حينما تتسبب الرياضة بحرب
لعبة تتسبب باشعال حرب وموت الاف الناس |
الهندوراس والسلفادور هما دولتين في أمريكا اللاتينية وكجميع تلك الدول فان شعب كلتا الدولتين يعشقان كرة القدم بشكل لا يصدق الا انه وبالطبع فان كرة القدم لم تكن الهم الأول والأخير فقد كانت المعيشة هدفهم الأول.
ان اقتصاد تلك الدولتين يعتمد بشكل اساسي على الزراعة وفي جميع الدول التي تعتمد على الزراعة هناك امرين مهمين للغاية:
1-مساحة الدولة
2-تعداد السكان
ويبدو ان السلفادور قد نسيت تماما الأمرين ولم تنتبه لزيادة عدد سكانها بشكل جنوني مقابل صغر مساحتها وقلة اراضيها مما اضطر عشرات الألوف من شعبها للذهاب للهندوراس والعمل هناك.
المهاجرين السلفادوريين عوملوا بقسوة وهجروا |
في تلك الأثناء قد كانت الحرب الباردة مشتعلة وكانت الشيوعية قد بدأت بتحقق انتصارات لها في كوبا ونظرا لان كلا الدولتين متجاورتين وتشتركان بنفس اللغة والثقافة فقد حدثت مخاوف من وصول الشيوعية للهندوراس فقد قام أوسوالدو اريلانو (Oswaldo López Arellano) بانقلاب عسكري واطاح بالحكومة القديمة الضيعفة ليشكل حكومة قوية تمنع وصول اي حكومة شيوعية طاغية لبلاده لكن وكما يقول المثل الياباني (تحول صائد المومياء لمومياء) فقد أصبح بنفسه طاغية وبدأ بمضايقة النقابات الفلاحية وإغلاقها بالأضافة لمراقبة اي أحزاب او تجمعات يسارية تحمل او تؤيد الفكر الشيوعي وقد قام بانتخابات كانت فاسدة بشكل واضح كما أنه قد اتهم بتلقي رشوة من شركات الموز الأمريكية حتى يعفيها من الضرائب على التصدير ويسمح لها بشراء المنتجات وتصديرها للولايات المتحدة بأسعار رخيصة الأمر الذي أدى لانهيار الاقتصاد في الهندوراس.
حينما يبدأ فسادك وفشلك بالوضوح للجميع هناك خدعة تجنبك تحمل المسؤولية… وهي ان تلوم شيء أخر وقد طبقها ولام الفلاحين المهاجرين من السلفادور واتهمهم بسرقة الأرض والوظائف وتدمير اقتصاد الهندوراس وبالطبع نظرا لانه قد ضّيق نشاط الاحزاب اليسارية فقد وجد دعماً هائلاً من الاحزاب اليمينية المتطرفة والتي بدأت تقنع الناس بصحة أقواله فبدؤوا يضايقون الفلاحين المهاجرين وقد قامت الشركات الأمريكية بدعم ذلك التضييق لان اسعار الأراضي ستنهار مما يجعل لها فرصة للحصول على المحاصيل بتكلفة اقل… وقد تم البدأ بترحيل المهاجرين بشكل ضخم كما كانت تلك هي بداية الكراهية بين الشعبين.
كانت مباريات الكرة بين فريقي الدولتين هي القشة التي قصمت ظهر البعير |
في العام 1970 تأهلت كلا الدولتين ، وقد كان عليهم لعب مباريات وقد كانت أولى المباريات في الهندوراس وقد اجتمع مجموعات من الهندوراسين امام الفندق الذي يقيم فيه الفريق السلفادوري مصدرين ضجة عالية مما حرم الفريق السلفادوري من النوم وتسبب ذلك بخسارة المبارة… وكل ذلك كان ذلك بحماية غير مباشرة من الشرطة… بعد الخسارة انتحرت مشجعة سلفادورية من الحزن وقد قام الإعلام الحكومي بالسلفادور بتضخيم القضية وتحويل الفتاة لبطلة قومية.
ولاحقا انقلبت الأدوار ولعب الهندوراسين في السلفادور مما جعل السلفادوريين يردون الدين… ليس ذلك فحسب بل رفعوا قطعة قماش متسخة بدلا من العلم الهندوراسي اثناء المبارة مما جعل الكره يزداد ويدخل مرحلة اخرى.
بعد ان خسر الفريق الهندوراسي اشتبك المشجعين في المدرجات وليس ذلك فحسب بل هرب الفريق الهندوراسي بحافلة مدرعة خوفا من الهجوم ومع ذلك كانوا يرجمون بالحجارة حتى أن المدرب قد فرح بخسارة الفريق لانهم لو فازوا فلن يخرجوا أحياء من الملعب… كرد اقوى قام الهندوراسين بزيادة ترهيب المهاجرين فقد زاد الامر من كلمات عنصرية وبذئية مع ضرب إلى إحراق منازلهم وطردهم خارج أراضيهم! مما اجبر معظمهم على الهروب سريعا والعودة لبلادهم.
المباراة الاخيرة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير حيث أقيمت بالمكسيك وكانت ستحدد من سيذهب لكأس العالم لكن السلفادور فازت واقصت الهندوراس من كأس العالم مما زاد من التوتر بشكل جنوني حيث زادت الاعتدائات على المهاجرين السلفادورين ووصلت حد القتل وبدأ ترحيلهم بالقوة واخذ املاكهم واراضيهم مما أنهى العلاقات الدبلوماسية كاملة وجعل السلفادور تعلن الحرب ضد الهندوراس.
اشتعلت الحرب بين الدولتين |
بدأت السلفادور بشن غارات جوية ضخمة على الهندوراس وقد تم تدمير عدة مطارات مهمة مما شل الحركة الجوية لدى الهندوراس ثم بدؤا باجتياح الهندوراس مستخدمين عدد قليل من الدبابات والمشاة ويبدو ان أعضاء الاحزاب اليمينية المتطرفة الذين لم يعرفوا الوطنية الا ضد المهاجرين قد نسوا معناها تماما وفروا خارج البلاد وخلال 24 ساعة فقط اقتربت القوات السلفادورية من العاصمة وبعدها عقدت منظمة الدول الأمريكية اجتماع طارئ لانهاء الحرب الا ان الاجتماع لم يأتي بنتيجة وقد قامت نيكارغوا بدعم الهندوراس مما جعل سلاح الجو يحلق مجددا وقد استطاعوا قطع الإمدادات عن الجيش السلفادوري عن طريق تدمير القوافل والشاحنات الآتية لهم ولم يعد أفضلية لاي من الدولتين لذلك اقترحت منظمة الدول الأمريكية إيقاف الحرب مقابل ضمان سلامة المهاجرين وقد وافقت كلا الدولتين على المقترح.
انتهت الحرب خلال 100 ساعة مما يجعلها اقصر الحروب بالتاريخ وقد قتل 6000 شخص وجرح 15000 خلال تلك الحرب القصيرة وقد تضرر اقتصاد كلتا الدولتين وخسرت السلفادور كل مبارة قدم ولم تتاهل لمرحلة المجموعات حتى… وبالطبع ولم تكن كرة القدم السبب الرئيسي لاشعال الحرب لكنها كانت القشة التي قصمت ظهر البعير.
لم يحقق اي شخص اي انجاز ولم يكن هناك مستفيدين….بالطبع باستثناء الشركات الأمريكية التي استفادت من انهيار الاسهم واشترت اراضي بأسعار زهيدة وهيمنت على اقتصاد الهندوراس.
ملاحظة :
منظمة الدول الأمريكية قد لامت السلفادور رغم ان الهندوراس من بدأت. ولاتزال الكراهية بين الشعبين مستمرة رغم ان الهندوراس من بدأتها ، ورغم مرور 49 سنة على الحرب الا ان هناك مشاكل مستمرة بين الدولتين تتعلق بالترسيم الحدودي.
المصادر :
تاريخ النشر : 2020-01-21