تجارب من واقع الحياة

حكايتي مع الزمان

بقلم : صاحبة القلب الطيب – الجزائر

حكايتي مع الزمان
هذه حكايتي مع الزمان .. و الحمد لله

أنا إنسانة سأحكي لكم قصتي ، كنت فتاة أعيش في كنف أبي و أمي و إخوتي ، أكملت الليسانس و سافرت للخارج و أكملت الماجستير ، خطبني صديق أخي فوافقت عليه خاصة أن أبي مدحه لي ، و كان دكتور درس مع أخي في فرنسا ، و لأن عائلتنا محافظة جداً رفض والدي أن أتكلم معه ، فاستسلمت للأمر ..

المهم .. تزوجنا و في أول يوم أحسست أنه ليس طبيعياً ، كان مرتبكاً جداً ، و حتى ليلة الدخلة لم تتم بشكل جيد ، لكن قلت ربما هو متعب من العرس أو مازال متأثراً من وفاة أمه ” توفيت قبل شهرين فقط ” .. سافرنا إلى مدينة ساحلية و لم تتم مراسم الدخلة إلا بعد إحدى عشرة يوماً ، و كان غريب الأطوار ، فهو لا يتكلم أبداً ، و يجيب فقط على الطلبة الذين كان يؤطرهم في الماجستير .

انتهت أيام شهر العسل و رجعنا إلى مدينتنا ، و توالت الأيام و كل يوم اكتشف أنه ليس طبيعياً ، فهو غير اجتماعي بتاتاً بتاتاً ، و أناني جداً ، يعاملني باحترام لكن لا يشاركني في أي شيء ، و كل وقته في المنزل أو نائم ، مضت الأيام و لاحظت أنه لم يحصل حمل ، و أنا أحب الأطفال بشكل كبير جداً ، فذهبت للطبيب أكشف عن نفسي ، فطلب مني الكثير من الفحوصات ، و بعدها صرح الطبيب أن لا شيء يمنعني من الإنجاب ، و طلب فحوصات لزوجي ، و بعد جهد وافق و عملها ، فاكتشف أن لديه مشكل عويص في الخصوبة رغم أنه ليس عقيم تماماً ، و سألني الطبيب أن هذا العيب يسببه نوع من الأدوية خاصة بالأعصاب ، فقلت له هو يتناول أدوية و لكن يقول هي تخص مرض في يده ..

بعد كلام الطبيب بدأت أنتبه ، فحاولت قراءة ورقة تعليمات الدواء فلم أجدها ، كان يرميها ، لم أفهم فطلبت منه أن يوقف هذا الدواء لأنه سبب عدم الإنجاب حسب قول الطبيب ، و بعد إصرار كبير أوقف تناوله الدواء .

لكنه بعد أسبوع بدأت تظهر عليه أعراض غير طبيعية كثيرة ، فيوصلني للعمل و بعد ذلك يذهب لبيت أهلي كي يرجعني و أنا أبقى أنتظر حتى لا يبقى أحد بمكان العمل ، و يقول أشياء غريبة في السياسة و في الدين ، حتى أن ما يجري الآن في سورية و الشرق الأوسط ذكره هو لي في 2005 !! و لما أقول له ما هذا الكلام ، يقول لي هذا هاتف في أذني اليسرى أخبرني به .. هذا مثال فقط عما يقوله ، و لو أحكي لكم كل الأشياء ربما يصيبكم الجنون ، بالإضافة إلى أنه يحكي مع نفسه بيديه ، و يضحك كأن جماعة معه ، فاحس بالخوف .. كل هذا و الله يعلم لم أحكي لأهلي كلمة .

عانيت في صمت لأني كنت أحبه ، و قلبي يعتصر من الألم .. المهم ، بعد كل هذه الأعراض عانيت الكثير الكثير الكثير ، أصبح الأمر لا يسكت عليه ، فكلمت أخوه و كان طبيب ، و أعلمته بالأمر ، فقال لي صارخاً .. لماذا أوقف الدواء ، إنه دواء للأعصاب ليس كأي دواء ، لا يوقفه إلا بأمر من الطبيب ، عندها فهمت و بعدها جاء أخوه و أخذه لطبيب أعصاب ، فأعطاهم دواء أقسى من السابق ، و كان يوم فأصبح نائماً على الدوام ،و كأنه مخدر و قال هذا الدواء يأخذه مدى الحياة ..

يا إلهي أنا تزوجت لأعيش حياة عادية ، لم أهنأ حتى للحظة ، لكنني حمدت الله و واصلت خدمته ، تربيت أن الزوج مقدس ، المهم بعد 3 سنوات قلت له الحل هو التلقيح الصناعي ، و عملنا التلقيح 3 مرات و لا أحدثكم على الألم النفسي بعد فشل التلقيح ، إنه الموت الحقيقي ، الأمل أصبح سراب ، صبرت و صبرت و كنت أدعو الله و أنا متعبة و أقول :
يا إلهي ، أنا إنسانة صالحة ، قلبي طيب و لم أعصيك يوماً ، المهم شارفت على الجنون و أصبحت مكتئبة ، و في يوم و أنا في همي جاءتني رسالة ، فهمت فيما بعد أنها رسالة شات ، لطالما وصلتني رسائل مثلها و لم ألقي لها بالاً ، لكن لأول مرة أثارت فضولي ، و مع الفراغ الذي كنت أعيشه جربت إرسالها و بعد مدة تعلمت كيف أدخل الشات ، و يا إلهي لما تكلمت أول مرة و كأنني اقترفت جريمة عظمى ، لكن بعد ذلك أصبح أمراً عادياً ، و لكن يا سبحان الله كل الناس الذين تكلمت معهم كانوا لطفاء جداً ، كنت أريد أن أفضفض فقط ، لكن مرة تكلمت مع شخص و بعد مدة أصبح يريدني أن أتكلم معه في أشياء خارجة عن الحدود ، عندها أحسست بالدونية ، كان هذا بعد 6 سنوات من الزواج ..

عندها دقيت ناقوس الخطر ، فلست أنا من تفعل شيء تخجل منه أمام الله ، فاتخذت قراراً بالطلاق ، فهذا الزوج لم يحصّني ، خفت على نفسي فالزوج يحصّن المرأة و إلا الطلاق أحسن ، كلمت والدي و حكيت لأمي كل شيء و ترجيتها أن تقبل و إلا سأضيع ، و بعد جهد وافقوا أهلي ، و بعد جهد وافق زوجي .

تطلقت و رجعت إلى بيت أهلي ، و بعدها بمدة مرضت أمي و سافرت للعلاج ، و بقيت وحيدة مع والدي فقط ، فإنكببت على خدمته و على إكمال رسالة الدكتوراة ، و عبادة الله أكثر فأكثر ، تعلمت كيف أقمع نفسي قمعاً حتى روضتها بذكر الله ، و كنت أدعو الله أن تبقى الفضيلة هي طريقي ..

5 سنوات في بيت أهلي بعد الطلاق ، لم يخطبني أحد و السنوات تمضي و أنا أتحسر عليها ، لكن أكملت أبحاثي و ناقشت رسالتي و الحمد لله ، و قررت أن أخدم و الدي و أشكر ربي على كل شيء ، و في يوم من الأيام بعد عودتها بأيام أمي تخبرني أن صديقة أختي تريد خطبتي لأخيها الأرمل ، و هي تعرف شروطي في الزواج ، المهم أعجبني فقبلت و بعدها مباشرةً حملت و كانت أعظم لحظة في حياتي ، و رزقنا بولد ، ثم رزقني الله بتوأم ، ولد و بنت ، و أنا بسن 41 الآن ..

يا الله ، كم أنت كريم ، أحسست بسعادة لأني نجحت في كل الامتحانات ، الحمد لله و حقاً عندها قلت من يتقي الله فهو حسبه .

تاريخ النشر : 2016-12-30
guest
32 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى