اساطير وخرافات

حمو او نامير .. أسطورة أمازيغية

بقلم : مغربي اندلسي – المغرب
حمو او نامير .. أسطورة أمازيغية
اطلق حمو الحوريات إلا الحورية الاخيرة

من منا – نحن الامازيغ – لم يسمع بقصة “حمو او نامير” تلك الأسطورة التي ما فتئت جداتنا وأمهاتنا تحكيها لنا ونحن صغار ولا زالت عالقة في أذهاننا إلى اليوم بكل تفاصيلها وحيثياتها . قصة كنا نتلذذ بالاستماع إليها في كل مرة وكأننا لأول مرة سنسمعها. واعترف انني لما كنت صغيرا ولكثرة تعلقي بهذه القصة وبالفتى “حمو اونامير” كنت أتفقد نفسي كل صباح علي أجد في يدي شيئا من الحناء على غرار ما حدث لبطلنا “حمو اونامير” فمن هو إذن هذا الولد الوسيم وما قصته؟ .. دعونا إذن نغوص معا في اعماق اشهر قصة امازيغية أكاد اجزم انه لا يوجد بيت أمازيغي مغربي لم يتعرف أطفاله على هذه الشخصية المحبوبة.

حمو او نامير الفتى الوسيم

اسمه “حمو اونامير” هو ولد امازيغي وسيم توفي والده منذ أن كان رضيعا وربته أمه أحسن تربية وأدخلته الكتاب ليتعلم القراءة والكتابة . كان تلميذا نجيبا كسب احترام معلمه وباقي سكان القرية لأخلاقه العالية ولجماله الفتان . وتوالت الأيام وصار حمو اونامير شابا يافعا وازداد جمالا ونضارة . لكن في احد الايام استيقظ اونامير ليجد يديه مزخرفتين بالحناء فتوجه إلى الكتاب فوبخه الفقيه وأمر بضربه لان ذلك تشبه بالنساء. وفي اليوم التالي حدث نفس الشيء لاونامير وذهب الى الكتاب كالعادة وضربه الفقيه من جديد. وتكرر ذلك عدة ايام حتى تأكد الفقيه ان حمو اونامير مظلوم فطلب منه ألا ينام هذه الليلة حتى يعرف من يضع الحناء في يديه.

حمو والحوريات الجميلات

حمو او نامير .. أسطورة أمازيغية
الحوريات كل يوم يأتين عند حمو وهو نائم 

جن الليل وسكن وحمو اونامير عازم كل العزم على معرفة من يضع له الحناء. فأوى إلى فراشه باكرا وأغمض عينيه متصنعا النوم. وما هي إلا دقائق معدودة حتى سمع حركة قريبة منه ففتح عينيه قليلا ولمح عن قرب صفا من الحوريات الجميلات يدخلن من نافذة الغرفة وشرعن بوضع الحناء على يديه وهو متعجب مما يرى . فلما انهين عملهن خرجن الواحدة تلو الأخرى واختفين في الظلام . ذهب اونامير إلى الفقيه في صباح اليوم التالي واخبره بما رأى فاخبره الفقيه أن يأخذ خيطا وإبرة ويخيط ملابس الحوريات مع ملابسه حتى إذا حان وقت انصرافهن أطلقهن الواحدة تلو الأخرى إلا الحورية الأخيرة لا تطلقها وقل لها انك تريد أن تتزوج بها. وافق حمو اونامير على هذه الفكرة وطبقها بالحرف الواحد فأطلق سراح الحوريات ولما أتى دور انصراف الحورية الأخيرة اخبرها بموضوع زواجه منها لكنها توسلت إليه أن يتركها تذهب قبل انبلاج الصبح للالتحاق بعائلتها في السماء السابعة. وقالت له بأنها لا تريد الزواج منه لأنه لن يفي بوعوده لها .التفت إليها حمو اونامير وقال لها: بل سأفي بكل وعودي لك. فقالت الحورية : اريد منك إذن منزلا بسبع غرف تغلق بمفتاح واحد تحتفظ به فلا يراني أحد أبدا.

بنى اونامير منزلا بسبع غرف الواحدة داخل الأخرى واسكن زوجه الغرفة الأخيرة وكان يغلق عليها بمفتاح كي لا يطلع على سره احد.

المواجهة بين الأم والحورية الجميلة

حمو او نامير .. أسطورة أمازيغية
الحورية الحسناء زوجة حمو ..

في يوم من الأيام طلبت الحورية من زوجها حمو أن يحضر لها لحم غزال فامتطى حصانه وانطلق للصيد بعد أن خبأ مفتاح الغرف في كومة من التبن .لكن تشاء الصدف أن يمر بالقرب من هناك ديك كانت تربيه الأم فوجد المفتاح وأعطاه لها فجربت الأم فتح الغرف ففتحت الغرفة بعد الأخرى إلى أن وصلت إلى الغرفة الأخيرة فوجدت الحورية تمشط شعرها. هناك غضبت الأم كثيرا من ابنها وطلبت من الحورية المغادرة بعد أن أسمعتها وابلا من الشتائم والإهانات وهددتها بالرحيل فورا من الأرض كلها وليس فقط من المنزل بعد ذلك أغلقت الغرف السبع وأعادت المفتاح إلى مكانه.

عاد اونامير من الصيد ووجد حوريته تبكي بلا توقف فسألها عن سبب بكائها فأخبرته بالقصة كلها ولامته كثيرا لأنه لم يف بوعده لها فطلبت منه أن يفتح لها النافذة لأنها ستذهب إلى السماء السابعة موطنها الأصلي ولن ترجع إلى الأرض أبدا . حاول حمو اونامير منعها من الرحيل لكن بلا فائدة. ففتح لها النافذة والتفتت إليه قائلة إذا أردت رؤيتي فالحق بي إلى السماء السابعة.

اغتم حمو اوناميرلفراق زوجته فضعف جسمه وهزلت صحته وأصبح لا يأكل ولا ينام من فرط حبه لها. ومرت الأيام والأشهر وقرر أخيرا أن يلحق بها إلى السماء السابعة فامتطى حصانه وودع والدته وأهله وسافر من بلد إلى آخر يسال كل من يلتقي به عن الطريق الذي يسلكه كي يصل الى السماء السابعة .. وظل يجول الأقطار الى أن التقى بعجوز أرشده إلى مكان يسمى الجبل الأخضر هناك سيجد طائرا ضخما سيوصله إلى المكان الذي يريده وفي أي بقعة كانت من هذا العالم.

وصل حمواونامير إلى الجبل الأخضر والتقى بالنسر الضخم . تماما مثلما قال له العجوز ، فأخبر النسر عن طلبه ووافق النسر على حمله إلى مراده لكنه قال بأنها ستكون رحلة شاقة ومتعبة لأن السماء السابعة بعيدة جدا عن الأرض.

حمو او نامير .. أسطورة أمازيغية
حمل النسر حمو إلى السماء السابعة

حمل النسر اونامير على ظهره واشترط عليه ألا يتكلم أبدا حتى يصل إلى موطن زوجته. طار النسر وتجاوز السماء الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة بسرعة البرق لكنه توقف عند السماء السادسة فجأة لأنه أصيب بالتعب ونظرا لكبر سنه فلن يستطيع الاستمرار في الطيران لكن حمو اونامير لم يكن له أن يقبل بهكذا موقف خاصة انه بذل النفس والنفيس من اجل اللقاء بحوريته ، فأخذ اونامير سكينا كان بحوزته واقتطع جزءا من لحمه وأطعمه للطائر حتى يستعيد قوته ، وفعلا استطاع النسر الضخم أن يواصل الطيران وان يوصل حمو او نامير إلى السماء السابعة.

جلس اونامير عند عين ماء وهو ينظر إلى الأشجار والحقول الخضراء ولمح هناك حورية كانت تملأ الجرة بالمياه العذبة واخبرها انه قادم من الأرض للقاء زوجته وطلب منها إرشاده إلى مكانها فنظرت إليه وقالت : أنا اعرف مكان زوجتك اتبعني حتى أرشدك إليها .

التقى أخيرا حمو اونامير بزوجته الحورية وفرح فرحا عظيما لرؤيتها وهي بدورها رحبت به وأطلعته على قصرها إلى أن وصلت إلى حجر موضوع على فوهة صغيرة وقالت له : أتمنى منك ألا تقرب هذا المكان أبدا ولا تطل منه.

عاش الزوجان حياة سعيدة ومرت الأيام والأشهر والسنوات وتذكر حمو اونامير أمه واشتاق إليها كثيرا فنزع الحجر واطل من الثقب على الأرض فوجد والدته وحيدة وقد عميت من فرط بكائها عليه. فجزع حمو لأمه جزعا عظيما ونسي نصيحة الحورية ورمى بنفسه من الثقب إلى الأرض وصاح بأعلى صوته: ” انا قادم إليك يا امي”. فطار في الهواء لكن الرياح كانت قوية جدا فمزقته أربا أربا وسقط دمه على عيني أمه فرجع إليها بصرها ومات بطلنا حمو اونامير الذي لم يستطع أن يعيش بعيدا عن أمه وزوجته معا فكان قدره أن يكون قطعة بين قلبين فلا هو هنا ولا هو هناك.

—————————–

تاريخ النشر : 2016-01-06

guest
77 Comments
الاحدث
الاقدم الاكثر تصويتا
Inline Feedbacks
شاهد جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى