أدب الرعب والعام

حكايات جدتي عِطر – الجزء الأول

بقلم : إيهاب أحمد عابدين – مصر

حكايات جدتي عِطر - الجزء الأول
لن أطيل في مدح جدتي .. سأقول أنها تماماً مثل جدتك التي تحبها
إنما أعظم الذنب نسيان الفضل ، و سقاية الصائمين هي أعظم الأجر ، و العار أطول من العمر ، و الحب مفتاح للذكر و الذكر غذاء للملائكة ، و الكرم مٌلك ، و الصبر فرج ، و الزوجة سكن ، و الأب جبل ، و البيت سِتر ، و الكذب خوف ، و البخل لؤم و الجهل عمى ، و العلم نور ، و الفقير بالمال غنى بالحب ليس فقير ، و الغني بالمال فقير للحب مسكين ، الصدق أصيل ، و الوفاء خليل و النهار هدى للتائهين ، و الليل لباس للعاشقين ، و زينة اللسان لا إله إلا الله ، و السكينة رزق ، و الرزق فضل، و الفضل بركة و لا تزيد البركة إلا بالصلاة على النبي المصطفى للصلاة عليه دائمين و لسنته متلازمين ، و للبركة بنوره راغبين ، و لسيرته ذاكرين ، و في أول كلامنا نصلي على النبي .

ما كنت أعي وقتها من أين تأتي جدتي بهذه الحكم العجيبة ، و لماذا تبدأ كل حكاية بهذه الحكم ، و كيف امتزجت الحكمة البسيطة بالمعنى العميق ، و أي علم تعلمته جدتي لكي تنظم نثراً و تحفظ شعراً و تلقي مربعات الشعر العروسي ، و كيف لها أن تصف مشهد الحكايات كوصف نجيب محفوظ لزقاق المدق ذو الخمسين متراً بتفاصيله الدقيقة ، و كيف أتقنت فن الحكاية المتسلسلة بالتشويق المحفوف بالأدب الروسي ، و كيف اهتمت بالنفس البشرية كديستويفيسكي ، و ما هي أصل تلك الحكايات ، و ما هي العنقاء ، و من هو الخل الوفي ، و من هي النداهة ، و ما هي حكاية الصدفة الوشواشة ، و ما هي سر الدجاجة الزرزورة و البطة المسحورة و خوص الترع ، و ما السر في وادي عبقر ، و ما هو القطرب ، و من أين جاء و لماذا يمنعون الحوامل من لقاء الحالقين من الرجال ، فعجباً لما يصنعون و يصدقون !!

– ما إن تسكن الأصوات ، و تهدأ الأقدام ، و تتوارى الشمس خلف السحب ، لتحجب نورها عن أعشاش العصافير العالقة بنخيل القرية ، حتى يتعسعس الليل ليفرض ظلامه على أرض القرية و حقولها لتختلط أنغام العصافير بأصوات أمهات القرية الباحثات عن أبنائهن المنتشرين بين حقول و قنايات القرية ، و حين كان أبنائهن يتلكعون في إجابتهن للنداء ، كنت أنا و أبناء عمومتي نستبق مسرعين إلى بيت جدتنا ، و كل منا يحمل بين قدميه المسرعتين أمل في أن يجلس قريباً من الجدة (عِطر) لنستمع إلى حكاية الليلة ، و ما إن نقترب من بيتها حتى تباغتنا رائحة خبيزها و ما أعدَّته من عشاء لتستقبل به أحفادها المنهكين طيلة نهارهم بين اللعب و الجرى في حقول القرية ..

و حين تفتح باب بيتها نتهافت جميعاً ، نتسابق إلى ذراعيها ليرتمي من يسبق أولاً بين أحضانها ، و يأخذ القدر الأكبر من الحنان و الحب ، و كانت تساوى بيننا في الحب و الترحيب ، ضيوف صغار يحلون عليها كل ليلة دون إذن أو ميعاد ، و لعمري من منا يمكن أن يصف من يحب !! فحين تحب بصدق لا ترى عيوب حبيبك و لا يسعك إلا أن تصفه بأجمل الكلمات و ألين الصفات و أطرب الحسنات ، و لم تقتصر و تمتاز جدتي فقط بما ذكرت ، و لن أطيل في مدحها و ذكِر مناقبها في تكويني ، بل سأخبرك أنها تماماً كجدتك التي أحببت ..

أسرعت في غسل يدي بعد فراغنا من تناول العشاء ، و هرعت مسرعاً لأجد مكاني في حلقة حكايات جدتي كما هي كل ليلة ، جلست و تأهبت لحكاية الليلة بكل آذان صاغية لا يشوش عليها إلا طنين الحقول المحاطة بنا ، و عويد الليل بصوته المتخفي تحت صوت كهرباء الضغط العالي المار بقريتنا الصغيرة ، و بعض خوار من تبقى مستيقظاً من الأبقار المنهكة نهاراً في حقول القرية و هزيز أعقاب النخيل التي تخللت من بينها رياح لها نسيم تسرب من بين ثنايا البيوت الطينية ، ليلتف بحلقة حكايتنا لكي تكتمل الصورة المنطقية لإطلاق الخيال إلى مداه ، و تصور كل ما تحكيه جدتي من مشاهد موصوفة بعناية لتبدأ الحكاية ..

و سأقوم فقط بنقل ما روت لي بعد إضافة الفصحى ليتذوقه الجميع .. فهيا نبدأ سرد و نقل الحكاية الأولى و لتبدأ جدتي عِطر بالكلام …

– ( إن أردت عودة الطرب عليك بتقديم الذهب)

حملني والدي على كتفيه بعد إلحاح مني لكي أرى الشيخ (هلال) و هو ينشد إنشاده الطروب في ليلة زفاف ابنه الوحيد (تاج) ، و كانت القرية في أشد زحامها يومها ، و لم أرَ زحاماً بهذا الشكل قبل ليلة زفاف (تاج) ، و لم تتوقف قوافل المدعوين شرقاً و غرباً من القرى المجاورة و النجوع البعيدة عن قريتنا إلى الشادر المقام أمام منزل الشيخ (هلال) منشد و مداح قريتنا و بركتها ، صاحب القبة الخضراء و مؤذن الجامع الكبير الذي بناه أجداده منذ زمن ، و توارثوا فيه الأذان و الإنشاد و المدح في آل بيت رسول الله .

تمايلت الأجساد و اهتزت الرؤوس ، وسكن الوجد العقول من طربها بما ينشد به الشيخ لأشعار ابن الفارض و هو يمدح به أهالي القرية ، و صاحت الأصوات بالله حين قال ( لو أن روحي بيدي و وهبتها لمبشري بقدومك لم أنصف ) ، و تمايلت معهم و أنا على كتف أبي ممسكة بعمامته حتى لا أسقط من على كتفه ، و تعالى صوت الشيخ (هلال) بالمديح في حضرة المحبوب ، و استبشر الناس ، و ضحكت القلوب ، و تهافتت الأذان لمزيد من الطرب للشيخ (هلال) ، و تقدم المدعوين لإعطاء الهدايا لـ (تاج) ابن الشيخ (هلال) ، داعين الله أن يرزقه بالخلف الصالح ، و أن يتم عليه زواجه بخير ..

نظرت خلفي لأجد هودج العروس قد اقترب مزيناً بالأزهار ، يقبع على ناقة مزينة تنظر من بين أهداب أعينها للمدعوين كي يفسحوا طريقها ، يتدلى من رقبتها حبل يمسكه والد العروس (شَمل) ليسلمها إلى بيت زوجها (تاج) ، لتقيم معهم في أفضل بيوت القرية و أغناها ..

تمت المباركات و انتهت الولائم ، و لم ينسَ أحد من القرية زفاف (تاج) و (شَمل) ، و ظل زفافهما حديث أهالي النجوع و القرى البعيدة عن قريتنا ، مرت الأيام و مرت الشهور ، و انتظرت القرية سماع بشرى حمل (شَمل) زوجه (تاج) ابن الشيخ (هلال) ، و لم تحدث البشارة ، و ساد الحزن على بيت الكرماء و انطفأ نور بسمة الشيخ (هلال) ، و لم يعد يؤذن كل أذان في الجامع الكبير ، و اقتصر على الصلاة خلف الناس ، و وكل أحدهم بخدمة الجامع الكبير ، و بقي معتكفاً في بيته على أمل البشارة لحفيد يرث تراثه من الشعر و النوادر و تراث أهل المدح و الثناء .

كان (تاج) وقتها يتخافى عن أعين الناس ، يرتحل كل ليلة و لا يعود إلا فجراً مصطحباً بيده حيثياً أو عطاراً لكي يصف لزوجته دواءً حتى تنبت الزهرة الوريثة لبيت الشيخ (هلال) ، و تمر الأيام تليها الأيام ، و ينعدم الأمل ، و يقتصر العمل و يبقى (شَمل) و (تاج) حزانى على حالهم ، راجين الله بكل سبب أن يرزقهم بولد ، لينير عليهم حياتهم المظلمة ، و ليبث العافية في الشيخ (هلال) الذي أصبح طريحاً للفراش ، مكبلاً بالحزن ، يكاد يموت كبداً و قد انقطع أمله في نعيم العمر كما وصف ، ليرحل عن دنيانا و حاله يصف كلمة واحدة ، لقد حرمت من (نعيم العمر ) .

ساد الحزن القرية ، و تبدلت الثياب ليكسوها السواد ، و عصبت القبة الخضراء بالقماش الأسود حتى ترها القرى و النجوع ، فتتوافد لعزاء الشيخ (هلال) ، و أقيم الشادر أمام بيت الشيخ (هلال) ، و توافد المعزون و ازدحمت القرية ، و خرجت القرى المجاورة عن بكرة أبيها لكي تقيم عزاء الشيخ (هلال) و تواسي ابنه الشيخ (تاج) ، و ذهبت يومها بعد إلحاح على أمي لكي تأخذني معها إلى العزاء المقام للنساء في بيت الشيخ هلال ، و حين وصلنا إلى بيت الشيخ لنرى (شَمل) و باقي نساء القرية ، و قد اكتظت وجوههن بالحزن و انطفأت أنوار بسمتهن بانطفأء نور الشيخ (هلال) .

و في دهشة رأيت الجميع ينظرن إلى من يدخل من الباب فنظرت معهن لأجد غجرية قد اقتربت من العزاء بلباس غير معهود أن نراه في قريتنا ، و بوجه يمتزج بالحزن و الطيبة ، و عين راقبة لكل نسوة القرية الناظرات إليها في تبجح ، و كيف للغجر أن يأتوا إلى قريتنا !!

لم تكترث الغجرية إلى نظراتهن و أكملت خطواتها إلى أن وصلت إلى المسكينة الحزينة (شَمل) ، و اقتربت من أذنيها و جميعنا نترقب فعلها ثاقبين الأنظار ، مصغين الأذان لكي نسمع ما تسره الغجرية إلى (شَمل) ، و لم يطل سكوننا حتى ارتفع صوت (شَمل) بالترحيب بالغجرية في دهشة من الجميع ، و أجلستها بجانبها و أشارت إلى نساء القرية أن يفسحوا مكاناً لها لكي تجلس بجانبها !!

جلست الغجرية في انتصار منبسطة الأسارير منفرجة العينين ، تنظر إلى باقي نسوة القرية في تعزز بأنها ضيفة مرغوب فيها ، مقربة من (شَمل) في مجلسها ، زادت دهشة باقي النسوة من ترحيب (شَمل) بهذه الغريبة ، فلم تعهد القرية أن ترحب بمثل هؤلاء من الغجر ، لا في مجالسهم و لا في جيرتهم ، فإن أكثرهم يمارسون السحر و الشعوذة و الدجل ، و قليل منهم يمتازون بالحكمة و الطيبة ، و هم أهل ترحال لا مأوى لهم و لا بلد ، اقتصرت بقية النساء على رمق النظر إلى الغجرية و (شَمل) في فضول ، حتى قاطعتنا (شَمل) بقولها (عظم الله أجركم في الجنة) ، و كانت هذه المقولة تقال في رد العزاء حينها ..

قامت نسوة القرية في غرابة من موقف (شَمل) ، و إنهائها للعزاء فجأة بدون أية مقدمات ، و بدأت النسوة في الارتحال يجررن أذيال الفضول و العجب من أفعال (شَمل) و الغجرية ، و رحلنا أنا و أمي مع من رحلوا من نسوة القرية الـلاتي لم يتبقى لهن إلا النميمة و الحديث الغالب عليه الضيق من أفعال (شَمل) مع الغجرية ، و كثرت الأسئلة و امتزجت الحقيقة بالكذب ، و لم أتذكر وقتها ما قيل عن الغجرية و (شَمل) ، و ذلك من كثرة الأقاويل فيهما ..

و مرت الأيام و تباعدت الأوهام عن ما هية الغجرية ، و لم تظهر بعدها في القرية مرةً أخرى ، و تناسينا ما حدث وقت عزاء الشيخ (هلال) ، و لم تفصح (شَمل) عن سر الغجرية و اهتمامها الزائد بها ، إلى أن استيقظت القرية يوماً على صياح من فوق الجامع الكبير بصوت مرتفع للشيخ (تاج) ، أبشروا يا أهالي قريتنا أبشروا يا أهالي قريتنا ، قد أتم الله لنا العزة و الأثر ، لقد حملت زوجتي و أضاء رحمها ببركة من الله (هلال صغير) إن شاء ربي ، و له الحمد و المنة ، و منكم الدعاء و عليه الإجابة ..

تهللت القرية و استبشرت ببشرى وريث الشيخ (هلال) من ابنه (تاج) ، و قد عزم (تاج) على أن يسميه (هلال) إن كان المولود ذكر ، و رفعت الأيادي بالدعاء له بالاكتمال و البركة لمولده القادم (هلال الصغير) ، و تأهبت القرية في انتظار بشرى الولد ، و مرت الشهور كالأيام ، و توالت الليالي إلى أن جاء المخاض ، و هبت ريح المولود الصغير تستأذن في الخروج للدنيا ..

تزاحمت النسوة أمام بيت الشيخ (هلال) ، و جاءت قابلة القرية حينها الست (موفقة) لتقطف ثمرة (تاج) و (شَمل) ، و انتظرت القرية الوليد ، و تأخرت البشارة ، و امتزج الانتظار بالقلق ، و جفت الحلوق و شخصت الأبصار و ساد الصمت إلى أن سمع جميع المنتظرين نساءً و رجالاً ، أطفالاً و شيوخاً ، و سمعت أنا معهم نغمات صافية رقيقة طروبة ، ببكاء متقطع اختلط بصوت عذب كأنه طيرٌ شرب من أنهار الجنة ، ارتفع الصوت النغيم طرباً و ارتسمت الدهشة على وجوه أهالي القرية ، من أين يأتي ذاك الصوت الذي تمايلت معه رؤوس المنتظرين حتى كُسر الصمت بصياح الست (موفقة) .. الله أكبر الله أكبر

و خرجت و في يدها لفافة بها طفل لا يبكي مثل أطفالنا ، بل ينغِّم بالبكاء ، يختلط بكاؤه بنغمات تخرج من فمه لتعلو على بكائه ، صوت لا يحويه وصف من جماله و طرابته ، علت الأصوات بالله أكبر ، بين دهشة و حيرة و ريبة ، التقف الشيخ (تاج) ابنه من يد الست (موفقه) ، و جلس به أمام بيتهم و في يده عمامة أبيه الشيخ (هلال) ليلبسها على رأس الصغير و هو يقول .. (هلال الصغير) و ريث (هلال) الكبير جاء لنا بكرامة .

و لم يتعجب حينها الشيخ (تاج) مما يحدث لولده الصغير ، و لم يتعجب باقي أهالي القرية ، فهم يعتقدون منذ زمن أن بيت الشيخ (هلال) بيت مبروك ، و هذه كرامة تحوم حول القرية لتحط على أكرم بيوتها و أكثرها أصلاً ، و لم تجد مرامها إلا في بيت الشيخ (هلال) لتحف حفيدهم ، انتشرت الكرامة بين باقي أهالي و نجوع القرى المجاورة ، و جاءت لتشاهد و تسمع بكاء الطفل الغريب ببيت المرحوم الشيخ (هلال) مداح القرية ، و جاءت أعداد غفيرة و بقيت لأيام ستة تسمع نغم بكاء (هلال الصغير) من بين جدران بيتهم ، و اقتصر الشيخ (تاج) على أن يطل عليهم بولده من شرفة البيت ، و ذلك بعد إلحاح المريدين حتى يشاهدوا (هلال الصغير) ببكائه العندليبي العجيب .

أقام أهالي القرية شادراً كبيراً أمام بيت المبروك (هلال) الصغير ، و ذلك للاحتفال بسابعة مداح قريتهم ، و فانوس كرامتها ، و نورها المضيء ، وريث المدح و الثناء و الإطراء و الغناء ، شريفهم بين باقي أهالي القرى والنجوع ، و وريث مداحهم الكبير المرحوم .. و بقيت الأعداد في الازدياد و السابع في الاقتراب ، و شاع الخبر شرقاً و غرباً فزاد في عدد الناس الراغبين بمشاهدة كرامة وليد الشيخ (تاج) الحفيد (هلال الصغير) ,,

و بزغ فجر اليوم السابع ، و اضاءت الشمس ، و صفيت السماء ، و استعد الجميع للقاء ، و ما إن ظهر عليهم من شرفة منزله حتى تعالت أصواتهم .. الله أكبر الله أكبر ، ثم سكنت رويداً رويداً حتى تسمع طريبة (هلال) الصغير ، و توهج الصمت ثم غرق الجميع في الصمت ناظرين إلى (هلال) الصغير بشرفة منزله على أمل أن تظهر كرامته ، و لم ينطق حينها (هلال) الصغير لا ببكاء و لا بغناء !!

عبست الوجوه ، و افتقرت النفوس ، و جلس الجميع ينظرون و يتناظرون بينهم بهمس و عبارت و عيون جاحظة يملؤها الغضب ، و تعتريها الحيرة ، و بقي الجميع يسألون أين الكرامة ؟ أين البكاء الطروب للطفل ؟؟

امتعض الشيخ (تاج) و هو ممسك بولده بحنان و رفق ، و أدار ظهره إلى الناس آخذاً بولده إلى داخل البيت ، ثم صاحت (شَمل) بصوت مسموع مرتفع يسمعه أقصى المنتظرين :

أنا من تسببت بخرسك يا ولدي ، أنا من تسببت بكرامتك و أنا من تسببت بلعنتك ، سامحني يا ولدي و عليك اللعنة يا زوجي …

يتبــع …..

تاريخ النشر : 2016-12-19
guest
30 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى