الأمر محلول!.

– قال بجدية: لا أوافقك الرأي، من أين سيكون لدينا سلاح ! كل نملكه سلاح خدمتي الذي لم أرجعه بعد

– وسلاح خدمتي أنا أيضاً..

– قال بسخرية: ذكية بحق.. لديك سلاحان وأنت تواجهين عملية اختطاف!.

– قال مستفهمة: و رجالك ، ما وضعهم؟.

– قال بجدية: هل حدث لعقلك شيءٌ أم ماذا؟ لقد استأجرتهم فقط… وانتهى عملهم.. هم و أسلحتهم! والآن.. قولي كيف ستجلين أسلحة؟.

– ابتسمت و قالت: لدي طرقي.

– نهض وقال: قبل ذلك.. أريد أن أريك شيء.. أعتقد بأنك تودين ذلك….

– نهضت وقالت: ماذا؟.

صعد على درج الطابق الثاني ولحقت به…دخل إلى غرفة، خمنت بأنها غرفة ابنتها… أشار إلى الحائط وقال:

– انظري كيف أصبحت ؟.

اقتربت من الصورة وهي مستغربة، رسمت نصف ابتسامة على وجهها…. كانت صورة ابنتها.. حملتها عن الحائط وأمسكتها كلتا يديها.. كم تغيرت…. قالت وهي تكبح دموعها:

– كيف تسمح لها بقص شعرها؟.. لكن على أي حال.. الشعر القصير يبدو جميلاً جداً عليها.. انظر إلى عينيها.. كأن زرقتهما ازدادت بمرور السنين.. حتى النمش على وجهها أصبح أجمل.. و.. وكل شيء بها..

اطلقت كل انفعالاتها وحضنت الصورة وقالت:

– كارمن! عودي إلي أرجوك ! اشتقت لك كثيراً صغيرتي…

بقي ايثان محدقاً بالأرض منتظراً انتهاء نوبة لاريسا الدرامية، لكن بدون جدوى، فبقيت على هذا الحال على أكثر من نصف ساعة، حتى قال لها:

– لاري.. أعتقد بأننا نضيع الوقت..

– حركت رأسها نفياً وقالت: لا ! أريد رؤية الغرفة وتمعنها، أريد رؤية كيف أصبح تفكير ابنتي!.

– قال بانفعال وغضب: ستفقدين ابنتك أن بقيت هكذا يا فتاة ! أنت تعرفين بأنها قامت بعملية زرع قلب، لديها مضاعفات لتلك العملية! أدويتها بالطبع ليست معها.

– فتحت عينيها بصدمة وقالت: لما لم تقل هذا قبل الآن؟.

– لم أرد إخافتك!.

– أمسكت الصورة بيدها بقوة وقالت: إذاً أخبرني. ما الخطوة الأولى؟ هل بدأت بالتحرك أم ماذا؟.

– لأكن صريحاً.. نعم بدأت بالتحرك.. تعالي خلفي.

نزلا مرة أخرة الدرج، لكن هذه المرة، بدل الصعود هبطا كثيراً من الدرجات إلى الأسفل، الأمر الذي أخاف لاريسا… حتى وصلا إلى باب مقفل، أخرج ايثان المفتاح، فتحه بهدوء وقال:

– تفضلي آنستي.

– ليس وقت بلادتك.

دخلا كلاهما ، كان هناك ثلاثة حواسيب، رأت أخيها جالساً هو وسالي أمام حاسوبين يتكلمان ، صرخت تلقائياً:

– تشارلي!

– رفع نظره وقال مبتسماً بصراخ: لاريسا !.

حضنا بعضهما البعض، منذ سنتين لم ترى أخاها ، أبعدته قليلاً عنها و قالت:

– أنت حقير! أنت تعرف كم كنت أعاني و لم تخبرني بأنك تعرف بأنك كارمن حية!.

– قال مبتسماً بحنان: لمصلحتك، أقسم لك.

سارت نحو سالي المصدومة وقالت بفرح:

– أنت أيضاً حقيرة ! كيف لم تخبريني؟.

– قالت وهي تخفي آثار صدمتها: أعتذر عزيزتي، لكن ما الذي تفعلينه هنا؟.

– ابتسمت لاريسا وقال: خطفني ايثان لكي نبحث عن كارمن معاً ، لما لم تخبريني بأن كارمن حية؟.

– قالت بابتسامة صفراء : لقد اكتشفت ذلك مصادفة ، أردت إخبارك.. لكن ايثان منعني.. تعرفين!.

– قالت وهي متلهفة: هذا لا يهم! أخبراني ما الذي تفعلانه؟.

– قال تشارلي شارحاً لها وهو يعيد نظارته إلى مكانها:

– نحاول معرفة موقع كارمن من خلال المكالمة .

– تابعت سالي عنه: لكن الخاطف ذكي.. انظري.. لقد أتلف الهاتف بعد المكالمة.

 – جلست لاريسا بجانبهم و قالت: دعوني أرى..

اندمجت لاريسا بالأجواء بسهولة كعادتها.. أما ايثان فبقي ينظر للنافذة ومن ثم يعاود النظر إلى الثلاثي الذي انغمس بالحواسيب، في حياته لم يحب الأمور التكنولوجية ، و ندم على هذا حالياً ، نصف ساعة  و لم يصلوا لشيء… نهضت لاريسا وقالت:

– لم نصل لشيء… كل الأبواب مغلقة.

– ردت عليها سالي وقالت: لا تتشأمي يا فتاة! سيكون كل أمر بخير.

– سارت لاريسا وقالت: سأخرج لأستنشق بعض الهواء…

– لحق بها ايثان و قال: قادم معك إن لم يكن لديك مانع.

بقي تشارلي ينغمس في حاسبه.. أما سالي، فنهضت واتجهت نحو المطبخ و بدأت بإعداد بعض القهوة ، حرك تشارلي رأسه ونظر إلى الزجاج الذي يجعلك ترى الحديقة بشكل واضح ، كانت لاريسا مرتمية على الأرض، وايثان يقف أمامها.. هز أكتافه بلا مبالاة وأعاد عمله.. لكن ما كان يقال بينهم، كان مهما بالنسبة لكل منهما.. نظرت له لاريسا وقالت:

– سأتصل بجوني… بالطبع سيمدني بالأسلحة

– نظر له وقال بجدية: أنتِ شرطية وصديقك مجرم ! ما هذا المنطق؟.

– أخرجت هاتفها من جيبها وقالت: لا يهم ما الذي يعمله ، أنا أوقن بأنه أفضل شخص تعرفت إليه في حياتي..

– أفضل مني؟.

– لم يسبب لي ألماً على الأقل.

ساد الصمت للحظات، أخرج ايثان من جيبه علبة السجائر و ولاعة، قال وهو يمد العلبة للاريسا:

– هل تريدين؟.

– رفعت نظرها وقالت رافعة حاجِبيها: ألم تتركه؟

– لا.. لم أستطع.

– مدت يدها والتقطت واحدة وقالت بسخرية: لكني أدمنت عليه بعد انفصالنا.. كنت ضعيفة..

– أشعل السيجارة لها وقال: كلنا ضعفاء لاري… لست الوحيدة.

– نفثت دخان السيجارة وقالت: قلبي يحترق على ابنتي مثلما تحترق هذه السيجارة..

– قال ضاحكاً بألم: ليس أنت فقط…. بل أنا أيضاً.. وتشارلي.. أنت لم تدركي كم تعلقنا بها بالست السنوات الفائتة.

– نهضت و رمت هاتفها وصرخت: من هناك؟.

– انتفض ايثان من قوة صوتها وقال: ما الذي جرى لك يا فتاة ؟.

– قالت وهي تلتفت نحوها بقلق: هناك أحد ما كان هنا ، أنا واثقة من ذلك.

– التفت حوله وقال محاولاً تهدأتها: لا تقلقي.. سيكون هراً أو ما شابه.

– قالت وهي تتنفس بقلق: حدسي يقول لي غير هذا.

– قال بجدية: انسي هذا.. اتصلي بجوني الآن..

– قالت وهي تلتقط الهاتف عن الأرض: هذا ما أفعله..

رن الهاتف عدة رنات بدون إجابة ، حتى خرج صوت جوني قائلاً بمرح:

– صديقتي الصدوقة لاريسا ! منذ زمن بعيد.

– قالت محاولة إخفاء حزنها عنه: كيف حالك جوني؟.

– قال ساخراً: وكيف يكون حال المجرمين؟ قولي الآن.. ما الخطب؟.

– قالت بجدية: أريد أسلحة…

– قال مستفهماً: لن أخاطر وأعطيك سلاحاً واحداً قبل أن تشرحي أكثر.

– تنهدت بعمق وقالت: لا أعرف.. لكن عليك المجيء.. لأن كلامي لا يُقال على الهاتف.. و أجلب معك أسلحة كثيرة.

– تنهد وقال: أنت دائماً ما تقعين بالمصائب ، أنني قادم ، أرسلي لي العنوان.

– حسناً…

أغلقت الخط.. ونفثت دخان السيجارة مرة أخرى.. تنهد ايثان.. كان الصمت يعم المكان.. حتى قطعه ايثان قائلاً بعدما أغمض عينيه:

– أشعر بأنني عاجز.. ليس هناك أي طرف خيط بيدي لأعثر على ابنتي.. الأمر مؤلم بحق.. أنا أدرك بان من خطفها لن يعاملها جيداً.. وسيؤذيها بالطبع.. والأكثر إيلاماً بأنني عاجز.. لا استطيع إنقاذها أو مواساتها.. أنا أقف عاجزاً…

– رفعت كتفها بلامبالاة وقالت: لكي تعرف بماذا كنت أشعر منذ ست سنوات.

– قال وهو يحاول التماسك: هل تستطيعين التخفيف من حقدك واللامبالاة خاصتك قليلاً ؟ تجعلين أشك بأنك طبيعية!.

– قالت وهي تنظر إلى عينيه بحدة: أنا مجنونة.. ارتحت الآن؟ أنت لا تعرف ما الذي يحدث بقلبي لتقول عني لامبالية.. حاقدة؟ نعم أنا حاقدة عليك.. لكن لامبالية؟ هذه ابنتي ايثان… أنها روحي وفؤادي.. لذا لا تستطيع تصور أحاسيس أمٍ قلبها محروق على ابنتها.

– قال ايثان منهياً الحديث: أعتقد بأنه ليس وقت جدالات الأطفال هذه… أخبريني.. نحن ليس لدينا أي شيء لنتحرك.. هل تدركين هذا؟.

– نهضت و أطفأت السيجارة بيدها وقالت: سنتابع العمل.. دعنا ندخل

– قال مصدوماً: هل جننت لتطفئيها بيدك؟.

– قالت مبتسمة: لم أعد أشعر بشيء منذ انفصالنا ، لقد ذبلت ايثان.. لم أعد كالسابق..

نظر لها ايثان نظرة عتاب طويلة… دخلت إلى الداخل وأخبرته بأن يسرع هاربة منه ومن نظراته… لم ترَّ سوى سالي الجالسة لوحدها تفعل شيئاً ما على الحاسب ، وعندما دخلاً.. أغلقت النافذة المفتوحة و قالت بمرح:

– هي يا رفاق! هل أنهيتما حديثكما أم ماذا؟.

– قال ايثان بجدية: ما الذي كنت تفعليه؟.

– قالت سالي مستغربة: كنت أبحث عن أمر فقط..

– قال بجدية أكبر: ولما أغلقت النافذة فور مجيئنا؟.

– قالت وهي ترفع حاجبيها: ما الذي تقصده؟.

– قال ايثان و هي ينظر لها بحدة: لقد فهمت قصدي..

– قالت لاريسا متدخلة: ما بك ايثان تتهم سالي هكذا ؟ أصمت فقط ، بالطبع لن تكذب عليك ، و بماذا تتهمها ؟ لم أفهم.

– قالت سالي متجاهلة الموقف: لا يهم.. تعالي و دعيني أريك ما الذي وصلت له.

يُتبع ……..

تاريخ النشر : 2021-03-21

اية

سوريا
guest
4 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى